أكد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل، أن توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، ورؤيته المبتكرة للاستثمار في المستقبل مكنت دبي من امتلاك خبرة عالمية وسجل حافل من الريادة في مجال التحول التكنولوجي والرقمي بداية بالحكومة الالكترونية وانتهاء بالحكومة الذكية.
وأشار سموه إلى أن دبي ساهمت خلال العامين المنصرمين في تحديد ملامح المدينة الذكية كنموذج متفرد لمدن العالم وما زالت تبني على هذا النموذج من خلال الاستشراف المستمر للمستقبل ومواكبة ما تحمله تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة من فرص لزيادة الكفاءة والفعالية وتوفير الوقت والجهد والتكلفة ضمن كافة التعاملات الحكومية للأفراد والشركات.
وأضاف سموه إن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حدد أهداف الحكومة ضمن مجموعة من القواعد الأساسية أهمها إسعاد الناس وصناعة المستقبل، ولم يكتف سموه بذلك بل اعتمد الاستراتيجيات اللازمة لترجمة هذه الأهداف إلى مبادرات عملية تنعكس آثارها بشكل مباشر على حياة الناس وذلك من خلال أجندة دبي المستقبل وأجندة دبي للسعادة.
جاءت تصريحات سموه بمناسبة إطلاق استراتيجية دبي للتعاملات الرقمية “البلوك تشين” الأولى من نوعها على مستوى العالم والهادفة إلى تحقيق قفزة نوعية في مجال كفاءة التعاملات الحكومية إضافة إلى زيادة كفاءة القطاعات الاقتصادية التقليدية وخلق قطاعات اقتصادية جديدة، وذلك بحضور معالي محمد عبدالله القرقاوي، نائب رئيس مجلس الأمناء لعضو المنتدب لمؤسسة دبي للمستقبل.
وقال سموه: “نطلق اليوم وبتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، استراتيجية دبي للتعاملات الرقمية “البلوك تشين”، لتكون دبي أول حكومة في العالم تطبق جميع تعاملاتها من خلال هذه الشبكة المستقبلية أو ما يسمى بإنترنت التعاملات بحلول عام 2020”.
وأضاف سموه “تهدف الاستراتيجية إلى تسهيل حياة الناس والأعمال في دبي، فلن يحتاج المتعامل في دبي سوى لتسجيل بياناته الشخصية وبيانات الأعمال المختلفة لمرة واحدة فقط، ليتم بعد ذلك تحديثها وتجديدها والتأكد من صحتها بصورة آنية ضمن شبكة البلوك تشين وعلى مستوى جميع الجهات الحكومية والخاصة من بنوك وشركات تأمين وغيرها”.
وقال سموه “وجهنا مؤسسة دبي للمستقبل بالإشراف على الاستراتيجية والاستفادة من الخبرات التي كونتها المؤسسة من خلال مبادرة المجلس العالمي للتعاملات الرقمية “البلوك تشين”، كما وجهنا مكتب مدينة دبي الذكية ليكون الذراع التنفيذية للاستراتيجية الجديدة”.
وأكد سموه على ضرورة التعاون بين الجهات الحكومية والخاصة لتحقيق مستهدفات الاستراتيجية الجديدة، كما أثنى سموه على نموذج العمل المشترك بين مؤسسة دبي للمستقبل ومكتب مدينة دبي الذكية والذي أثمرت عنه هذه الاستراتيجية ذات القيمة المضافة لإمارة دبي.
ومن جانبه أكد معالي محمد عبدالله القرقاوي نائب رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب لمؤسسة دبي للمستقبل، على أن الاستراتيجية ستساهم في تحقيق وفورات اقتصادية يمكن إعادة استثمارها في مجالات ذات قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، كما ستساهم الاستراتيجية إلى توفير ملايين الساعات المهدورة من وقت الموظفين في إدخال البيانات بشكل متكرر والتأكد من صحة الوثائق، إضافة إلى توفير ملايين الساعات التي يقضيها المتعاملون في مراجعة الجهات الحكومية”.
