«الدبلوماسية الثقافية».. بين إرساء الطابع السلمي والتواصل بين الشعوب وتكريس أحادية الهوية

منوعات

أقام مهرجان أبوظبي مساء أمس الأول ندوة حوارية حملت عنوان: «الثقافة والدبلوماسية»، ضمن محور «رواق الفكر – ندوات المهرجان» شارك فيها أربع من الفاعليات الثقافية التي تمكن أصحابها من جمع خبرات في مجالي الدبلوماسية والعمل الثقافي.

تحدث في الندوة على التوالي: الإسبانية بالوما أوشيا أرتينانو، مؤسس ومدير كلية الملكة صوفيا للموسيقى، في مدريد، والأميركي وليام روغ، البروفسور الزائر للدبلوماسية العامة، وأحد أساتذة مدرسة فلتشر للقانون والدبلوماسية في جامعة تافتس الأميركية، والدكتور زكي نسيبة المستشار في وزارة شؤون الرئاسة، والإنجليزي مارشال ماركوس الرئيس التنفيذي لأوركسترا الاتحاد الأوروبي للشباب التي قدمت مساء الثلاثاء الماضي أول حفل موسيقي لها في المنطقة العربية في قصر الإمارات في العاصمة أبوظبي ضمن فعاليات المهرجان. وأدار الحوار مايكل كوربين سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى الدولة.

وتبعاً لمجرياتها، واختلاف وجهات النظر التي طرحت فيها، وكذلك تبعاً لما تركه حضور شخصيات دبلوماسية تتحدث في الشأن الثقافي وأثره في العلاقة بين الدول، وجد المتابع نفسه في حال من الاستقطاب بين مدرستين مختلفتيّ التوجُّه نحو الثقافة ودورها في إرساء فهم متبادل قائم على النزوع إلى السلام بين الشعوب من جهة، ولتكن «المدرسة الوطنية» حيث تساهم الدولة في دعم الثقافة بوصف ذلك جزءاً من بنيتها ودورها الاجتماعي والسياسي أيضاً لجهة إدارتها لشؤون البلاد، وتمثلت بالمثقف ورجل الدولة زكي نسيبة، ومدرسة أخرى لا ترى أن دعم الثقافة هو من الأدوار المنوطة بالدولة، بل يمكن لهذه الدولة أن تستفيد من المثقف والفنان في ترويج وجه آخر «مشرق» للدولة في العالم يحافظ على استمرار علاقتها مع دول أخرى بما يعزز من فكرة الحفاظ على مصالح أو علاقات مشتركة قائمة اقتصادية، حيث مثّلها السفير الأميركي وليام روغ ودافع عنها.

وقد بدا هذا الافتراق جليا بين المدرستين سواء من خلال الطروحات والأفكار التي دافعت عنها كل مدرسة وكذلك من خلال أسئلة الحضور التي بدا واضحا أنها تنطلق من خبرات وتجارب مختلفة ومتنوعة، وتقريبا، تحمل دعوة إلى ضرورة إعادة النظر بـ «المصالح المشتركة» عندما تتدخل الثقافة لإرساء الطابع السلمي بين الشعوب؛ خاصة إذا كان هناك نوع من الصراع بين الأفكار حول قضية ما، حيث طفت على سطح النقاش مباشرة القضية الفلسطينية وقد دخلت إلى القاعة من بوابة الموسيقى التي من المفترض بها أن تعزز من قيم السلم وتنبذ فكرة الحرب.

الموسيقى

وفي التفاصيل فقد تقدمت أولا بالوما أوشيا أرتينانو، مدير ومؤسس مدرسة الملكة صوفيا للموسيقى، وفي الوقت نفسه وعبر الفيديو، تحدثت أندريا فاسيليو المفوضة الأوروبية لشؤون التربية والشباب والثقافة وتعدد الثقافات، فأشارت إلى أن مهرجان أبوظبي «ملتقى يجمع المثقفين من كل العالم. فأنْ تكون هناك، أي في أبوظبي، يعني أن تشاهد حواراً بين الأمم والحضارات، وترى كيف يمكن للثقافة أن تجمع البشر معاً».

