كشف نائب مدير مكتب دبي الذكية، يونس آل ناصر، أن تجربة تحويل دبي إلى مدينة ذكية، التي يجري العمل عليها ستنتهي العام المقبل، وستتبعها مراحل تطوير دائمة، إذ تم اعتماد تجربة التحول من قبل الاتحاد الدولي للاتصالات، التابع لمنظمة الأمم المتحدة، كنموذج دراسي استشاري عالمي لتطبيق المعايير الحديثة في هذا النوع من التحول، إذ أصبحت دبي ضمن هذا المؤشر النموذج العالمي الأول لتطبيق معايير المدن الذكية الحديثة.
وقال إن الملخص التنفيذي للتحول يعتمد على ثلاث خطوات رئيسة تأتي في مقدمتها خارطة الطريق، التي وضعت للوقوف على الخدمات الذكية المقدمة ومضاعفتها وتطويرها، وإطلاق مبادرات تساندها وتساعدها، ثم تمكين دبي (مؤسسات وأفراداً) من الاستفادة من التحول وإفادته عبر التبادل البياناتي، سواء بتقديمها أو الاستفادة منها في اتخاذ القرار وتطوير المشروعات.
وتابع آل ناصر، لـ«الإمارات اليوم»: «وبعد تحقيق مضاعفة الخدمات والمبادرات، وتمكين الأفراد والمؤسسات، يمكن بسهولة تحقيق الخطوة الثالثة، وهي قيادة دبي لمنظومة الاقتصاد الذكي والحياة الذكية، عبر إطلاق مرحلة جديدة من الخدمات والتطبيقات والمشروعات الابداعية والابتكارية التي تحقق هذا المفهوم».
وأكد أن تحويل الخدمات الحكومية إلى المفهوم الذكي لا يشكل هدفاً في حد ذاته، بل خطوة رئيسة في طريق تحقيق سعادة المستخدم والمتعامل في المقام الأول، وإيجاد مجتمع مستدام قائم على منظومة اقتصاد المعرفة.
وأوضح أنه بناء على هذه التراتبية جاء التفكير في تحويل دبي إلى مدينة ذكية، كمرحلة لاحقة لمبادرة تحويل الخدمات الحكومية على مستوى الدولة إلى المفهوم الذكي، الأمر الذي استفادت منه حكومة دبي، وعملت على تطويره ضمن استراتيجيتها المستقبلية للانتقال بالمدينة بالكامل لهذا الشكل المستقبلي للمدن، لافتاً إلى أن المحصلة النهائية ستكون مجتمعاً ذكياً من منظومة خدمات ومنازل وسيارات ونقل ومواصلات عامة، وتبادل معلومات، والاستفادة من البيانات الإلكترونية.
وأشار آل ناصر، إلى أن بناء الخدمات والتطبيقات الذكية في دبي اتخذ مفهوماً آخر، فبدلاً من توفير الخدمات التي تقدمها المؤسسة الحكومية بالشكل التقني عبر الهواتف الذكية فقط، تم إنشاء مختبر تجربة المتعامل، وهو أول مختبر حكومي إبداعي يشرف على مناقشة أفكار الخدمات والتطبيقات الحكومية، التي سيتم تحويلها إلى الشكل الذكي، وتوفيرها في تطبيقات على أجهزة الهواتف المتحركة.
وتابع أن مناقشة هذه الأفكار وبحثها يعتمد على مفهوم تجربة المستخدم، إذ يتم طرح الفكرة على عينة من جمهور المتعاملين، وعبر آرائهم يتم الوقوف على أهم الخدمات التي يحتاجون إليها، والشكل الذي يمكن أن تتوافر عليه، وآلية تصميم التطبيقات بما يتناسب مع طبيعة الاستخدام التي سينفذها الجمهور والمتعاملون مستقبلاً.
وأضاف أن اعتماد تجربة المستخدم كمعيار لتصميم وإطلاق الخدمات والتطبيقات الذكية يحقق بدوره النجاح المطلوب من التحول، بحيث يكون الأمر ذا جدوى فعلية، وليس مجرد تنفيذ لخطط واستراتيجيات لا تحقق فوائد حقيقية.
ولفت إلى أنه إلى جانب تجربة المتعامل والمختبر المتخصص، تم أخيراً إطلاق مؤشر السعادة، كمقياس على تجربة المتعامل مع الخدمات الذكية لجهات الحكومة كافة، الذي عبره سيتم التعرف مبدئياً بشكل عام إلى مستوى الرضا عن الخدمة.
وأشار آل ناصر، إلى أن نجاح تجربة التحول الذكي، سواء للخدمات أو المدن يعتمد على البيانات، من حيث طبيعتها ومدى توافرها وقياس مدى فائدتها للمستخدم ومقدم الخدمة وكيفية إدارتها، لذا كانت الحاجة في تجربة دبي لإنشاء مؤسسة ذات خبرة وكفاءة لتتولى مسؤولية البيانات والمعلومات الإلكترونية التي ستتوافر بكميات ضخمة للغاية عبر الخدمات الإلكترونية والذكية، لذا تم إنشاء مؤسسة دبي للبيانات لتنظيم عملها وصدر قانون البيانات، ومن مهام المؤسسة الإشراف والرقابة على الجهات المقدمة للخدمات والتأكد من تقديمها البيانات والمعلومات الإلكترونية، وضمان صحتها وشفافيتها.
