سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

الاعتراف بالمشكلة بداية الحل..

الأربعاء ١٨ أبريل ٢٠١٨

لم أتخيل حجم معاناة قطاعات الأعمال من ارتفاع الكُلفة إلى أن جاءتني الردود التي لم تتوقف على المقالات السابقة، التي تحدثت فيها عن ارتفاع كُلفة الأعمال والرسوم في الآونة الأخيرة، فالردود والتعليقات والاتصالات شملت، ومن دون مبالغة، معظم القطاعات، الجميع لديه ملاحظات، والجميع يعاني، ولا فرق هُنا بين شركات كبيرة أو متوسطة أو صغيرة، كلها تأثرت سلباً بمبالغة الدوائر في رفع الرسوم، وكلها تضرّرت بسبب ارتفاع كُلفة ممارسة الأعمال والإجراءات. شركات استيراد وتصدير، قطاع المحاماة، قطاع مشاريع الشباب، قطاع الذهب، الإنشاءات والمقاولات، المطاعم والمطابخ الصغيرة والمتوسطة، المعارض والمؤتمرات التي يديرها ويملكها رجال أعمال شباب، هؤلاء وغيرهم، يعانون ويئنّون، وجميعهم لديهم ملفات عن أمثلة وأدلة على ارتفاع الرسوم بطريقة غير مبررة وغير معقولة، ولديهم أدلة على صعوبة ممارسة الأعمال مع ارتفاع الكلفة بشكل كبير، لكنهم جميعاً متفائلون بتدخل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهم واثقون بأن سموه سيُعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي والمعقول، وجميعهم مؤمنون بأن تدخله سينعكس إيجاباً، دون شك، على قطاع الأعمال بشكل عام! بالتأكيد ليست زيادة الرسوم هي وحدها التي أضرت الاقتصاد، وزادت الكُلفة على المستثمرين والمستهلكين، هي سبب من مجموعة أسباب، فالعملية كلها مترابطة، وهي سلسلة يجرّ بعضها بعضاً، كلما تحركت إحدى حلقاتها صعوداً حرّكت بقية القطاعات، ما يجعل الأمر يتضاعف في النهاية على…

دبي لم تفقد بريقها.. شريطة الالتفات إلى الملاحظات

الأحد ١٥ أبريل ٢٠١٨

دبي لا تنقصها الجاذبية، وهي مازالت نقطة استراتيجية حيوية ومهمة على خريطة العالم الاقتصادية والسياحية، وهي واحدة من أفضل مدن العالم في الخدمات العامة واللوجستية التي يحتاجها المستثمرون والتجار والشركات العالمية الضخمة، كما أنها الأفضل على الإطلاق في البنية التحتية، لذا فإنها لا تحتاج إلا لبعض القرارات التحفيزية، لتدعيم موقعها ومكانتها، وتستمر في تفوقها، فهي مازالت تمتلك البريق والجاذبية، والقدرة على الاستقطاب، شريطة الالتفات سريعاً إلى الملاحظات التي قد تؤثر فيها مستقبلاً. ارتفاع كلفة الأعمال في الآونة الأخيرة، هو السبب المباشر الذي أثر سلباً في اقتصاد دبي، كل الدراسات والمعلومات الميدانية تؤكد ذلك، وهذا ما ناقشه المجلس الاستراتيجي في دبي، خلال اجتماع عقده قبل أسابيع ليست بطويلة، لذلك فدبي لا تحتاج إلا لبحث أسباب هذا الارتفاع، والعمل على تخفيضها وإرجاعها إلى المستوى المناسب المقبول من المستثمرين والشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وحثّ الدوائر والمؤسسات الحكومية على استعادة دورها الخدمي، بدلاً من الدخول منافساً للقطاع الخاص، في محاولة تحقيق الأرباح! تَنافُس الدوائر المحموم في فرض الرسوم بطريقة منفّرة، هو السبب المباشر لخروج كثير من المستثمرين من السوق المحلية، هذا ليس تجنياً على أحد، كما أنه ليس سرّاً، فصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، اتخذ قراراً بوقف زيادة جميع أنواع الرسوم الحكومية خلال السنوات الثلاث المقبلة، وسموّه لم يفعل ذلك إلا…

ازدواجية المعارض.. مضيعة للمال والجهد..

