فيتامين C المعروف أيضا باسم حمض الاسكوربيك- هو سيد الفيتامينات وهو أهم العناصر الرئيسية في علاج داء الإسقربوط – مرض مؤلم ومميت كان سائداً قبل اكتشاف علاجه على يد الطبيب جيمس ليند في العام 1747 حيث وجد أن غياب المركب في النظام الغذائي هو السبب في مرض الإسقربوط.
يمثل فيتامين C أيضا جزءاً مهماً من مجموعة من وظائف الجسم المختلفة، بدءا من تكوين العظام وحتى تجدد الخلايا في الندبات. وهو من مضادات الأكسدة الأساسية القابلة للذوبان في الماء، كما أنه يدمر الجذور الحرة، ويلعب دورا حاسما في تفاعلات الهيدروكسيل التي لا غنى عنها لتشكيل الكولاجين في الجلد وتجميع الكارنيتين عن طريق استخدام فيتامين سي كعامل مختزل. ويدخل فيتامين سي بشكل مباشر في تكوين الادرينالين والسيروتونين- وهما مادتان هامتان في الجهاز العصبي للقيام بوظائفة بالشكل الصحيح. ويشارك فيتامين سي كذلك في تركيب الهرمونات وعوامل انتاج الهرمونات والناقلات العصبية.
فيتامين C في العناية بالبشرة
يمكن الاستفادة من فوائد فيتامين C في العناية بالبشرة بعد معرفة دوره في الجلد. وينطوي دوره في العلاقة بين الخلايا الليفية والخلايا الكيراتينية لممارسة بعض التأثير الذي يتحكم في التمايز في الخلايا الكيراتينية وانتشارها. حيث إن إضافة ميكروغرام/مل من فيتامين C إلى خلايا كيراتينية مختلة الترتيب في عينة من البشرة يساعد في اختفاء الاضطراب والخلل وظهور التمايز على نحو يماثل حالتها في الجلد الطبيعي. وتشير هذه البيانات الخلايا الليفية في الانسان بحاجة إلى بعض العوامل المساعدة على انتشار الخلايا وتمايزها مثل فيتامين سي وهي بذلك ضرورية في الجلد لإعادة بناء خلايا البشرة.
ويمكن أن يعمل فيتامين C، جنبا إلى جنب مع فيتامين A في عكس التغيرات الجلدية وعلامات شيخوخة الجلد التي تظهر نتيجة التعرض للأشعة الضوئية أو التقدم في السن. ومن المعروف أن المواد المضادة للأكسدة في البلازما تنخفض في الأمراض الجلدية مثل تقرن الجلد السعفي actinic keratosis وسرطان الخلايا القاعدية basal cell carcinoma التي تعود على الأرجح إلى التعرض الطويل للأشعة فوق البنفسجية (UV) وهو العامل الرئيسي في مسببات هذه الأمراض. كما يظهر في سرطان الخلايا القاعدية وجود انخفاض في مستويات توكوفيرول ألفا alpha tocopherol و GSH في الدم وهي مواد مضادة للأكسدة.
الطبقة المتقرنة stratum corneum إحدى طبقات البشرة وتتكون من عدة صفوف من الخلايا المسطحة التي تحتوي على مادة شمعية خالية من الأنوية وتختلف سماكتها باختلاف موقعها في الجسم وتعمل كحاجز ميكانيكي وكيميائي وهو جزء أساسي من وظيفتها. في عينة من الأنسجة تحتوي على خلايا كيراتينية تمت دراستها وبعد اسبوعين من النمو تطورت الخلايا الكيراتينية للبشرة مع الطبقة القاعدية مظهرة علامات التمايز الخلوي الطبيعي. كما ظهرت خلايا حبيبية مع حبيبات كيراتوهيالينية وأجسام صفائحية وخلايا قرنية وخيوط كيراتين. وقد ساعد تزويد العينة بفيتامين C على تعزيز نمو الطبقة المتقرنة وعدد من حبيبات الكيراتوهيالين على نحو طبيعي، كما ساعد في كمية وتنظيم الصفاحات الشحمية البين خلوية في فجوات الطبقى المتقرنة. وتظهر هذه النتائج فوائد فيتامين C في دعم الطبقة المتقرنة للبشرة وتحسين وظيفتها كحاجز.
