فاطمة المزروعي
فاطمة المزروعي
كاتبة إماراتية ، لها عدة إصدارات في القصة والرواية والشعر والمسرح وقصص الطفل ،رواية كمائن العتمة ، دار الفارابي 2012 ، زاوية حادة 2009

بين التسامح والنسيان

آراء

الثقة التي تصنعها في نفسك تنمو وتزداد بالتطبيق والفعل وليس بمجرد التفكير، فالأفعال وحدها هي التي تولد النتائج، حتى تحقق نتائج مختلفة فأنت بحاجة إلى أن تغير شيئاً ما، وحتى تتحرر من رواسب الماضي يجب أن تتعلم أن تسامح الذين اعترضوا سبيلك في الماضي من الأهل والأصدقاء والزملاء في العمل، وكل من حاول زعزعة ثقتك بنفسك أو تعرضت للإساءة منهم، قد لا يكون الأمر مناسباً لك، ولكنه ضروري حتى تنعم بالراحة والطمأنينة وراحة البال.

إن القدرة على القيام بفعل التسامح يتطلب منك نوعاً من الإدراك والعقلانية والمسؤولية تجاه نفسك، ومن أروع القصص التي سمعتها قصة ترويها الصحفية باتريشيا تشيان في مجلة ميكلانز، حيث تقول: «كانت الفتاة الصغيرة فان تاي، التي تبلغ من العمر تسع سنوات تحاول الفرار من قريتها مع الفارين عندما بدأت القنابل، التي أسقطتها القاذفات الأمريكية مستهدفة قواعد وثكنات عسكرية تنفجر في كل مكان، تتذكر الفتاة المشهد قائلة: وجدت الملابس التي أرتديها تشتعل فيها النيران، كل شيء كان يحترق، رأيت النيران تمسك بكفي ذراعي».

لقد أصيبت الفتاة بجروح بالغة في ظهرها، وتعرضت لمساحات كبيرة من جلدها للاختراق بالنابالم، وقد مكثت في المستشفى 14 شهراً، أجرت خلالها عمليات جراحية كثيرة، ورغم ذلك أظهرت الفتاة قدرة رائعة وهائلة على التسامح، وقد جمعتها الصدفة، وبشكل غير متوقع مع الكابتن جون بلامر، وهو القائد الذي أعطى أوامر للطائرات لشن تلك الضربة الجوية الحاسمة على قريتها.

وعندما جلس الاثنان جنباً إلى جنب، وتصافحا بكل ود وابتسام قالت له: «لا أدع في حياتي أبداً مجالاً للأسى والحزن، إن الشعور ولو بقدر ضئيل من المرات حتى في أعماق كياني أمر مرهق وشديد الوطأة للغاية». لقد استطاعت كيم أن تمضي في حياتها دون النظر إلى الماضي الأليم، فماذا عنك؟

المصدر: البيان