في جنوب المغرب فقط، تنمو شجرة لا توجد في أي منطقة أخرى من العالم، هي شجرة الأرغان. وتشتهر هذه الشجرة المعمّرة بقدرة هائلة على مقاومة الجفاف ومحاربة التصحر. ويستعمل زيت الأرغان في أغراض التغذية والتجميل وبعض العلاجات الطبية، إذ إنه يحمي من الإصابة بالتجاعيد والسرطان ويساعد على الحفاظ على ليونة البشرة ونعومتها.
وفي ساحة جامع الفنا، التي تعد القلب النابض لمدينة مراكش، حيث يقصدها السياح من كل أنحاء العالم للاستمتاع بمشاهدة عروض مشوقة لمروضي الأفاعي ورواة الأحاجي والقصص، والموسيقيين إلى غير ذلك من مظاهر الفرجة الشعبية، مثل دق الطبول وقيام القرود بحركات بهلوانية على صناديق خشبية.
ويأتي صوت المؤذن من بعيد يدعو الجميع إلى الصلاة، وتتحرك سحب الدخان في السماء الصافية، وتفوح رائحة الأعشاب الطبيعية والأطعمة المقلية الطازجة، وينتشر السياح والسكان المحليون في السوق وبين المتاجر، ليساوموا بائعي التوابل مثل الكزبرة والزنجبيل والكمون.
هبة من الله
أمام الرفوف المكدسة بمختلف أنواع العلب والزجاجات تجلس سيدة على مقعد خشبي وتمسك في يدها حجراً بيضاوياً، وتقوم بعمل مضن، حيث تضع ثمار شجرة الأرغان بين حجرين لكي تستخرج اللوز بلونه الأبيض والأصفر، الذي يكون في حجم بذور عباد الشمس. وتقول السيدة المغربية وهي ترفع يدها إلى السماء: «هذه الثمار هبة من الله».
وهناك صاحب محل يطلب من السياح تجريب فتح هذه الثمار بأنفسهم، مع الضربة الأولى لاتزال الثمار سليمة، وفي الضربة الثانية تتحرك اللوزة بعيداً، أما في الضربة الثالثة فقط تطاير قشور اللوز في السماء، وتحطمت بذور اللوز تماماً.
وليس مستغرباً أن تكون السيدة المغربية أكثر مهارة من كل السياح في استخراج اللوز، لأنهم يقومون باستخراج الزيوت من ثمار أشجار الأرغان، التي تُعرف باسم الذهب المغربي، منذ أجيال عدة. وتنمو هذه الأشجار في جنوب المغرب، ولم تتغير هذه الطريقة المجهدة لاستخراج الزيت منذ آلاف السنين، حتى بالنسبة للسيدات اللائي يقمن بجني الثمار من أشجار الأرغان في المناطق الصحراوية جنوب المغرب، أو حتى بالنسبة للذين يعملون في معامل استخراج الزيوت بقرية تحناوت في وادي أوريكا بعيداً عن مراكش.
وتستقبل هذه القرية العديد من الحافلات السياحية كل يوم، وتقف شابة ذات شعر ناعم ومنسدل على ظهرها، على المدخل لكي تستقبل الزوار وتصطحبهم داخل الغرف والقاعات. وتفوح في المكان رائحة اللوز، وتجلس النساء على سجادة مفرودة على الأرضية، ويقمن بفتح الثمار لاستخراج اللوز، ثم يحولن عجينة اللوز إلى دوائر مسطحة.
وتقوم فاطمة بتدوير مطحنة صغيرة حتى تخرج من الفتحة كتلة بنية اللون، بينما تستمر جارتها في خلط المعجون بالماء الفاتر حتى يتم استخراج الزيت. وتعتمد هذه الشابة صاحبة الـ30 ربيعاً على عوائد هذا العمل المضني في شراء مستلزمات البيت ومصروفات المدارس لأبنائها وشراء ملابس الأطفال، وكذلك شراء الأغراض الشخصية ومستحضرات التجميل.
وفي الصباح تقوم السيدات باستخراج الزيت عن طريق عصر بذور شجرة الأرغان على البارد، وبعد الظهيرة يعدن إلى المدرسة لتعلم القراءة والكتابة. وتسير وتيرة العمل بانتظام، لأن السيدات يعملن في جمعية تعاونية، لذلك يتم طرح الزيت المعصور يدوياً في الأسواق بتكلفة منخفضة.
ومنذ أن اكتشفت شركات مستحضرات التجميل الفوائد الجمة لزيت الأرغان، لم تعد فاطمة تعمل بمفردها، ولكن هناك 30 سيدة من القرية يعملن في هذا المجال.
فوائد جمة
يزخر زيت الأرغان بالعديد من الفوائد، لأنه يحتوي على مقدار عال من الفيتامين، والعديد من الأحماض الدهنية الأساسية، فضلاً عن أنه يتمتع بخواص تجميلية وعلاجية عديدة، حيث يمكنك استعماله يومياً عاملاً مرطباً ومغذياً للوجه أو الجسم، أو كمضاد طبيعي للتجاعيد، فهو يُمتص بسهولة ولا يترك أثراً، فهو مرطب للبشرة ويعالج الجفاف والتشققات والخشونة.
إضافة إلى أن زيت الأرغان يؤخر ظهور التجاعيد والخطوط الرفيعة في الوجه، ومفيد في تنظيف البشرة من آثار وندوب حب الشباب، ومغذ للشعر وفروة الرأس ويقضي على القشرة، ويعطي الشعر لمعاناً وبريقاً وملمساً حريرياً، كما أنه يفيد في الوقاية من خطوط الحمل على جلد البطن وعلاجها، ويحفز الوظائف الحيوية لخلايا الجلد، ويقاوم شيخوخة الجلد.