الخميس ١٢ أبريل ٢٠١٨

ليس انتقاصاً من جهود أحد، ولا هو تقليل من فكر أحد، ومع احترامي لكل الأفكار التي يُقصد بها تطوير العمل والأداء، سواء اختلفنا أو اتفقنا معها، فإن فكرة إقامة معرض متخصص لعرض إنجازات دوائر حكومة دبي فيها شيء من المبالغة، فدبي تعودت أن تترك العالم يتحدث عن إنجازاتها، لا أن تستعرض الدوائر إنجازاتها بين بعضها البعض، تحت سقف واحد! ثلاثة أيام، ومئات الموظفين، وعشرات المسؤولين الكبار في دوائر حكومة دبي بعيداً عن مكاتبهم، وبعيداً عن مهامهم التي ينجزون فيها معاملات الناس، يتجولون بين أجنحة المعرض، ويطلعون على خدمات وأجهزة يعرفونها تماماً، وسبق أن رأوها وتعاملوا معها، ويملكون معلومات كاملة عن طريقة عملها، فهي ذاتها عرضت في جوائز وندوات برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز، وهي ذاتها عُرضت أو ستعرض في معرض جيتكس، والحقيقة التي يعرفها كل من زار المعرض أن لا جديد يمكن إضافته! جميل أن تشارك دوائر دبي في معارض ومناسبات عالمية متخصصة خارج الدولة، تعرض فيها إنجازاتها، وتستفيد من إنجازات الآخرين، لكن أن تشارك الدوائر جنباً إلى جنب في معرض محلي خاص بها مع قليل من الأجنحة الخارجية الصغيرة، فإن ذلك لن يفيدها بقدر ما يُرهق ميزانياتها بتكاليف ومبالغ إضافية كان يمكن الاستفادة منها في أمور أخرى! لا نختلف أبداً على ضرورة تبادل الخبرات، ولسنا أبداً ضد أن تتعلم…

«جيتكس» ومعرض الإنجازات.. أيهما نريد؟

الأربعاء ١١ أبريل ٢٠١٨

أحترم ذلك الرأي، الذي يرى ضرورة عرض الإنجازات الحكومية لدوائر حكومة دبي في معرضٍ سنوي كبير، وأحترم وجهة نظرهم القائمة على أهمية وجود هذا المعرض الحكومي المطعّم بمشاركات حكومية من خارج الدولة، لعرض أهم المنجزات، التي حققتها الدوائر في مجال الخدمات الإلكترونية والذكية. لا خلاف في ذلك، لكن إن كان هناك خلاف، فالأمر يرجع إلى وجود ازدواجية وتشابه كبير، بين هذا المعرض ومعارض أخرى تشارك فيها الدوائر الحكومية في دبي أيضاً، وبالأفكار والخدمات ذاتها تقريباً، كمعرض «جيتكس» الشهير، الذي يضم قاعة كبيرة مخصصة لعرض الإنجازات التقنية الحكومية، وتشارك فيها الدوائر ذاتها المشاركة في معرض الإنجازات، وهذه الازدواجية، بلاشك، تعني خسائر مالية مباشرة، تتكبدها الدوائر من خلال بناء وتشييد الأجنحة وتشغيلها لمدة ثلاثة أيام، وخسائر أخرى غير مباشرة، بسبب وجود المديرين، وعدد كبير من الموظفين، خارج مقار دوائرهم، طوال فترة المعرضين! التكرار هُنا لن يكون مفيداً على الإطلاق، وما تعرضه الدوائر في معرض الإنجازات، سبق أن عرضته في «جيتكس»، أو ستعرضه لاحقاً، والعكس أيضاً صحيح، فلا جديد يعرض بين المعرضين، ما يعني ضرورة اتخاذ قرار بالمفاضلة بين المعرضين، والإبقاء على مشاركة واحدة للدوائر المحلية، فإما أن تكون جزءاً من «جيتكس»، أو تكون ضمن معرض الإنجازات الخاص بها وحدها! الأموال المنفقة لمشاركة الدوائر كافة مجتمعة في المعرضين ليست قليلة، خصوصاً أن هناك…

حقيقة ما حدث في «جميرا»..

