أصدرت شركة ميرسر بالتعاون مع معهد المحللين الماليين المعتمدين (CFA) مؤشر التقاعد العالمي السنوي الخامس عشر (MCGPI). وبحسب التقرير، تحسّنت نتيجة نظام التقاعد في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث احتلت المرتبة 23 عالماً بين الدول التي تتمتع بأنظمة معاشات تقاعدية قوية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وسنغافورة وفرنسا في مؤشر التقاعد العالمي السنوي الذي تصدره ميرسر (MCGPI). وهذه هي السنة الثالثة التي يتم فيها إدراج دولة الإمارات العربية المتحدة في التقرير.
تم تدعيم مؤشر كفاية المعاشات التقاعدية في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال مزايا التقاعد السخية المقدمة في الدولة، والتي تضمن استمرار الدخل للحفاظ على نوعية حياة جيدة مع حد أدنى مناسب للمعاشات التقاعدية مقارنة بالأرباح. ويمكن أن يعزى تحسّن الاستدامة إلى ارتفاع معدل مشاركة القوى العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وخاصة للأفراد الذين تزيد أعمارهم على 55 عاماً. كما ساهم هيكل الحوكمة القوي حول نظام التقاعد الوطني في دولة الإمارات العربية المتحدة في تصنيفه القوي من حيث النزاهة.
وفي هذا السياق، قال روبرت أنصاري، رئيس قسم الاستثمار والتقاعد في شركة ميرسر لمنطقة الهند والشرق الأوسط وإفريقيا: «تحسّنت نتيجة مؤشر الإمارات العربية المتحدة هذا العام، مما يعكس توجه الإمارات المستمر لدعم النمو الاقتصادي وجذب المواهب المميزة بما في ذلك التغييرات الأخيرة في نظام مكافآت نهاية الخدمة. لقد حققت دولة الإمارات العربية المتحدة أداءً أفضل من عدد من نظيراتها العالمية. وكما هي الحال مع العديد من أقرانها، تستعد دولة الإمارات العربية المتحدة لزيادة عدد السكان الذين سيدخلون مرحلة التقاعد، مما يستلزم وجود نظام معاشات تقاعدية جيد الإدارة ومجهز بشكل مناسب».
يشتمل نظام دخل التقاعد في دولة الإمارات العربية المتحدة على الحد الأدنى من المعاشات التقاعدية الحكومية التي يتم اختبارها من خلال نظام الدخل الوطني القائم على التوظيف والذي يديره صندوق أبوظبي للتقاعد في إمارة أبوظبي، وصندوق الشارقة للضمان الاجتماعي في إمارة الشارقة، والمؤسسة العامة للمعاشات والتقاعد، وهيئة الضمان الاجتماعي والمعاشات لباقي الإمارات. حيث يساهم الموظفون بنسبة 5% من الراتب، ويساهم أصحاب العمل بنسبة 12.5% إلى 15% من الراتب، مع مزايا تضمنها الحكومة.
بشكل عام، وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة هيكلًا قوياً لنظام التقاعد الممول للإماراتيين، حيث يقوم كل من القطاعين العام والخاص بتوفير الاشتراكات الإلزامية خلال فترة عمل الموظف. إلى جانب ما سبق، يتم إحراز تقدّم في تنفيذ خطة مدخرات التقاعد الجديدة التي تستهدف دعم أصحاب العمل في القطاع الخاص والموظفين الوافدين للتخطيط لمستقبلهم المالي
.
الأثر المتزايد للذكاء الاصطناعي وفوائده للأعضاء
بالإضافة إلى تحديد أفضل أنظمة التقاعد في العالم، يبحث التقرير في إمكانات الذكاء الاصطناعي (AI) لتحسين أنظمة التقاعد والضمان الاجتماعي وتزويد الأفراد بنوعية حياة أفضل عند التقاعد.
قال أنطوان شحادة، المدير الأول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد المحللين الماليين المعتمدين: «تتمثل مهمة دولة الإمارات العربية المتحدة في توفير خدمات معاشات تقاعدية مبتكرة وفعّالة وشفافة لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاستدامة المالية. وبينما يتعيّن عليها القيام بالمزيد لتحقيق هذه الرؤية، فإن استعدادها لتبني التقنية يشير إلى أنها في وضع جيد لتسريع وتيرة التغيير الحالية». وأضاف قائلًا: «إن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتخطيط السيناريوهات والتواصل لإدارة مرحلة التقاعد بشكل فعّال يمثّل فرصة لصانعي السياسات».
وفي السياق ذاته، أفاد الشريك الأول في شركة ميرسر المسؤول عن الدراسة الدكتور ديفيد نوكس حول هذا الموضوع قائلاً: «إن التوسع المستمر للذكاء الاصطناعي في عمليات وقرارات مديري الاستثمار يمكن أن يؤدي إلى اتخاذ قرارات أكثر كفاءة وأكثر استنارة، مما قد يؤدي إلى زيادة عوائد الاستثمار الحقيقية لأعضاء خطط المعاشات التقاعدية». وأضاف الدكتور نوكس: «يتمتع الذكاء الاصطناعي أيضاً بالقدرة على تحسين مشاركة الأعضاء ومساعدة الأفراد على اتخاذ قرارات طويلة المدى بشأن خططهم المالية. حيث أن كلا التقدمين يجب أن يحسّن نتائج التقاعد».
ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يخلو من المخاطر، بما في ذلك تحديات النمذجة والمخاوف الأخلاقية بالإضافة إلى الحاجة إلى الخصوصية المثلى للبيانات والأمن السيبراني. ومن الضروري، عند تطوير هذه الأنظمة، أن تتمتع نماذج الذكاء الاصطناعي بحوكمة قوية ومساءلة واضحة للحد من التحيزات والاستجابات غير المبررة، حيث تعتبر الضمانات ضرورية لخطط التقاعد للحفاظ على ثقة أعضائها على المدى الطويل.
وبحسب الدكتور نوكس: «الذكاء الاصطناعي في حد ذاته ليس الحل الكامل. ستكون هناك دائماً حاجة للرقابة البشرية. وعلى الرغم من هذه المخاطر، يتمتع الذكاء الاصطناعي بفرصة توفير مستوى معيشة أعلى عند التقاعد، وهو هدف جدير بالاهتمام لجميع أنظمة التقاعد».
نتيجة المؤشر بالأرقام
حصلت دولة الإمارات العربية المتحدة على مؤشر إجمالي قدره 72.2، لتحتل المرتبة 23 في القائمة. حيث يستخدم المؤشر المتوسط المرجح للمؤشرات الفرعية الخاصة بالكفاية والاستدامة والنزاهة.
وسجلت الدولة 72.2 (المرتبة 29 عالمياً) في الكفاية، مدفوعة بمزايا التقاعد السخية في البلاد مع الحد الأدنى المناسب من المعاشات التقاعدية مقارنة بالأرباح. تعود النتائج الإيجابية حول الاستدامة إلى ارتفاع معدل ارتباط القوى العاملة، خاصة بالنسبة للأفراد الذين تزيد أعمارهم على 55 عاماً، وبسبب الهيكل السليم لنظام التقاعد الممول مع مساهمات إلزامية مخصصة لاستحقاقات التقاعد، حيث حصلت على درجة 45.4 (المرتبة 33 عالمياً). وحصلت الدولة على جائزة نزاهة أنظمة التقاعد لديها، وكانت النتيجة 70.8 (المرتبة 30 عالمياً)، مدعومة بالدرجة العالية الشاملة لهيكل الإدارة.
وسجلت هولندا أعلى قيمة إجمالية للمؤشر (85.0)، تليها مباشرة آيسلندا (83.5) والدنمارك (81.3). وحصلت الأرجنتين على أدنى قيمة للمؤشر (42.3). على الرغم من أن هولندا تجري حالياً إصلاحاً كبيراً للمعاشات التقاعدية، إلا أن النظام في وضع جيد لتقديم مزايا ممتازة وسط الانتقال من هيكل المزايا الجماعية إلى نهج مساهمات محددة بشكل فردي.
علماً بأن المؤشر يستخدم المتوسط المرجح للمؤشرات الفرعية الخاصة بالكفاية والاستدامة والنزاهة. وعليه، بالنسبة لكل مؤشر فرعي، كانت الأنظمة ذات القيم الأعلى هي البرتغال من حيث الكفاية (86.7)، وآيسلندا من حيث الاستدامة (83.8)، وفنلندا من حيث النزاهة (90.9). وكانت الأنظمة ذات القيم الأدنى عبر المؤشرات الفرعية هي كوريا الجنوبية من حيث الكفاية (39.0)، والنمسا من حيث الاستدامة (22.6)، والفلبين من حيث النزاهة (25.7).
وقد فرض انخفاض معدلات المواليد ضغوطاً على العديد من الاقتصادات وأنظمة التقاعد على المدى الطويل، مما أثر سلباً في درجات الاستدامة لدول مثل إيطاليا وإسبانيا. ولكن العديد من الأنظمة الآسيوية، بما في ذلك البر الرئيسي للصين، وكوريا، وسنغافورة، واليابان، نفذت إصلاحات لتحسين نتائجها في السنوات الخمس الماضية.
ويقيس مؤشر ميرسر العالمي للتقاعد أنظمة دخل التقاعد في جميع أنحاء العالم، ويسلط الضوء على بعض أوجه القصور في كل نظام، ويقترح مجالات الإصلاح الممكنة التي من شأنها أن توفر مزايا تقاعد أكثر ملاءمة واستدامة.
وفي هذا العام، قارن المؤشر 47 نظام دخل للتقاعد في جميع أنحاء العالم وشمل 64 في المئة من سكان العالم. وقد تضمن مؤشر معاشات التقاعد العالمي لعام 2023 ثلاثة أنظمة جديدة لدخل التقاعد ــ بوتسوانا، وكرواتيا، وكازاخستان.
كما يستخدم مؤشر المعاشات العالمي المتوسط المرجح للمؤشرات الفرعية للكفاية والاستدامة والنزاهة لقياس كل نظام تقاعد مقابل أكثر من 50 مؤشراً.
المصدر: الخليج