قال أكاديميون إن هناك خمسة تخصصات جامعية هي الأكثر جذباً للطالبات للعام الدراسي المقبل، وهي علوم الاستدامة وتكنولوجيا المعلومات والفنون الجميلة والعلوم الصحية والإعلام، فيما رأوا أن الكثيرين من الطلاب باتوا يفضلون دراسة الأمن السيبراني كتخصص مستقبلي.
ودعا الأكاديميون إلى ترتيب زيارات ميدانية لطلبة الثانوية العامة إلى الدوائر الحكومية والمؤسسات الخاصة، لتعريفهم بالوظائف الأكثر طلباً، بالنظر إلى حاجة سوق العمل.
وقال أستاذ الإعلام في جامعة زايد، الدكتور السيد بخيت، إن الاهتمام بالتخصصات الجامعية يختلف بين الشباب والفتيات. فبالنسبة للطالبات تأتي تخصصات «IT» أو تكنولوجيا المعلومات والفنون الجميلة والعلوم الصحية وعلوم الاستدامة في الصدارة، بسبب توافر فرص العمل فيها بشكل كبير، لاسيما مجال تكنولوجيا المعلومات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي والوسائط المتعددة، بما يجعل مثل هذه المجالات متطورة وأكثر جذباً للإناث.
وأضاف لـ«الإمارات اليوم»: «لاحظت أيضاً أن هناك إقبالاً كبيراً من الطالبات على الفنون الجميلة والعلوم الصحية وعلوم الاستدامة تزامناً مع نجاح الإمارات في تنظيم (كوب 28)، وانتشار علوم البيئة والعلوم المتعلقة بالاستدامة، وأيضاً بعد انتهاء أزمة (كوفيد-19)، حيث بدأ التركيز بشكل أكبر على كليات تهتم بالعلوم البيئية والصحية من جانب الطالبات بشكل كبير».
وذكر بخيت أن تخصصات العلوم الإنسانية والتربية لا تجد مثل هذا الإقبال من الفتيات، لأن فرص العمل فيها أقل وتحتاج إلى مزيد من الاحتكاك مع الآخرين، بما يحد من اللجوء إليها.
وقال بخيت: «إن الطلاب الذكور يميلون في الوقت الراهن إلى تخصصات تتعلق بالأمن السيبراني ووظائف التكنولوجيا ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي، باعتبار أن العديد منهم يرى نفسه فيها كوظيفة مستقبلية».
وأشار إلى أن هناك مجالات بدأ اهتمام الطلبة بها من الجنسين يزداد، وهي الكليات التي تدرّس تخصصات بينية، بمعنى أن الطالب يتخرج وهو حاصل على أكثر من تخصص في المجال نفسه، فيمكنه دراسة إدارة الأعمال والابتكار وأمور خاصة بالتصميم ومهارات التواصل، فأكثر من تخصص يكون مدمجاً في تخصص واحد، خصوصاً أن سوق العمل يحتاج لأن يكون الشخص مزوداً بمهارات مختلفة وليس في تخصص واحد.
ودعا إلى تفعيل عدد من الأمور من بينها زيارات ميدانية بين المؤسسات التعليمية والمؤسسات الحكومية والخاصة، بحيث تستضيف تلك المؤسسات طلبة المدارس لتعريفهم بالتخصصات المطروحة في الدولة، وأكثرها وأقلها إقبالاً، وحاجة سوق العمل، بحيث يتسنى للطالب اختيار التخصص حسب أفضل تصور وفقاً لسوق العمل والواقع، مع طرح بدائل مختلفة أمام الطالب.
من جانبه، قال عميد كلية الاتصال في الجامعة القاسمية، الدكتور هشام عباس زكريا: «تغيرت نظرة الطلبة في الوقت الراهن حول اختيار تخصصاتهم، حيث لاحظت أن الطالبات أصبحن يتجهن نحو تخصصات الفنون الجميلة والعلوم الصحية والاتصال والإعلام والتكنولوجيا، حيث إن كليات الاتصال التي عملت بها كان عدد الطالبات فيها الأكثر، بل هنّ المتفوقات في تخصصات الإعلام المتنوعة، كما لا حظت أيضاً اتجاه الطالبات بنسبة كبيرة نحو تخصص إدارة الموارد البشرية، وهو تخصص يتناسب مع التكوين الفطري للمرأة في إدارة الشؤون، وقد أبدعن في هذا المجال بعد التخرج، إضافة إلى تخصصات الفنون والتصميم الغرافيكي».