الإثنين ٠٩ أبريل ٢٠١٨

شخصياً لا أعرف من هو جوسيه سيلفا، ولا أريد الدفاع عنه، ولن أدافع عنه يوماً، بل سأكون أول المنتقدين له، والمطالبين بإقالته، وإبعاده عن البلد دون رجعة، إن كان فعلاً أنهى خدمات مديرين مواطنين من «مجموعة جميرا»، تلك الشركة الوطنية الشهيرة، وسأطالب بزجه في السجن قبل ترحيله بتهمة العنصرية وازدراء المواطنين، إن كان هو القائل إن الموظف المواطن لا يتناسب مع طموحاته بوصول الشركة إلى العالمية، لا نريد سوى الحقيقة، وهل فعلاً هذا ما حصل؟ وهل قام جوسيه بإنهاء خدمات عدد من المواطنين في الشركة؟! منطقياً هناك كثير من المبالغة في الرسالة التي انتشرت بين الناس على مختلف مواقع التواصل، ومن كتبها يعرف تماماً كيف يهيِّج مشاعر بعض المواطنين، وكيف يستميلهم، ويكسب تعاطفهم، فطعّم رسالته بكثير من المفردات المستفزة للمواطنين، التي جعلتهم يلغون جانباً من التفكير العقلاني، وينطلقون وراء العاطفة والحمية والغيرة، ويستعجلون في إعادة نشرها، رغبة منهم في المساعدة لا الإساءة، وهذا شعور طبيعي راود كل من قرأ الرسالة، فلا أحد يمكن أن يقبل إهانة مواطن، أو إقالته دون سبب، ولا أحد يقبل وجود هذا النوع من المديرين، مهما كانت جنسيته، لكن لا أحد من الذين أعادوا الإرسال أو نشروا تلك الرسالة حاول التأكد قبل نشرها، فتحولت رغبة المساعدة إلى إساءة في حق الشركة الوطنية، ومسؤوليها المواطنين الذين يعملون…

هل مازالت منطقة الرأس عصب التجارة التقليدية؟

الأحد ٠٨ أبريل ٢٠١٨

شهدت إمارة دبي خلال الثلاثة عقود الماضية، تطورات اقتصادية جذرية، فأصبحت مركزاً تجارياً مهماً، كما أصبح اقتصادها أكثر نشاطاً وتنوعاً، وتتمتع دبي بموقع استراتيجي متميز، وتعتبر من أكبر مراكز إعادة التصدير في الوطن العربي والشرق الأوسط، وذلك بفضل موقعها الجغرافي، وشُهرتها التاريخية، وخدماتها الراقية، وبُنيتها التحتية المتطورة. ولا يخفى على أحد أن خور دبي، والأسواق التجارية القديمة في منطقة «الرأس» وما حولها، شكلت نقطة انطلاقة لحركة إعادة التصدير، وهي عصب التجارة التقليدية، عبر السفن الخشبية، التي أسهمت في إنعاش تجارة دبي منذ سنوات، وزيادة إعادة التصدير لأسواق إفريقيا وآسيا وكثير من دول العالم، ما جعل الإمارة تشتهر بتقاليدها العريقة والراسخة في التجارة والنشاط البحري، وقد كانت معروفة منذ فترة طويلة بأنها المحور التجاري والرئيس في الشرق الأوسط. وفي الوقت ذاته، فإن منطقة الرأس بما تحويه من أسواق تراثية قديمة، أعادت دبي ترميمها وإحياءها ضمن مشروعات مميزة في السنوات الماضية، تحولت إلى مواقع سياحية، يقصدها الزوار والسياح من كل مكان، وتنفرد هذه المنطقة عن غيرها من مناطق دبي التجارية، كونها تجمع بين المتعة والتنزه والشراء في آن واحد، لأن الكثير من الناس، لاسيما الأجانب، يأتون إلى السوق بهدف التعرف إلى التراث والمناطق التي مازالت تتمتع بالطابع القديم، ثم تأتي بعد ذلك عملية الشراء، بجانب الزبون القديم الذي تعوّد شراء احتياجاته من…

