الإثنين ١٦ فبراير ٢٠١٥
كان المنظر مثيرا للشفقة والكل يرى القوى الرئيسية الخمس (المؤتمر الشعبي - الإصلاح - الناصري - الاشتراكي - الحوثيين) ومعهم ممثلو أحزاب لا وزن حقيقيا لها، جالسين حول طاولة يتصدرها جمال بنعمر بغرور بلغ حد توبيخ أحد ممثلي حزب «الإصلاح»، لأنه تجرأ بالطلب من الحوثيين أمام الكاميرات سحب إعلانهم الذي يصرون على المغالطة بأنه تعبير عن إرادة شعبية، وكان مهينا أن تقبل الحزبي العتيد لتقريع بنعمر وبدا كطالب في المرحلة الابتدائية أمام معلمه.. هذا المنظر كان تعبيرا فاضحا لحالة الهزال والموت السريري لهذه الأحزاب، ولولا الموقف الشجاع الذي اتخذه أمين عام التنظيم الناصري لأصاب اليمنيين اليأس المطبق من سياسييهم كافة، وكان مؤسفا أن هرولة الأحزاب لتلبية دعوة بنعمر، وهو الذي امتنع في تقريره الأخير المقدم إلى مجلس الأمن عن وصف ما فعله الحوثيون بالانقلاب ولما يزد عن إبلاغ العالم بما ليس مجهولا بأنه (إجراء من طرف واحد) و(عبر عن الأسف الشديد للتحرك أحادي الجانب)، ورغم أن حزبا أو اثنين ساندا الفضيحة التي ارتكبتها الجماعة من دون أن تستوعب ما يترتب عليها من رفض داخلي عبرت عنه الجماهير بالنزول إلى شوارع المدن الرئيسية لتعلن عدم استسلامها، ورد فعل خارجي تمثل بإغلاق أغلب السفارات وهو ما لم يحدث خلال الحرب الأهلية (62 – 70) فحينها بقيت السفارات في تعز، وأنا على يقين…
الأحد ٠٨ فبراير ٢٠١٥
استكمل «أنصار الله» عصر يوم الجمعة أركان الانقلاب الذي بدأوه باقتحام العاصمة صنعاء ثم فرض ما سموه «اتفاقية السلم والشراكة الوطنية» وإجبار الرئيس هادي (يمكننا أخيرا وصفه بالسابق) على البدء بتعيين ممثلين لهم في رئاسة الأركان العامة وأجهزة المخابرات، والآن يكون أمر انتقال سلطات الرئيس قد تم بعملية قيصرية إلى (رئيس اللجنة الثورية العليا) وما كان لأمر كهذا أن يتم لولا حالة الخواء الوطني الذي سيطر على تصرفات القوى الرئيسية الفاعلة ولم تتمكن من ملئه؛ لأنها لم تستطع حسم خياراتها الحزبية ولا اتفقت على الأسلوب الذي يناسبها، مبتعدة عن المصلحة الوطنية والأعراف الدستورية القائمة، على هشاشتها، وتعلقوا جميعا بالبحث عن صيغة تضمن استمرار وجودهم في إطارها، وكان قرار هادي مفاجئا وصادما للجميع ووضعهم أمام ورطة سياسية لم يكونوا يتوقعونها؛ لأنهم كانوا يدركون أنه كان حريصا - حتى تلك اللحظة - على التشبث بكرسي الرئاسة، ولا شك أنه يستعيد الآن لحظاتها بالألم من مراراتها وخداعها. تمرس «أنصار الله» في تزييف الوقائع والانقلاب على كل الاتفاقات التي يفرضون شروطها ويصوغون أحرفها، وأثبتوا مرة تلو أخرى براعة في استنزاف الوقت لمواصلة ابتلاع السلطة على جرعات، وفي المقابل كان الرئيس السابق هادي مستسلما منذ الأيام الأولى لحكمه تحت وهم حماية المجتمع الدولي، ولم يدرك أن الدول الكبرى لا تتحمس كثيرا للدفاع عن أي سياسي…
الأحد ٠١ فبراير ٢٠١٥
