أبوظبي ـ مصطفى خليفة
أظهرت البيانات والإحصائيات التي عُرضت في مؤتمر نقل وزراعة الأعضاء، الذي استضافته شركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة»، نجاح 268 عملية نقل وزراعة أعضاء في الدولة، حيث تم إجراء زراعة 255 كُلية من الأقارب بنجاح منذ عام 2008، وعلى المنوال نفسه نجحت مستشفى كليفلاند كلينيك بأبوظبي في زراعة 13 كلية وكبداً من الأقارب، وذلك من بين 4 منشآت صحية مُرخص لها بإجراء مثل تلك الجراحات.
وتم إنقاذ حياة 34 شخصاً مريضاً، بالاعتماد على أعضاء من 10 حالات تبرع بعد الوفاة، كما تم نقل 9 أعضاء من تلك المتبرع بها إلى المملكة العربية السعودية، وتعتبر مدينة الشيخ خليفة الطبية من المراكز الطبية التي حققت السبق في مجال زراعة الكُلى من الأقارب في الدولة.
مهمة نبيلة
وعُقد المؤتمر بالتعاون مع الجمعية العالمية لزراعة الأعضاء، والبرنامج الإماراتي الوطني للتبرع بالأعضاء، وبدعم من وزارة الصحة ووقاية المجتمع ودائرة الصحة بأبوظبي.
وقد اختارت الجمعية الدولية للتبرع بالأعضاء، التي تترأسها حالياً سوزان جندرسون، دبي لاستضافة مؤتمرها السنوي لعام 2019، والمقرر عقده من 14 إلى 16 نوفمبر القادم، وبذلك تعتبر دبي هي المدينة الأولى في الشرق الأوسط التي يعقد بها فعاليات هذا المؤتمر الدولي البالغ الأهمية، وهو ما سيشكل فرصة كبيرة للتعاون والتواصل بين مراكز التبرع في دولة الإمارات، وباقي دول الخليج والمنطقة، وبين مراكز التبرع في العديد من دول العالم.
مهمة إنسانية
وأكد الأطباء المشاركون في مؤتمر نقل وزراعة الأعضاء أن التبرع بالأعضاء يعد مهمة إنسانية نبيلة تمثل رمزاً مضيئاً للتآخي والتكاتف الإنساني، وذلك بعد أن أصبح التبرع بعد الوفاة واقعاً ملموساً في دولة الإمارات، منذ إصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، المرسوم بقانون اتحادي رقم (5) لسنة 2016 بشأن تنظيم وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية في الدولة.
وشارك في الاجتماعات التي أقيمت بمركز أبوظبي للمؤتمرات، نخبة من الخبراء الدوليين من إسبانيا وكندا والولايات المتحدة وإيطاليا ودول الخليج، ومجموعة كبيرة من الكوادر الطبية العاملة في الدولة، وطلاب كليات الطب المختلفة بهدف توفير التدريب للحاضرين والمشاركين، وإطلاعهم على أفضل الممارسات وآخر المستجدات العلمية في مجال نقل وزراعة الأعضاء.
مجال حديث
وأشار الخبراء إلى أن طب نقل وزراعة الأعضاء يعد من المجالات الطبية الحديثة، المليئة بالتحديات، وبالاختراقات والتطورات المتلاحقة أيضاً، وأن أحد أهم هذه التحديات هو ما يُعرف برفض الجسم للعضو المزروع، وهي العملية التي تنتج عن مهاجمة جهاز المناعة للعضو، ومعاملته كجسم غريب يجب القضاء عليه، والتخلص منه، ما قد يؤدي بالتبعية إلى فشل عملية الزراعة، وربما الحاجة إلى إزالة العضو لاحقاً. هذا التحدي تتم مواجهته بأسلوبين: الأول هو اختيار متبرع متطابق نسيجياً قدر الإمكان مع المريض، والثاني هو الاعتماد على الأدوية والعقاقير المثبطة لجهاز المناعة.
تنسيق التبرع
وخصص الدكتور مارتي مانياليتش، البروفيسور بجامعة برشلونة، موضوع محاضرته حول كيفية إنشاء وهيكلة وإدارة ما يُعرف بمراكز تنسيق التبرع الأعضاء، وهي منظمات مسؤولة عن تقييم أهلية المتبرع المُتوفى، وصلاحية وكفاءة العضو المتبرع به، بالإضافة إلى التنسيق بين مكان حصد العضو المرغوب فيه، والجهة التي ستتم فيها عملية الزراعة، بما ذلك سبل ووسائل نقل العضو بين المكانين، ضمن النطاق الجغرافي لصلاحية عمل ونشاط مركز التنسيق المعني.
التجربة الأميركية
وقدمت سوزان جندرسون، رئيسة ومؤسسة أحد أهم مراكز تنسيق التبرع بالأعضاء في الولايات المتحدة «لايف-سورس»، عرضاً وشرحاً تفصيلياً عن الأهمية التي أصبحت هذه المراكز تحتلها في منظومة الرعاية الطبية الحديثة. حيث يبلغ عدد هذه المراكز في الولايات المتحدة حالياً 58 مركزاً معتمداً فيدرالياً ويعتبر مركز لايف- سورس، الذي يقع مقرّه في مدينة مينيابولس بولاية مينوسوتا، ويعمل به حالياً 145 موظفاً، ثاني أكبر مركز أميركي من حيث مساحة التغطية الجغرافية، ويقدم خدماته لأكثر من 7 ملايين شخص، ومنذ إنشائه عام 1989، نسَّق المركز أكثر من 14 ألف عملية تبرع وزراعة، بالإضافة إلى 250 ألف نسيج بشري مختلف، وهي الإنجازات التي تم تحقيقها من خلال التعاون الوثيق مع 9 مراكز زراعة إقليمية.
التجربة السعودية
من جانبه استعرض الدكتور محمد إبراهيم الصغير، وكيل الوزارة المساعدة للتحول الوطني للقطاع الصحي في المملكة العربية السعودية عضو المركز السعودي لزراعة الأعضاء، التجربة السعودية في مجال زراعة الأعضاء، حيث أسس المركز قبل قرابة الأربعة عقود، ويعتبر حالياً مركزاً مرجعياً لباقي دول مجلس التعاون الخليجي، وتمثلت البداية في إنشاء المركز الوطني للكلى، ما شكّل حينها بداية لمرحلة جديدة في تنظيم علاج مرضى الفشل الكلوي، وتنظيم ممارسة زراعة الكلى من الأحياء الأقارب، ومن بعدها البدء ببرنامج التبرع بعد الوفاة الدماغية، ثم تحويل المركز الوطني للكلى إلى المركز السعودي لزراعة الأعضاء.
تحديات
شدد الأطباء على أن التحدي الأكبر الذي يواجه مجال نقل وزراعة الأعضاء، هو النقص الحاد في المتوافر من الأعضاء البشرية المتبرع بها، وهو النقص الذي يؤدي حسب بعض الإحصاءات والتقديرات إلى وفاة 20 شخصاً يومياً في الولايات المتحدة فقط، بينما هم على قوائم الانتظار الطويلة، ويقدر أيضاً أن في الولايات المتحدة وحدها، ورغم إجراء قرابة 35 ألف عملية نقل وزراعة للأعضاء سنوياً، لا زال يوجد أكثر من 114 ألف طفل وامرأة ورجل على قوائم الانتظار حالياً.
المصدر: البيان