إعلام المستقبل

الأربعاء ٠٤ أبريل ٢٠١٨

هناك دروس كثيرة مستفادة من حادثة المذيع يعقوب العوضي، مع المواطن علي محمد المزروعي، على إذاعة «الرابعة والناس»، وبما أنها زامنت منتدى الإعلام العربي، الذي انطلق في دبي، أمس، بحضور كوكبة مميزة من أفضل الإعلاميين على مستوى الوطن العربي، كان لابد للاستشهاد بها من زاوية التحولات الإعلامية المؤثرة، وهذا بالمناسبة عنوان المنتدى لهذا العام. المعادلة الإعلامية تغيرت، فلم تعد، كما كانت، مُرسلاً ومُستقبلاً ومتلقياً، بل أصبح هناك طرف رابع في المعادلة، هذا الطرف هو الجمهور بتفاعله مع المادة، أو المحتوى، أو الرسالة، التي يبثها المُرسل، هذا التفاعل أصبح أكثر تأثيراً، وقدرة على التغيير مما يعتقد المرسل أو الوسيلة الإعلامية، وهذا التأثير هو الذي قلب الطاولة على مذيع يتحدث في إذاعة بطريقة غير مناسبة مع مواطن، وتحول إلى ردود فعل وتفاعل، بعيداً عن الإذاعة، وتترجم إلى قرارات وردة فعل حكومية رسمية! وهذا في حد ذاته أحد أهم وأقوى التحولات الإعلامية المؤثرة، فهناك أهمية بالغة لرصد توجهات المتلقي وآرائه ومتطلباته، ومن لا يأخذ بعين الاعتبار أهمية اجتذاب أكبر عدد من المتلقين، سيجد نفسه خارج المنافسة والتأثير، والمعادلة القديمة القائمة على ثلاثة أطراف، هي: المرسل والمستقبل والرسالة، انتهت حتماً، وأصبح عنصر المشاركة والتفاعل المحور الأساسي لنجاح الإعلام، لأن المتلقي لم يعد يكتفي بهذا الدور! لعلنا، ونحن نتفحّص عنوان منتدى الإعلام لهذا العام، بوجود…

ظاهرة سلبية تستحق التدخل الحكومي..

الخميس ٢٩ مارس ٢٠١٨

بالتأكيد ما فعله الإماراتي عبدالله الحوسني، في العاصمة البريطانية لندن، هو عمل شجاع بكل معنى الكلمة، فلقد استطاع بمفرده، ومن داخل سيارته، أن يقبض ويسيطر على ذلك المعتدي، الذي تعمد تشويه السيارات الخليجية دون مبرر، ولم يستطع ذلك المعتدي التخلص من قبضة الحوسني، رغم ضرباته ومحاولاته العنيفة والقوية، فخارت قواه، ولم يستطع التصرف، بل بدأ في التوسل إليه كي يتركه، إلى حين وصول الشرطة، لتلقي القبض عليه، ويذهب لمواجهة مصيره في أحد سجون بريطانيا! وبعيداً عن شجاعة الحوسني وحُسن تصرفه، ومهما كانت دوافع ذلك الشخص العابث الحاقد العنصري لتشويه السيارات، لابد هُنا من وقفة متجددة مع تلك الظاهرة القديمة المتجددة أيضاً، ظاهرة شحن السيارات الفارهة من الإمارات لاستخدامها في لندن، أو غيرها من المدن الأوروبية الشهيرة. فهذه الظاهرة، وهذه السيارات الفارهة، وبلوحاتنا الإماراتية، تجعلنا عُرضة للاستهداف بشكل عام، والاستهداف هُنا له أسباب وأشكال كثيرة، فقد يكون بغرض السرقة، أو لهدف عُنصري، أو حتى بسبب الحقد والغيرة والحسد والكراهية، فما الذي يجبرنا كي نُساعد كل حاقد أو لص أو معتوه على أن نكون هدفاً مُعلناً وواضحاً له، بتصرفاتنا غير المنطقية! الخليجيون ليسوا وحدهم أثرياء العالم، وهناك شعوب تمتلك ثروات لا تقل عنهم، بل أحياناً أكثر منهم بكثير، وهناك نحو 33 مليون شخص بالغ في العالم يحوز كل منهم ما يراوح بين…

بعد ثلاث سنوات من الحرب..

