شكلت الملاحق الثقافية في الصحف الإماراتية، بوصفها نموذجاً ناجحاً، موضوع ومحل النقاش الأبرز، من بين محاور جلسة «الملاحق والصفحات الثقافية ودورها في تطوير الفكر الثقافي»، التي احتضنها المقهى الثقافي ضمن مهرجان «رمضان الشارقة»، أول من أمس. إذ حاضر فيها الزميل حسين درويش، رئيس قسم الثقافة والمنوعات في صحيفة «البيان».
وأدار الجلسة، محمد الحوسني، الإعلامي في إذاعة الشارقة، حيث عرف بالمحاضر في مستهلها، مستعرضاً تجربته الشعرية والصحافية. ثم بدأ حسين درويش حديثه عن نشأة وتاريخ الملاحق الثقافية، مبيناً أنها وجدت كمعادل موضوعي للكتاب. وأوضح، عقبها، الملامح الأولى لبروز الصفحات والملاحق الثقافية في العالم العربي، مشيراً الى أن الصحف العربية، بالأساس، نشأت على أيدي كتاب ومثقفين.
وتطرق المحاضر، في السياق، الى جملة من التجارب والملاحق المهمة في الدول العربية، خاصة في مصر ولبنان. ومن ثم فصّل في تاريخ وحاضر وأفق الصفحات والملاحق الثقافية الإماراتية.
تجربة «مسارات»
وخصص درويش، الجانب الأكبر في محاضرته، لإلقاء الضوء على تطور العمل الصحافي الثقافي في الإمارات، عارضا في هذا الصدد لتميز تجربة صحيفة «البيان». كما بين أن الصحافة في الدولة غدت تشهد تطوراً يومياً في حقولها المتنوعة، ومن بينها الثقافي، الذي بات، كما حاله في دول العالم المتقدمة، ينضوي في إطاره عدد من موضوعات ومجالات العيش، وهو ما جسده ملحق «مسارات»، الذي كانت قد أصدرته «البيان».
كما لفت درويش الى أنه، وحتى في الملاحق الثقافية، غلب طابع التخصص، فأصبحنا نجد واحداً عن الأدب وآخر عن الكتب وغيره عن المسرح. ولكن تبقى ملاحق الكتب، حسب قوله، الأكثر حضوراً والأوسع انتشاراً، فهي لم تنقطع عن الصدور منذ عام 1944، ومن أبرزها ملحق «الفيغارو» للكتب في فرنسا.
خصوصية وقيمة
لم تغب عن الجلسة، هموم الصفحات والملاحق الثقافية وأفقها المستقبلي، في ظل ما تعانيه جراء شروط وواقع تحكم النزعة التجارية. إذ شرح حسين درويش ماهية عقبات التمويل أمام هذا الحقل الصحافي المهم، فالمعلن لا يحبذ ظهور إعلانه في صفحات ثقافية، وكذا المثقف لا يستسيغ قصيدته أو مقاله بمحاذاة إعلان تجاري في الصفحة.
ورأى درويش أننا في هذا الخصوص، أمام معضلة، ولكن لا حل إلا برفد هذا المجال الصحافي بمقومات مادية كبيرة تعينه على الحضور والتأثير البنّاء مجتمعياً، إذ إنه حيوي يكمّل الصورة المشهدية للصحيفة، وله جمهوره النخبوي.
ونفى حسين درويش إمكانية أن يكون الملحق الثقافي، حضناً للأقلام الجديدة، بحكم أن جمهوره ينتظر الجرعات الثقافية عالية المستوى التي هي نتاج أقلام مثقفين وصحافيين مجربين، فلا يمكن للملاحق الثقافية خوض هذه المغامرة، إلا في حال خصصت، مثلاً، مساحات لهذا النوع من الكتابات، يشرف عليها أحد الكتاب.
المحتوى والكتّاب
وفي شأن تأثير الملاحق والصفحات الثقافية مجتمعياً، لفت حسين درويش في نقاشات الجلسة، إلى أن ذاك أمر مرتبط بالمحتوى والكتّاب، خاصة في ظل الواقع الحالي الذي بدت فيه مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية المتنوعة، منافساً نوعياً للصحف الورقية.
وتوقف هنا عند تجربة صحيفة «البيان» التي نجحت في الدمج والمواكبة بين الصفحات الورقية والإلكترونية.
بيان الكتب
كانت تجربة «البيان» في مجال الملاحق الثقافية «بيان الكتب»، محل استعراض وبحث موسع في الجلسة. إذ بين حسين درويش أن هذا الملحق يعد من بواكير وأنجح الملاحق الثقافية في المنطقة.
وكان قد ظهر قبل 17 عاماً، بالتعاون مع مجلة «قراءات» في باريس، حيث نضجت الفكرة بعد دراسات معمقة. وتفرد بسمات عديدة، من بينها: عدم الاقتصار على الكتب العربية، بل عرضه كتباً إنجليزية وفرنسية وغيرها.
المصدر: البيان