
بدأت المجالس الرمضانية لأصحاب الفضيلة العلماء ضيوف صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في مدينة العين، بندوة تحت عنوان «وسائل التواصل الاجتماعي.. كيف نجعلها تواصلاً؟» في مجلس محمد بخيت الكتبي «البيت متوحد» بمنطقة الهيلي، وذلك ضمن مبادرة مجالس الخير التي تنظمها الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف خلال شهر رمضان، وتحت إشراف وزارة شؤون الرئاسة، وبالتعاون مع ديوان سمو ولي العهد، تحدث فيها فضيلة الدكتور حميد عشاق من المملكة المغربية من ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة، والنقيب علي النعيمي من إدارة التحريات والمباحث الجنائية قسم الجرائم الإلكترونية بالقيادة العامة لشرطة أبوظبي، والمساعد أول ماجد بن سلطان، وذلك مساء الخميس أول أمس بعد صلاة التراويح واستمرت نحو ثلاث ساعات، بحضور عبد العزيز الغيثي مدير مكتب الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في مدينة العين، فيما رحب محمد بخيت الكتبي بالضيوف الكرام ورفع أعلى التبريكات للقيادة الرشيدة.
وتحدث المشاركون بالندوة عن الجرائم الإلكترونية التي تسببها مواقع التواصل، والتي انتشرت بصورة كبيرة وتصل عقوبتها إلى الحبس والغرامة 250 ألف درهم، حيث تتسبب تلك المواقع في تفكك الأسر والمجتمعات، وأضحت وسائل انفصال، كما أنها تسببت في الأمراض النفسية المنتشرة، مثل الاكتئاب والإحباط والانعزال. ورغم كثرة الأصدقاء الافتراضيين، فإن الفرد المنغمس فيها يعيش وحدة قاتلة، الأمر الذي أثبتته الدراسات الحديثة، والتي انتهت إلى أن 40% من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يعانون تفككاً أسرياً.
علاقات فتور وانكماش
وقال الدكتور حميد عشاق ضيف: «إن العلاقات الاجتماعية بشكل عام تعيش حالة من الفتور والانكماش حتى أضحت ظاهرة اجتماعية وضعفت صلة الرحم في زمن العولمة»، لافتاً إلى أن التقديرات المنهجية التي خلص إليها تؤكد ارتباط الإنسان طردياً مع محيطه الاجتماعي والمجتمع واستقراره، فكلما كانت علاقة الإنسان بمجتمعه دافئة ومتينة يكون في أحواله وسلوكه أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد، لافتاً إلى وجود دراسات اجتماعية كثيرة تؤكد الآثار السيئة لانفصال الإنسان عن نسيجه الاجتماعي كحالة الاكتئاب وشدة القلق والشعور بالإحباط، وغيرها من الأمراض النفسية، فقد رصد العلماء أن كثيراً من الأمراض التي يتخبط فيها الإنسان حالياً ترجع إلى انفصاله عن مجتمعه وعن قيم أمته، وهي أكثر العوامل التي تفسر بها حالات الانتحار وحالات الإدمان بمختلف أنماطه وأشكاله وهو الفتور الاجتماعي، وذلك حينما تفقد المجتمعات معايير الترابط والتلاحم، فكلما ضعفت تلك القيم ازداد الشعور بالوحدة والعزلة وحب الذات، مشيداً في نفس الإطار بدور مجالس الأحياء التابعة لديوان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في تعضيد القيم والترابط الحقيقي.
وطرح تساؤلاً عن سبب عدم التواصل في العصر الحالي بالمجتمعات العربية والإسلامية، ووصول الحالة إلى الانكماش والفتور حتى أضحت الناشئة والشباب تلوز بمواقع التواصل الاجتماعي، مستغرباً من تسميتها مواقع تواصل! حيث ما يشاهده الشباب من عولمة الحروب وصراع الاتجاهات وتعدد المرجعيات وأنماط السلوك المتباينة، الأمر الذي جعل الشباب يعيش حالة التوتر وعدم الاستقرار، والتي تدفعه إلى ثقافة الانغلاق على ذاته والانكفاء عليها، والتي تسمى مرض التقوقع على الشأن الخاص، لذلك تتزايد على الناشئة مشاعر الخوف من التواصل الحقيقي والخوف من تبادل الخبرات، بالإضافة إلى أن ثقافة العولمة تغري بالفردية والانعزال من الحياة، فهذه الثقافة التي تهيمن على العالم اليوم تغري الإنسان أن يعيش وحيداً، وأن يأكل وحده، ويسكن وحده ويدبر أموره وحده.
المصدر: الاتحاد