أعلنت الدول العربية أمس من شرم الشيخ تأييدها التام لعملية «عاصفة الحزم» العسكرية التي شنها تحالف من 10 دول بقيادة السعودية بهدف إنقاذ اليمن من ميليشيات الحوثي المتمردة التي استولت على الحكم، كما أكدت على مشروع «قوة عسكرية مشتركة».
واجتمع وزراء الخارجية العرب في منتجع شرم الشيخ أمس، من أجل التحضير للقمة السنوية للجامعة التي تبدأ أعمالها غدا السبت، وأعلنوا ترحيبهم وتضامنهم مع «عاصفة الحزم»، في وقت شهدت فيه الاجتماعات لقاءات هامشية جمعت وزراء الخارجية من عدة دول مع الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي من أجل التنسيق والتشاور. وخيم الوضع في اليمن على اجتماعات الوزراء، وفي بيان ختامي عبرت الدول العربية عن حرصها على وحدة اليمن واستقلاله وسيادته وعلى أمنه واستقراره.
أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، أن وزراء الخارجية العرب وافقوا في اجتماعات عقدت أمس في شرم الشيخ، على إنشاء قوة عسكرية لمواجهة التهديدات الأمنية التي تتعرض لها دول عربية. وقال في مؤتمر صحافي أذيع تلفزيونيا في نهاية الاجتماعات، إن «المشاركة في القوة اختيارية من الدول العربية». بينما أوضح وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن قرار إنشاء القوة العربية سيرفع إلى القمة العربية التي ستعقد يومي السبت والأحد لمناقشته وإقراره.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، أكد شكري أن القمة العربية السادسة والعشرين تنعقد في لحظة تواجه فيها الأمة العربية تحديات وتهديدات غير مسبوقة، نظرا لتعددها وخطورتها على الأمن القومي العربي. وقال إن الدول العربية قادرة على التعامل معها بحزم، وأن نكون على مستوى المسؤولية، مضيفا أن الوزراء العرب اجتمعوا في جلسة خاصة حول الأزمة في اليمن، وصدر بيان يوضح عزم الدول العربية والجامعة العربية على المضي قدما في انتهاج سياسة فعالة وتحول الأقوال إلى أفعال. وأشار شكري إلى أن «هذه الروح الإيجابية التي سادت اجتماعات وزراء الخارجية العرب هي ذاتها التي تعتزم مصر تعزيزها وأن تسود في القمة العربية وطول رئاستها للقمة العربية في الدورة المقبلة».
ومن جانبه، قال العربي إن القمة تجتمع في وقت في منتهى الأهمية للعالم العربي. وأشار إلى أن المواطن العربي يشعر بقلق شديد بأن الأمن القومي العربي أصبح مهددًا الآن عن أي وقت مضى، وهناك اقتتال شرقا وغربا، وعمليات إرهابية تمتد من مكان لآخر، مضيفا أن الهدف الذي تسعى له الرئاسة المصرية والأمانة العامة للجامعة العربية هو التركيز على هذا الموضوع الذي يهدد الأمن القومي العربي.
وأشار العربي إلى أنه عندما تبين أن هناك حالة تستدعي التدخل العسكري لإعادة الشرعية في اليمن، والمحافظة على الشرعية المعترف بها دوليًا، فكان هناك تحرك من الدول العربية، موضحا أن وزراء الخارجية العرب بدأوا في بحث موضوع صيانة الأمن القومي العربي منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وأن وزراء الخارجية العرب صدر عنهم في ختام اجتماعاتهم قرار على مستوى وزراء الخارجية بتأكيد العزم ومواجهة التهديدات والإرهاب بصورة شاملة عسكريا وأمنيا وفكريا وآيديولوجيًا، ومن جميع الجوانب.
وقال العربي، إن وزراء الخارجية وافقوا على إقرار إنشاء قوة عربية مشتركة، وتم رفع القرار للقادة العرب لمواجهة التهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي.
وقال شكري، إن «الأزمة في اليمن بالتأكيد استحوذت على اهتمام بالغ من قبل المجلس الوزاري، وتم عقد جلسة خاصة عن اليمن»، لافتا إلى أن الجلسة صدر عنها بيان يؤكد دعم العمل الذي يقوم به الائتلاف لدعم الشرعية في اليمن بطلب من الرئيس الشرعي عبد ربه منصور، ومقاومة العناصر الانقلابية التي حاولت الانقضاض على السلطة والخروج عن إطار التسوية السياسية والسلمية.
