الأحد ٠٩ ديسمبر ٢٠١٢
عبد المنعم أبو الفتوح إسلامي، وإخواني، وزعيم سياسي كبير في مصر، لم يخشَ أن يقول كلمته، كلمة حق في اللحظات الصعبة في مصر اليوم، قال إنه ضد إسقاط الرئيس محمد مرسي لأنه جاء بالأغلبية، لكن في الوقت نفسه ضد استبداد الرئيس حتى ولو كان هو أبو بكر الصديق، مضيفًا أنه لن يحمي الرئيس غير الشعب المصري الذي انتخبه. وقال أيضا إن قصر الرئاسة ملك للشعب وليس ملكا لأحد، لا الرئيس ولا جماعة الإخوان، مطالبًا الرئيس مرسي أن يكون رئيس كل المصريين، لأنهم هم الذين أتوا به وبفضلهم يجلس الآن على كرسي الرئاسة. وهناك إسلاميون آخرون أيضا ضد مرسي في الأزمة الحالية، وبالتالي فالمسألة ليست بين إسلاميين وغيرهم بل صراع سياسي. ورغم أن النزاع على قضايا أساسية، مثل الدستور والقضاء، فإنها خلافات قابلة للحل بتعديل بعض فقرات الدستور وإلغاء الإعلان الرئاسي الذي قال مرسي إنه مستعد لإلغائه. وسبب الفشل في التصالح إما لأن الرئاسة أو قوى المعارضة لا تريد الحل، وإما أنها لا تملك مهارات إدارة النزاع، أو ربما العلة في ضعف التواصل بين المعسكرين، إضافة إلى وجود أزمة ثقة بين الجانبين، كل يدعي أن الآخر يريد أن يتعشى به. ويبدو أن مشكلة الرئيس مرسي الحقيقية ليست قوى المعارضة بل حزبه الذي ينتمي إليه، حزب الإخوان الذي يتضح مع الوقت أنه…
الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢
طبعا لم يكن من قبيل صيانة أو خلل فني عندما عُطلت شبكة الهاتف والإنترنت، ثم أوقفت حركة المطار وأغلقت الطرق المؤدية له، فكلها جزء من الحرب في دمشق. لقد دخلنا الأيام الصعبة والخطرة جدا في حرب إسقاط بشار الأسد، فمنذ أمس بدأت حملة توعية موجهة للشعب السوري في حال استخدمت قوات الأسد الأسلحة الفتاكة، كيماوية وبيولوجية. نحن هنا نتحدث عن احتمالات ارتكاب مذابح مروعة بعد أن بلغ الثوار مراحل متقدمة في هجومهم، وهم الآن يدقون أبواب دمشق. هذه ليست حربا نفسية، ولا مجرد خواطر قلقة، نحن نعرف أن النظام مجرم وأحمق معا، لكن عسى ألا يرتكب أعظم حماقة في نهاياته. الأسلحة الفتاكة من دلالات النهاية مع تقهقر قوات النظام، حيث صار انهياره وشيكا. إنها سلاحه الأخير الذي يريد به الانتقام وإلحاق أكبر أذى ممكن بخصومه، ويعتقد أنه قد يوقفهم ويضطر العالم إلى التدخل وعقد صفقة سياسية تنقذه! سيمارس الادعاءات والأكاذيب نفسها التي ادعاها مع المجازر التي ارتكبتها قواته خلال الأشهر الماضية، محملا المسؤولية للمعارضة. سبق أن فعلها صدام حسين في الثمانينات وقتل آلافا من المدنيين في حلبجة الكردية العراقية، وكانت صور الموتى بشعة.. الآباء مع أطفالهم على أبواب بيوتهم وفي الشوارع، في لحظات الهرب والرعب، حيث كانت قوات صدام المحصنة بالأقنعة ترش الأهالي بالمبيدات الكيماوية وتفنيهم كالذباب. في سوريا، وخلال…
السبت ١٧ نوفمبر ٢٠١٢