ثم تناولت نشأة مدرسة الملكة صوفيا للموسيقى والفكرة الأساسية التي ما زالت تقوم عليها هذه المدرسة ممثلة «بجمع الطلبة الأعلى موهبة بصرف النظر عن جنسياتهم وأعراقهم والظروف الثقافية المحيطة بهم من جهة وأن تكون ملتقى لكبار الأساتذة والمعلمين الموسيقيين الكبار، ولم يجر اعتماد أية توصيات أو وساطات بل ارتضينا بما هو مهني وأصيل لنحقق معادلة بسيطة ورائعة أوصلتنا إلى هذه النتائج».

وقالت: «حققت المدرسة استراتيجية رائعة تقوم على أساس الحرية الأكاديمية.. ما جعل هذا الحلم يستقطب موسيقيين حالمين كبار وكثيرين، الأمر الذي دفع بالملكة صوفيا إلى احتضان هذا الحلم – المشروع ودعمه ما عزز لدينا الالتزام تجاهه». ثم استعرض الفيديو أشهر الأساتذة الذين مرّوا بالمدرسة من الموسيقيين المعروفين على مستوى العالم وكذلك عدد من الطلبة المميزين الذين باتوا الآن من أبرز العازفين على الآلات الموسيقية من الذين يقدمون أداء منفرداً.

ثم عاد الحديث لـ بالوما أوشيا أرتينانو فأكدت أن «الموسيقى وسيلة لنشر الوعي المشترك بين الشعوب والحضارات والتفاهم بينها مثلما هي وسيلة لنشر الصداقة بين الأفراد وهذا هو معنى الدبلوماسية الثقافية بالنسبة لي».

الدبلوماسية

ثم طلب السفير مايكل كوربين من وليام روغ تحديد معنى لـ «الدبلوماسية الثقافية» في التعريف والاصطلاح لكونه «أول سفير للدبلوماسية الثقافية الأميركية الذي تنفس القيم الثقافية» بعبارة كوربين.

وأوضح روغ في مستهل حديثه أنه لا ينتمي إلى خلفية ثقافية وقال: «لكنني دبلوماسي. وعليّ أن أحدد المفاهيم الخاصة بي حول موضوع الندوة». وأضاف: «عندما كنت سفيراً في الدولة مطلع التسعينات فقد أشرف على تقديم أوراق اعتمادي السيد زكي نسيبة الذي نسميه في واشنطن بـ«رجل النهضة». وأفرّق بين الدبلوماسية الثقافية وبين التبادل الثقافي الذي هو أوسع وأشمل، ذلك أن الدبلوماسية الثقافية هي وجه محدد للتبادل الثقافي وغطاء معين للتبادل دون إشراك أو تدخل للدبلوماسية العامة».

وأضاف: «يتضمن مفهوم «الدبلوماسية الثقافية» تعبيرات ثقافية، أما الدبلوماسية العامة فهي شكل من أشكال الاتصال والتواصل بين حكومتين وغالباً ما يكون ذلك سرّياً وغير معلن، أما الدبلوماسية الثقافية فهي التبادل الثقافي على نطاق واسع ومعلن، وتصبح أكثر تعقيداً عندما يتم خلطها بفكرة أن تكون نصيرة للسياسة وداعمة لها، بالتالي سوف يختلف المفهوم الخاص بدعم الدبلوماسية الثقافية إذ أنها تتطلب حينذاك شراكة مع مبدعي الثقافة، والحكومة، وبالأساس الدولة، في أميركا لا تستحدث الثقافة أو أية أطر لها (كالنقابات أو الروابط أو الجمعيات)، بالتالي ليست الدولة فاعلة فيها».

وقال أيضاً: «في أميركا لا يتم تحديد شكل للتعبير الثقافي، لكن الحكومات تنشر الثقافة الأميركية من أجل تعزيز التفاهم مع شعوب خارج أميركا بحيث يسهم ذلك في تعزيز سمعة الدولة ويعين الأجانب على فهم أميركا والعكس صحيح أيضاً في حال التبادل الثقافي مع دولة أخرى، بالتالي فأميركا تقدم الثقافة من أجل هدف يفيد الولايات المتحدة الأميركية ويفيد مصالحها الحيوية».