وأضاف معاليه إلى أن الاستراتيجية ستمكن من خلق أسواق اقتصادية ونماذج أعمال جديدة، مشيراً إلى أن توقعات وصول حجم سوق البلوك تشين العالمي إلى 300 مليار دولار خلال ال 5 سنوات القادمة، كما أن المنتدى الاقتصادي العالمي وصف شبكة التعاملات الرقمية البلوك تشين كأحد أهم 10 تقنيات ضمن الثورة الصناعية الرابعة وأكثرها تأثيراً في عام 2016.
حضر إطلاق الاستراتيجية سيف العليلي الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، ويونس ناصر نائب المدير العام لمكتب دبي الذكية.
نقلة نوعية في العمل الحكومي
وتعتبر تكنولوجيا البلوك تشين أو ما يسمى بإنترنت التعاملات أحد أهم ابتكارات القرن الحادي والعشرين وأحد أهم الحلول التكنولوجية المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة، وهي عبارة عن شبكة سحابية آمنة يتم من خلالها تسجيل والتحقق وتنفيذ التعاملات والتداولات المرتبطة بالوثائق الحكومية، الأسهم والمنتجات المالية، العقود التجارية على اختلاف أنواعها، إضافة إلى العملات الرقمية مثل “البتكوين” وغيرها، حيث تتم هذا التداولات بسرعة وامان وفعالية ضمن أطراف الشبكة والمشاركين فيها، كما تتميز الشبكة بشفافية عالية نظراً لاطلاع جميع أطراف الشبكة المعنين بتفاصيل كل معاملة وكل تداول.
كما تمثل شبكة “البلوك تشين” سلسلة طويلة من البيانات المشفرة والموزعة على الملايين من أجهزة الكومبيوتر والأشخاص حول العالم، وتسمح لأطراف كثيرة بإدخال المعلومات والتأكد منها، كما أنها تعتبر سجل علني مشفر وآمن.
وستساهم الاستراتيجية في نقل الخدمات الحكومية، المصرفية وخدمات القطاع الخاص إلى مرحلة جديدة من الكفاءة والفعالية والسهولة، كما ستساهم في تسهيل ربط الخدمات ضمن مختلف القطاعات الحكومية والخاصة مع بعضها البعض لتشكيل حزم خدمية ذات قيمة مرتفعة للمتعاملين.
وسيتم بناء على هذه الاستراتيجية بناء أول شبكة ” بلوك تشين حكومية على مستوى العالم “، مما سيمكن الجهات المختلفة العامة والخاصة من تحويل خدماتها إلى ” عملات ” يمكن تداولها واستبدالها بخدمات أخرى ذات علاقة.
استراتيجية متكاملة ذات ثلاث محاور رئيسية
وتسهم استراتيجية دبي لـ” البلوك تشين” في رسم مسار لاعتماد هذه التقنية في إمارة دبي، وتوفير منصة مثالية لتبادل التكنولوجيا المتطورة مع مختلف دول العالم. وتقوم هذه الاستراتيجية على ثلاث محاور أساسية وهي: الكفاءة الحكومية، خلق قطاعات جديدة ومتخصصة، وتحقيق الريادة العالمية.
