تمخض المنتدى العربي الجمركي الثالث لمكافحة الغش التجاري والتقليد وحماية الملكية الفكرية في ختام أعماله أمس بالرياض عن إصدار 34 توصية، من شأنها تجفيف منابع انتشار هذه الظاهرة، محملا إدارة التكامل الاقتصادي العربي بالجامعة العربية انعكاسات أي تقاعس عن تنفيذ هذه التوصيات.
وحملت التوصيات في طياتها، تبني استراتيجية متكاملة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي لمواجهة القلق الذي تسببه ظاهرة الغش التجاري والتقليد، من خلال بناء شراكات بين الدول فيما بينها من جهة وبينها وبين القطاع الخاص من جهة أخرى، بما في ذلك إنتاج برامج ومواد إعلامية توعوية للمستهلكين بحقوقهم في رفع القضايا والمطالبة بالتعويضات عند خداعهم.
وطالب المنتدى بإقامة معارض دائمة في مراكز التسوق الكبرى والمعارض التجارية لتوعية الجمهور حول أخطار الأصناف المغشوشة والمقلدة وإيضاح كيفية التفريق بين الأصلي والمقلد وتعزيز وترسيخ ثقافة المقاطعة لتلك الأصناف ومنتجيها ومروجيها وبائعيها.
وأوصى المجتمعون خلال جلسة التوصيات يوم أمس باعتماد الجمارك العربية الثالث من مارس (آذار) من كل عام يوما عربيا تُعقد فيه مناشط وورش عمل توعوية للمستهلك العربي بالتنسيق مع جمعيات حماية المستهلك الوطنية.
وشدد بتفعيل آليات أدوات التحقق المسبقة، مثل شهادات المطابقة وتعميمها على كل السلع الاستهلاكية المعمرة وغير المعمرة، مع الاستفادة القصوى من وسائل التقنيات الحديثة في كشف الأصناف المغشوشة والمقلدة، من خلال تصميم برامج وتطبيقات مجانية في أجهزة الهاتف الجوال والتنسيق لوضع رموز أو علامات على الأصناف يتم قراءتها بهذه الأجهزة لمعرفة مدى سلامة المنتج.
كما دعا إلى العمل على إصدار مواصفات لجميع السلع بحيث تتمكن المختبرات العامة والخاصة من تحليل الأصناف المستوردة في ضوء هذه المواصفات، مع العمل على التقييم الدوري للشركات العالمية المُصْدِرة لشهادات المطابقة والمختبرات الخاصة.
ونادت التوصيات بتفعيل الرقابة عليها والعمل على ضرورة الربط الآلي بين الجهات المصدرة لشهادات المطابقة مع الجمارك والعمل على تحزيم الإرساليات المصدر لها شهادات مطابقة للتأكد من عدم استبدال البضاعة بأخرى غير مطابقة، مع البحث مع الجهات المصدرة لشهادات المطابقة عن آليات تقنية لتتبع الحاويات عبر الأقمار الصناعية لمنع استبدال البضائع الصادر لها شهادات مطابقة.
وحثّت القطاع الخاص على الاستثمار في المختبرات الخاصة وتوفير الأجهزة والمعدات اللازمة لفحص العينات بشكل سريع ودقيق والتوسع في المختبرات القائمة، من خلال افتتاح فروع لها في المنافذ الجمركية الرئيسة، مع تسهيل إجراءات الحصول على التراخيص اللازمة والاعتماد من الجهات الحكومية المختصة.
ونادت بانتهاج الأساليب العملية السريعة لإحالة العينات إلى المختبرات العامة والخاصة واستلام نتائج فحصها بطريقة سرية وآلية لضمان سرية المعلومات والحيادية، مع العمل على منح استقلال للجان العربية للاعتماد وأن تكون عضو كامل في «منظمة التعاون الدولي لاعتماد المختبرات (آيلاك)» أو إنشاء جهاز وطني يكون عضوا كاملا في تلك المنظمة.
وطالبت بإنشاء قاعدة بيانات متقدمة في كل بلد تُغذى من القطاعات المعنية بمكافحة هذه الظاهرة ومن الإخباريات تتضمن معلومات متكاملة عن منتجي ومصدري ومستوردي ومروجي تلك الأصناف وأساليب الغش والتقليد وكيفية اكتشافها، مع تشجيع شركات الأدوية على استخدام التقنيات الحديثة لتأمين سلسلة التوريد.
وشدد باستهداف أصناف معينة من السلع خاصة الأكثر خطورة على الصحة والسلامة، بحيث تقوم كل الجهات حسب اختصاص كل منها بتكثيف العمل والتوعية بأخطارها وتوضيح وسائل الغش فيها وتكثيف الرقابة عليها، مع التنسيق بين المعاهد الجمركية وجهات التدريب بأجهزة الجمارك لدول الإقليم لتطويرها ورفع المستوى المهاري للمختصين وتمكينهم من كشف السلع المغشوشة والمقلدة. كذلك العمل على إيجاد آلية مناسبة لضمان تبادل المعلومات سواء في جامعة الدول العربية أو من خلال استضافة أي دولة لها أو من خلال تعيين ضابط اتصال لكل دولة لتبادل المعلومات والخبرات وحالات الضبط للسلع المغشوشة والمنتهكة لحقوق الملكية الفكرية بين الجهات المعنية بمكافحة الظاهرة في كل دولة.
وتضمنت التوصيات التعاون مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الإنتربول» في مجال متابعة منابع تصنيع السلع المغشوشة والمقلدة وتعقبهم، لمكافحة مصادر هذه الأصناف، مع تشكيل لجان مشتركة من الدول المشاركة، والتأكد من متابعة تنفيذها علي أرض الواقع ويكون من مهامها تبادل المعلومات وتصدير نتائج الممارسات الجيدة.
واشتملت كذلك على توسيع مجال عمل الإدارات الجمركية وممارسة صلاحيات أكبر داخل المناطق الحرة والبضائع العابرة لوقف تهريب وانتقال البضائع المغشوشة والمقلدة.
وحمّلت التوصيات الغرف التجارية والصناعية العربية تفعيل دورها، من خلال إنشاء لجان مختصة لمكافحة هذه الظاهرة، وتحقيق التكامل بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص وعقد ورش عمل مع التجار والمستوردين ومناقشة المواضيع التي تخصهم قبل الاستيراد كأسلوب وقائي.
وطالبت التوصيات بسن تشريعات جزائية رادعة تتمثل في الشق الجنائي لكل من يقوم باستيراد منتجات ضارة بصحة الإنسان والبيئة وترسيخ حق المستهلك والدولة بمقاضاة من قاموا بالأضرار به، واعتماد عقوبة التشهير في وسائل الإعلام المختلفة لكل المستوردين وأصحاب المحلات التي يثبت قيامها ببيع وترويج السلع المغشوشة والمقلدة وخاصة الأصناف التي تمس أمن وصحة وحياة المستهلكين والبيئة.
ونادت بتفعيل دور جمعيات وهيئات حماية المستهلك سواء الوطنية الخاصة أو الحكومية ومنحها الصلاحيات اللازمة لكشف حالات الغش والتقليد للسلع المتداولة ورفع القضايا التعويضية وتسهيل التواصل فيما بين جمعيات وهيئات حماية المستهلك من جهة والمستهلك نفسه من جهة أخرى لرفع الشكاوي والقضايا إلى الجهات المختصة.
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط