الأحد ٢٣ فبراير ٢٠١٤
أتاحت لي الدعوة الكريمة من الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز وزير الحرس الوطني السعودي للمشاركة في مهرجان الجنادرية، الفرصة للقاء عدد من كبار المفكرين والأدباء والساسة العرب، وكما هو الحال في كل لقاء يجمع عرب «الربيع» مع أشقائهم تتوالى الأسئلة والاستفسارات والتعبير عن القلق والخوف وشيء من الحزن على مآلاته، ولم أسمع كلمات الإعجاب التي يتوهمها الإعلام الرسمي في العواصم المنهمكة بلملمة جراحاتها وانهياراتها المتتابعة، ثم تواصل الحديث عن «ربيع» اليمن في جدة في لقاء رتبه الدكتور زيد الفضيل جمعني ورئيس الوزراء اليمني السابق حيدر العطاس مع أدباء ومفكرين من المملكة، وكان حاضر اليمن ومستقبله محور الجلسة وفيها قدم الرئيس العطاس لمحة تاريخية لمراحل تحقيق الوحدة اليمنية وأسباب فشلها، وتحدثت عن الفترات التي سبقت بدء مؤتمر الحوار الوطني وكيف تحول المدعوون إلى كومبارس صاروا شهودا على وثيقة تقسيم اليمن التي شاركهم السيد جمال بنعمر، الذي يظن نفسه آمرا وناهيا لكل ما يدور في الساحة السياسية، بالصمت على طريقة إقرارها بل زاد أن رحب بها واعتبرها منجزا تاريخيا. كان محيرا لكل من التقيتهم المعايير التي اعتمدتها اللجنة التي شكلها الرئيس هادي لتوزيع المناطق اليمنية إلى أقاليم، وكان مفاجئا لي أن الكثير من الساسة والإعلاميين أبدوا تأييدهم للفكرة لكن سرعان ما أدركوا أنها تمت دون دراسة جادة وشكلت هروبا…
الأحد ١٦ فبراير ٢٠١٤
قبل انطلاق مؤتمر الحوار الوطني الشامل، أصر بعض أعضاء اللجنة الفنية، التي أعدت له، على البدء باتخاذ إجراءات بناء الثقة في الجنوب وتطبيع الأوضاع في صعدة، باعتبار ذلك مدخلا للتسوية التاريخية التي من أجلها ظهرت فكرة الموفينبيك وأنه منطلق بناء الدولة الحديثة، أو كما يحلو للبعض تسميتها اليمن الجديد، رغم أنه كان الشعار نفسه الذي رفعه الرئيس السابق ومستشاروه في انتخابات 2006 ولم يتحقق منه الكثير، بل كان محفزا لخروج الشباب إلى الساحات مطالبين برحيله، وانتقل المستشارون إلى المعسكر المضاد. انتهى المؤتمر بتأييد أغلب المشاركين الوثيقة النهائية وعبروا عن سعادتهم بها، وتم التصويت بالوقوف مبالغة في إظهار الولاء والطاعة، وانتقل التركيز بعدها إلى لجنة تقسيم الأقاليم، التي كان متوقعا أن يصبح قرارها إسقاطا عمليا لما جاء في الوثيقة فيما يتعلق بالجنوب، لأن الحوثيين لا يعنيهم ما تفتق به ذهن بعض أعضاء اللجنة وتفكير المبعوث الأممي جمال بنعمر، فهم يفرضون خطوطهم كما يرغبون، رغم ارتفاع صراخهم اعتراضا على النتائج التي خرجت بها اللجنة، وهو تكرار لأسلوبهم في التعبير عن الموافقة على نتائج الفرق المختلفة، بينما هم يواصلون تثبيت مواقعهم وتحالفاتهم على أبواب العاصمة... ومن الغريب أن بنعمر لم يجرؤ على الحديث عن المعارك الحربية شبه اليومية التي تدور في أطراف العاصمة ولم يشر في أي من تصريحاته الكثيرة إلى المتحاربين ولم…
الأحد ٠٩ فبراير ٢٠١٤
السرعة المذهلة التي تمكن بها الحوثيون من اجتياح كل مناطق نفوذ الراحل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر وتفجير منزله، دلالة على انتهاء حقبة تاريخية وسياسية أراها شاهدا لا يقبل التأويل على التحول الذي مر به اليمن الأسبوع الماضي واعتبره كثير من اليمنيين إيجابيا، إما تشفيا أو انتقاما أو رغبة في وضع حد للنفوذ القبلي (خاصة قبيلة حاشد) الذي تحكم في مجريات السياسة اليمنية طيلة 52 سنة هي عمر الجمهورية التي نشأت في 26 سبتمبر (أيلول) 1962، ولا بد أن كثيرا من تفاصيل ما حدث سيتكشف سريعا، وسنعلم الأسباب التي أدت إلى انحسار وربما انتهاء الدور المؤثر الذي لعبته أسرة الأحمر خلال العقود الخمسة الماضية في مجريات الحكم في اليمن. تشكل النفوذ الذي مارسه الراحل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر من التصاق قبيلة حاشد بالأنظمة المتعاقبة منذ 1962، رغم قطيعة قصيرة ما بين أعوام 75 و77 حين تمكن الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي من وضع حد للنفوذ القبلي في تسيير أعمال الدولة وبقي خلالها كبار المشايخ في مناطقهم خارج العاصمة أو خارج اليمن، ومثلت تلك الفترة درسا قاسيا انتهجوا بعده أسلوبا جديدا في تفكيرهم فأحجموا عن الدخول في معارك مع السلطة، ومع مرور الوقت تماهت المصلحتان وصار معروفا أن «حاشد هي السلطة والسلطة هي حاشد»، وأثار ذلك امتعاضا وحسدا وشعورا…
الأحد ٠٢ فبراير ٢٠١٤
في مشهد تاريخي بسيط وجميل سيتذكر أبناء تونس وأجيالها القادمة يوم 27 يناير (كانون الثاني) 2014، حين وضع رؤساء الجمهورية والمجلس التأسيسي والحكومة توقيعاتهم على الدستور التونسي الجديد الذي جاء علامة فارقة في مضامين العقود الاجتماعية العربية وصار الأكثر تميزا بنصوصه الحامية للحريات العامة والشخصية وخلق توازنا استثنائيا بين السلطات بحيث لا تطغى إحداها على الأخرى، وجاء شاهدا على تميز هذا القطر وارتقاء مستوى المجتمع المدني فيه والدور الحيوي والنشط للمرأة والنقابات، والأهم هو حياد القوات المسلحة وأجهزة الأمن. وحسنا فعل رئيس المجلس التأسيسي بأن أعاد الفضل إلى «شهداء الربيع التونسي» ثم خص بالعرفان الرجل الذي ناله الجحود والنكران وتعرض لشتى أنواع التهم التي يمتلأ بها قاموس الحكام العرب الثوريين: الراحل العظيم الحبيب بورقيبة مؤسس الدولة التونسية الحديثة التي جنى ثمارها الشعب بكافة فئاته بمن فيهم من كان معارضا له. كان لافتا أثناء الجلسة الإشادة بالجيش والأجهزة الأمنية لحياديتها في الخلافات السياسية بين الفرقاء، ووقوفها مدافعة عن الدستور والقوانين النافذة، وانعكس كل ذلك في التحية التي خص بها الحاضرون قادة الجيش والأمن، ومن اللافت أيضا أن أحدا من هؤلاء لم يبعث بتهنئة تحمل في طياتها تهديدا ووعيدا لمعارضي التحول الدستوري كما يحدث في غير قطر عربي. وصحيح أن الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي واصل نهج بورقيبة في الجانب الاجتماعي،…