لم يعد المصير السياسي للرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء خالد بحاح غامضا بعد الإهانات العلنية التي لحقت بهما وبلغت حدا غير مسبوق في التاريخ السياسي العربي عدا الحالات التي كان يحلو للرئيس العراقي السابق صدام حسين ممارستها مع خصومه بإذلالهم أمام الملأ وعلى شاشات التلفزيون بدعاوى خيانة الحزب، وسيكون مثيرا للشفقة سعي أي فصيل سياسي لإعادة أحدهما أو كليهما تحت شعارات «حب الوطن» و«المصلحة الوطنية»، لأن ذلك سيؤسس لسابقة شاذة، ولم يحدث مثل هذا الفعل البشع تجاه أي رئيس سابق في تاريخ اليمن عدا حالات معروفة تمت بمبررات مناطقية وعقائدية غطت على صراعات السلطة القاتلة أو مارستها حكومة عربية بحق زعماء اليمن التاريخيين عام 66 برغبة السلطة في صنعاء حينذاك. كان هادي ضحية خموله في التعامل مع القضايا الكبرى بالجدية التي تستحقها واستعانته بأشخاص لم يصدقوه النصح ولم يمتلكوا شجاعة إبلاغه بما يجب، لا بما يحب، ولن أتمادى في الحديث عن الرئيس هادي ولا ما كان واجبا عليه، فذلك عمل قد انغمس وسيواصل الانغماس فيه الكثيرون من مناصريه ومن خصومه قبل وبعد إسقاطه بصورة تدعو للاستهجان والرفض، وهو الوحيد القادر على استعادة أحداث الأعوام الثلاثة الماضية ومعرفة ما جرى خلالها وكيف تركه الجميع وحيدا يواجه ركام الكارثة داخل معتقله الإجباري، وأحزنتني صورته حين زاره مدير مكتبه السابق أحمد…
الأحد ١٨ يناير ٢٠١٥
أدى الرئيس هادي اليمين الدستورية في 21 فبراير (شباط) 2012، بناء على توافق وطني أقرته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وقال أمام الملأ، إنه يتمنى الوقوف في ذات المكان بعد عامين ليسلّم الموقع الأول في الدولة لمن سيختاره الشعب خلفا له.. في ذلك اليوم امتلأ الكثير من اليمنيين بالتفاؤل إثر تنازل الرئيس السابق صالح عن السلطة بعد أن نزفت الدماء في تعز وصنعاء في حادثتي «جمعة الكرامة» بصنعاء و«المحرقة» بتعز واتهمت بتدبيرهما أجهزة الأمن التي كانت تحت السيطرة المطلقة لصالح الذي رضخ بعدها لرغبة شعبية هائلة وغالبة حينها، وضغط خارجي هائل لإنهاء الأزمة السياسية التي عطلت البلاد وأتاحت للجماعات الإرهابية التوغل والاستقرار في اليمن. ومع انتهاء العام الأول من حكم الرئيس هادي تزايدت مظاهر رغبته في الاستمرار، وبدأت عملية تباطؤ متعمد في إنجاز مهام المرحلة الانتقالية التي كانت محددة بعامين فقط، وتولى مستشارو الرئيس وقادة الأحزاب عملية اعتادوا عليها لزمن طويل: تبرير كل سوء وفشل وعجز، وما ساهم في هذا العبث الوطني هو الفشل الذريع للحكومة السابقة في تحسين أوضاع المواطنين، وهكذا اجتمعت كل عوامل الانهيار الذي انسحبت آثاره على مجمل الأوضاع الداخلية، وفي إهمال مثير للاستغراب في التهيئة الجادة لما سمي «مؤتمر الحوار الوطني» لم يتحرك الرئيس ولا الحكومة، ولم يبديا جدية في انتزاع الحلول، وتم التلاعب والتكاسل في بدء…