لا أظن أن ملايين العرب اليوم يقبلون ببيانات التعاطف وزيارات الاستعراض الميدانية ونشاطات السفراء كما هو التعاطي في حال العدوان على غزة. أما لو قررت مصر الاشتباك عسكريا للدفاع عن غزة، لربما تغيرت المعادلة السياسية تماما، وإن لم تنتصر، وليس بالضرورة أن تكون حربا كبيرة. زيارة قنديل ليست بأكثر قيمة من زيارات عمر سليمان، رئيس المخابرات المصرية الراحل في عهد مبارك، وبيانات التنديد لا تهز شعرة في رأس بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، الذي شن هجومه لأغراض انتخابية ومن قبيل هز عصا في وجه النظام المصري الجديد ضمن إطار رسم الخطوط على الأرض وتوضيح حدود العلاقة. الحقيقة أن حركة حماس كانت في منتهى الانضباط والالتزام بتعهداتها التي قطعتها لإسرائيل، فهي لم تمتنع عن الرد على تحرشات إسرائيل ومضايقاتها العسكرية خلال الأشهر القليلة الماضية فحسب، بل فوق هذا كانت حماس تمنع وتطارد الجماعات السلفية والجهادية المتطرفة التي تعمدت إطلاق صواريخ أو حاولت إرسال بعض شبابها عبر الحدود إلى داخل إسرائيل. وقد كان واضحا من التصريحات الأخيرة نوايا إسرائيل أنها تعتبر حماس مسؤولة عن أفعال تلك الجماعات المنفلتة، وفي معظم عمليات القصف من الجانب الإسرائيلي، أحيانا من الجو، كان يستهدف حماس لا مناطق تلك الجماعات المارقة ليس على إسرائيل بل على حماس نفسها. وهذا يبين صراحة أن إسرائيل تستخدم العدوان لأغراض لا…
الأحد ٠٤ نوفمبر ٢٠١٢
منذ أسبوعين تقريبا زرت عمان، وقبل أن تحط عجلات الطائرة على أرضها يراودك شعور بحالة قلق من المجهول، أو حالة الانتقال إلى مرحلة خطيرة، يوحي بذلك الحارس الأمني في الطائرة، منظر غير مألوف البتة في عالم الطيران. كان يجلس قبالة الركاب في أحد مقاعد المضيفين ويطالعنا، أو يراقبنا، طوال الرحلة بشكل غير منقطع! وسبق زيارتي إعلان السلطات القبض على إرهابيين عبروا الحدود الأردنية من سوريا، ونجاحها في اكتشاف أهدافهم، بينها مجمعات تجارية ومقار دبلوماسية، أبرزها السفارة الأميركية، التي كانت الهدف الأساسي، أما الأهداف الأخرى فقد خطط لتفجيرها من أجل تحويل الانتباه. طرحت نفس الشكوك التي يحب البعض ترديدها، أن الحكومات تخترع المؤامرات من أجل تبرير إحكام قبضتها. قيل لي، «ليس في صالح السلطات الأردنية سياسيا ولا اقتصاديا إشاعة وجود جماعات إرهابية تستهدف مناطق تجارية ودبلوماسية، هذه الأخبار تشوه سمعتنا فلماذا نفعل ذلك؟»، ولم يتبع الكشف عن المؤامرة أي إجراءات سياسية، ولم توقف الدولة نشاطاتها، وبالتالي أستبعد أن تلطخ الدولة سمعتها بقصة إرهابية لو لم تكن حقيقية. لأن الأردن يتوسط منطقة التوتر العالي في المنطقة، ومستهدف بشكل مستمر، يصبح الأمن من ضرورات البقاء. هنا «الأمن» من أكثر الأجهزة العربية يقظة وفعالية والتحدي الآتي له كبير جدا. بالأمس كان الأردن بوابة سوريا للخضروات والسياح واليوم هو بوابة سوريا للاجئين والسياسيين، بعد فشل…