الأحد ٢٦ يناير ٢٠١٤
أعادت عمليتا اغتيال الشهيدين الأستاذ عبد الكريم جدبان ود. أحمد شرف الدين، ومحاولتا اغتيال د. ياسين سعيد نعمان ود. محمد عبد الملك المتوكل، إلى ذاكرتي اغتيال أخي محمد أحمد النعمان ببيروت في 28 يونيو (حزيران) 1974، ومن قبله اغتيال الشهيدين عبد العزيز الحروي ومحمد عبد الله الشعيبي، على أيدي عصابات مولتها جهات أجزم أنها يمنية. في ذلك الوقت بعث الأستاذ أحمد محمد النعمان برسالة إلى القمة العربية التي عقدت حينئذاك في الرباط وكان عنوانها «مذكرة حول مأساة الإنسان العربي»، تمنى فيها نجاح المؤتمرين في حماية الإنسان العربي من الاغتيال «حتى لا يعيش هذا الإنسان يرزح تحت وطأة احتلال الخوف الذي يحطم إرادته ويقتل إنسانيته وكرامته». أضاف النعمان في رسالته «هذه شكوى شخصية أكتبها بخط يدي، لكنها في الحقيقة شكوى عامة تعبر عن مأساة الإنسان العربي الذي يُقتل ولده وأبوه أو أخوه أو من يعز عليه ويرتبط به.. يُقتل ظلما وعدوانا ثم تلتزم السلطات المسؤولة عن الأمن السكوت والصمت ولا تتخذ أي موقف من القتلة». هل تغير الحال؟ هل استطاع أحد أن يسمع بمحاكمة القتلة الذين أشاعوا الرعب في نفس كل ذي صاحب فكر، بينما القادرون يجوبون الشوارع بسياراتهم المدرعة والألوية المسلحة تحيط بمواكبهم، ويقطعون الشوارع ليل نهار، بينما المواطن البائس يخرج من منزله دون أن يدري إن كان سيعود إلى…
الأحد ١٩ يناير ٢٠١٤
كانت مزعجة تلك المشاهد التي نقلها التلفزيون الرسمي لجلسة من مؤتمر الحوار الوطني، تصدى فيها مساعد الأمين العام للحزب الاشتراكي لقراءة بيان تفويض للرئيس هادي بتشكيل لجنة لتحديد عدد الأقاليم وأن يصبح قرارها نافذا (هكذا) ويمكنني القول إنها غير معبرة عن رغبة المواطنين وآمالهم، وكان الأداء تعبيرا عن عقلية «الحزب القائد» وتم أخذ الموافقة بزعيق البعض وتكبير البعض الآخر كل بحسب الانتماء الحزبي، وتحمل الرجل الفوضى التي صنعها البيان وانتقده حزبه ضمنا على فعلته معلنا تمسكه «المؤقت» بلوائح المؤتمر ومن غير المستبعد أن صفقات حيكت وإغراءات تم الاتفاق عليها للخروج بهذا المولود المشوه. اليوم صار واضحا أن الصفقات التي أنجزت كان هدفها السعي لـ«تمرير» ما سمي بوثيقة الضمانات، وهي ملهاة سياسية عجيبة، إذ إن محتواها الفعلي هو تقاسم السلطة تحت دعوى «الشراكة في التنفيذ»، وإسكات كل صوت معارض تحت شعار «تبني سياسة إعلامية وخطاب إعلامي إيجابي» (نفس ما كان يطالب به الرئيس السابق عند اشتداد الحملات الإعلامية على نظامه).. وأعجب النصوص هي التي تدعو إلى إرساء حكم رشيد بينما نص الوثيقة يدعو صراحة لنفي وجود معارضة حقيقية، إذ منح الذين صاغوا الوثيقة لأنفسهم حق تمثيل الوطن دون أن يكون للمواطنين أي رأي فيهم، وتحويل أشخاصهم إلى هيئات شرعية، ومن المستغرب أنهم يطالبون بالتقييم الدائم للأداء والإنجاز وسيقومون هم بذلك. خلاصة…