الأربعاء ٢٨ مارس ٢٠١٨

لا أعتقد أن هناك من يجهل سبب التدخل العسكري لقوات التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، ومشاركة قوات الإمارات في اليمن، فبعد ثلاث سنوات من الحرب أصبحت الأمور أكثر وضوحاً، والسؤال الذي يجب أن نطرحه اليوم، يجب ألا يكون: «لماذا تدخلت قوات التحالف في اليمن»؟ بل يجب أن يكون: «كيف كان من الممكن أن يكون الوضع الآن لو لم تتدخل السعودية والإمارات عسكرياً في اليمن»؟! قوات التحالف العربي ذهبت إلى اليمن، لتحقيق أهداف استراتيجية محددة ومعروفة، وها هي تقترب من إنجاز مهمتها، وتحقيق هذه الأهداف، فالشرعية في اليمن استعادت هيبتها وكيانها الذي كاد يقضي عليه الحوثيون، واستطاع التحالف تثبيت الشرعية وإعادة السيطرة على 85% من الأراضي اليمنية، كما حال دون انتشار وتحكم جماعة الحوثي، التي تديرها وتمولها إيران في أرجاء اليمن كافة، على غرار «حزب الله» اللبناني، ولو اكتملت سيطرتها على اليمن، فلاشك في أنها ستشكل تهديدات أمنية كبيرة للمنطقة، فهل كان يتخيل أحد حجم هذه التهديدات لو حسم الحوثيون الأمر، وسيطروا على كامل الأراضي اليمنية المتاخمة للسعودية وعمان والقريبة من الإمارات، وهم يمتلكون ترسانة صواريخ وأسلحة إيرانية؟! بكل وضوح.. التحالف كبح جماح التهديد الإيراني للأمن الإقليمي، ومنع العدوان على شبه الجزيرة العربية، وأفشل طموح إيران التوسعي والعدواني في المنطقة، وفي الوقت ذاته منع إنشاء شبه دولة يديرها تنظيم «القاعدة»…

حوكمة المصارف.. مرة أخرى

الأربعاء ٢١ مارس ٢٠١٨

عملياً لا يستطيع أي موظف أن يطلب راتبه نقداً، ولا يستطيع أي شخص أن يحوّل مبالغ نقدية دون وجود بنك أو مصرف، والناس هُنا كما هي الحال في معظم بلدان العالم، لا يملكون خياراً في عدم اختيار بنك ليتعاملوا معه، فالأنظمة والقوانين تُحتم عليهم ذلك، وهذا يعني أن البنوك تُحقق دخلاً وربحاً مُحققاً من تعاملات الجمهور، دون أي مجهود يُذكر من الموظفين أو كبار التنفيذيين أو أعضاء مجلس الإدارة! ومع ذلك فهذا لا يعني التقليل من عمل البنوك، ولا يلغي أهميتها، ولا ضرورتها الاقتصادية، بقدر ما يعني ضرورة لفت انتباهها إلى ذلك، لمراعاة أمرين: عدم المبالغة في فرض رسوم الخدمات على المتعاملين، وعدم المبالغة في توزيع الأرباح والمكافآت والمزايا لأعضاء مجالس الإدارات وكبار المديرين التنفيذيين، وهذا هو الأهم، فلا مبرر على الإطلاق لأن يصل هذا البند في الإمارات إلى 738 مليون درهم لـ17 بنكاً فقط هذا العام، مع العلم بأن هذا الرقم يعد الأكبر في تاريخ القطاع المصرفي بالإمارات! لا مبرر لأن تظل البنوك خارج نظام الحوكمة، ولا مبرر لترك أمر الأرباح في يد مجلس الإدارة، يوزعها كيف شاء، وبأي نسبة كانت، فهذه الأموال هي في النهاية أموال المساهمين، ويدفعها المتعاملون سواء طوعاً أو كراهية، كرسوم على خدمات البنوك أو فوائد اقتراض من جيبوهم، لذا فإن المعادلة يجب أن تتغير،…

738 مليون درهم مكافآت!