وأوضح أن تحقيق الاستفادة القصوى من حجم البيانات الضخم، لا يتم إلا عبر إتاحة الجزء الأكبر منها للجمهور لتطويره، لذا تم العمل خلال الفترة الماضية على إنشاء منصة دبي الذكية، التي ستبدأ عملها في الربع الثالث من العام الجاري، وهذه المنصة عبارة عن بوابة متكاملة تجمع خدمات الإمارة بالكامل، إضافة إلى منافذ مفتوحة توفر بيانات المدينة بجهاتها الحكومية كافة، في المرحلة الأولى وقطاعها الخاص في المرحلة الثانية، ليستفيد منها مقيمو وزائرو دبي، إضافة إلى مؤسساتها كافة، وعبر استفادتهم يمكن تطوير خدمات وتطبيقات جديدة وإطلاق مشروعات لرواد أعمال جدد، للتحول دبي إلى منصة لاكتشاف الموهوبين والمبدعين.
وأشار إلى أن عملية إتاحة البيانات ينبغي أن تكون محكومة بضوابط لضمان حماية أمن معلومات الأفراد والجهات والحفاظ على خصوصيتهم، لذا تم تقسيم البيانات إلى فرعين، الأول متاح، والثاني قابل للمشاركة بين الجهات الحكومية فحسب.
وتابع: «البيانات المتاحة بدورها تنقسم إلى فرعين، الأول موجود ومتاح لكل فرد ومؤسسة، ويمكنهم الاستفادة منها، ويوفر معلومات كبيرة عن الإمارة وجهاتها الحكومية ومعاملاتها وإحصاءاتها، وتطوير الإمارة وعوامل نجاحها وبيانات أخرى عدة، والفرع الثاني هو البيانات الغنية التي تحمل أرقام وإحصاءات متخصصة وتحليلات».
ولفت إلى أن البيانات الغنية ستتم إتاحتها على المنصة مقابل اشتراك مالي، وعبرها يمكن تطوير الأعمال القائمة وابتكار مشروعات أكبر حجماً.
وأوضح ان البيانات المشتركة، التي تمثل الفرع الثاني من بيانات المنصة ستكون متاحة للتداول بين الجهات الحكومية في المرحلة الأولى، ومن الممكن أن تتاح للمؤسسات الخدمية من القطاع الخاص مستقبلاً، وتشمل هذه البيانات على سبيل المثال بيانات بعض الأفراد أو ما يتعلق بهم، والتي عبرها يمكن تقديم خدمة حكومية له، لذا من الممكن أن تتاح بين الجهات الحكومية مستقبلاً.
ولفت إلى أن بقية البيانات لن تتاح على الإطلاق، نظراً لأنها تمسّ خصوصية الأفراد والمؤسسات، لذا ستحتفظ به المؤسسات التي تتعامل فيها فحسب.
وأكد آل ناصر أن إتاحة البيانات ستعزّز بشكل كبير عوامل التنافسية داخل الإمارة والمجتمع المحلي بشكل عام، سواء بين الأفراد في تطوير الأفكار الإبداعية، وبين قطاع الأعمال الذي سيرفع مستوى كفاءة أعماله، وأيضاً بين الجهات الحكومية التي ستركز في تطوير خدماتها المقدمة للجمهور لضمان مواكبة تطلعاته وضماناً، لأن تكون آرائه التي سيطرحها على المنصة إيجابية في مصلحتهم.
وأشار إلى أن 2017 سيشهد إكمال المرحلة الرئيسة من التحول إلى المدينة الذكية، التي ستضمن وجود الأساسيات الأولى عالمياً لهذا النوع من التحول، لكن هذه المرحلة تشكل بداية فحسب، إذ سيتم العمل الدائم على التطوير والتحديث، وسيبنى هذا التطوير على مشاركة الجهات البحثية والمختصة بشكل دائم.
ورد على كيفية الاستفادة من الآراء العامة للشباب دون وجود متخصصين منهم في مجال المعلومات والتحول الذكي على وجه الخصوص، قال آل ناصر إن المكتب انتبه إلى هذا الأمر جيداً، وبدأ بالفعل التعاون مع مؤسسات تعليم عالٍ مثل جامعة رودشيستر لإطلاق برنامج ماجستير المدن الذكية لإعداد متخصصين إماراتيين في هذا القطاع، كما سيتم في الفترة المقبلة إطلاق برامج تعليمية متطورة تشمل الدراسات الجامعية (البكالوريوس)، والدراسات العليا التي لها علاقة بهذا المجال.
وأوضح أن توسع مفهوم إنترنت الأشياء أوجد معه تطوراً كبيراً في تعامل الأفراد والمؤسسات مع التكنولوجيا الذكية، وباتت هناك مفاهيم جديدة مثل المنازل الذكية، والربط الذكي للمركبات مع وكالات السيارات، إضافة إلى منظومة النقل الذكي، التي تم الإعلان عنها الشهر الماضي، وهنا لابد من وجود إطار موحد لأسلوب تنفيذ هذه المفاهيم وحماية المعلومات لعدم حدوث اختراق لخصوصية بيانات ومعلومات الأفراد، إذ إن مكتب المدينة الذكية وضع أطراً وآليات محددة لمنظومات أمن المعلومات تلتزم بها الجهات الحكومية في خدماتها وتطبيقاتها، والمنصة التي سيتم إطلاقها، والمبادرات والمشروعات التي ينفذها القطاع الخاص.
المصدر: الإمارات اليوم