الإثنين ٢٢ أكتوبر ٢٠١٢
انخفضت طموحات الوسيط، الأخضر الإبراهيمي، من إخراج بشار الأسد من حكم سوريا سلما إلى مجرد هدنة من ثلاثة أيام فقط بمناسبة عيد الأضحى. وحتى هذا الحلم البسيط فشل رغم أن كل الأطراف في حاجة إليه، حيث توجد مناطق محاصرة تسيطر عليها قوات الجيش الحر، لكن الأكثر تحاصرها قوات النظام. الأهالي المحاصرون في حاجة ماسة إلى هدنة يتدبرون خلالها الطعام والدواء، وبعضهم يريد الانتقال من مكان إلى آخر أكثر أمنا أو به خدمات ضرورية من ماء وكهرباء. الذي فعلته قوات النظام أنها عاقبت المناطق التي فيها مقاتلون، أو المناطق التي خرجت منها مظاهرات، بحصار دام أشهرا متواصلة. يضاف إليها مناطق هاجمتها القوات الحكومية بالطائرات ودمرت الكثير من المباني ومرافق الخدمات المختلفة. ولأن الوسيط الإبراهيمي يدرك تفاصيل الأزمة، ويفرق بين المعقول والمستحيل، اختار أن يعرض على الأطراف المتقاتلة هدنة في عيد الأضحى، الذي يحل بعد أربعة أيام، ليكون فرصة يمتحن من خلالها رغبة الأطراف في التعاون ولو في المجال الإنساني والإغاثي. إن كان هناك عيب في المقترح، بالطبع ليس في فكرة الهدنة نفسها المستحقة منذ زمن، بل في اقتراحها بلا دعم دولي من خلال مجلس الأمن. الروس والصينيون، مع أنهم عودونا على مساندة نظام الأسد حتى في رفض شجب الجرائم التي ارتكبها، هذه المرة قد لا يعارضون فكرة الإغاثة المحدودة لثلاثة أيام…
الإثنين ١٥ أكتوبر ٢٠١٢
عندما أسمع تعليقات كبار قادة المنشقين السوريين، خاصة العسكر، أشعر بأنني أمام تلاميذ يرددون نفس خطاب النظام الذي انشقوا عليه. أحد العمداء يشجب التخاذل الدولي في حق الثورة السورية، قائلا إنهم يتركون سوريا تغرق من أجل تعميم الفوضى بغرض السيطرة على منابع النفط! عادة هذه مقولة النظام السوري الذي يريد تبرير جرائمه، ويقول إنهم في الغرب وراء الحرب الإرهابية لإغراق سوريا في الفوضى للسيطرة على مناطق النفط! المحفوظات الكلامية تردد عادة من دون تفكير، ويتم إلصاقها بكل موقف وفريق. هل الثوار هم لعبة غربية، أم نظام الأسد، أم الفريقان؟! في العراق البعثي كانوا يرددون الخطاب نفسه. إعلام صدام حسين كان يتهم المعارضة بأنها أداة غربية، وكانت المعارضة تتهمه بتنفيذ مخططات الغرب! الحقيقة لا الغرب ولا النفط له علاقة بما يحدث سلبا في سوريا إلا بما يمكن لكل فريق خارجي، عربيا كان أو إيرانيا أو غربيا، أن يساند الفريق الذي يلتقي معه سياسيا. بل العكس، ربما الخوف على النفط هو ما يدفع دولا في العالم للحفاظ على استقرار سوريا لاحقا، خشية أن تمتد النار إلى ما وراء الحدود. أما الحرب اليوم فهي معركة متأخرة ضد نظام قمعي ثار الشعب السوري ضده، وليست حربا بالوكالة. النفط سلعة استراتيجية كل دول العالم تريد حمايتها كي لا تقع في أيدي عدو أو تصبح رهينة…
الأربعاء ١٠ أكتوبر ٢٠١٢