الخميس ١٥ مارس ٢٠١٨

منحت البنوك الوطنية أعضاء مجالس إداراتها وكبار التنفيذيين فيها، البالغ عددهم 360 عضواً ومديراً تنفيذياً، مكافآت ورواتب وتعويضات بلغت قيمتها 738 مليون درهم، هذا الرقم ليس محض تخمين بل من واقع البيانات السنوية لـ17 بنكاً مدرجة في سوقَي دبي المالي وأبوظبي للأوراق المالية، من أصل 19 بنكاً، ومع ذلك غضب رئيس مجلس إدارة أحد هذه البنوك من نشرها في «الإمارات اليوم»، وقال: «كيف تنشرون أرقاماً لم يتم الإفصاح عنها من قبل البنك»! هذا السؤال في حد ذاته غريب جداً، ويثير الاستغراب، فالتقرير السنوي الخاص بهذا البنك وغيره، منشور على موقع سوق أبوظبي للأوراق المالية، وأرقام البنود المذكور فيها الأرقام بالتفصيل، فإن كان الرئيس لا يعرف ذلك فتلك كارثة، وإن كان يعرف ولا يريد أحداً أن يطلع عليها فإنه بذلك يريد إخفاء معلومة واضحة، فهل لنا أن نعرف لماذا القلق من ظهور هذه الأرقام في صحيفة مادامت منشورة رسمياً من قبل هيئة رسمية؟ ولماذا يريد هذا الرئيس إخفاءها؟! بداية لابد أن يعرف الجميع أنه لا يمكن لصحيفة أو لصحافي أن يتجرأ على تأليف أرقام مالية، ونسبها لجهة بحجم بنك مدرج في أسواق المال، وإذا كان أعضاء مجالس الإدارة لا يعلمون ما كتب في ميزانيات بنوكهم فهذه أيضاً مصيبة، وإذا كانوا يعلمون ويفضلون إخفاءها وعدم نشرها للعامة فالمصيبة أكبر، لسبب رئيس، هو…

الاستراتيجيات نهج وليست تغيير مسميات!

الثلاثاء ١٣ مارس ٢٠١٨

جميل أن تواكب الوزارات والمؤسسات الاتحادية والدوائر المحلية توجهات الحكومة، وجميل جداً أن تسعى جميعاً إلى وضع خطط تشغيلية سريعة تدعم وتتكامل وتتماشى مع استراتيجيات الدولة وخططها المستقبلية، لكن الأجمل من ذلك أن تسعى هذه الوزارات والمؤسسات الحكومية الاتحادية والمحلية، بشكل سريع وملموس، لتحويل هذه الاستراتيجيات العامة إلى برامج فعلية واقعية في الميدان، بحيث تكون خطط التشغيل عملية بدلاً من التركيز على الشعارات والشكليات، بهدف التسويق فقط لا غير! بالتأكيد ليس الجميع سواسية في هذا الشأن، لكن هناك ملاحظات عامة بدأت تتشكّل من واقع التنفيذ الميداني في كثير من المؤسسات والدوائر، حيث بدأ عدد منها يهتم بالشكل العام، والمسميات، والمبادرات الشكلية أكثر من الاهتمام بتحويل الاستراتيجيات إلى سياسات وخطط قابلة للتنفيذ، فالتحولات الإلكترونية والذكية، والسعادة والابتكار والذكاء الاصطناعي، هي استراتيجيات عامة وضعتها الحكومة في مراحل زمنية مختلفة، ومواكبتها لا تعني تغيير مسميات الإدارات الموجودة فقط، من دون تطبيق هذه السياسات ميدانياً، والاستفادة منها فعلياً لتحسين الخدمات والجودة وتطوير العنصر البشري وتحسين الموارد. أقسام وإدارات العلاقات العامة والموارد البشرية، على سبيل المثال، هي وحدات إدارية قديمة موجودة في معظم، إن لم نقل جميع، الوزارات والمؤسسات والدوائر المحلية، لذا من الغريب أن يلجأ بعض هذه المؤسسات إلى تغيير مسميات هذه الأقسام والإدارات بشكل مستمر في كل مرة تستحدث الحكومة استراتيجية جديدة، والأغرب…