أكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أن يوم البيئة الوطني، الذي تنطلق فعالياته، اليوم، على امتداد ربوع الوطن، تحت شعار «الصحراء تنبض بالحياة»، مناسبة سنوية يتوجه خلالها الجهد الرسمي والشعبي لعام كامل دعماً وإبرازاً لقضية بيئة وطنية ذات أهمية وأولوية قصوى، مشيراً سموه إلى أنه للعام الثالث على التوالي ستكون الصحراء مركز التركيز ومحور الاهتمام وغاية الجهد.
وقال صاحب السمو رئيس الدولة، في كلمة له بمناسبة يوم البيئة الوطني الـ16، إن «الصحراء هي المساحة الأكبر وجوداً في جغرافيتنا، والعنصر الأعمق تأثيراً في تاريخنا الثقافي وحراكنا الاجتماعي، والمكون الأكبر أثراً في اقتصادنا، فهي مصدر المياه ومستودع الثروات الطبيعية وحاضنة النباتات الرعوية والطبية، إنها دارنا وحياتنا وهويتنا ومستقبلنا، أرض تنبض بالحياة».
وأضاف سموه أنه اعتباراً لكل هذه الأبعاد فإن الاهتمام بالصحراء، والإعلاء من مكانتها، والحفاظ على مواردها، وضمان استدامة تنميتها، جزء أساسي من المسؤولية الوطنية العامة، بما يتطلب تضافر الجهود اتحادياً ومحلياً لتنمية البيئة الصحراوية بالحفاظ على توازنها البيئي وزيادة الاستثمار في مواردها بما يدعم الاقتصاد ويحمي البيئة ويحقق الرفاهية والصحة لمواطني الدولة والمقيمين بها.
وأشاد صاحب السمو رئيس الدولة بجهود وزارة البيئة والمياه والهيئات والمؤسسات البيئية الحكومية والخاصة، الاتحادية منها والمحلية، المشاركة في تنظيم هذا اليوم، موجهاً سموه الدعوة إلى مكونات المجتمع كافة للإسهامات الجادة الفاعلة في تحمل مسؤولية حماية بيئتنا الصحراوية وتنمية مواردها حفاظاً على نقائها وتنوع أنماط الحياة فيها، لتظل ترفل في الخير وتنبض بالحياة كما كانت على مدى التاريخ.
من جهته، رفع وزير البيئة والمياه، الدكتور راشد أحمد بن فهد، أسمى آيات الشكر والامتنان إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، على رعايته لاحتفالات الدولة بـ«يوم البيئة الوطني الـ16» التي أسهمت في تطور أنشطتها وفعالياتها، وفي تزايد الاهتمام الرسمي والجماهيري والإعلامي المصاحب لها في مختلف أرجاء الدولة. وقال إن الاحتفال بيوم البيئة الوطني تحت شعار «الصحراء تنبض بالحياة» للسنة الثالثة على التوالي، يجسد الأهمية التي تحظى بها البيئة الصحراوية في تراثنا وفي سياستنا التنموية ومكانتها في وجداننا، مشيراً إلى أنه انطلاقاً من هذه الأهمية فقد أولت دولة الإمارات البيئة الصحراوية الكثير من الاهتمام، وشكلت تنميتها أحد العناصر المهمة في سياستنا، وها هي صحراء الإمارات تحتضن اليوم الكثير من المشروعات التنموية العملاقة كمحطات الطاقة النووية للأغراض السلمية، وحقول الطاقة المتجددة، والمشروعات السياحية والترفيهية، والمحميات الطبيعية، والمدن الحديثة، والمهرجانات التراثية، وغيرها من المشروعات. وأضاف أن يوم البيئة الوطني استطاع خلال العامين الماضيين أن يلفت الانتباه إلى أهمية البيئة الصحراوية، وإلى أهمية التصرف حيالها بأكبر قدر من المسؤولية من قبل مرتادي هذه المناطق، وذلك من خلال تضافر جهود مختلف الجهات المعنية في الدولة، التي نفذت مجموعة من البرامج والأنشطة والفعاليات الناجحة، أسهمت في رفع مستوى الوعي والسلوك تجاه البيئة بشكل عام، والبيئة الصحراوية بشكل خاص، مؤكداً أن الاهتمام بالبيئة الصحراوية والمحافظة على مواردها ليس مرهوناً بهذه المناسبة فقط، بل سيظل كما كان دائماً من بين أولوياتنا.