وأضاف أن الدول المشاركة في الائتلاف تنسق فيما بينها، ولم يتطرق المجلس لإنشاء آلية تابعة للجامعة العربية تشرف أو تنسق هذا العمل، وهو عمل اختياري تقوم به دول مجلس التعاون الخليجي بمشاركة دول أخرى مثل مصر والأردن، وهناك تنسيق مشترك بين الدول التي تدعم تثبيت الاستقرار في اليمن ودعم الشرعية.
وأكد شكري أن هناك دعما من شركاء دوليين يشعرون بأهمية اضطلاع الدول العربية بهذه المسؤولية ومواجهة تحديات الأمن القومي العربي، ولا نعتمد على الإسهامات الخارجية أو التدخلات الخارجية، ونحن نعلم ظروف واحتياجات المنطقة ونستطيع أن نواجهها.كما أوضح أنه «لم تكن هناك خلافات في الرؤى حول القوة العربية المشتركة»، مشيرا إلى أنه تم بحث الموضوع في الجلسة التشاورية والافتتاحية، لافتا إلى أنه كان هناك توافق حول مشروع القرار الذي تم اعتماده، وجرى رفعه للقمة للنظر فيه.
ومن جانبه، قال العربي إنه «في ما يتعلق باليمن كان هناك تفهم تام، وصدر قرار على الرغم من وجود بعض التحفظات.. ولكن القرار أعطى قوة لما تم اعتماده، واستند على المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق الجامعة العربية. ولأول مرة يتم الاستناد لمعاهدة الدفاع العربي المشترك التي وقعت سنة 1950».
ووصف العربي القرار بأنه «خطوة كبيرة للجامعة، وقرار تاريخي، بالإشارة إلى معاهدة الدفاع العربي المشترك. وكان هناك رؤى مختلفة، ولكن القرار في النهاية تاريخي بالنسبة للعمل العربي المشترك». وأشار إلى أنه «منذ فترات طويلة كان الجميع يسأل أين الجامعة العربية، وكأن الجامعة لديها جيوش سوف تقوم باستخدامها في الحروب.. وما هو الدور الذي تقوم به؟ وأستطيع أن أرد عن هذا لأول مرة، بأن هناك قوة سوف تنشأ وتعمل باسم الدول العربية».
وردًا على سؤال حول القضية الفلسطينية في اجتماعات وزراء الخارجي العرب، قال شكري: «بالتأكيد لا يخلو اجتماع على المستوى العربي من أن تكون القضية الفلسطينية محورية ورئيسية ويتم تداولها بكل اهتمام، وبحث الجهود المبذولة لتسوية الصراع وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67». وأضاف أنه تمت صياغة مشروع قرار يعطي بداية أخرى للجنة العربية المشكلة والمجموعة العربية في مجلس الأمن للاجتماع وتقدير الخطوات المقبلة لدفع جهود التسوية على أسس من قرارات الشرعية الدولية، مشيرا إلى أن هذه اللجنة سوف تنعقد بعد اجتماع القمة العربية مباشرة، والتواصل مع كل الأطراف وتقدير الخطوات المقبلة، بما فيها اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي إذا ما رؤيت الظروف المواتية لذلك.
ومن جانبه، قال العربي إن القرار الذي صدر سيتم رفعه إلى القمة العربية، كما تقوم اللجنة بالاتصالات والمشاورات لإعادة طرح مشروع أمام مجلس الأمن الدولي، لافتا إلى أن «كل الأمور كانت متوقفة منذ شهور، خاصة قبل الانتخابات الإسرائيلية، والجميع كان ينتظر إجراء الانتخابات»، مشيرا إلى أنه التقى مع وزيري خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا.
وأكد شكري أن إعادة انتخاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «مشكلة كبيرة للعالم أجمع، لأن القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين والعرب، ولكن قضية العالم أجمع، لأن إسرائيل تعتبر آخر العنصرية والاستعمار في العالم.. وتحدي إسرائيل لقوانين وقواعد الشرعية الدولية لا تقوم به دولة في العالم».
وردا على سؤال حول دعم الشرعية في ليبيا، قال العربي، إن القرار الذي تم اعتماده بالتأكيد يزكي احترام الحكومة الشرعية في ليبيا ممثلة في مجلس النواب المنتخب، مضيفا أن القرارات التي تتخذ من الحكومة الليبية هي معبرة عن الشعب الليبي، وتتناول دعم جهود المبعوث الأممي للوصول إلى تسوية سياسية للأطراف التي نبذت العنف.
