إن العواصف الشمسية والكوارث الطبيعة تتزايد، ولكن ما يدور في وسائل التواصل الاجتماعي من شائعات بانهيار الإنترنت بناءً على تحذيرات من وكالة «ناسا» الأميركية بشأن إغلاق الإنترنت العالمي لمدة أشهر بسبب عاصفة شمسية كبيرة هو غير صحيح ولم تصدر الوكالة أي تحذيرات بشأن نهاية العالم على الإنترنت، وتفاقمت المخاوف عبر الإنترنت أيضاً من خلال الأبحاث التي تمت مراجعتها من قبل بعض الباحثين في وقت سابق من هذا العام، والتي أظهرت أن الشمس قد تصل إلى ذروة نشاطها الحالي في عام 2024، أي قبل عام مما كان متوقعاً سابقاً.
من جانب آخر لا يوجد دليل يدعم الشائعات المنتشرة بأن العاصفة الشمسية الكبرى التالية ستتسبب في انقطاع الإنترنت، وفي الوقت نفسه، تعد تأثيرات العواصف الشمسية الكبرى على الشبكات الكهربائية وأنظمة الاتصالات موثقة جيداً، لذلك من الجيد أن نكون حذرين ونقوم بمراقبة وتقييم مستمريْن لنظام الشمس والأرض ونظام الغلاف الشمسي، وإجراء المزيد من الدراسات للإدلاء ببيانات أكثر دقة فيما يتعلق بقوة العواصف الشمسية، وتطوير نموذج ذكاء اصطناعي يستخدم بيانات الأقمار الصناعية حول الرياح الشمسية لتوليد تنبؤات استباقية بالعواصف الشمسية.
الإنترنت مصدر اتصالات موثوق به، وحتى لو توقف قسم كامل من الإنترنت عن العمل في أعقاب كارثة طبيعية أو هجوم نووي، فمن الممكن أن تظل الأقسام الأخرى تعمل، وفي حين أنه قد يتم فقدان بيانات مخزنة على الأجهزة التي ضربتها الكارثة، إلا أن الإنترنت نفسه سيبقى ويكاد يكون من المستحيل تخيل مجموعة من الظروف التي يمكن أن تتسبب في انهيار الإنترنت بالكامل في كل دول العالم وهو ما سيتطلب تدميراً على نطاق واسع وحينها سيكون فقدان الإنترنت هو أقل ما يقلقنا. ولك أن تعلم أن دولة مثل أميركا ستخسر 11 مليار دولار يومياً إذا ما حدث تعطل كامل لشبكة الإنترنت في الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال، وستظل تعمل بعض المنظمات العسكرية والأمنية وبعض المؤسسات البحثية، والتي هي جزء من شبكات مشابهة للإنترنت ولكنها من الناحية الفنية ليست جزءاً من الإنترنت نفسه.
فهل يمكن أن ينهار الإنترنت؟ يبدو لي أن الانهيار الكامل للإنترنت سيكون مستحيلاً تقريباً حيث إن الإنترنت ليس صندوقاً سحرياً به مفتاح تشغيل/إيقاف بل إنه ليس حتى شيئاً مادياً فقط بل إنها مجموعة من الأشياء وهي تتغير باستمرار.
والإنترنت ليس هو الكيان نفسه من لحظة إلى أخرى – فالآلات تنضم دائماً إلى منظومة الإنترنت أو تغادرها وما يسمى بالعمود الفقري للإنترنت – مجموعة من الكابلات والخوادم التي تحمل الجزء الأكبر من البيانات عبر شبكات مختلفة غير مركزية ولا يوجد قابس يمكنك سحبه من المقبس أو كابل يمكنك قطعه مما قد يشل الإنترنت في العالم أجمع، ولكي يواجه الإنترنت انهياراً عالمياً، إما أن تتوقف البروتوكولات التي تسمح للآلات بالتواصل عن العمل لسبب ما أو أن تتعرض البنية التحتية نفسها لأضرار جسيمة وأنه من غير المرجح أن تتوقف البروتوكولات عن العمل تلقائياً، أما بالنسبة لسيناريو الأضرار الجسيمة للبنية التحتية، فقد يحدث ذلك حيث من الممكن أن يصطدم كويكب أو مذنب بالأرض بقوة كافية لتدمير جزء كبير من البنية التحتية للإنترنت.
وبسبب تلك المخاطر والاحتمالات حاولت الحكومة الروسية فصل البنية التحتية للإنترنت الخاصة بها عن شبكة الويب العالمية الأكبر، ويبدو أن هذا الاختبار لشبكة «الإنترنت السيادية» في روسيا لم ينجح بعد.
وهناك الصين كذلك والتي شرعت في ذلك التوجه، وقد أجريت في واقع الأمر اختبارات لفصل الإنترنت الخاص بتلك الأمم عن بقية العالم، وهناك الكثير من الدول، خارج روسيا والصين، تحاول إنشاء إنترنت سيادي لها والتقليل من ربط البينة التحتية الحيوية المتعلقة بالماء والغذاء والكهرباء بشبكة الأنترنت كما هو الحال في اليابان.
*كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات.
المصدر: الاتحاد