شيخوخة الجلد
تعتبر علامات شيخوخة الجلد هي ذاتها العلامات التي ترتبط بتلف الكولاجين في الجلد أو انخفاض إنتاجه، ويمثل فيتامين C خط الدفاع الرئيسي في مقاومة علامات الشيخوخة ومعالجتها. تعاني النساء بشكل تدريجي من تدني انتاج الكولاجين وفقدان جودته على مر السنين حيث ينتج الكولاجين بمستويات دورية تحددها الدورة الشهرية. وعلى الرغم من حداثة هذا المفهوم إلا أنه صحيح. فبعد انقطاع الطمث يبدأ للأسف تدهور الكولاجين حيث يبدأ انتاج الاستروجين من الأنسجة الدهنية. كما أن التدخين وأضرار الشمس من الأسباب الرئيسية في تلف البشرة، وعلى الرغم من قدرة الجلد في تجديد الخلايا التالفه إلا أن ما يحدث من تغيرات وأضرار تتجاوز في الواقع قدرة الجلد على معالجتها.
فيما يلي بعض الطرق لمعالجة شيخوخة الجلد
اتباع نظام غذائي جيد: تناول الخضراوات والفواكه وتجنب الحلويات والسكريات. واختيار اللحوم الخالية من الدهون والسمك وتجنب الأطعمة المقلية والمشوية المحمصة. وينصح بتناول حصة يومية من الفيتامينات مع 500ملجم من فيتامين C. ويعتمد الاستخدام الموضعي لفيتامين C على الأفراد.
هناك ثلاث درجات من التلف الذي يصيب الجلد مع الانتباه إلى أن شيخوخة الجلد هو شكل من أشكال التلف الجلدي.
تلف البشرة على نحو طفيف: يتمثل في الخطوط الدقيقة حول العينين والفم دون ترهل الخدين والتجاعيد السطحية غير العميقة.
العلاج الموضعي للحدّ من التلف الطفيف: يمكن البدء بالتقشير الكيميائي باستخدام حمض الصفصاف أو حمض اللبنيك. وينصح في ساعات المساء بوضع كريم يحتوي على ريتنول بالتركيز 1-0.5% وفيتامين سي بتركيز 3-5% ومثبط لإنزيم الكولاجيناز collagenase inhibitor، كما ينصح خلال النهار باستخدام سيروم أو كريم يدخل في مكوناتها فيتامين C بنسبة 5- 10% مع فيتامين E و OPC، فوجود فيتامين C يساعد في الحدّ من أضرار الشمس. مع الحرص على وضع واقي شمس ذي عامل حماية 15 كحدّ أدنى. كما يوصى بالاقلاع عن التدخين لما له من أثر في حدوث شيخوخة الجلد في سن مبكر.
تلف البشرة على نحو معتدل: يظهر على هيئة خطوط أطول وتجاعيد أعمق حول العينين مع زيادة وضوح خطي الضحك على جانبي الفم وزيادة عمق ثنية الذقن وترهل الخدين وظهور الخطوط على الجبهة بالإضافة إلى ظهور التصبغات الجلدية على شكل بقع ملونة في أنحاء الجلد.
العلاج الموضعي للتلف المعتدل: تتلخص في محاولات الحدّ من استمرار الضرر ومعالجة ما حدث من تلف. ويستغرق الأمر وقتاً لتحقيق ذلك كما ينطوي على اتباع عادات يومية جديدة. ويمكن البدء بالتقشير باستخدام حمض الصفصاف مع كريمات العناية بالبشرة الخاصة بالنهار والمساء. كما توجد خيارات عديدة من أنواع التقشير أو معالجة البشرة بالأكسجين أو الإنزيمات، مع إمكانية تكرار بعض جلسات التقشير في غضون ثلاثة إلى ستة أشهر. ويوصى أيضاً بالمحافظة على استخدام سيروم فيتامين C بشكل يومي نظراً لفائدته في إعادة بناء الكولاجين في البشرة.
تلف البشرة بصورة جسيمة: يتمثل في ظهور الخطوط والتجاعيد الطويلة والعميقة في معظم أجزاء الوجه مع بروز الثنيات على جانبي الفم وفي الذقن وترهل جلد الوجه بصورة بالغة. كما تبدو العينين غائرتين والعنق مترهلا وتكثر التصبغات والبقع اللونية في الجلد.
العلاج الموضعي للتلف الشديد: وهنا يكمن التحدي الحقيقي، ففي حالات التجاعيد العميقة يفضل القيام بأنواع أعمق من التقشير على أيدي ذوي الخبرة من أطباء الجلدية مع ضرورة المتابعة مع الطبيب لاحقاً. وفي حال عدم القيام بهذا النوع من التقشير فيمكن إجراء التقشير الخفيف بشكل دوري على أن يتبعه التقشير بالإنزيم. وربما يحتاج العلاج إلى مستويات من علاج الريتنول تتراوح ما بين 1-2%. ويعتمد تكرار التقشير بين الحين والآخر على مدى استجابة البشرة وتقدير الطبيب المعالج.
