أطلقت مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة «إياست» برنامج الأنظمة الجوية المتقدمة، الذي يهدف لتطوير القدرات الإماراتية في مجال تصميم وتصنيع وتشغيل الأنظمة الجوية، ويعتبر نظام هابس أول مشاريع البرنامج، الذي تم تطويره بالشراكة مع «إيرباص دي أس»، وبكوادر إماراتية، ويقوم النظام الجديد على إطلاق طائرة تعمل على الطاقة الشمسية، وتستطيع التحليق على ارتفاع عال لتوفير التغطية المستمرة لمجموعة كبيرة من التطبيقات وتقدم العديد من خدمات الملاحة الجوية للهيئات، حيث تعمل الطائرة على توفير مجموعة كبيرة من الصور عالية الدقة، لتكون بذلك الطائرة الأولى في المنطقة القادرة على تقديم خدمات متنوعة وبارتفاع عال.
وقال يوسف الشيباني، المدير العام لـ«مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة»: «يعد هذا المشروع إنجازاً جديداً يُضاف إلى مسيرة المؤسسة في نشر ثقافة البحوث التطبيقية والتطوير التطبيقي المدفوع بالتقنيات المتقدمة والابتكار، ومن هذا المنطلق، إنّنا ندرك أهمية تطوير منصة عالمية المستوى في المجال التقني بما يتماشى مع تحقيق «رؤية الإمارات 2021» الهادفة إلى بناء اقتصاد معرفي تنافسي، وتهدف البرامج التي تطلقها «إياست» إلى توفير الخبرات الهندسية في تصميم وتصنيع وتشغيل أنظمة جوية وفضائية مختلفة من شأنها أن تعود بالنفع على الدولة».
وأضاف الشيباني: «نتقدم بجزيل الشكر لكل من تعاون معنا من هيئات ومؤسسات محلية في مختلف مراحل المشروع عبر توفير كل الاحتياجات الخارجية اللازمة لإجراء الاختبار، وهم بالنسبة لنا شركاء في تحقيق هذا الإنجاز».
تطبيقات
وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته المؤسسة تحدثت سارة أميري مديرة برنامج الأنظمة الجوية المتقدمة عن أبرز التقنيات المستخدمة في النظام الجديد، حيث قالت إنه ومن خلال تصاميم متقدمة وأجهزة وأنظمة متطورة، أثبت نظام «هابس» قدرته على التحليق لمدة تتجاوز الأسبوعين أي عشر مرات أكثر من أي طائرة من دون طيار، ويجمع نظام «هابس» بين خصائص الأقمار الصناعية، من حيث الارتفاع والتطبيقات وخصائص الطائرات من ناحية إعادة الاستعمال والتغطية.
ويستطيع النظام بحسب سارة أميري التحليق في طبقة الستراتوسفير من الغلاف الجوي على ارتفاع 65600 قدم، أي ما يعادل 20 كم، ما يجعل منه نظاماً قادراً على تغطية تطبيقات عدة، وبسبب المرونة العالية، يسهل تغيّر الحمولة الرئيسة فيه أثناء الصيانة الأرضية ليتناسب مع المهام والتطبيقات المختلفة، حيث بالإمكان، إضافة بعض الكاميرات والتطبيقات لتتناسب مع المهمة المفترض أن يقوم بها النظام الجديد.
ومن أهم التطبيقات التي سيقوم النظام بتغطيتها هي التصوير الحراري وتصوير الفيديو العالي الجودة وبإمكان النظام أن يستخدم في مراقبة أمن وسلامة المنشآت وإنشاء شبكات اتصال آمنة ومؤقتة في المناطق التي لا تتوافر فيها محطات اتصال، وبإمكان النظام الجديد أيضاً أن يسهم في العمل على تقوية أنظمة الملاحة، ومن المتوقع إطلاق الجيل الأول من الطائرة بحلول نهاية العام 2016.
