طالب إعلام في كلية محمد بن راشد للإعلام في الجامعة الأمريكية في دبي
تقطيع الرؤوس، وتحطيم الآثار، و تكفير جميع من يرفض أو يعارض أفكارهم… أمثلة للتطرف الأعمى الذي نشاهده يومياً على شاشات الفضائيات، والذي بات كارثة تهدد مجتمعنا العربي والإسلامي. منذ سنوات والتطرف يهدد مستقبل الأمة الإسلامية والعربية لكي يفرض سيطرته على عقولنا وفكرنا. ويتفنن هؤلاء المتطرفون في إيجاد السبل التي يحاولون بها اجتذاب فئة الشباب إلى طريقهم، فبعدما كانوا يحاولون تحقيق مبتغاهم عن طريق استمالة الشباب من خلال الندوات والمحاضرات، أصبحوا يوظفون الوسائل التقنية الحديثة، ومن أهمها وسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمها المتطرفون للتأثير على عقول الشباب كي يعتنقوا أفكارهم وسياساتهم الإرهابية.
قبل أسابيع قليلة، نظمت الجامعة الأمريكية في دبي وكلية محمد بن راشد للإعلام ندوة خاصة عن الإعلام، استضافت فيها شخصيات إعلامية معروفة ناقشت دور الإعلام في مواجهة التطرف. تطرقت الندوة إلى قضية استغلال المتطرفين للمنصات الإعلامية لغسل عقول الشباب وتحويلهم إلى مجرمين وقتلة لا يعرفون الرحمة. وناقش كل من الشخصيات الإعلامية التي استضافتها الندوة تجربته خلال عمله في مواجهة التطرف، وأكدوا جميعاً أنهم لم ولن يسمحوا لأي شخص باستخدام منصاتهم الإعلامية للترويج للعنف والقتل.
شهدت الندوة تفاعلاً كبيراً من الطلاب مع الإعلاميين، حيث اتهم العديد من الطلاب وسائل الإعلام، وعلى الأخص القنوات الفضائية، بالتقصير في مواجهة التطرف، وقلة البرامج الإعلامية الرصينة والجادة، مقابل زيادة حصة البرامج الترفيهية التي تعود بالفائدة المادية على تلك القنوات التي تخلت عن رسالتها السامية في محاربة التطرف وترسيخ القيم الإسلامية السامية المواكبة للعصر. وأشارت إحدى الطالبات إلى ندرة البرامج الثقافية التي تسعى إلى تقديم مادة دسمة ومفيدة تساهم في تنوير وتثقيف المشاهد العربي، والارتقاء بفكره. كما تناول النقاش عرض بعض القنوات لبعض المشاهد المرئية التي تروج للأفكار الهدامة والأفعال المريضة لهولاء الذين لا يمثلون الإسلام، مثل فيديو حرق الطيار الأردني الشهيد معاذ الكساسبة، وأجمع الإعلاميون على أنه لا يجب عرض مثل هذه المشاهد التي تتعارض مع القيم الإسلامية والإنسانية، وفي الوقت ذاته تروج لتلك الأفكار الخاطئة.
كما تطرق النقاش إلى القنوات الدينية التي تساهم في انتشار التطرف في الأمة الإسلامية والعربية، بترويجها لخطاب ديني يحض على كراهية الآخر المختلف في العقيدة أو المذهب أو الديانة. وناقشت الندوة كذلك المناهج الدينية التي تروج لهذا الفكر، وأنه يجب تنقيحها وإعادة صياغتها بإشراف علماء معتدلون مشهود لهم، يساهمون في تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي تنتشر بين الشباب، مثل مفهوم “الجهاد”، التي تستغله الجماعات المتطرفة، وتفسره بشكل خاطئ لحث الشباب على الذهاب للقتال في سوريا والعراق، وغيرهما من الدول.
استمرت الندوة لأكثر من ساعتين طرحت فيها العديد من الأفكار والاقتراحات. وكان من أكثر ما استوقفني فيها ما طرحه الإعلامي الدكتور سليمان الهتلان عن أهمية وجود مادة للأخلاق في المدارس يتعلم الطالب من خلالها الأخلاق الحميدة والعادات النبيلة التي يجب أن يتحلى بها المرء ليعيش في وسط المجتمع الإنساني. وقبل أسبوع شاهدت تقريراً عرضته إحدى القنوات العربية عن المدارس في اليابان وكيف أنها أدخلت مادة “الأخلاق” ضمن المناهج الدارسية، يحث يتعلم الطالب القيم والأخلاق السامية في الصف الدراسي إلى جانب الرياضيات والعلوم واللغات وغيرها. وتمنيت في نفسي أن تبادر الدول العربية بإضافة تلك المادة لتكون أساسية ضمن المناهج الدراسية بدءاً من صفوف الروضة حتى يتعلم أطفالنا منذ بداية حياتهم الأخلاق الحسنة، لكي نتمكن من بناء جيل خالٍ من الفكر المتطرف وقادر على العيش والتعامل مع المجتمع الإنساني الواسع، ولكن بشرط أن يتحلى المدرسون أنفسهم بالأخلاق الكريمة وأن يكونوا قدوة حسنة لطلابهم.