وزاد: «باتت الشراكة، بوصفها مفهوماً، هامة جداً بالنسبة للدبلوماسية الثقافية الأميركية (والإشارة هنا إلى الشراكة على المستوى المحلي) إذ أنني أعمل مع مؤسسة تتلقى تمويلًا حكومياً، أي من أموال دافعي الضرائب، لكن تمويلها بشكل أساسي يأتي من قبل القطاع الخاص»، مؤكدا أن هناك أوجهاً متعددة للدبلوماسية الثقافية إذ أنها لا تعتمد على التعليم وحده. من الصحيح أننا لا نخلق الثقافة هناك لكننا نروّج لمبدعين يمثلون فكرة أميركا ويُقدمون الفائدة لتعزيز الشراكات على المستوى العالمي». وضرب مثالًا على ذلك بالمغنية الأوبرالية الأميركية رينيه فليمنغ التي قدمت أمسية غنائية أوبرالية ضمن فعاليات المهرجان مساء الاثنين الماضي صحبة الأوركسترا الألمانية «درسدن الفلهارمونية» بقيادة ساشا غوتزيل وبدعم من المهرجان، معتبراً – أي السفير روغ – هذه المغنية تعزز من الشراكة مع أبوظبي.

نظرة مختلفة

ثم انتقل الحديث إلى الدكتور زكي نسيبة، فبدأ بالقول: «دعوني لا أتفق مع تعريف روغ للدبلوماسية الثقافية، وكذلك مع توصيفه لدور الدولة في إدارة الشأن الثقافي «بالمعنى الواسع للكلمة».

وإذ اتخذ من الإمارات نموذجاً، أضاف الدكتور نسيبة: «نرى من حولنا هنا دولة عربية حديثة تمكنت خلال أربعة عقود من أن تثبت نفسها بوصفها دولة متقدمة ومتطورة في أدائها ودورها. نعيش في مجتمع منسجم يضم أكثر من مائتي جنسية، وازدهاره على هذا النحو استفادت منه تلك المجتمعات المجاورة والبعيدة التي أرسلت أبناءها للعيش والعمل هنا وساهم ذلك في ازدهارها».

وقال: «الذين كانوا هنا قبل خمسة عقود ورأوا ما كانت عليه المنطقة من اضطرابات وعدم استقرار حكموا عليها بأنها لن تتطور. لأذكركم بان الدبلوماسية الأميركية كان رأيها آنذاك كذلك، إذ أنه بسبب الظروف الإقليمية والدولية قد حدث تشكيك واضح في ازدهار المنطقة عموما، لكن بفضل الدبلوماسية، والدبلوماسية الثقافية جزء منها، أمكننا أن نقدم وجهة نظر أخرى مختلفة تماما عن تلك التي سادت قبل خمسين سنة وذلك تبعا لما تمّ إنجازه في الإمارات ذاتها التي تسهم على نحو ملحوظ بتعزيز الأمن الإقليمي».

رؤية إماراتية واضحة

وقال الدكتور نسيبة أيضاً: «لقد كان لدى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “رحمه الله” والقادة الأوائل المؤسسين رؤية واضحة تجاه بناء دولة حديثة في منطقة مضطربة، إذ أنه أمر تطلب ركيزتين أساسيتين: الأولى منهما تتمثل بتعليم المواطنين وتدريبهم، وتمثلت الأخيرة ببناء جسور مع العالم الخارجي ونسج علاقات وتبادلات على كافة الصعد بوسعها أن تضع حداً لقرون من العزلة السياسية والتراجع الاقتصادي وهو ما تطلب جهداً دبلوماسياً من ضمنه الجهد الدبلوماسي الثقافي الذي بذلته وتبذله الدولة في هذا الاتجاه».

وأوضح: «كانت الثقافة دائماً جزءاً من استراتيجية وجهة نظر الدولة تجاه شعبها مثلما تجاه العالم» ودلل على ذلك بالقول: «أمس استمعنا لأوركسترا الاتحاد الأوروبي للشباب، قادمة من مجتمعات أوروبية متنوعة وقبل ذلك استمعنا إلى رينيه فليمينغ، وشكّل ذلك تجربة رائعة بالنسبة لي، وقبل ذلك كنت في دبي، في «آرت دبي» الذي تشارك فيه ثمانون دولة ممثلة بفنانين ونقاد ومدراء متاحف حيث يمكن ربط ذلك بما حدث مؤخراً في الشارقة عندما عرضت فنانة (ألمانية) من أصول مصرية إبداعها على الناس في الشارقة وحققت تفاعلا معهم إذ تضمن العمل خطابا يلامس الأوروبي والهندي مثلما يلامس الخليجي والعربي أيضاً، وسنذهب خلال الأسبوع المقبل إلى جزيرة السعديات حيث هناك ثلاثة متاحف كبرى يتم الاشتغال عليها في الوقت الراهن… هذا كله هو جانب من «الدبلوماسية الثقافية» التي تعني الانفتاح على العالم فندعوه إلى الشراكة معنا إنما ليس على أساس اقتصادي فقط، ذلك أننا نؤمن بريادة الثقافة في ظرف وحدث لم تعد فيه القوة الاقتصادية وحدها كافية لتحقيق الأمن في المنطقة، ونؤمن أيضاً باننا قادرون على لعب دور استراتيجي يجمع بين مختلف الدول والمجتمعات بما يضمن الازدهار في المنطقة وبما يعزز من الحضور الدائم لهويتنا الوطنية».