فرط التصبغ الجلدي Hyperpigmentation
هناك ثلاثة أنواع رئيسية من فرط التصبغ الجلدي
• الكلف Melasma هو مصطلح عام يصف البقع السوداء في الجلد.
• عادة ما يستخدم وصف الكلف للتعبير عن تغيرات الجلد اللونية الناجمة عن الهرمونات كما في الحمل، أوحبوب منع الحمل، أو العلاج ببدائل الاستروجين.
• النمش والبقع البنية solar lentigenes وهي تصبغات تحصل بفعل الشمس. وهي شائعة بين البالغين الذين لديهم تاريخ طويل من التعرض لأشعة الشمس دون وقاية.
يقوم فيتامين C بتعطيل إنزيم التيروزيناز tyrosinase المسؤول عن انتاج صبغة الميلانين، ويستغرق الأمر من 4- 12 أسبوع للحدّ من بقع التصبغات. ويشكل فيتامين C مع حمض اللبنيك ثنائي جيد المفعول. ويمثل كل من Magnesium ascorbyl phosphate و L-ascorbic acid و ascorbyl glucosamine و ascorbic acidشكلا من أشكال فيتامين C وتعتبر عناصر مستقرة ومضادة لللأكسدة.
الندبات وعلاجها
ليس من السهل علاج الندبات وخاصة تلك الموجودة في الوجه. تتشكل الندبة نتيجة لعملية التئام الجروح التي تشجع على تشكيل الكولاجين. ويعد فيتامين C ضرورياً في هذه العملية ولكنه في مرحلة ما يعمل على انتاج الكولاجين بصورة مفرطة مما يؤدي إلى تكوين الندبة. وبعد التئام الجرح قد تتضخم الندبة Hypertrophic scar فتبدو ككتلة محمرة ومرتفعة عن سطح الجلد المحيط. وعلى الرغم من اعتبار الندبة دائمة إلا أن البعض منها يمكن أن تختفي إلى حدّ بعيد بعد بضع سنوات.
الكيلويد Keloid هو فرط نمو الندبة فتبدو مثل ورمة كبيرة إلا أنها حميدة وهي شائعة عند الأشخاص ذوي البشرة السمراء. ويمكن أن تنجم عن الجروح التي تخلفها عملية جراحية أو إصابة ما أو تنمو من أنسجة الجلد في حالات حب الشباب أو ثقب الجلد خاصة شحمة الأذن. ومن مناطق الجسم الأكثر إصابة بالكيلويد الكتف والصدر.
الندبات المنقطة هي تجاويف غائرة في الجلد تحدث بسبب فقدان بعض الأنسجة تحت الجلد والداعمة له مثل الدهون أو العضل، وهي شائعة في الندبات التي يخلفها حب الشباب وجدري الماء.
وتشمل مناطق الجسم الأكثر عرضة للإصابة بالندبات تلك المناطق الغنية بالغدد الدهنية التي تفرز الدهون أو مناطق الجلد المعرضة للشد بدرجة كبيرة، ومن ذلك الكتف والصدر والرقبة وأعلى الظهر والأذنين وأعلى الذراع.
لقد وضعت بعض الحلول العلاجية للندبات منذ بضع سنوات عن طريق استخدام شرائط السليكون، وكانت تقوم على فكرة ترطيب أنسجة الندبة وتفكيك الكولاجين جزيئاّ مع تحفيز تكوين الكولاجين الجديد. وعلى الرغم من نجاح هذه الطرق في تحسين مظهر الندبة إلا أنها لا تختفي نهائياً.
وقد تبع ذلك اقتراحات أخرى لعلاج الندبات الناجمة عن حب الشباب والحروق والعمليات الجراحية. ويستغرق العلاج عدة أسابيع أو شهور حتى تظهر نتائجه ويتوقف ذلك على حجم الندبة وعمرها. يمكن استخدام مستحضر فيتامين C على الندبة وتغطيتها بطبقة عازلة مثل غلاف بلاستيكي أو الفازلين.
وأخيرا فيتامين C هو أحد المكونات الأكثر أهمية وفعالية والمتوفر للحفاظ على جمال البشرة وعلاج عدد من المشاكل الجلدية، بما في ذلك شيخوخة الجلد وحب الشباب والتصبغات.
المصدر: عبد العزيز ناصر السدحان – الرياض أون لاين
