ناشد تجمع «مسجد كاتدرائية قرطبة» برلمان إقليم الأندلس، جنوب إسبانيا، التدخل بغية عدم السماح بتحويل ملكية مسجد قرطبة إلى الكنيسة الإسبانية، وعدم تنفيذ قرار صدر مسبقا يقضي بتحويل ملكية المسجد إلى الكنسية بحلول عام 2016. وناشد التجمع برلمان الأندلس أن يطلب من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومن اليونيسكو التدخل، باعتبار أن اليونيسكو كانت قد أعلنت هذا البناء عام 1984 من التراث العالمي الذي يجب المحافظة عليه.
وكان ممثل التجمع مانويل سانتياغو قد قدم 365000 توقيع يدعو إلى عدم تغيير ملكية المسجد والاحتفاظ باسمه كما كان سابقا، ومن ضمن الموقعين الكاتب المعروف انتونيو غالا، وخوسيه مانويل كاباييرو الحاصل على جائزة سرفانتس، وفدريكو مايور ثاراغوثا المدير السابق لليونيسكو، وعازف غيتار الفلامنكو مانولو سانلوكار. وقد وعد رئيس البرلمان المحلي لإقليم الأندلس، مانويل غارثيا، بمناقشة هذا الاقتراح في البرلمان.
وصف مانويل سانتياغو إلحاق المسجد بالكنيسة الإسبانية بأنه «محاولة لحذف اسم (مسجد) و(الذاكرة الأندلسية) من هذا البناء، وهو جزء أساسي لوجوده ولهوية إقليم الأندلس» وأضاف أن المسألة «ليست دينية وإنما ثقافية وقضية تراث تاريخي». وقالت آنا فريكساس الأستاذة في جامعة قرطبة «إن الاستيلاء على مسجد كاتدرائية قرطبة مفاجأة لأهالي قرطبة، فبين ليلة وضحاها، اكتشفنا بأن الكنيسة قد استولت على ممتلكات تابعة للجميع»، وقال رافائيل مير عضو الأكاديمية المكلية في قرطبة «بهذا القرار فإن قرطبة لم تعد مدينة المسجد، وهذا ما لا يمكن أن نسمح به».
وكانت الحكومة المحلية في إقليم الأندلس، قد أعلنت سابقا أنها تدرس المسألة كي يتسنى لها تقديم دعوى ضد تحول المسجد رسميا إلى ممتلكات الكنيسة، وقالت مفوضة الحكومة المحلية، إيزابيل امبروسيو «لقد طلبنا تقريرا قانونيا لمعرفة فيما إذا كان من صلاحية الحكومة المحلية في إقليم الأندلس المطالبة بأن يكون المسجد من الممتلكات العامة»، وأضافت: «إن المسجد يعد من الممتلكات الثقافية بالإضافة إلى كونه من ضمن التراث العالمي».
ويذهب المعارضون إلى أن تحويل ملكية المسجد إلى ممتلكات الكنيسة سيفقد مدينة قرطبة طابعها المنفتح على مختلف الثقافات ومكانا لملتقى الحضارات، كما أنه قد يزعزع اللقب الذي حصل عليه المسجد قبل ثلاثين عاما، من قبل اليونيسكو، في اعتباره جزءا من التراث العالمي الذي يجب المحافظة عليه، وأكدوا أنهم يعارضون حذف كلمة «مسجد» وإحلال كلمة كاتدرائية محلها.
وتتمتع الكنيسة حتى الآن بحق الحصول على الأموال التي يحصل عليها المسجد من دخول السياح عند زيارتهم له، استنادا إلى القانون الذي سنه رئيس الوزراء الأسبق خوسيه ماريا اثنار، عام 2006، ولا يعرف حتى الآن بالضبط كمية الأموال التي تحصل عليها الكنيسة من السياح، ولكنها تقدر بـنحو 13 مليون يورو سنويا.
وتتركز مطالبات المعارضين حول ضرورة استعمال كلمة «مسجد ـ كاتدرائية»، والاعتراف بأنه من الممتلكات العامة. يقول ميغيل سانتياغو وهو أحد الدعاة إلى استقلالية المسجد، بأنه يعارض دعوة الأسقف باعتبار المسجد جزءا من حصة الكنيسة، وشكت إحدى السائحات، اليثيا، بأن «كل شيء في هذا المكان تحول إلى كاتدرائية، حتى الشعارات».
وقد عارض أستاذ القانون المدني في جامعة قرطبة، انتونيو مانويل رودريغيث حذف كلمة «مسجد» وطالب الحكومة المحلية لإقليم الأندلس التدخل لأن المكان جزء من الممتلكات العامة، وذلك «أن المسجد هو من ممتلكات أهالي قرطبة وإقليم الأندلس والإنسانية جمعاء».
يشار إلى أن مسجد قرطبة بني في عهد الأمير عبد الرحمن الداخل عام 785م، ثم توسع حتى غدا قطعة من التحف الفنية الفريدة في أوروبا، وفي عام 1238 سقطت مدينة قرطبة بيد الإسبان، فتحول المسجد إلى كاتدرائية، وأزيلت الكثير من معالمه كمسجد، ثم تحول إلى مركز سياحي تاريخي، لكنه لا يزال يحتفظ باسمه حيث يطلق عليه الإسبان اسم مثكيتا.
المصدر: مدريد: صبيح صادق – الشرق الأوسط