عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

حق حتى آخر نفس!

آراء

سألني صديق: ما ضرورة أن تتقدم إيمان خليف بشكوى ضد إيلون ماسك وغيره ممن سخروا منها وشككوا في كونها امرأة، بعدما تغلبت على الملاكمة الإيطالية بالضربة القاضية في الثواني الأولى من المبارزة بينهما؟

إن هذه النوعية من الأسئلة تفترض جدلاً أن هذه المطالبات لا ضرورة لها، وأنها مجرد مضيعة للوقت لا أكثر، وهذه القناعة التي عند البعض سببها أمران: الكسل وانعدام الوعي بالحقوق وأهمية المطالبة بها!

إن إحراز الملاكمة الجزائرية إيمان خليف الميدالية الذهبية والمركز الأول هو حق مشروع، نالته بجهدها وكفاحها، أما الدفاع عن نفسها وكرامتها ورد اعتبارها ضد المتنمرين عليها فأمر آخر، لا يؤجل ولا يلغى لأي سبب، سواء فازت بالبطولة أو لم تفز، وهو لا يتعلق بالرغبة في الحصول على المال، «فإذا حصلت عليه بالتعويضات فمن حقها»، كما لا يتعلق برغبتها في الشهرة فقد حققت ما يكفيها من الشهرة!

إن الذين يتقدمون بشكاوى رد اعتبار لا يسعون للمال ولا يبحثون عن الشهرة، فمنهم أشخاص مكتفون مالياً، ومشهورون بما فيه الكفاية، لكن الحقوق لا تقايض ولا يساوم عليها، بل تطلب بمنطق القوة ومنطق الحق ومنطق المعرفة.

وعليه، فلا عجب حين نرى بعض الأشخاص في إعلامنا العربي للأسف ممن يطالبون بإلغاء تدريس بعض المواد المعرفية، التي هي في غاية الأهمية والضرورة كالمنطق، والتاريخ، والجغرافيا، والفلسفة! لماذا؟ لأن هناك تياراً ضخماً مستفيداً ومتربحاً من وجود جماهير غوغائية، لا تمتلك المنطق ولا المعرفة بحقوقها في الجغرافيا والتاريخ، خدمة لمشاريع أكثر خطورة، لن تقوم إلا بتجهيل الناس بحقوقهم، وتفريغهم من انتمائهم، وشل قدرتهم على المطالبة بحقوقهم، ومنعهم من امتلاك المنطق والمعرفة لذلك كله!

إن أول درس تعطيه لنا إيمان بما تفعله هو أننا شعوب لها الحق في دفع الأذى عنها مهما كان مصدره، وحين يكون للإنسان منا حق فعليه أن لا يتنازل عن حقه، وإن كان يخوض حرباً أخرى من أي نوع، فليمنح نفسه وقتاً ثم ليوجه لكمته لوجه عدوه في الوقت المناسب، تماماً كما فعلت إيمان!

المصدر: البيان