التوظيف والبطالة يظل الموضوع الأول تقريبا في كل دول العالم، هم الحكومات، ومقياس نجاحها وفشلها. وإلى قبل سنوات قليلة لم تكن الوظيفة قضية في دول مثل السعودية، أما اليوم فهي الموضوع الأول والأكثر تفجرا. ولأن الحكومة هي الحاضن الأكبر تصبح المسؤولة الأولى كذلك عن الحل عن المشكلة. وقد يبدو غريبا عندما لا يجد آلاف الشباب وظائف في بلد هو الأول في صادرات النفط في العالم، لكن هذه هي الحقيقة الموجعة اليوم وهي المشكلة الأخطر غدا. والمشكلة مردها أسباب عدة، أولها سوء التعليم بمخرجاته التي لا تؤهل الشباب للعمل الميداني، وثانيها تزايد السكان بشكل هائل جدا، حتى إن نحو ستين في المائة منهم تحت سن الثلاثين. والثالث سوء الإدارة الحكومية لمقدراته وسوء تخطيطها المستقبلي. وهذا سهل إثباته حيث يوجد فيه نحو ستة ملايين عامل أجنبي وعشرات الآلاف من مواطنيه بلا وظائف! ومع أن النقاش حول هذا الموضوع متشعب ومعقد ولا يكفي فيه إطلاق التهم والحلول السهلة، لكن يمكن بسهولة أن تتدحرج المشكلة بضخامة وسرعة أكبر من قدرات وسرعة حركة الحكومة، وستجد نفسها غدا في مأزق خطير. ما الذي يمكن أن يعمله المواطن الخليجي في دولة يعتقد أهلها أنها غنية، طبعا كلمة «غنية» مسألة نسبية لأن بقالات «وول مارت» الأميركية لوحدها، مداخيلها ضعف مداخيل السعودية. أيضا، يمكن أن نقول على الجانب الآخر،…
الثلاثاء ٠٩ أكتوبر ٢٠١٢
أيعقل أن سيدة أنيقة ومثقفة، مثل بثينة شعبان، مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد، تتورط في جرائم قذرة؟ تقول التقارير الصحافية إن صوتها ورد ضمن تسجيلات هاتفية للوزير اللبناني السابق ميشال سماحة الموقوف في مؤامرة خطيرة. وفيه اتهام مبطن بأنها، أيضا، قد تكون متورطة في مخطط اغتيال شخصيات دينية ومدنية في لبنان. توجد تسجيلات، يقال: إنها كنز معلوماتي كبير، عثر عليها في بيت الموقوف سماحة، الذي يروى أنه اعتاد على تسجيل كل ما يدور معه ومع من حوله، حتى ورط نفسه وآخرين في القضية. كما فعل الرئيس الأميركي المعزول، ريتشارد نيكسون، الذي أدخل فكرة تسجيل كل ما يدور معه في البيت الأبيض فأصبحت التسجيلات الحبل الذي شنق به نفسه، حيث أثبتت تورطه في فضيحة ووتر غيت. لم توجد وسيلة للاتصال بها، وأصدقاؤها المشتركون يقولون: إنها لا ترد عليهم، أيضا. نقل على لسانها - ردا على التهم الخطيرة ضدها - قولها إنها «نوع من المهاترات والسجالات السياسية المتعارف عليها هناك (في لبنان)، التي لا تستحق الرد أو التعليق». هي مخطئة، فكل شيء في هذه القضية المهمة جدا يستحق الرد والتعليق، والاتهامات لا تعني تورطها. نحن نعرف بثينة من وظيفتها، فهي مسؤولة إعلامية في بلاط الرئيسين الأسد، الراحل والابن الآن. وبالتالي أستبعد أن طبيعة مهامها تخولها لمثل هذه النشاطات، خاصة أن في نظام…
الأحد ٠٧ أكتوبر ٢٠١٢