الأحد ١١ يناير ٢٠١٥
في تزامن مثير للأسى، وبعد ساعات قليلة من تمزق أشلاء العشرات أمام أسوار كلية الشرطة بصنعاء، التقى «الرئيس» بمستشاريه، ليهنئهم على منجزهم، في لقاء «السيد» الذي منحهم جانبا من وقته الثمين.. بعدها عبّر عن سعادته لإنجاز مسودة الدستور، الذي قال إنه سيؤسس لدولة اتحادية من 6 أقاليم، مستبقا الاستفتاء عليه، وانفض الاجتماعان بتصريحات دلت على أن الحاضرين يعيشون في كوكب آخر، ودون إعلان حداد عام ولا تنكيس لأعلام، كما تفعل السلطات التي تحترم شعوبها، ولم نسمع عن استقالة أي مسؤول يحترم نفسه أو إقالته (قبل 4 أيام أقال العاهل المغربي وزير الرياضة بسبب خطأ فني، وحمّله التبعات السياسية والإدارية.. والفارق واضح وفاضح بين موقف الرئيس وموقف الملك). العام الماضي، استولى «أنصار الله» على معهد دماج السلفي بصعدة، وطردوا طلابه اليمنيين والأجانب بتفاهم وتواطؤ من السلطة في صنعاء، ثم انطلقوا صوب مدينة عمران، واستولوا على معسكر الجيش فيها، ونهبوا معداته.. بعدها قام الرئيس هادي بزيارتها ليعلن استعادة الدولة للمؤسسات، أمهل جماعة الحوثيين ساعات لتسليم ما استولوا عليه، وأعلن أن صنعاء «خط أحمر»، وما إن هضمت جماعة الحوثي عمران حتى بدأت الزحف نحو صنعاء، متجاهلة تصريحات «الرئيس»، مسيطرة على كل مؤسسة حكومية مرت بها في الطريق إلى مبتغاها الأولي (مقر الفرقة الأولى وجامعة الإيمان). مرت أيام قليلة سقطت بعدها العاصمة، وذهبت كلمات…
الأحد ٠٤ يناير ٢٠١٥
انتهى عام 2014 بظواهر لم يألفها المواطنون اليمنيون على مدى قرون طويلة، ولكن أكثرها فجاجة وتحديا للمشاعر هو ما قامت به جماعة «أنصار الله – الحوثيين» التي فرضت أنماطا جديدة في مناسبات كانت تمر على البلاد بهدوء ودونما ضجيج ولا صخب، وليس من هدف من فعلهم ولا طائل من ورائه سوى إبراز قوتهم والتأكيد على قدرتهم بفرض مزاجهم على الناس دونما مراعاة ولا احترام، ولم يكتفِ هؤلاء برفع راياتهم في شوارع المدن التي بسطوا سلطتهم عليها، بل بالغوا في الأمر إلى حد التعدي على واحدة من أشهر القباب التي يعرفها اليمنيون والمعروفة بـ«قبة المتوكل» في وسط العاصمة، وصبغوها بلون أخضر شوه جمال بنائها المعماري الذي عايشه كل سكان صنعاء. الغريب أن هذا الفعل المستفز جاء بعد أيام قليلة من رسالة وجهها «السيد» عبد الملك الحوثي إلى أتباعه يطالبهم باحترام أعراض الناس وحرمات منازلهم، ولكن هذا التعميم الحزبي لم يردع أنصاره ولم يثنِهم عن ممارسة أفعال يمكن تصنيفها في إطار افتعال الخصومة واللامبالاة بما هو سائد ومتعارف عليه، وإذا كان غضب الناس ينصب على «أنصار الله» باعتبارهم الفاعل المتمكن على الأرض، إلا أن الحكومة تستحق التشكيك في جدارتها لصمتها المريب وتساهلها بل وتجاهلها لكل تصرفات هذه الجماعة، كما يجب أن يكون هذا حافزا للتساؤل عن مشروعيتها وقدرتها على تحقيق أي إنجاز،…
الأحد ٢٨ ديسمبر ٢٠١٤