الأحد ١٢ يناير ٢٠١٤
بثت وسائل الإعلام الرسمية في 23 ديسمبر (كانون الأول) 2013 مشاهد لاجتماع خُصص للتوقيع على ما سُمي بوثيقة «حلول وضمانات القضية الجنوبية»، وأعلنت أنها ورقة الخلاص والانتقال إلى المستقبل، ولم تمر ساعات حتى اتضح أن الأمر لم يجرِ كما تمناه المستشارون، وأن المسألة ستستدعي أكثر من الإغراءات، وكان لافتا غياب المبعوث الدولي الذي قرر السفر قبل التوقيع بساعات، كأنما أحس بالعوار الذي شاب وثيقته التي كانت نصوصها تحمل الدعوة لوضع اليد على البلاد، وفيها نصوص تتناقض أو في أفضل الأحوال تحمل أكثر من معنى، والأعجب أنه على الرغم من غياب ممثلي المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي والناصريين، فإن الجهاز الإداري لمؤتمر الحوار ظل يعلن عن توقيع جميع المكونات، وظهر بعض الحاضرين وهم يقومون بتقبيل الرؤوس، وتأكد ضعف الكادر الإداري للمؤتمر سياسيا وقانونيا. الحزب الوحيد الذي كان صادقا مع توجهاته هو «المؤتمر الشعبي العام»، الذي تمسك بتحفظاته، واستعان بواحد من أهم المستشارين العرب في القانون الدولي الذي أبدى تحفظات كثيرة، ونبه إلى ما اعتبره مكامن الخلل في نصوص الوثيقة وصياغتها الركيكة قانونيا وسياسيا، وبعد أيام، سمعنا عن تراجع الممتنعين، ولكنهم أضافوا جميعا تحفظاتهم إلى جوار توقيعاتهم.. وما يبعث على الأسى أن الحديث عن التوقيع لن يعني أكثر من إعلان النهاية السعيدة للقاءات «موفنبيك» وفض السامر، فإذا كان الأمر كذلك، فلمَ التوقيع…
الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠١٣
في مشهد عكس الحيرة والارتباك شاهد اليمنيون على شاشات التلفزيون، توقيع عدد من المشاركين في لقاءات «الموفينبيك» على ما صار يعرف بوثيقة «اتفاق حول حل عادل للقضية الجنوبية»، التي كان لزاما أن تمثل المدخل الحقيقي والواقعي للبدء في نزع ألغام الأزمة المستفحلة والشروع في بناء الدولة اليمنية الحديثة، لكنها أثارت لغطا وجدلا ساهم فيه الإعلام الرسمي الذي واصل أساليبه القديمة، وشاركه مجددا المبعوث الأممي في الإعلان عن نتائج أقل ما يقال فيها إنها كانت غير معبرة عن وقائع ما جرى، وأجزم أنه لو تم الإعلان عن الحقيقة لكان بالإمكان تدارك ومعالجة الاعتراضات على نصوصها وما تركته من آثار سلبية.. كما أجزم من دون تردد بأن نفرا من الذين قبلوا بالحضور كانوا يكررون أدوارا انتهازية، بينما آخرون كانوا يواصلون ممارسة ما اعتادوه في كل حكم كان لهم فيه نصيب، ويقينا أن آخرين شاركوا تحت تأثير الإغراء والإغواء، والنتيجة الجلية هي أن المشهد جعل البلاد في مواجهة أزمة سياسية خانقة فر منها المبعوث الأممي بعد أن كرر مغالطات غير لائقة بممثل منظمة تعنى بالأمن والسلم العالميين. جرى المشهد تحت ضغط الوقت ورغبة عدد من السفراء الغربيين الانتهاء من ماراثون الحوار، وعدم وجود تمويل كاف لنفقات المشاركين ومن ضمنهم المبعوث الأممي وفريقه والخبراء الذين استعان بهم طيلة الأشهر الماضية، وتناشد الوثيقة مجلس الأمن…