لا أدري إلى أي مدى يفهم المسؤولون الأتراك حجم الضرر الذي أصابهم في العالم العربي من وراء سوريا، القضية والمواقف، إضافة إلى ما سبقها. لكنني واثق بأنهم أقدر من غيرهم على حساب مصالحهم، ويعرفون أن لهم دورا مهما يلعبونه لم يفعلوه بعد، ونحن لا نفهم لماذا؟ وقصة تركيا سبقت الحدث السوري بسنوات، خاصة باهتمام رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بالعالم العربي واستعداده للمشاركة الإيجابية فيه. بدأها أولا من الباب الخاطئ عندما قبل بمساندة سوريا الأسد في معاركها الخارجية، وكذلك ساند، بحماس، إيران في ملفها النووي. مواقف صححها لاحقا عندما اتضحت له الحقيقة. وأردوغان صاحب شخصية قيادية جذابة، دخل القلوب العربية المحبطة، أولا من حادثة ندوة متلفزة في مؤتمر دافوس، قبل ثلاث سنوات، عندما رد الصاع صاعين للرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس. كال أردوغان هجوما على بيريس وسياسة إسرائيل الاحتلالية، ثم رمى الميكرفون وغادر المكان غاضبا من أجل قضية عربية. وتلاها موقف تركيا بإرسال سفن لفك الحصار عن غزة مع ناشطين أوروبيين، وعندما هاجمتها قوات إسرائيلية في المياه الدولية، هدد أردوغان وتعهد بأن يدفع الإسرائيليون ثمن الهجوم على سفن تركية وقتل مواطنين أتراك، غاليا. بعدها، رفعت صوره في المظاهرات العربية وأصبح نجما من نجوم العرب. الخطأ الأردوغاني أنه رفع توقعات العرب، لكن لا شيء مهما فعله، باستثناء وقف المناورات العسكرية المشتركة مع…
الجمعة ٠٥ أكتوبر ٢٠١٢
آه، ليس هناك أسوأ من شتيمة الأزواج المطلقين، يعرفون تفاصيل بعضهم وفضائح سنوات «العشرة» الطويلة، ولا يستطيع أحد خارج البيت أن ينفيها أو يؤكدها، بل لا أحد يريد التدخل فيها. النظام السوري شريك شرير، ليس مثل الأردني يمكن طلاقه بإحسان، ولا مثل السلطة الفلسطينية. خالد مشعل طليق سوريا هو رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يعني رئيس الحركة. عاش في كنف دمشق أكثر من عشر سنوات وهنا تعيره دمشق الأسد بأنه ناكر للجميل لأنه انتقد جرائمها في مؤتمر الحزب الحاكم في تركيا. مشعل معروف بأنه ناكر للمعروف، في معظم سني عمله، لكنه هذه المرة محق في موقفه ضد النظام السوري بعد الجرائم المروعة التي يرتكبها منذ أكثر من عام. المضحك جدا أن سوريا وصفت بـ«الطبالة» الثلاثي مشعل، والرئيسي المصري محمد مرسي، ورئيس وزراء تركيا أردوغان، وكل الثلاثة كانوا حلفاء دمشق المخلصين قبل الثورة. في السياسة يلتقي الساسة ويختلفون، الفارق أن نظاما بشعا مثل الأسد لا يطيق أن يخالفه أحد ممن يعتبر أن له فضلا عليهم، أو شاركوه حقبة من تاريخه. إن كان هناك فضل على مشعل فهو للأردنيين الذين هبوا لإنقاذ حياته دون مقابل، عندما قام عملاء الموساد بحقنه بسم كاد أن يموت بسببه، لولا أن الملك استنجد بالرئيس الأميركي حينها بيل كلينتون وطلب التدخل، وبعدها أرغمت إسرائيل تقديم الترياق وشفي…
الخميس ٢٧ سبتمبر ٢٠١٢
