في مدينة يكاد الأجانب يغلبون على سكانها، تحول متحف منيرة السناني إلى مقصد الوفود التي تزور الظهران، ففي جنبات الملحق بمنزلها يمكنهم التعرف على تراث المناطق السعودية من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، إضافة إلى قلبها النابض، المنطقة الوسطى.
ولا تجد السناني الشهيرة بـ«أم سامر الأشقر»، صعوبة في التواصل مع زوارها الأجانب، وخصوصاً الأوروبيين والأميركيين، فهي تجيد اللغة الإنكليزية. وأشارت إلى أن غيرتها على تراث بلادها قادها إلى إنشاء المتحف للتعريف على تراث السعودية وثقافات وعادات أهلها بمختلف مناطقهم.
وأنهت أم سامر أربع عقود من الخدمة في التعليم العام في المنطقة الشرقية، لتبدأ رحلة البحث عن المقتنيات الأثرية القديمة وجمعها في متحف استحدثته إلى جوار منزلها في الظهران. وقالت لـ«الحياة»: «أهدتني زوجة خالي في السبعينات «صحفة» مصنوعة من الخشب، وهي بمثابة الأطباق التي نأكل فيها اليوم. كما قدمت لي والدتي «نصيف» مصنوع من الخشب، وتم استخدامه مقياساً ومعياراً للحبوب، وخصوصاً الرز، ووضعتهما في إحدى خزائن منزلي. كما اشتريت مكواة تعمل بالفحم». وشكلت هذه الأواني بداية رحلة السناني مع المقتنيات الأثرية القديمة، مضيفة: «دعم زوجي سعود الأشقر، إضافة إلى أبنائي الأربعة، أسهم في إنشاء المتحف، وهو جزء من منزلي، إضافة إلى تزويده ببعض المقتنيات والآثار القديمة».
وأشارت إلى مرافقتها عدداً من الجنسيات الأجنبية في رحلات تسوق مختلفة، وما لفت انتباهها أثناء مرافقتهم «حرصهم على شراء التحف والمقتنيات الأثرية القديمة»، مضيفة: «أضطر في كثير من الأحيان إلى إقناع البائع بعدم بيع القطع الأثرية لهم، لأقوم بشرائها منه، لحرصي على تراث بلادي، بأن يبقى داخل السعودية ولا يخرج منها».
ولم تغفل السناني مساهمة زوجها سعود الأشقر، الذي كان يعمل في شركة «أرامكو السعودية»، في تطوير حبها للتراث والمقتنيات القديمة، مشيرة إلى مشاركتها ضمن معارض دولية كثيرة في عدد من الدول، منها سنغافورة، والنمسا، وأذربيجان، والنروج، وإسبانيا، إضافة إلى هولندا وغيرها من الدول. وأشارت إلى مشاركتها عام 1981، في معرض أُقيم في هولندا، بمشاركة 52 دولة، بعضها عربية، والتقت آنذاك زوج ملكة هولندا الأمير برنهارد، إضافة إلى مشاركتها في عروض أزياء تراثية سعودية، ومعارض المقتنيات القديمة.
ويضم المتحف، أو كما يعرفه أهالي الظهران «منزل الأشقر»، أركان عدة، تحوي تراث المناطق السعودية وكل ما يتعلق بها من أزياء وأوانٍ منزلية، وأدوات مختلفة، تقدم شرحاً عن الحياة في مختلف الظروف وطريقة تعايش السعوديين معها آنذاك، إضافة إلى جزء إسلامي تم تزيينه بمصابيح وقناديل تراثية قديمة، وأجزاء من ثوب الكعبة.
وأشارت السناني إلى أنها لا تعرف عدد القطع الأثرية والتحف التي يضمها المتحف، أو حتى عدد الزوار الأجانب الذين تقاطروا على منزلها لرؤية المتحف. ويلاحظ زائر المتحف العناية الفائقة التي توليها أم سامر لجميع مقتنياتها، وقالت: «كل قطعة في المتحف غالية على قلبي، وأعتبرها أبرز ما في المتحف، خصوصاً أول قطعتين قدمتهما لي والدتي وزوجة خالي «غفر الله لهما».
وأشارت السناني إلى ردود فعل الزوار، الذين «تبهرهم المقتنيات في المتحف وطريقة استقبالهم وتقديم القهوة العربية لهم واستضافتهم في منزلي، خصوصاً أن الزيارة والضيافة مجانية ومن دون رسوم، إضافة إلى الرد على كل استفساراتهم بلغتهم، ما يعطيهم انطباعاً جيداً، بعد كل زيارة يقومون بها» بحسب قولها.
المصدر: صحيفة الحياة