عبد الله الشمري
عبد الله الشمري
عبد الله الشمري كاتب و باحث سعودي متخصص في الشؤون التركية

إيران مغناطيس أم فيروس؟

آراء

خلال الشهر الحالي أعلن كل من الأردن والمغرب (وهما الدولتان الموعودتان بالانضمام لمجلس التعاون الخليجي) العزم على إرسال سفراء لطهران واستقبال سفراء ايرانيين جُدد، حيث صدر تأكيد من مصدر دبلوماسي على أن الأردن “أبلغ إيران رسميا” بموافقته على ترشيح السفير الذي سمته إيران منذ بضعة أشهر، كممثل لها في المملكة وأن الأردن -بدوره- “اتخذ قرارا بإرسال سفير له إلى طهران”، وأنه سيرشح اسم سفير “قريبا جدا” لشغل هذا المنصب، الذي بقي شاغرا منذ أعوام.

من جهة أخرى أعلن مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبداللهيان أن طهران والرباط اتفقتا على ضرورة استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين (المقطوعة من مارس 2009م )، ناقلا تأكيد كل من وزيري الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، ونظيره المغربي صلاح الدين مزوار في اتصال هاتفي على الأواصر التي تربط بين شعبي البلدين، واتفاقهما على ضرورة استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والمغرب.

واختتم مساعد وزير الخارجية النشط تصريحه بقوله: “استنادا إلى هذا الاتفاق، ستتم قريبا إعادة فتح سفارتي البلدين في طهران والرباط”، وأن سفارتي البلدين ستفتحان أبوابهما مجددا قريبا، معتبرا حضور ممثل إيراني في الاجتماع الأخير بمراكش للجنة القدس مؤشراً على تحسن العلاقات بين البلدين.

والأخبار هذا الأسبوع من اليمن تُشير الى انتصارات للحوثيين وسط أنباء متضاربة حول أنهم يخططون للتوجه والسيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء.

اذا لنعد لعنوان المقال: هل إيران مغناطيس أم فيروس؟

جاءت فكرة المقال بعد وصول رسالة ممن يُرجع إليهم بالمشورة نصها: “إيران تلقط كل ساقط وتسقط كل لاقط”، وهي مثل الفيروس “السياسي” متى ما ضعف الجسم (دولة) تولجته” تعليقا على مقالي الأسبوع الماضي المعنون بـ”إيران من أربكان إلى أردوغان”.

غردت بهذه الفكرة : “هل إيران فيروس أم مغناطيس الشرق الأوسط ؟” وكان تفاعل الأخوات والاخوة الأعزاء في “تويتر” رائعا والنقاش ثريا، وهناك من زاد أن ايران ليست فيروسا أو مغناطيسا، بل هي “سرطان” الشرق الأوسط، والصدفة أن رئيس البرلمان “علي لاريجاني” قال يوم الجمعة الماضي خلال الاحتفال بالدستور، التونسي: “إن اسرائيل هي سرطان المنطقة” (شخصيا أذهب الى أن إيران سرطان أون لاين): أي سرطان عبر بروكسي!!

قبل أن نُقرر ماذا كانت إيران فيروسا أو سرطانا أو مغناطيسا يجب أن نفهم إيران جيدا.

فمثلا يقول مؤلف كتاب تجربة الإسلام السياسي لمؤلفه اؤليفيه روا: ” إيران البلد الوحيد الذي استقر فيه التشيُع كدين للدولة، والبلد الوحيد الذي شهد ثورة إسلامية.

فالثورة الإيرانية وثيقة الإسلام بالتشيع لا كمذهب وعقيدة وإنما كتاريخ، فالتماهي بين التشيع وإيران يتأتي من سيرورة تاريخية تمت في حقبتين زمنيتين الأولى (تشييع) من (شيعة) إيران على يد الصفويين (الأتراك وليس الفُرس) في القرن السادس عشر الميلادي، والثانية (إيرنة) من إيران غير الناجزة بعد للأقليات الشيعية الأجنبية عبر إنشاء (أكليروس) يغلب عليه العنصر الإيراني (فارسي وآذاري) مركزي ومتراتب.

من الناحية المُعلنة فالمادة الحادية عشرة من الدستور التي نصها “بحكم الآية الكريمة: (إن هذه أمتكم أمة واحدة) فالمسلمون أمة واحدة، وعلى حكومة جمهورية إيران الإسلامية إقامة كل سياساتها العامة على أساس تضامن الشعوب الإسلامية ووحدتها، وأن تواصل سعيها من أجل تحقيق الوحدة الإسلامية والاقتصادية والثقافية في العالم.. هذا يفسر جزءا من السلوك السياسي لإيران.

أيضا هل يجب أن نلوم إيران على أن كان لديها سحرا خاصا لجذب الآخرين؟ أم نلوم أنفسنا على عدم قدرتنا أو بعض أصدقائنا من عدم القدرة على مقاومة الفيروس؟

الإجابة النهائية أن إيران فيروس ومغناطيس في نفس الوقت، فهل نتوقف عن شتم إيران ثم نبدأ في التعامل معها بندية أكثر وواقعية سياسية أذكى؟

لنذهب الى إيران -إن كانت صديقا وإن كانت عدوا- لأن أهل السياسة يؤمنون بأن الابتعاد عن العدو هو أخطر من البعد عن الصديق لتفويت الفرصة على بعض الوسطاء والناقلين غير الأمناء.

المصدر: اليوم السعودية