وأضاف: «يعد تخصص التمريض الذي يحتاج إلى البعد العاطفي مع التكوين العلمي هو الرغبة التي تسيطر على اختيارات الطالبات، إضافة إلى العلوم الطبية مثل الصيدلة والصحة العامة، والعلوم الإنسانية المتنوعة وخصوصاً التربية».
وأردف: «في ما يتعلق بالبنين فإن اتجاهاتهم في معظمها تميل نحو تخصصات الهندسة بأنواعها، خصوصاً هندسة الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، إضافة إلى إدارة الأعمال والمحاسبة».
وأكد أن الطلبة أصبحوا أكثر وعياً لاختيار تخصصاتهم الجامعية، وتراجع دور الأسرة في تحديد تخصص الطالب في ظل الوعي المبكر لهؤلاء الطلبة، وهذه ظاهرة إيجابية يجب على الأسرة دعمها وتشجيع خيارات الطلبة، لما لها من أثر في التفوق الدراسي للطالب وتحقيق النجاحات عند الالتحاق بالعمل.
وقال أستاذ علوم البيئة في جامعة زايد للاستدامة، الدكتور سهيل الغفلي، إن التخصصات التي تفضلها الطالبات يأتي في مقدمتها تقنية المعلومات والاستدامة، والفنون والعلوم الطبية والطب البشري، موضحاً أن مجال تقنية المعلومات شهد تسجيل عدد كبير من الفتيات هذا العام، لأنه مطلوب بشكل كبير باعتباره يمثل 40% من الوظائف المستقبلية.
وأوضح أنه في ما يتعلق بمجال الاستدامة، فإن الإقبال تزايد عليه لتداخله مع جميع التخصصات، حيث يشمل ثلاثة محاور اجتماعية واقتصادية وبيئية. فبشكل عام تدخل الاستدامة في مختلف التخصصات، وهو ما يستدعي ضرورة إنشاء وزارة مختصة بهذا المجال، مثلما تبوأت الدولة الريادة في إنشاء وزارة للذكاء الاصطناعي.
وقال الغفلي: «أظهرت المؤشرات أيضاً اهتمام الطالبات بمجالات الفنون – ومن أبرزها الديكور – بشكل أكثر من الشباب، في ظل ما تحتاجه من رؤية فنية وهندسية، إلى جانب مجالات العلوم التي تتجه إليها البنات بنسبة تراوح بين 80 و90%، فمثلاً جامعة الإمارات أغلقت أقسام الشباب في علوم الرياضيات بسبب ضعف الإقبال عليها».
وتابع: «أما في ما يخص الشباب، فإن مجالي إدارة الأعمال والأمن السيبراني يأتيان على رأسها، خصوصاً أن عدداً كبيراً من الشباب يتجه للعمل في القطاعين الحكومي والخاص، وبالتالي فإن إدارة الأعمال تمثل اهتماماً من نوع خاص بالنسبة لهم، فيما يركّز آخرون على الأمن السيبراني وبرمجة الحواسيب وتقنية المعلومات».
وذكر أنه في ما يتعلق بمجال الفضاء وهندسته، مازال الإقبال عليه ضعيفاً بعض الشيء من الجنسين، باستثناء المهتمين بصورة أكبر، كما شهد مجال الطيران دخول الفتيات، وخصوصاً في مجال العمل بقيادة الطائرات، لكن بصورة أقل من الشباب.
وأشار الغفلي إلى أن هناك مهناً جديدة بدأت تستقطب الفتيات على الرغم من أن طبيعتها لم تكن ملائمة لهن، مطالباً بضرورة إتاحة الحوافز لمجالات مهمة تعزف عنها الفتيات، أبرزها التمريض، لأننا نحتاج إلى مثل هذا التخصص بصورة أكبر، كما دعا ذوي الطلبة إلى إعادة توجيه نظر أبنائهم نحو تخصصات مهمة مثل الأحياء والهندسة الحيوية التي ظهرت أهميتها وقت أزمة «كورونا».
الامارات اليوم