وأضافت مدير برنامج الأنظمة الجوية المتقدمة أن العمل على المشروع كان من خلال فريق عمل مكون من خمسة مهندسين مواطنين يعملون في المؤسسة، وتم الاستعانة بثمانية مهندسين مواطنين من خارج المؤسسة لإنجاز المشروع وحول التكلفة الإجمالية لمراحل المشروع، وأوضحت أميري أن المؤسسة ستقوم بالإعلان عن التكلفة عند الانتهاء من جميع المراحل.
قصة البداية
وأوضحت سارة أميري أنه في مارس من هذا العام، تعاون مهندسون إماراتيون مع شركة «إيرباص دي أس» لتطوير نموذج تجريبي من نظام «هابس» استطاع التحليّق للمرة الأولى في دبي، وبحلول أغسطس، تمّ تجميع النظام واختباره في دبي استعداداً لرحلة في سبتمبر الجاري، وبعد التجميع والدمج والاختبار بلغ وزن الطائرة 34 كلغو وزُوّدت بجناحين بطول 18 متراً وعلى متنها كاميرا فيديو عالية الدقة والوضوح. وتتميز كاميرا الفيديو التي تحملها الطائرة بدقة تصوير تصل إلى 10 سم تقريباً، وذلك يعتمد على الارتفاع، كما تتمتع الكاميرا بقدرة تكبير للصورة تصل إلى 30 مرة أثناء التحليق.
وتم إطلاق الطائرة بنجاح يوم الخميس الموافق لـ 11 سبتمبر الجاري عند الساعة 6:31 صباحاً من منطقة مرغم في دبي واستمرت رحلتها لمدة 23 ساعة و47 دقيقة، وسجلت الطائرة رقماً قياسياً بارتفاعها إذ ارتفعت إلى 61500 قدم، أي ما يعادل الـ 18 كليو متراً قبل أن تعود وتهبط بنجاح في دبي يوم الجمعة 12 سبتمبر في الساعة 6:18 صباحاً، ويُعتبر هذا الارتفاع أعلى ارتفاع تصله أي طائرة في المنطقة.
المرحلة الثانية
وأما المرحلة الثانية التي سيتم إكمالها عام 2016، فستتمحور حول مشاركة المهندسين الإماراتيين في تطوير الجيل الأول من نظام «هابس»، وبمساعدة شركة «إيرباص دي أس»، وستقوم «إياست» بتصميم وتصنيع أجزاء من الجيل القادم في دبي وبالاعتماد على الكوادر الوطنية.
وعقب انتهاء المؤتمر الصحافي استعرضت أمل عبد الله أمين مهندسة أنظمة إلكترونيات جوية أبرز المراحل التي مرت بها عملية تجميع الطائرة وطبيعة عملها وأبرز الخصائص التي تتمتع بها، حيث أوضحت أمل عبد الله أن أبرز ما يميز الطائرة وزنها الخفيف وإمكانية التعديل عليها، حيث تستطيع الطائرة اليوم حمل كاميرات ومعدات لا يتعدى وزنها الـ 3 كيلو غرامات وعند الانتهاء من مرحلة تطوير النظام في العام 2016، وإطلاقه سيكون بإمكان الطائرة حمل أوزان تصل إلى 11 كيلو غراماً، وكشفت أمل أن المؤسسة تعمل حالياً على تصنيع معدات خاصة تتناسب مع الأوزان التي تستطيع الطائرة حملها.
أسهم في إنجاز المرحلة الأولى من المشروع عدد من الجهات المحلية التي تعاونت لتحقيق هذا الإنجاز ومن بينها «هيئة دبي للطيران المدني» التي نسقت مع الجهات المعنية بالمجال الجوي في الدولة لضمان جميع متطلبات المجال الجوي وللتأكد من أن التجربة لن تؤثر في حركة الطيران المدني. والجدير بالذكر أن هذه التجربة تمت بنجاح في المجال الجوي الأكثر ازدحاماً في العالم،
فضلاً عن ذلك، حرص مكتب سمو ولي عهد دبي، على تقديم مختلف أوجه الدعم بما في توفير المرافق الأساسية للنظام وتجهيزها، كما وفرت «سكاي دايف دبي» الموقع والمدرج في حين تعاونت «دبي لخدمات الملاحة الجوية» مع المؤسسة من خلال تقديم خدمات الملاحة وتوقعات حالة الطقس بما ضمن التخطيط الآمن للرحلة.
