كاتب سعودي
عندما يؤكد تقرير صندوق النقد الدولي حول أسعار السلع الأساسية لشهر يونيو 2013 انخفاض أسعار الأطعمة بنسبة 3% خلال الفترة من ديسمبر 2012 إلى يونيو 2013 بينما سجلت سوقنا المحلية ارتفاعا لأسعارها من 4% في سبتمبر 2012 إلى 6,4 % في يونيو 2013 فإن هذا يؤكد وجود خلل كبير يمنع هذه السوق من الاستجابة لتطورات الأسعار في الأسواق العالمية، وقبل أن نجهد أذهاننا بالتفكير في أسباب هذا الخلل فإن خبيرا اقتصاديا يوضح لنا أهمها وأخطرها، ألا وهو « الاحتكار».
هذه المفردة القبيحة وغير الإنسانية واللاأخلاقية في معناها العام هي التي تجعل شكوى الناس المستمرة من الغلاء لا صدى لها، وهي التي تجعلهم يشعرون باليأس من إمكانية إنقاذهم من هذه المحرقة المستمرة. تخيلوا يا سكان المملكة جميعا أن ثلاثين تاجرا فقط يحتكرون 45% من السلع الرئيسية في السوق، وأن منهم من يمتلك أكثر من 35 ألف وكالة حصرية بحسب تصريح رئيس المركز السعودي للدراسات والأبحاث ناصر القرعاوي لصحيفة الشرق يوم الأحد 12 رمضان، والذي وصف فيه المواد الغذائية بالسرطان المستمر الذي لم تستطع وزارة التجارة مكافحته لأن الاحتكار فيه واضح سواء ما يتعلق بالسلع المستوردة أو المنتجة محليا، رغم صدور نظام لمكافحة الاحتكار ومنعه.
إن الاحتكار بهذا الشكل البشع يشكل وضعا يهدد المجتمع عندما يصبح أسيرا لعدد محدود من التجار يتحكمون في أمنه الغذائي ويستنزفون دخله ويتلاعبون به كما يشاؤون، ولا ينشأ الاحتكار ويستمر إلا بنفوذ رأس المال الذي يعطل صدور أنظمة تمنعه أو يعطل تطبيقها إذا صدرت. التكتلات الشرسة لرأس المال وسيطرتها على السوق الاستهلاكية خطر كبير بكل أبعاده الاقتصادية والاجتماعية وحتى الأمنية، فضلا عن كونها تجسيدا لاختلال العدالة عندما تغيب فرصة التنافسية وإتاحة الفرص للآخرين.
وقد ضرب القرعاوي مثلا فاضحا على سطوة وجبروت المحتكرين عندما قال إنه «حينما انخفضت أسعار السيارات في العالم بعد الأزمة المالية العالمية اجتمع بعض تجار السيارات تحت مظلة غرفة جدة وبعلم من وزارة التجارة، وتم إصدار خطاب تضامني برفع الأسعار بدلا من تخفيضها»، فهل بعد هذا توجد أي جدوى من صرخات الاستغاثة بوزارة التجارة أو غيرها؟
إن الأمر يحتاج إلى تدخل حاسم لإنهاء هذا الحصار الظالم الذي يمارسه أفراد بحق شعب كامل.
المصدر: عكاظ