ومما جاء في حديث الدكتور نسيبة أيضا: «الحكومة ليست مبتكرة للتعبيرات الثقافية، هذا بديهي، لكن في بعض الأحيان تكون حاجتنا إلى الحكومات عندما نحتاج إلى البنى التحتية للثقافة، وهذا مهم بالنسبة إلينا، بل إن ما هو أهم يتمثل في أن تتأكد الحكومات من أن هذه البنية التحتية هي البنية التحتية الضرورية للثقافة «لجهة أن الثقافة ليست ترفاً أو رفاهية بل ضرورة استراتيجية للدولة، أي للمجتمع كي يكون مجتمعاً ناشطاً وديناميكياً وشاباً في رؤيته للدبلوماسية الثقافية».

رؤية أوروبية

وأخيراً إلى مارشال ماركوس الرئيس التنفيذي لأوركسترا الاتحاد الأوروبي للشباب، الذي أشار إلى تعريف الاتحاد الأوروبي لـ«الدبلوماسية الثقافية» بالقول: «إن أحد المشاهد التي أذهلتني في أبوظبي هي هذه الحدود الثقافية المفتوحة على بعضها البعض، والأمر هنا لا يتعلق بأنه مصدر للفخر فقط بل أيضاً في تحقق هذا المزيج من الثقافات على أرض الواقع».

وأضاف: «لكن هناك قضية «الهوية» في مقابل «الاتحاد الأوروبي» وذلك في إطار حديثه عن أوركسترا الاتحاد، لذلك فعندما نتحدث عن الدبلوماسية الثقافية فنحن نتحدث عن فكرة الاتحاد الأوروبي وبما يحدث بين دولة خاصة في هذه الظروف السياسية التي يمرّ بها»، وتابع «وعني أنا، فإن مشروعي هو العمل مع ثماني وعشرين دولة وثمانية وعشرين شخصاً هم عدد الدول المرتبطة بالاتحاد الأوروبي»، فلاحظ أن «النظرة الدبلوماسية الأوروبية تجاه الهوية هو أمر محسوم وصارم وبوصفي متمرساً في هذا المشروع الأوروبي أي خارج نطاق الدولة القومية فإن ذلك يضعني بشكل طبيعي خارج الهويات الثقافية المعهودة».

وقال: «ثمة عبارة مؤثرة جدا وهي: «أن نعمل بشكل أفضل يعني أن نعمل معا كأمم، إذن عوَضا عن الحروب علينا أن نعمل معاً من أجل السلام، بالتالي تصبح هوية الشعوب مسألة ثقافية نسبية وهذا ما جذبني إلى أبوظبي، أي شدة الانفتاح الثقافي فيها».

وقال: «بفضل قوة الثقافة، تغيرت حيوات أعضاء الأوركسترا نحو الأفضل، وذلك بفضل الانفتاح بين الهويات الثقافية، وبالنسبة للدبلوماسية الثقافية، في هذا الإطار، فإننا نتطلع إلى المزيد من المشاريع الثقافية التي تعزز من الشراكات الثقافية والتي تتيح الانفتاح أكثر على هويات متعددة ثقافياً».

وختم مارشال ماركوس مداخلته بالقول: «لقد جرت إضافة زيادة بنسبة تسعة بالمائة على حصة الثقافة من موازنة الاتحاد الأوروبي بما يقدر بتسعة ملايين يورو أوروبيا وسيسمح لنا ذلك بدعم مشروعات تعزز من التبادل الثقافي وتجعلنا قادرين على دعم أنشطة من مختلف شعوب العالم وإقامة شراكات ثقافية، الأمر الذي هو جزء من «الدبلوماسية الثقافية كما أفهمه».