وفي ما يتعلق بجهود المحافظة على موارد البيئة الصحراوية، أوضح بن فهد أن البيئة الصحراوية بحكم طبيعتها ليست غنية بالتنوع البيولوجي مقارنة بالبيئات الأخرى، إلا أنها تحتوي على تنوع نباتي وحيواني مهم يشكل جزءاً من إرثنا الثقافي والاجتماعي، جعلها تحظى بالكثير من الاهتمام. وأشار إلى أن المبادرات والجهود التي بذلتها الجهات المعنية في الدولة أسهمت في إنقاذ بعض الأنواع من الانقراض، وزيادة أعدادها بصورة كبيرة، منوهاً بـ«المها العربي» الذي تمثل استعادته من الانقراض إحدى أهم قصص النجاح التي قادها المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وهو اليوم يعد بالآلاف بعد أن كان على وشك الانقراض قبل عقود قليلة فقط، وأضاف أن الجهود التي قامت بها الدولة في إطار مشروع «إكثار وتوطين المها العربي» نجحت من الانتقال بتصنيف المها العربي من فئة الحيوانات المهددة بالانقراض إلى فئة (الوضع الحرج) وفقاً للقائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض الصادرة عن الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، وهذه هي المرة الأولى التي يتحسن فيها وضع حيوان مهدد بالانقراض في القائمة الحمراء بمقدار ثلاث فئات». وأضاف أنه ترافق الاهتمام بالأنواع المهددة بالانقراض مع اهتمام مماثل بحماية الموائل النباتية والحيوانية، فأنشئت مجموعة مهمة من المناطق المحمية تقدر نسبة المُعلن رسمياً منها في الوقت الحالي بنحو 7٪ من مساحة الدولة، مشيراً إلى أن الوزارة ستعمل في إطار خطتها الاستراتيجية 2014 – 2016 على تنسيق الجهود الوطنية لزيادة هذه النسبة إلى 13٪ بنهاية عام 2016. وكشف عن انتهاء المرحلة الثانية من مشروع مسوحات الأنواع النباتية والحيوانية في بعض المناطق الهشة بيئياً في الدولة، الذي تنفذه وزارة البيئة والمياه بالتعاون مع الاتحاد العربي لحماية الحياة البرية في إطار مبادرة تحسين مستوى حماية المناطق الإحيائية والبيئات الهشة، ومن المنتظر أن يتم إنجاز المرحلة الثالثة والأخيرة من المشروع في نهاية العام الجاري، بوضع قاعدة بيانات حديثة للمناطق ذات الحساسية البيئية في الدولة، بجانب تحديث قائمة الأنواع النباتية والحيوانية المهددة بالانقراض، والتوصية بحماية تلك الأنواع والمناطق. وأكد وزير البيئة أن هذه الجهود وغيرها سيكون لها بالغ الأثر في تحسين موقع الإمارات المتقدم في مؤشر الأداء البيئي على المستوى العالمي في السنوات المقبلة، حيث احتلت الإمارات المرتبة الـ23 في متغير التنوع البيولوجي والمحميات الطبيعية عام 2012.
دراسة مسحية
قال وزير البيئة والمياه، الدكتور راشد أحمد بن فهد، إن الوزارة انتهت من تنفيذ الدراسة المسحية للتربة في إمارات الشارقة وعجمان والفجيرة وأم القيوين ورأس الخيمة، التي وفرت خرائط رقمية متطورة شاملة للتربة على المستوى الوطني، بعد تضمينها نتائج المسوحات المماثلة التي أجريت في كل من أبوظبي ودبي في وقت سابق، مؤكداً أهمية دور الخرائط في حماية المناطق الهشة وذات الحساسية البيئية من التوسع الحضري من خلال استخدامها أداة رئيسة في تخطيط استخدام الأراضي لمختلف الأغراض.
أنواع البيئات
قال المدير التنفيذي لهيئة حماية البيئة والتنمية في رأس الخيمة، الدكتور سيف محمد الغيص، إن اهتمام وحرص قيادة وحكومة الإمارات على حماية البيئة الذي وضع أسسها المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وسار على النهج نفسه أصحاب السمو حكام الإمارات، جزء من حياة أهل الإمارات. وأضاف أن الأنظمة البيئية الصحراوية من أكبر أنواع البيئات في دولة الإمارات، وتمثل مخزوناً حيوياً لبعض الكائنات بمختلف أنواعها النباتية والحيوانية والطيور والحشرات، وجزءاً مهماً من تراثها وتاريخها وتتسم بنظام موزون لاستمرار الحياة، وتعد كثبانها الرملية من أهم الموارد التي تدعم السياحة البيئية، ولذلك لابد من حمايتها من كل عوامل ومسببات التدهور.
وقال إنه من الواجب علينا أن نعمل للحفاظ على التوازن البيئي لاستدامة النظم البيئية بإعادة التأهيل وحمايتها، بما يلبي متطلبات التنمية عن طريق نشر الوعي البيئي بين كل أفراد المجتمع وقطاعاته للإسهام في تحمل المسؤولية تجاه حماية البيئة الصحراوية.
المصدر: وام