يظهر التخبط الذي يبدو عليه المسؤولون القطريون ضياع البوصلة لديهم، فتارة يصورون بلادهم على أنها أقرب إلى «قوة عظمى»، وتارة يعتبرونها دولة صغيرة، و«مسالمة»، بينما يظهر الواقع أنها مختطفة لدى أجندات متصارعة. وكان اعتراف وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية الذي أكد فيه أن قطر لم تكن مقتنعة بالدخول في التحالف العربي لنصرة الشرعية في اليمن، وقال بنبرة تنم عن «الأسف»، ولكنها لا تخلو من سياسة ماكرة تضمر خيانة الأشقاء، إن بلاده وجدت نفسها فجأة وآسفة، مُلزمة بالانضمام للتحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن، في إشارة مبطنة واضحة تؤكد أنها كانت منذ البداية، ضد تحالف الشرعية في اليمن. كما تؤكد أن قطر دولة فاقدة للسيادة، لأنها الدول التي تحترم نفسها لا تجبر على فعل شيء لا تقتنع به. وكان هذا الاعتراف بمثابة الإقرار بالخيانة والتواطؤ مع من تحالف عليهم التحالف العربي.
جاءت تصريحات العطية، في مقابلة مع قناة «تي ري تي وورلد» التركية، ونشرت تفاصيلها وكالة الأنباء القطرية الرسمية، وأشار فيها العطية أيضاً إلى أن القوات القطرية لم تشارك في العمليات داخل اليمن، بل اقتصر وجودها على الحدود السعودية اليمنية، وهو ما يعزز مجدداً ما أعلنته قيادة تحالف الشرعية في اليمن، التي قررت إنهاء مشاركة قطر، بسبب ممارساتها التي تعزز الإرهاب وتدعم تنظيماته في اليمن، وتعاملها مع الميليشيات الانقلابية في اليمن.
لدى المشاركة القطرية، ظلت كثير من الأسئلة مطروحة، فالحضور القطري لم يتجاوز الألف عنصر تقريباً، ظلوا على الحدود السعودية، وكانت عملياتهم محدودة، بما يظهر أن النية ليست جادة في القضاء على الانقلابيين، وهو ما ثبت بالدليل القاطع لاحقاً حين كشفت الشواهد أن قطر كانت تمول الحوثيين، وتدعمهم سراً وجهراً، عبر جمعياتها الخيرية، ووسطائها المطلوبين دولياً. ومع بدء الأزمة الحالية، يبدو أن التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن، بقيادة السعودية، قد فَطِن لمراوغات الدوحة وقرر إنهاء مشاركتها ضمن التحالف العربي.
وتعيش قطر أزمة متفاقمة بسبب ازدواجية سياساتها، فبينما توثق علاقاتها مع إيران وتركيا، تتجه علاقتها مع الولايات المتحدة إلى الفتور. وكشفت تقارير إخبارية عن أن هناك بوادر حقيقية لاحتمالية إغلاق القاعدة العسكرية الأمريكية «العديد» في قطر. ونشر المحلل الاستراتيجي الأمريكي، إليوت بيكر، تحليلاً أكد فيه أن الدوحة أظهرت تحدياً كبيراً ضد واشنطن. وأوضح بيكر أن الولايات المتحدة ستحتاج إلى اتخاذ إجراءات أكثر جذرية، لتزيل القشة الأخيرة التي تدعم بها الإمارة الصغيرة لفترة طويلة. وقال المحلل الأمريكي «بعد أكثر من شهر من فرض السعودية والإمارات والبحرين ومصر حظراً على قطر لدعمها الإرهاب، لا تزال الدوحة تتفاخر بأنها لم تتأثر اقتصادياً، وأنها تمتلك أصولاً تجعلها قادرة على مواجهة هذا النزاع». وتابع «كما أنشأت خطوط شحن بديلة بعد إغلاق الحدود مع السعودية، واستمر وجود 10 آلاف جندي أمريكي في القاعدة الجوية الأمريكية، وهو ما يدعمها في مقاومة الضغوط الخارجية».
المصدر: الخليج