الأحد ٢٢ ديسمبر ٢٠١٣
لم يعد أحد يشك في أن لقاءات «الموفينبيك» قد أفضت إلى فشل مخيف خلال فترة قياسية، مهد الطريق بسرعة خارقة، مقرونة بعدم الكفاءة والقدرة على الابتكار، إلى دخول اليمن في المجهول، ولم تعد التصريحات المملة حول نسب النجاح والإنجاز كافية للخروج بحلول مرضية ومستديمة، ومن غير المنصف إلقاء تبعات ذلك على جهة بعينها وإنما ستختلف درجات المسؤولية وستكون الحكومة هي الأوفر حظا في النقد لعجزها عن إيجاد حلول تخفف من معاناة المواطنين، وانعدام كفاءات أغلب أعضائها وعدم قدرتهم على الارتفاع بمستوى الأداء إلى الحد الذي يمنح المواطن البسيط فرصة للأمل وللتمني أن يكون مستقبل أفضل في انتظاره، وألقى ذلك بالمسؤولية كاملة على كتفي الرئيس هادي وتركه وحيدا ليواجه جشع الوافدين الجدد والتعرض لضغوطاتهم المتوالية وتحمل الانتقادات نيابة عن خيبات الحكومة ومكوناتها الحزبية. مر العامان الماضيان من دون أن تتمكن الحكومة من إنجاز أي من المهام التي كلفت بها واكتفت بإصدار البيانات التي تحيل كل سوء إلى من سبقوها، وأكثرت من التوسل والشكوى والبكاء كما لو كانت غير مسؤولة عما يجري من تفسخ لسلطات الدولة على الأرض، وأثبتت أن تركيبتها العجيبة لا يجمع بينها إلا كل تناقض واختلاف وعدم انسجام.. لقد كانت أولى مهام هذه الحكومة هي تحقيق اختراق نفسي في جنوب اليمن، وكان ذلك هو الهدف والغرض من الحوار الوطني…
الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠١٣
كان الهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة عشرات المواطنين والأجانب داخل مستشفى تابع لوزارة الدفاع، مثيرا للاشمئزاز.. عملية أقل توصيف لها هو المجزرة، إذ إن القتلة استخدموا أسلحتهم وأطلقوها على كل من تصادف وجوده في طريقهم، وهذا يدل على أن الهدف الأساسي للعملية هو إثارة الرعب وحصد أكبر عدد ممكن من البشر، وكان عرض الأشرطة التي التقطتها الكاميرات الداخلية للمستشفى غاية في البشاعة وما كان مناسبا إذاعتها احتراما للقتلى وأسرهم، وحرصا على مشاعر المواطنين. لم يكن الأسلوب الذي اتبعه القتلة مغايرا لما احترفته هذه الجماعات الإرهابية، من قتل بدم بارد ودون وجل أو رادع من دين يزعمون انتماءهم له، وهي التي تمثل جزءا أصيلا نشأ وترعرع تحت عباءة الحركات الجهادية التي نشأت في أفغانستان، ثم تشرذمت وصارت تسري في جسد كل بلد عربي بأنماط مفزعة لا يمكن الاكتفاء بالتنديد بها وإصدار البيانات لاستنكار بشاعتها، كما أنه يجب ألا يتوهم أحد بأنه سينجو من آثارها ما لم تتكاتف الجهود ويتعاون الجميع لانتشال اليمن من الهاوية السحيقة التي أوقعها فيها ساسته بتهافتهم على تمزيق أوصاله ونهب ثرواته، وانشغالهم حاليا في صغائر الأمور التي لا تسمن المواطن ولن تغنيه من جوعه، وأرجو أن يكون هذا الفعل الإرهابي البشع ناقوسا مدويا لدى كل جيران اليمن ويدفعهم إلى الانغماس الإيجابي في شأنه، وألا يتركوه بيد مبعوث…