بعد 3 أيام يمضي عام بائس من عمر اليمنيين لا بد أن ذكرياته المريرة ستبقى عالقة في عقولهم وقلوبهم بما حملته من مآس وأحزان وقتل وتدمير للمنازل وانتهاك للحريات العامة منها والخاصة، وتبدد أحلام راودت مخيلتهم وانتهت إلى سرداب بلا نهاية ولا ضوء في نهايته. بدأ عام 2013 بأوهام وزعها عليهم الساسة المتكئون على المجتمع الدولي عبر لقاءات «الموفينبيك» ومخرجاته التي ستدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية، وعول عليها البسطاء من اليمنيين ثم بعثرت الأحزاب ما تبقى عندهم من آمال وطموحات، وجاء منتصفه ليبدد كثيرا منها ولم يصل العام إلى خواتمه إلا وقد امتلأت نفوسهم بالإحباط واليأس والخوف والبؤس، ولتعود إلى ذاكرتهم الجمعية أبيات الشاعر الراحل الفذ محمد محمود الزبيري: «(ما لليمانيين) في لحظاتهم/ بؤس وفي كلماتهم آلام/ جهل وأمراض وظلم فـــــادح/ ومخافة ومجاعة وإمام». عندما يبزع فجر اليوم الأول من العام الجديد لن يكون بمقدور أحد ممن عبثوا بما يمتلكه اليمني من رغبة في غد أفضل له ولأولاده، أن يشرح له حقيقة ما جرى ومن المسؤول وكيف سيكون المصير القادم، وستكون أغلى أمانيه أن يبيت في أمن وسكينة وأن يستيقظ ومعه قوت يومه.. سيحدث هذا بينما النخبة السياسية مشغولة بأتفه القضايا وأقلها نفعا على حاضر اليمنيين وزادهم، وسيظل ممثلوها منهمكين في انتزاع حصصهم في الوظيفة العامة ونهب المال العام. سيحل…
الأحد ٢١ ديسمبر ٢٠١٤
في مقابلة نادرة أجرتها صحيفة «26 سبتمبر» مع «الدكتور» عبد الكريم الإرياني، طرح رؤيته للأحداث كما عايشها وكان واحدا من صناعها، وعبر فيها عن قلق وخوف شديدين لمآلات الأوضاع على الساحة اليمنية باعتباره شريكا أصيلا في حلوها ومرها، ورغم أن اعترافاته جاءت متأخرة، فإن طبيعته الإنسانية، التي اعتاد عليها طيلة سنوات عمله السياسي في الميدان اليمني كمساهم في تفاصيلها وعارف بنتوءاتها ومؤثر في توجهاتها، كانت تمنعه من التعامل المستمر مع الإعلام، وكان دوما يفضل امتصاص الخلافات والسعي لإشاعة روح من التفاؤل والابتعاد أحيانا عن الواقع حتى لا يصيب الناس بالمزيد من القلق.. لقد اختلفت معه منذ بدء المرحلة الانتقالية، وخصوصا النظرة إلى «مؤتمر الحوار الوطني»، وما كنت أصر على تسميته بـ«لقاء الموفينبيك» وعبرت عن آرائي كتابة في هذه الصفحة وشفهيا في كل لقاء كنت أسعى إليه وأسعد أن يجمعني به لأستفيد من تجربته الإنسانية والأخلاقية والسياسية، وكنت ألاحقه وما زلت، ودوما أعتبره معلما لي رغم عدم الاتفاق أحيانا - كانت كثيرة أخيرا - ولكني أشهد أنه ما غضب من موقف اتخذته ولا من رأي عبرت عنه، بل كان كعهده مثالا صارخا للترفع وعدم الابتذال في الخصومة السياسية أو عدم الاتفاق مع رأي يبديه أي إنسان. شرح «الدكتور» في المقابلة ما حدث - كما عايش وعاش - خلال الأشهر التي تلت…
الأحد ١٤ ديسمبر ٢٠١٤
