تنوع الإنتاج الخليجي لما بعد النفط، والرقابة المصرفية، وزيادة الإنفاق الحكومي والاستثمار في العنصر البشري، من أبرز تحديات التكامل الاقتصادي الخليجي، والتي تتصدر جدول أعمال الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، إلى جانب العديد من القضايا والملفات الاقتصادية في طور الانجاز التي أفرزت مجموعة من إنجازات، تترجم حرص الأمانة على إحداث مناخ اقتصادي منفتح، قادر على مواجهة الأزمات المالية العالمية.
“الرياض” وفي حوار مع الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف الزياني، تحاول تسلط الضوء على ابرز الجهود والخطط المستقبلية التي تعكف عليه الأمانة.
* عوائد الأمن المالي لدول المجلس، تحميها من الأزمات المالية، فما هي توجهات المجلس للعمل على تحقيقها؟
– بالرغم من أن اقتصادات دول مجلس التعاون منفتحة على الاقتصاد العالمي، وتنمو بشكل مستمر في ظل العولمة والتقدم الهائل في التجارة الإلكترونية، إلا أن حرصها على تنسيق سياساتها المالية والنقدية والمصرفية في مواجهة الأزمات المالية ومعالجتها السريعة للآثار المتوقعة يساهم في احتواء آثارها بشكل سريع.
إن دول المجلس تولي اهتماماً فائقاً بمتطلبات الاستقرار المالي، وبالمتطلبات الدولية في تطبيق الأنظمة الأساسية للرقابة المصرفية الصادرة عن لجنة بازل، ومعايير الشفافية والإفصاح وكفاية رأس المال.
كما تهتم بأمن المدفوعات والمعلومات المالية الإلكترونية، وقضايا الخصوصية، ومعاملات الصراف الآلي، وإدارة المخاطر ونُظم الإنذار المبكر، وآلية تبادل المعلومات، وتطبيق تعليمات اللجنة المالية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب FATF))، بالإضافة إلى عددٍ من الإجراءات الاحترازية الهادفة للمحافظة على سلامة النظام المصرفي الخليجي.
* الاستدامة المالية والتنافسية تمثل تحدياً للتكامل الاقتصادي لدول المجلس، فما هي جهود الأمانة العامة في هذا الخصوص؟
– دول المجلس تعمل على إرساء إطار مشترك لتحقيق الاستدامة المالية، من خلال العمل على توحيد السياسات المالية والنقدية، وتعزيز تكامل الأسواق المالية بدول المجلس، وتوحيد السياسات والأنظمة المتعلقة بها، إضافة إلى تعزيز السيولة المحلية والمحافظة على مستويات الائتمان الممنوح للقطاع الخاص، وزيادة الإنفاق الحكومي، وتحفيز الاستثمار.
وهناك إجماع في دول المجلس على ضرورة تنويع مصادر الموارد الاقتصادية وعدم الاعتماد على النفط، ولهذا عملت على ثلاثة محاور رئيسة وهي: إنشاء البنية الأساسية، وتنمية الموارد البشرية، وتكوين القطاعات الإنتاجية والاستعداد لمرحلة ما بعد النفط.
وتسعى دول المجلس حالياً إلى التركيز على المبادرات القائمة على المعرفة لتحقيق تنوع اقتصادي بعيداً عن الاعتماد على النفط، وتشجيع صادرات السلع المصنعة عبر تطوير القطاع الصناعي، وتوجيه نشاطه نحو المنافسة في الأسواق الدولية، إلى جانب تطوير قطاعات أخرى كالسياحة والنقل وبناء سكك حديد تربط دول مجلس التعاون، والطيران، والخدمات اللوجستية.
والرغبة في إيجاد قاعدة صناعية وزراعية تؤمن حاجات المنطقة وتغطي مخاطر التذبذب في الثروات النفطية، والحد من الاعتماد الكلي على إيرادات المنتجات الهيدروكربونية الناضبة والمتقلبة، وتحسين نوعية التعليم وتوجيهه ليواكب احتياجات سوق العمل وتمكين المرأة من المساهمة بدور أكبر في الحياة الاقتصادية وسوق العمل.
