في مثل هذا اليوم، قبل 44 عاماً، ولدت صحيفة “الاتحاد”، لتواكب الدور الرائد للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حاكم إمارة أبوظبي آنذاك، من أجل قيام الاتحاد بين إمارات ساحل عمان “الإمارات المتصالحة”، ومعه حكام الإمارات السبع، إضافة إلى قطر والبحرين.
وجاء اختيار اسم «الاتحاد» ليعبر عن الحلم الذي قاده، وحققه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لذا لا يمكن الفصل بين «الاتحاد» الصحيفة، والاتحاد الدولة.
و”الاتحاد” إذ تحتفل اليوم بذكرى صدور أول أعدادها في يوم الاثنين الموافق 20 أكتوبر 1969 فهي تحتفل بتاريخ حافل بالإنجازات التي انطلقت مع انطلاقة مسيرة العمل الوطني وبزوغ عصر النهضة، حيث واكبت إعلان الدولة وقيام اتحاد الإمارات، وقد وضعت لنفسها هدفاً أسمى في أن ترصد وتؤرخ وتساند جهود البناء والتطور.
وكان الحدث مناسبة لبدء انطلاقة صحفية تهتم بالشأن المحلي وتغطي التطورات المتلاحقة سياسياً واجتماعياً في المنطقة ليصدر العدد الأول من “الاتحاد” قبل يوم واحد من وصول حكام الإمارات إلى أبوظبي لعقد اجتماعهم الخامس بهدف بحث أسس قيام الاتحاد المنشود وتحقيق طموحات أبناء الإمارات في الوحدة.
مطبعة بن دسمال
وكان مقرراً أن تصدر الاتحاد اليومية خلال شهر يونيو 1973، ولكن رأت وزارة الإعلام إصدارها في 22 أبريل عام 1972.
ومنذ ذلك التاريخ تحولت “الاتحاد” من مطبوعة أسبوعية إلى صحيفة يومية تطبع لأول مرة في المطبعة الحديثة التي وفرتها لها مؤسسة أبوظبي للطباعة والنشر “مطبعة بن دسمال” حيث اشترت آلة طباعة حديثة نقلت بالطائرة من بريطانيا إلى أبوظبي وبفضلها تحولت “الاتحاد” إلى صحيفة يومية.
وكانت المادة الصحفية في الاتحاد بداية الأمر تجمع وتحرر بجهد فردي في الصحيفة، إضافة إلى الاستعانة بموظفي الدوائر الحكومية في جمع الأخبار وتغطية النشاطات الموجودة في أماكن عملهم، وظل الاعتماد عليهم كصحفيين غير متفرغين حتى أوائل عام 1971م عندما تولى ستة أشخاص هذه المهمة بتكليف من دائرة الإعلام والسياحة.
وكانت ترسل المادة الصحفية بالبريد إلى بيروت لتطبع هناك في المطبعة التجارية والصناعية، وتعاد النسخ إلى أبوظبي ثانية لتوزع خلال أربعة أو خمسة أيام على الدوائر الحكومية، إلى أن تولت مطبعة أهلية في مدينة زايد القديمة بأبوظبي اسمها “نيتكو” مسؤولية طباعة الصحيفة في أواخر عام 1970م.
مناسبة عظيمة
وإذا كان العدد الأول من “الاتحاد” صدر يوم الاثنين إلا أنه وابتداءً من العدد الثاني أخذت «الاتحاد» تصدر كل يوم خميس وبداية من 20 أكتوبر 1969، وكانت الطفرة الأولى هي تحويلها من الحجم النصفي المعروف صحفياً باسم “تابلويد” إلى الحجم الطبيعي للصحف المسمى “استاندرد” وكان ذلك – بمناسبة اتحادية عظيمة، بدأت بإعلان استقلال إمارات الساحل في ديسمبر 1971 وتوقيع مراسيم الاستقلال ثم في اليوم التالي بإعلان مولد دولة الاتحاد.
مؤسسة صحفية
في 24 مايو عام 1976 أصدر مجلس الوزراء قراراً بتحويل صحيفة “الاتحاد” إلى مؤسسة صحفية مستقلة يشرف عليها مجلس إدارة من سبعة أشخاص، وفي عام 1978 بدأت “الاتحاد” الانطلاقة الكبرى بتشييد المباني وتركيب المطابع وتخلصت من “الجمع” بالرصاص واستخدمت أجهزة الصف التصويري، وبدأت تشغيل مطبعتها الأولى والحديثة.
ويحسب لصحيفة “الاتحاد” أنها كانت السباقة دوماً في امتلاك مقومات التطور والتحديث من أجل صحافة جديدة تواكب العصر باقتدار، وتنظر إلى المستقبل بثقة، وتحرص على أن تكون في المقدمة دوماً، وعمدت إلى التحديث التكنولوجي في قطاعاتها الإنتاجية كمبدأ أساسي في برنامج عملها، مستندة في ذلك إلى رؤى مبدعة باعتبارها ركيزة أساسية من ركائز انطلاقها نحو الأفضل، حيث استفادت من الوسائط المتعددة في تحقيق شمولية خدماتها الصحفية.
وفي عام 1981م دخلت صحيفة “الاتحاد” تجربة جديدة في المنطقة العربية تمثلت في إنشاء مطبعة في دبي تنقل إليها المادة الصحفية كل يوم بعد إعدادها وتجهيز صفحات الصحيفة إخراجياً عن طريق استخدام شبكة الميكروويف، لطباعة أعداد الصحيفة في الوقت نفسه الذي كانت تتم فيه عملية الطباعة في أبوظبي، وذلك من أجل التغلب على مشكلة النقل والمواصلات والتأخير في وصول النسخ إلى الإمارات الأخرى التي تبعد عن مقر صحيفة الاتحاد في أبوظبي ما بين 180 و350 كيلومتراً.
الكوادر المواطنة
منذ بداية صدور الصحيفة كان اهتمام إدارات التحرير المتعاقبة واضحاً لاستقطاب عناصر جديدة من الشباب المواطنين للعمل في مختلف الأقسام، سواء في فترة مؤسسة الاتحاد للصحافة والنشر، أو مؤسسة الإمارات للإعلام، إلى أن تم في عام 2008 تأسيس شركة أبوظبي للإعلام، حيث كان الاهتمام بوجود العنصر المواطن بشكل أكثر عدداً وفاعلية.
وتتنوع الآن الخدمات الإخبارية والتحريرية التي تقدمها “الاتحاد” للقارئ كل صباح وعبر نسختها الإلكترونية، حيث تستخدم أحدث الأساليب التكنولوجية من أجل تعزيز هذه الخدمات وبناء جسور من الثقة والتواصل مع قرائها داخل الوطن، وفي جميع أنحاء العالم.
«الوطن» أبرز عناوين الاتحاد
كانت تجربة “الاتحاد” غنية، لأنها واكبت تحدياً أكبر وهو بناء الدولة الحديثة بقيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “رحمه الله” وإخوانه أصحاب السمو حكام الإمارات، وكانت “الاتحاد” أحد الشهود على الأحداث الكبيرة من خلال تغطيتها للأحداث وانفرادها آنذاك بالساحة الصحفية.
وأدت ظروف إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971 وتطور العمل الوطني وبناء الدولة وانطلاق عصر النهضة إلى تحديد أولويات السياسة التحريرية لصحيفة “الاتحاد”، وبالتالي رسم خريطة العمل الصحفي وتبني قضايا وطنية وتنموية واجتماعية وإنسانية لمواكبة متطلبات كل مرحلة. وكانت الأخبار والعناوين الرئيسية في الصفحة الأولى، تركز على المشاورات التي كان يجريها حكام المنطقة في تأسيس اتحاد الإمارات المتصالحة، حيث استمرت تلك المشاورات طوال السنوات التي رافقت إصدار أول عدد من جريدة الاتحاد لحين تأسيس الاتحاد في الثاني من ديسمبر من عام 1971.
وكانت أخبار تلك الاجتماعات واللقاءات والمشاورات تحظى بقدر كبير من الاهتمام، حيث كانت تتصدر دائماً الصفحة الأولى لجريدة الاتحاد وبعناوين عريضة، كونها تأتي تحضيراً لمشروع حلم يراود أهل المنطقة، وسميت جريدة الاتحاد بهذا الاسم تيمناً بهذا المشروع الوحدوي الكبير. وأبرزت هذه الأخبار الجولات والاجتماعات التي كان يعقدها الشيخ زايد بن سلطان مع إخوانه الحكام في الإمارات الأخرى في إطار المشاورات السياسية التي سبقت مشروع الوحدة، وأرّخت هذه الموضوعات سنوات التحضير والإعداد لاتحاد دولة الإمارات.
أول صورة بالراديو
تم استقبال أول صورة صحفية بالراديو ونشرت بتاريخ 25 ديسمبر 1978، ويظهر فيها وزير الخارجية الأميركي سايروس فانس أثناء رعايته محادثات السلام المصرية الإسرائيلية في بلجيكا، وفي الصورة أيضاً رئيس الوزراء المصري مصطفى خليل ووزير خارجية إسرائيل موشيه دايان.
وكانت الصورة لوكالة أنباء يو بي آي وهي أول صورة يتم استقبالها بالراديو في الخليج العربي، وبقي استقبال الصور بالراديو حتى أوائل الثمانينيات، حيث بدأت خدمات الكيبل تصل عن طريق مؤسسة الإمارات للاتصالات آنذاك، (أميرتيل).
وجهات نظر
قلبت صفحات وجهات نظر التي قدمتها الاتحاد مع نقلتها الجديدة، وبالاتفاق مع مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية موازين صفحات الرأي ليس على المستوى المحلي ولكن على المستوى العربي وحتى العالمي عندما ضمت نخبة من الكتاب من الشرق والغرب وميّزت هذه الصفحات بوجبة الرأي التي تقدمها الصحيفة وساهمت في جذب المزيد من القراء نظراً لما تقدمه من رؤى مختلفة تؤكد وحدة الاختلاف التي تتبناها جريدة الاتحاد.
المصدر: صحيفة الاتحاد