الأحد ٠٨ ديسمبر ٢٠١٣
جاء حادث الاعتداء الجنوني على وزارة الدفاع، أهم مؤسسة أمنية في البلاد، دليل رخوة في الاستعداد، في وقت يعلم فيه الجميع مدى تغلغل العناصر الإرهابية في مفاصل المؤسسات المعنية بأمن الوطن، وكذا التهديدات من أطراف مسلحة كثيرة تريد إثبات وجودها، ولم يعد من المفيد بل صار معيبا استنساخ البيانات المثيرة للسخرية للحديث عن المؤامرة واستخدام مفردات الإدانة والتهديد باليد الحديدية.. هذه المرة تمت إضافة جديدة هي التلميح بأن هذه العمليات تهدف إلى عرقلة ما يجري في الـ«موفنبيك». محاولة اقتحام وزارة الدفاع تأتي بعد أيام من اغتيال عبد الكريم جدبان، أحد قادة الحوثيين، أمام بوابة مسجد بعد صلاة العشاء، ثم اغتيال خبير عسكري روسي في وضح النهار، وقبل أشهر محاولة اقتحام مبنى الأمن القومي ومحاصرته، وقبلها حادثة اقتحام المعسكرات في شبوة وحضرموت. ومن المعيب أن التحقيقات فيها جميعا لم تصل إلى نتيجة مفيدة ولا إلى تغيير في أسلوب إدارة العملية الأمنية. فهل نحن أمام عمليات اغتيال واعتداءات على المؤسسات الأمنية لإحداث فراغ كامل يستطيعون من خلاله السيطرة على العاصمة لينطلقوا منها لتحقيق أهداف لن تزيد عن إثارة الرعب والفوضى؟ العملية الأخيرة تذكرني بحادثة اقتحام الكلية الفنية العسكرية منتصف السبعينات، والتي تزعمها شكري مصطفى، ولعلها تحمل نفس بصماتها وأسلوبها. لا يتوقع أحد من الحكومة أن تقدم أكثر من بيان هزيل يدين ويشجب،…
الأحد ٠١ ديسمبر ٢٠١٣
عند بدء لقاءات فندق «الموفينبيك»، شرق العاصمة صنعاء، في 18 مارس (آذار) 2013، تمنى اليمنيون أن تكون إيذانا لانطلاق نحو تسويات تاريخية تعيد اليمن إلى مربع الهدوء النفسي والسلم الاجتماعي والاستقرار الأمني، ولم تكن التمنيات مبنية على أكثر من الرغبة في الخروج من دائرة الإحباط الذي اجتاح الجميع دونما استثناء إلا من رحم ربي، وتعلق هؤلاء بقشة المبعوث الأممي الذي واجه اتهامات بأن حالة من الغرور انتابته وبلغت حد تسفيهه كل من وجه إليه نقدا عن أداء تهاوت قيمته وخف بريقه يوما بعد يوم، وتسبب هذا في أن أصبح عرضة لهجوم لاذع من الشباب غير المؤطر حزبيا، ومن كل من بدأت أحلامهم تتحول إلى روايات لا تحتمل التأويل لاختلاط غثها بسمينها، وكان يستعين على الجميع بعصا مجلس الأمن الذي فرض وصايته الكاملة على اليمن. يوم الأربعاء الماضي أعلن السيد محمد علي أحمد رئيس ما عرف بفريق «الحراك الجنوبي» الانسحاب نهائيا من «الموفينبيك»، مستبقا بيان مجلس الأمن الذي عقد في نفس اليوم مع فارق التوقيت الزمني بين صنعاء ونيويورك، وبرر ذلك بتدخلات في أعمال الفريق وخلق انشقاقات داخله ووجه الاتهام إلى المبعوث الأممي والفريق اليمني المناط به الأعمال الإدارية لتواطؤهم بحسب ما جاء في تصريحاته، وإذا صح ذلك فمن العسير معرفة الجهات والأسماء التي لمح مبعوث الأمين العام إلى أنه قدمها…