* تعتبر السوق المشتركة ثورة في التعاون الخليجي في جميع المجالات التنموية، والى أين وصل هذا المشروع الخليجي ، وما الانجاز المنتظر على الأمد القريب، ؟
– السوق الخليجية المشتركة وصلت إلى مرحلة متقدمة جدا، وقطعت شوطاً كبيراً في مسيرتها، حيث إنها حققت معظم أهدافها. وتعد السوق الخليجية المشتركة الآن شبه مكتملة لأن مبدأ المساواة التامة بين مواطني دول المجلس تحقق في معظم مجالاتها، وبناءً على ذلك تعتبر السوق مفتوحة أمام المواطنين لاستغلال ما تم إصداره من قرارات في هذا الشأن، وهذا ما نأمله من مواطني دول المجلس الطبيعيين والاعتباريين، لأن الاستفادة من تلك القرارات المفتوحة والمتاحة لهم هو ما سيجعلهم يشعرون بحجم الانجاز المتحقق.
كما أن اللجان العاملة في إطار السوق الخليجية المشتركة تقوم بمتابعة تنفيذ قرارات المجلس الأعلى في الدول الأعضاء، والسعي في حل المشكلات و إزالة العوائق التي تواجه مواطني دول المجلس، وتعد السوق الخليجية سوقاً مشتركة منذ الإعلان عن قيامها عام 2007م، حيث تظهر المؤشرات والبيانات الإحصائية زيادة حجم التجارة البينية متأثرةً بإعلان قيام السوق الخليجية وبصدور بعض القرارات الهامة مثل الاتحاد الجمركي ، وقرار السماح بفتح فروع للشركات في الدول الأعضاء. و هذا ما انعكس بدوره وبشكل مباشر على جميع المجالات التنموية والازدهار الاقتصادي الذي تشهده دول المجلس، حيث أن الزيادة في نسبة النمو الاقتصادي وحجم التجارة البينية في تسارع مستمر.
* تنطوي تحت السوق الحرة أو المشتركة، ملفات عدة منها الاتحاد الجمركي، فماذا تم بهذا الشأن؟
– تنفيذاً لقرار المجلس الأعلى في الدورة (32) التي عقدت بالرياض بالمملكة العربية السعودية في ديسمبر 2011م، من المتوقع أن تطبق دول مجلس التعاون الوضع النهائي للاتحاد الجمركي في مطلع عام 2015م، ولن يكون هناك دور جمركي في المنافذ البينية لدول المجلس في تلك المرحلة فيما عدا الجوانب الأمنية والمحورية.
وتعكف هيئة الاتحاد الجمركي وعدد من فرق العمل التي تتبعها على استكمال عدد من متطلبات الوضع النهائي للاتحاد الجمركي ضمن عدد من المهام المكلفة بها والتي تشكل برنامجاً زمنياً ملزماً لتطبيق الوضع النهائي للاتحاد الجمركي بكامل متطلباته.
* عقدت الأمانة العامة العديد من ورش العمل للحد من الكوارث والمخاطر، وهي من المبادرات المميزة، فما هي رؤية المجلس حول مستقبل البيئة الخليجية الآمنة ؟
– رؤية دول المجلس حول البيئة الآمنة تتلخص، في توفير المناخ الملائم للمواطن الخليجي ليحيا حياة مناسبة في بيئة صحية آمنة تساعده على الإنتاج و الإبداع والابتكار.
وهذه الرؤية حددتها وثيقة ” السياسات والمبادئ العامة لحماية البيئة ” التي اعتمدها المجلس الأعلى في دورته التي عقدت في مسقط عام 1985م، وهي تتلخص في: اعتماد المفهوم الشامل للبيئة، وإنشاء واستكمال الأجهزة التنفيذية والتشريعية والتنسيقية المنوط بها تنفيذ خطط وبرامج حماية البيئة، وتنسيق جهود دول المجلس في هذا المجال، ورفع مستوى الوعي المجتمعي بقضايا البيئة، ودعم خطط تدريب الكوادر البشرية العاملة في هذا المجال.
أما تنظيم ورش العمل والدورات التدريبية فهدفنا منها هو الارتقاء بقدرات الكوادر البشرية، و إكسابهم المزيد من الخبرات والتجارب، ليس فقط للعاملين في مجال حماية البيئة، وإنما في مختلف المجالات المتصلة بإدارة المخاطر والأزمات نظرا لأهميتها لمسيرة التنمية في دول المجلس. إننا نهدف الى بلوغ مرحلة التكامل لجهود دول المجلس في مجال إدارة المخاطر وحالات الطوارئ، وكيفية التعافي منها بأقل الخسائر والعودة إلى الحياة الطبيعية.
المصدر: الرياض