يروي الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني في مذكراته: «قال لي خامنئي إن مبعوث القذافي جاء لزيارته في طهران، وقدم اقتراحا من القذافي يقتضي أن توقف إيران (الحرب مع صدام) العراق، وتهاجم بعد ذلك السعودية.. ولكن رفضنا هذا الطلب». هذا ما عالجه الزميل الأستاذ عادل الطريفي في مقاله أمس متحدثا عن أمن الخليج. روايات رفسنجاني تعبر عن أزمة القيادة في المنطقة فكرا وعملا.. عندما تجتمع على كأس شاي تتحدث في كيف تدمر ناقلات نفط الكويت، أو تفتح جبهة حرب مع السعودية، أو تخرب موسم الحج.. وإسقاط طائرات. دول تدار بزعماء طموحاتهم ليست بناء مدارس أو مصانع؛ بل تخريب مصانع غيرهم. ومن زار ليبيا، خلال وبعد سقوط معمر القذافي، صدم من حجم التخلف الذي عاشته هذه الدولة الغنية بمواردها النفطية. والذي يزور طهران يرى بأم عينيه كيف تحولت عاصمة الشرق الأوسط الأولى في زمن الشاه إلى أطلال مدينة تكتظ بالمعدمين الذين فرضت عليهم الدولة الجوع في سبيل إنجاز مشروعها العسكري. صدام والقذافي والأسد وخامنئي بددوا مقدرات بلدانهم على مفهوم أن الدولة القوية هي الدولة الناجحة، غير مدركين أن الدولة الناجحة تصبح لاحقا دولة قوية. ولأن منطقتنا في حال انتقال حتى قبل ثورة تونس، فإنه من المبكر أن نقول في أي اتجاه تسير، هل تتغير الوجوه؟ أم العقول أيضا؟ تبدو التغييرات مهمة وإيجابية…
الأربعاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٢
كان لافتا تحاشي الأردنيين التورط في الأزمة السورية لعام ونصف العام تقريبا، إنما إلى ما قبل بضعة أسابيع تشير كل الدلائل إلى أن الأردن يأخذ دورا مهما في ثورة الجار الشمالي، ربما يفوق الدور التركي الخجول. ولا يفوتنا إدراك مخاوف الأردنيين من الغرق في الرمال السورية. فهم يخشون أن تطول الأزمة فترهقهم تكاليفها وتبعاتها وهم دولة بلا موارد كبيرة. كذلك، يخافون من تجرؤ النظام السوري، الذي لا يخشى عواقب أفعاله، على أن يفاجئهم صباح يوم بقواته، عابرا الحدود، وينقل المعركة على ترابهم، أو يحرك خلاياه النائمة بالتعاون مع حليفه الإيراني فيحدث اضطرابات كبيرة في المملكة. والأردنيون مسكونون بهاجس أخطر، وهو أن إسرائيل ستجد في أي فوضى، نتيجة الأزمة السورية، ذريعة لتحويل «شرق الأردن» إلى فلسطين بديلة، يحكمها فلسطينيون وتصبح بديلا عن الضفة الغربية وغزة. والفوضى قد تكون الفرصة الذهبية لليمين الإسرائيلي المتطرف. ورغم وجاهة هذه المحاذير، يعلم الأردنيون قدرهم جغرافيا، وهو النوم بجوار دول خطرة، من إسرائيل، ونظام بعث سوريا، ونظام بعث العراق من قبل والآن نظام المالكي العراقي الذي لا يقل عن سابقه. وفي مثل هذا الحي من الأشقياء، لا مناص للأردن ألا ينام بعين واحدة خوفا وحذرا، ومن جانب آخر يبقى بعقل يقظ مفتوح على كل الفرص بإمكاناته المحدودة. ولأن ثورة سوريا وتفاقم عذاب أهلها طال أمدهما، لم…