سالم المري لـ « البيان »: النظام مكمل لدبي سات والتوطين 100%
قال المهندس سالم المري مساعد المدير العام للشؤون العلمية والتقنية في مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة «إياست»: إن الطائرة الجديدة المستخدمة ستكون مكملة لدبي سات 1 و 2 وخليفة سات، حيث ستؤمن الطائرة صوراً بدقة عالية وستتمكن الطائرة الجديدة من الإضافة على الصور التي يلتقطها دبي سات 1 و2، وتعتبر الأكثر تطوراً في المنطـقة من جهة قدرتها على التحليق لارتـــفاعات عالية لا تستطيع أي طائرة الوصول إليها.
وأضاف: أن المرحلة الأولى التي كانت خلال الشهر الجاري تعتبر تجريبية وسيتم العمل بالتعاون مع شركة «إيرباص» على تطوير الطـــائرة التجريبية وسيكون هناك 15 مهندساً إماراتياً يعملون في المشروع، الذي من المتوقع الانتهاء منه خلال 2016، وهو الموعد الفعلي لإطلاق الطائرة والاستفادة من الخدمات التي تقدمها وسيكــون بإمكــان الطـــائرة التحليق بارتفاع أكثــر مـــن 65 ألـــف قدم ولفترات زمنية طويلة نوعاً ما، وأضاف المري أن عملية تطــــوير حجم الحمولة التي بإمكان الطــائرة استيـــعابها سيسهم في الاستفادة بشكل أكبر منها، حيث بالإمكان عند الانــتهاء منها أن تكون جاهزة لحــــمل محطة اتصالات أو كاميرات متطورة جداً وكاميرات فيديو متحركة.
وأضاف سالم المري: أن المؤسسة راعت عند الشروع في تصميم الطائرة أن تكون صديقة للبيئة حيث إنها تعمل على الطاقة الشمسية ولا تحدث أي ضجيج عند إقـــلاعها ولا تسبب تلوثاً في الهواء وبالتالي فــهي طائرة ذات فائدة كبيرة وصديقة للبيئة في وقت واحد، وحول الجهات الأكثر استفادة من خدمات الطائرة أوضح المري أن جهات الاتصالات والشرطة والبلدية والــطرق حيث إن الصور التي ستوفرها الطائرة ستساعد على توفير الكثير من الحلول لهذه الجهات والخدمات ستكون متاحة لكل من يرغب.
واختـــتم المري حـديثه بالتأكيد أن مؤسسة الإمارات للعـــلوم والتقنية المتـقدمة «إياســت» تعمل بكوادر مواطنة 100 % وتحرص في هذا المجال على تطوير المهندسين الإمــاراتيين ليكونوا مواكبين لآخر التطورات العالمية في مجال علوم وأبحاث الفضاء، ويعمل حالياً فريق عمل إماراتي متكامل لإطلاق القمر الصـــناعي الثالث خليفة سات خلال 2017.
تعزيز الابتكار
تعد مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة «إياست» مؤسسة عامة تابعة لحكومة دبي تأسست في العام 2006 لتشجيع الابتكار العلمي والتقدم التقني في دبي والإمارات، فضلاً عن بناء قاعدة تنافسية لتعزيز الابتكار التقني وتطوير الموارد البشرية المواطنة والارتقاء بها إلى مستويات علمية رائدة. وتقوم «إياست» بتنفيذ أبحاث رئيسة في مجال الفضاء الخارجي وتصنيع الأقمار الاصطناعية وتطوير النظم ذات الصلة وتوفير خدمات التصوير الفضائي وخدمات المحطة الأرضية والدعم للأقمار الاصطناعية الأخرى.
المصدر: البيان