مداخلات

ثم بدأ طرح الأسئلة التي لم يتح لمدير الجلسة السفير الأميركي مايكل كوربين توجيهها عندما طلب من الحضور التركيز في أسئلتهم على الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص، أي الشراكات على المستوى القومي الخاص بدولة من الدول. لتنطلق تلك الأسئلة باتجاه البحث عن آفاق وسبل جديدة توفرها الشراكات وخاصة في حقل الموسيقي بحيث تسهم في إرساء نوع من الاستقرار بين الشعوب وخاصة في المنطقة العربية «التي تشهد صراع هويات ثقافية منذ أكثر من ستين عاماً» بحسب أحد الحاضرين.

أغلب الردود على الأسئلة جاءت في السياق نفسه، ففي حين دافع روغ عن وجهة نظره الأولى في ما يتصل بفصل الثقافة عن الدولة، أكد الدكتور نسيبة أن الموسيقى لن تحلّ مشكلات المنطقة كلها على نحو سحري، بل «يلزمنا بناء للأفراد والمؤسسات مثلما يلزمنا خلق مجتمع قائم على المعرفة، إذ أننا مع التعليم نسير بشكل أفضل إلى الأمام»، مؤكدا أن استقدام جامعتي السوربون ونيويورك – أبوظبي، مثلا لا حصراً، يأتي في سياق هذا البناء.

وفي صدد الإجابة على أسئلة تعلقت بالشراكة على مستوى الدولة – أي المستوى الوطني – رأى الدكتور نسيبة في الجمعيات غير الحكومية – أي الجمعيات ذات النفع العام – ممرا إلى خلق دبلوماسية ثقافية مستدامة، ذلك أن مجتمع القطاع الخاص هو الأقدر على المبادرة لدعم الثقافة من أجل مستقبل أطفالهم وبلادهم».

زكي نسيبة: أبوظبي أصبحت منطقة جذب ثقافي على المستويين الإقليمي والعالمي

في تصريح خاص لـ «الاتحاد» عن رؤيته لمستقبل الثقافة في الإمارات عموما وأبوظبي خاصة وأي دور لها في مجتمع تتعدد فيه الهويات؟ قال الدكتور زكي نسيبة / مستشار في وزارة شؤون الرئاسة: «ما من شك أبدا، أنه في ضوء هذا الدعم المقدم للثقافة، قد أصبحت أبوظبي منطقة جذب ثقافي على المستوى الإقليمي مثلما على المستوى العالمي. لقد ساهم دعم الثقافة في انفتاح الهويات المتواجدة على أرض الدولة في خلق تعايش في ما بينها. لقد جعل ذلك من الدعم للثقافة أكثر جدوى ويصب في خدمة استراتيجية الدولة إلى حدّ بعيد.

من هذه الزاوية تحديدا يمكن النظر إلى مشروعات ثقافية كبرى قامت وأُنجزت، مثل جامعتي السوربون ونيويورك – أبوظبي وسواهما، ومشروعات أخرى ناشئة أو قيد الإنشاء مثل جزيرة السعديات والمتاحف العالمية الكبرى التي تُبنى الآن ووصلت إلى مراحل متقدمة، وكذلك المشروعات المقبلة أيضا.. من زاوية بناء فرد ومجتمع تقوم به الدولة على نحو استراتيجي يتطلب منها الإعداد له والتدخل في إرساء بناه التحتية أيضا وتشجيع الأفراد المبدعين الذين يقدمون أي شكل من أشكال التعبير الفني.

تستقطب المؤسسات العلمية لدينا الآن الطلاب الجامعيين الأعلى موهبة سواء في الدولة أو المنطقة أو العالم. أيضا تقدم الدولة للفنانين والمبدعين خدمات قلّما تتوفر في سواها، في المنطقة أو حتى في قارات بأكملها مما جعل الكثير من الفنانين، من آسيا وأوروبا الوسطى والشرقية، يأتون إلى الدولة من أجل التفاعل مع هذا النسيج الفريد الذي يضمه المجتمع الإماراتي ودولة الإمارات العربية المتحدة ومؤسساتها التعليمية والفنية والأكاديمية.. لهذا كله، ولأسباب أخرى، أنا متفائل كثيراً بالمستقبل».

المصدر: جهاد هديب (أبوظبي)- الإتحاد