المحور الأول: الكفاءة الحكومية
ويعزز المحور الأول من الاستراتيجية كفاءة أداء الجهات الحكومية في دبي من خلال نقل 100% من التعاملات الحكومية إلى شبكة البلوك تشين بحلول عام 2020، و تحفيز التعاملات غير الورقية ودعم مبادرات دبي الذكية في القطاعين العام والخاص، حيث ستسهم الاستراتيجية في الاستغناء عن أكثر من 100 مليون معاملة ورقية سنوياً، بما فيها الفواتير والخدمات، وتجديد التراخيص بكافة أنواعها، وهذا الخفض في عدد الوثائق الورقية لا يقتصر على الجوانب المالية فقط، بل له انعكاسات إيجابية على النواحي البيئية حيث ستؤدي التعاملات الرقمية إلى خفض نسبة الانبعاثات الضارة للبيئة بما فيها غاز ثاني اكسيد الكربون بحوالي 114 مليون طن سنوياً وذلك من خلال تقليل عدد الرحلات التي يقضيها المراجعين سنوياً لإنجاز معاملاتهم بما يوازي 411 مليون كيلو متر، كما ستسهم في تقليص حوالي 25 مليون ساعة عمل سنوياً تستنزف في إعداد وحفظ الوثائق الورقية مما يؤثر على إنتاجية الموظفين وتأثيرهم على الاقتصاد الوطني.
المحور الثاني: خلق نماذج عمل وشركات جديدة
أما المحور الثاني من الاستراتيجية فيهدف إلى خلق 1000 نموذج عمل جديد قائم على استخدام شبكة “البلوك تشين” مما يتيح للمواطنين والمقيمين والمستثمرين تأسيس شركات تقدم خدمات ذات قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، مما يؤدي إلى توفير آلاف فرص العمل في مختلف القطاعات بما فيها قطاع العقارات، والقطاع المصرفي، وقطاعات النقل والتخطيط العمراني وشبكات الطاقة الذكية، إلى جانب قطاع السياحة وقطاع الرعاية الصحية، وقطاع التقنيات الاستهلاكية.
المحور الثالث: تحقيق الريادة العالمية
أما المحور الثالث فسيركز على تحقيق الريادة العالمية لدبي في مجال تطوير وتطبيق شبكات البلوك تشين وتعاملاتها ، حيث ستعمل دبي على توفير منصة مثالية وعالمية تتيح لأكثر من 27 دولة من دول العالم الاستفادة منها في تعزيز مستوى خدماتها في مجالات الأمن، والسلامة، وإلى جانب توفير كافة سبل الراحة لسياحها القادمين إلى إمارة دبي، كما سيكون بإمكان زوار دبي من خلال هذه الاستراتيجية الاستفادة من إمكانية الحصول على تأشيرات الدخول والموافقات الامنية بسرعة أكبر، إلى جانب الاستفادة من سرعة إنجاز الموافقات على رخص قيادة واستئجار المركبات، والبقاء على اتصال آمن ودائم بشبكة الانترنت، ودعم القطاع السياحي من خلال الاستخدام المعتمد للمحافظ المالية الرقمية بالتعاون مع شبكة دولية واسعة النطاق من الشركاء في مختلف أنحاء العالم.
مشروع مشترك
وتعتبر الاستراتيجية مشروعاً مشتركاً بين مؤسسة دبي للمستقبل ومكتب مدينة دبي الذكية، حيث تأتي الاستراتيجية بالتوافق مع أجندة دبي للمستقبل والساعية إلى تحويل دولة الإمارات لمركز عالمي لصناعة المستقبل، وتأتي هذه الاستراتيجية استشرافاً لمستقبل قطاع الخدمات والتعاملات، لتضاف إلى سجل دبي في بناء مستقبل القطاعات الرئيسية مثل قطاع الطاقة والمتمثل في استراتيجية دبي للطاقة النظيفة و قطاع النقل والمتمثل في استراتيجية دبي للتنقل الذكي ذاتي القيادة و قطاع البنية التحتية والمتمثل في استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد.
كما تأتي الاستراتيجية بالتوافق مع أجندة دبي للسعادة والهادفة لإسعاد المتعاملين وتسهيل تجربة تلقيهم للخدمات الحكومية منها والخاصة.
كما تعتبر الاستراتيجية أحد ثمار المجلس العالمي للتعاملات الرقمية البلوك تشين والذي تم إطلاقه في دبي في فبراير المنصرم ويضم في عضويته 47 جهة حكومية ومصرفية وخاصة.
المصدر: البيان