ولفت إلى أن القرار الذي رفعه وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماعهم للقمة العربية يدعم استقرار ووحدة الأراضي الليبية والعمل على العودة إلى الاستقرار ووجود الآليات المناسبة بالنسبة للحل السياسي.كما شدد على أنه لا توجد أي خلافات بين وزراء الخارجية العرب حول دعم الشرعية الليبية. وحول حقيقة مشاركة الرئيس اليمني في أعمال القمة العربية، قال العربي إنه «لا شك أن الرئيس عبد ربه منصور مدعو للحضور في القمة»، موضحا أنه أكد أنه سيشارك في القمة.
وردا على سؤال حول إمكانية أن تكون قوة الائتلاف الداعم للشرعية في اليمن هي نواة للقوة العربية المشتركة، قال الأمين العام للجامعة العربية: «لا»، موضحا أن هذا مجرد تحالف لإعادة الشرعية في اليمن. وأضاف أن الأمر يحتاج إلى دراسات، قائلا إنه «لم يحدث منذ 70 عامًا، وسيكون مثالا واضحا على أن الدول العربية تستطيع أن تجمع على خطة للدفاع عنها».
من جانبه، أكد شكري أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجه الدعوة إلى الرئيس اليمني للمشاركة في أعمال القمة. وتابع: «وتلقينا تأكيدا للحضور». وأوضح شكري طبيعة الائتلاف المشكل للتعامل مع الوضع في اليمن واستعادة الشرعية، قائلا إنه «تم الاتفاق على هذه الخطوة ووفق إطار، وبقدر من التنظيم، لأن هذه القوة ستواجه تحديات ما يتعلق بالأوضاع في اليمن»، مؤكدا أن من يحاول الانقضاض على الشرعية ستتم مقاومته في إطار العمل الشرعي الدولي وميثاق الأمم المتحدة والجامعة العربية.
وردا على سؤال بشأن تجاهل وزراء الخارجية للأزمة السورية وانشغالهم بالأزمة اليمنية، وما إذا كان هناك ازدواج في المعايير في التعامل بين الأزمتين، قال العربي إنه «منذ بدأت الثورة السورية ونزل الشعب السوري في درعا في مارس (آذار) 2011، والجامعة العربية تناقش الموضوع وتبحث سبل وقف إطلاق النار والإفراج عن المعتقلين، والدخول في عملية إصلاح حقيقي»، لافتا في الوقت ذاته إلى أنه «تم رفض كل هذه الجهود».
وأضاف قائلا إنه «تم إيفاد مراقبين للتحقق من وقف إطلاق النار، إلا أن التعنت السوري كان يقف أمام كل الجهود التي تقوم بها الجامعة العربية»، منوها بأنه تمت إحالة الموضوع إلى مجلس الأمن في 22 يناير (كانون الثاني) 2012. وأكد العربي أن سوريا تشكل عنصرا هاما في منظومة الأمن القومي العربي، ولا يمكن إهمال الأوضاع هناك، مؤكدا أنه يتم بحث هذا الأمر بكل اهتمام، وموضحا في الوقت ذاته، أن الأمر معقد وله جوانب كثيرة. كما أشار إلى أن ما يحدث في سوريا هو اعتداء على إرادة الشعب السوري، مشددا على أهمية تفاعل الأطراف السياسية السورية وتناول الأمر بشكل متكامل بكافة عناصره.
وعقب تسلم وزير الخارجية المصري سامح شكري رئاسة الدورة الحالية من نظيره الكويتي، استهل كلمته في الجلسة الافتتاحية بالحديث عن الأمن القومي العربي، مشيرا إلى أنه «ما زال يواجه تحديات كبيرة تتعلق باستعادة دور الدولة في المنطقة للحيلولة دون توسع الصراعات والنزاعات الطائفية، التي ضاعفت التحدي الذي يمثله خطر الإرهاب».
وقبل الجلسة الافتتاحية، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي لـ«الشرق الأوسط»، إن السلطة الفلسطينية تدعم بقوة ما قامت به المملكة العربية السعودية وبقية الدول العربية لاستخدام القوة لدعم الشرعية والحفاظ على وحدة الأراضي اليمنية، ومواجهة خطر التقسيم. وأضاف أن «هذه الضربة الجوية تعد خطوة مهمة، ويجب أن تتبعها خطوات لتفعيل الحوار». وأوضح المالكي أن «كل دولة عربية عبرت عن مواقفها عن الوضع في اليمن، وسوف يصدر بيان خاص يعكس وحدة الموقف العربي»، إلا أنه اعتبر الضربة الجوية العسكرية السعودية رسالة قوية لحل باقي الأزمات المزمنة في المنطقة العربية
المصدر: شرم الشيخ: سوسن أبو حسين – الشرق الأوسط