أظهرت الفقرات المتعلقة بالوضع اليمني في البيان الصادر عن القمة الخليجية الأخيرة التي انعقدت في الدوحة قبل أيام قلق دول مجلس التعاون وانغماسها الإيجابي المأمول في متابعة ما يجري على الأرض، وأوضحت صياغته اهتماما مشروعا وحرصا متوقعا على الاستقرار ودعم الرئيس هادي في محاولاته الحثيثة والمتعثرة لتجاوز ما يعترض رغبته وحرصه على الانتهاء من المرحلة الانتقالية، وحسنا صنعت دول المجلس في التشديد على حتمية الالتزام بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، مما يعني ضرورة الانتقال إلى الانتخابات بشقيها الرئاسي والنيابي في أسرع وقت بعد الانتهاء من مراجعة الدستور الذي يجري إعداده ومن ثم تقديمه لاستفتاء شعبي. إن الاهتمام والحرص الخليجيين لن يكفيا لدفع الأمور إلى الأمام، إذ إن كل جهد وضغط خارجيين لا يمكن لهما أن ينجزا شيئا على الصعيد الداخلي ما لم تكن تلازمهما استجابة وقناعة ورافعة يمنية واعتراف بأن الأوضاع لم تعد تحتمل هذا الكم المهول من العبث بكل ما تبقى من قيم الدولة ومؤسساتها واستمرار الإصرار على إحلال هيئات غير رسمية وغير ملتزمة بالقوانين السارية على بقية عباد الله، ومرتكزة في تصرفاتها على ضعف أجهزة الأمن والجيش التي تهاوت تحت ضربات أضرت بهيبتها وجعلتها غير قادرة على ممارسة مهامها الوطنية. منذ أن تمكن «أنصار الله - الحوثيون» من انتزاع مقدرات ما تبقى من مؤسسات الدولة وتشكيل ما سموه…
الأحد ٠٧ ديسمبر ٢٠١٤
حدث وحادثتان جرت وقائعها الأسبوع الماضي، ولا بد أن تترك آثارها على الواقع السياسي اليمني لفترة مقبلة. الحدث هو اللقاء الذي جرى في صعدة بين «السيد» عبد الملك الحوثي وممثلين عن حزب التجمع اليمني للإصلاح، وأهمية اللقاء ليست بنتائجه التي لا أتوقع خروجها عن نطاق تواصل الضرورة بعد البيان الذي أصدره الحزب، وأظهر نصه ضعف موقفه وعدم قدرته على القيام بدراسة نقدية داخلية جادة تكشف قصور قياداته وتمسكها بالارتباط بالحاكم - أي حاكم - واستمرار خلطه بين السياسة كفعل متغير والدعوة الدينية باعتبارها عملا يجب النأي به عن ألاعيب السياسة وحيلها وتحولاتها. الحوار بين حزب الإصلاح وأنصار الله مطلوب ومهم وحيوي في كل الظروف، ولكنه في الظرف الراهن ليس إلا قفزا على الواقع الذي أفرزه نهم الحوثيين، وصارت تصرفاتهم تعكس رغبة انتقام وتصفية حسابات وإزاحة كل القوى التي يمكن أن تشكل عائقا أمام مشاريعهم المبهمة، وقد كررت أن هذا الغموض سيظل عقبة أمام اقتناع من يقفون خارج كتلتهم المذهبية، وربما داخلها أيضا، بأنهم يرغبون (أي أنصار الله) في إقامة دولة مدنية قوامها العدل والمساواة بعيدا عن دعاوى الحرص على استعادة حقوق تاريخية ورفع راية الحق الإلهي، وفي كل الأحوال فإن (السيد) عبد الملك الحوثي يتحمل وحده مسؤولية كل الأخطاء والخطايا التي يرتكبها أنصاره وأتباعه. الحادثة الأولى هي اقتحام منزل الشيخ…
الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤
صار من المؤكد أن يأتي فبراير (شباط) 2015 واليمن يواصل العيش تحت شعار المرحلة الانتقالية التي كان من المفترض أن تنتهي في فبراير 2014 لولا إصرار البعض على مواصلة العبث وإرباك العملية السياسية في مراحلها الأولى، وانهماك الأحزاب بتثبيت حصصها في الحكم. وساهم جمال بنعمر، مبعوث الأمم المتحدة، في مسايرتها والاندماج في دوره الأممي والاستمتاع بمزاياه، وكرر استخدام عبارته الأثيرة والمحببة «العملية السياسية مهددة بالانهيار»، وبرع في إيجاد كل مبررات تمديد مهمته عبر السعي للتمديد لكل الهيئات القائمة تحت عنوان «المرحلة الانتقالية ليست محددة بفترة زمنية، ولكن بمهام يجب الانتهاء منها». أنا لا أوجه انتقادا لرغبته مواصلة زياراته إلى اليمن، والتي بلغت حسب ما يصرح به أكثر من خمس وثلاثين رحلة مع مرافقيه، وهي على ما أعتقد، واحدة من أطول مهام مبعوث للأمم المتحدة إلى بلد لم يكن يواجه خطر حرب أهلية تحتاج معه إلى هذا الجهد والزمن، لأن هذا التصنيف لم يكن حينها ينطبق على الحالة اليمنية التي كانت تشهد صراعا محموما على السلطة بين الحلفاء السابقين، وانعكس ذلك على الأرض حشودا من الطرفين في الساحات اليمنية، لكن التباطؤ الذي أصاب عملية الانتقال بسبب التراخي والتكاسل المتعمدين من الجميع، واللذين أوقعا البلاد في حلقة مفرغة والدوران الحلزوني، وأظهرت كافة قواه السياسية المؤثرة أنانية وعبثية. يواجه اليمن اليوم قدرا يبدو…
الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠١٤
شهدت الأسابيع الماضية في صنعاء ارتفاعا في درجات العنف السياسي اللفظي - حتى الآن – بين قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام، وتحديدا بين الرئيسين الحالي عبد ربه منصور هادي (نائب رئيس الحزب وأمينه العام)، والسابق علي عبد الله صالح (رئيس الحزب)، ودخلا في سباق عبثي غير مألوف داخل التنظيمات السياسية المنضبطة حاول معه كل طرف إضعاف الآخر، استخدم فيه الأول موقعه الرسمي، بينما أدار الثاني الخلاف مستعينا بأدوات الحزب الذي صنعه بنفسه في مطلع الثمانينات، وكذا نسيج علاقاته التي تشكلت على مدى 33 عاما قضاها في الحكم، وما زاد من الافتراق بين الرجلين هو الاتهام الذي وجهه مجلس الأمن للرئيس السابق بعرقلة عملية الانتقال السياسي، ما دفع صالح إلى القول إن نائبه في الحزب (الرئيس الحالي) يقف خلف القرار وإنه قام بالتحريض لإصداره، وبصرف النظر عن حقيقة الاتهام أو عدمه إلا أنه زاد من تراكمات الشكوك والريبة والتخوف بين الطرفين وأنصارهما، والتي أثرت في أداء المؤتمر بداية وتعدتها إلى وضع الكوابح أمام عمل مؤسسات الحكم المتبقية، ولا بد أن ينسحب هذا على مجمل العملية السياسية.. وهنا يجب أن أؤكد أن القرار الأممي لم يكن إيجابيا، ولن يكون مفيدا، بل سيزيد من التوتر الحاصل داخل الساحة السياسية وسيترك آثاره السلبية على نيات رئيس الحكومة خالد بحاح الذي سيكون عليه التصرف بحذر…