الأمم المتحدة تحذر من تكرار مذبحة سربنيتشا في «كوباني»

أخبار

توغل تنظيم «داعش» الإرهابي داخل عين العرب «كوباني» السورية أمس على الرغم من استمرار غارات التحالف الدولي، وسيطر على «المربع الأمني» الذي يضم مقرات وحدات الحماية الكردية و»الاسايش» والمجلس المحلي للمدينة التي يسعى إلى عزلها بشكل تام عبر قطع الطريق المؤدي إلى الحدود التركية، في وقت دعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، السلطات التركية إلى السماح للمتطوعين الأكراد بالعبور مجددا إلى كوباني لحمايتها، محذرا من تكرار مذبحة سربرنيتشا التي قتل فيها الآلاف في البوسنة عام 1995.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، «إن مقاتلي داعش باتوا بعد اقتحامهم المربع الأمني، يسيطرون على 40 بالمئة من مساحة المدينة، وذلك بعد استحواذهم على شرقها، وتقدمهم من جهتي الجنوب والغرب»، وأضاف «أن السيطرة على المربع الأمني تتيح لعناصر التنظيم التقدم نحو المعبر الحدودي مع تركيا على بعد أقل من كيلومتر واحد شمال المدينة»، مشيرا إلى أن السيطرة على هذا المعبر تعني بالتالي محاصرة المقاتلين الأكراد من الجهات الأربع»، وأضاف «انهم يحاولون الوصول بأي ثمن إلى المعبر».

ويشن «داعش» هجومه مستعينا بآلاف المقاتلين المزودين أسلحة ثقيلة، في حين يقوم مئات المقاتلين الأكراد بالدفاع عن مدينتهم بأسلحتهم الخفيفة وسط نقص في الإمدادات، وحالة من الإحباط مع تناقص ذخيرتهم، مطالبين بتكثيف الغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي على مواقع التنظيم.

لكن هذه الغارات لم تفلح في وقف تقدم المتشددين علر رغم أنها دمرت آليات ومواقع للتنظيم، من دون أن تعيق إمداداته بالسلاح الآتية من معاقل في الرقة وحلب».

وأضاف المرصد «أن التنظيم ركز خلال الـساعات الأربع والعشرين الماضية على استخدام الدراجات النارية في نقل الذخيرة والمقاتلين في أطراف المدينة وأحيائها، وذلك لتفادي غارات التحالف المستمرة.

ولفت من جهة ثانية إلى لجوء التنظيم مرة أخرى إلى العمليات الانتحارية حيث قام عنصر بتفجير نفسه في سيارة مفخخة قرب مركز للقوات الكردية، لكن من دون أن تعرف حصيلة التفجير.

من جهته، قال أوجلان ايسو وهو نائب قائد القوات الكردية في كوباني «إن قتالا يدور حاليا بين داعش ومقاتلين أكراد قرب مبنى تستخدمه قوات الأمن»، لكنه نفى أن يكون التنظيم قد أحرز تقدما كبيرا في المدينة، وأضاف «إن التنظيم لا يزال يقصف وسط المدينة بقذائف المورتر الأمر الذي يعني أن مقاتليه لم يوسعوا نطاق سيطرتهم على أكثر من 20 في المئة.

هناك اشتباكات عنيفة وهم يقصفون وسط كوباني من بعيد».

لكن مدير إذاعة «آرتا اف.

ام» الكردية مصطفى عبدي قال «إنه لا يبدو أن الضربات الجوية رغم كثافتها أعطت الفاعلية المطلوبة، لان داعش يواصل تقدمه»، وأضاف «أن عناصر داعش يستخدمون السيارات المدنية ويرفعون أعلاما كردية عليها للتمويه وتضليل طائرات التحالف، مشيرا إلى أن بعض المقاتلين يتصلون به وهم يبكون ويقولون له: نحن لا ندافع عن كوباني فحسب، بل نكافح الإرهاب».

وتابع قائلا «كوباني هي رمز المقاومة ضد داعش في سوريا، وهي تحارب منذ 25 يوما اكبر مجموعة إرهابية في العالم، لكن خطر سقوط المدينة بشكل كامل بات كبيرا»، مشيرا إلى أن هناك العديد من القناصة من «داعش» منتشرون في المدينة.

وقال ناشط محلي يدعى فرهاد الشامي لـ»وكالة الأنباء الألمانية» «إن داعش نقل مقاتلين إلى الجبهة الشرقية من كوباني في محاولة للوصول إلى المعبر الحدودي مع نقطة مورسيت بينار التركية»، وأضاف «إن القصف بمدافع الهاون يستهدف منذ الساعات الأولى الطريق المؤدي من شرق كوباني إلى الحدود».

وذكرت صحافية في وكالة «فرانس برس» أن أصوات الأسلحة الرشاشة وقذائف الهاون تسمع من منطقة الحدود التركية، وتشاهد سحب كثيفة من الدخان الأسود فوق المدينة.

وكانت القيادة المركزية في الجيش الأميركي أعلنت عن شن تسع ضربات جوية في سوريا استهدفت مقاتلي «داعش» بينها سبع ضربات قرب كوباني.

وقالت في بيان «إن ضربتين دمرتا منشأتي تدريب للتنظيم، وأربع ضربات استهدفت عربات ودبابة ومدفع رشاش ثقيل ووحدتين صغيرتين لمقاتلي التنظيم، بينما قصفت الضربة السابعة منطقة إلى الشمال الشرقي من المدينة، فيما قصفت ضربتان مراكز للتنظيم في مدينتي دير الزور والحسكة.

وقال مسؤول عسكري أميركي فضل عدم الكشف عن هويته «نضرب عندما نراهم»، وأضاف «فرص الضربات الجوية متوفرة حاليا في كوباني».

وقال مسؤول عسكري كبير آخر فضل عدم الكشف عن هويته «لا يوجد أي تغيير في الاستراتيجية ولكن التنظيم عرض جنوده عندما توجه شمالا نحو كوباني مقدما أهدافا قوية».

واكد مسؤول أميركي آخر أن العسكريين الأميركيين هم بالتأكيد واعون للوضع الإنساني الملح الذي يوجد فيه الأكراد في كوباني ولكنهم لا يعتبرون مع ذلك هذه المدينة استراتيجية، وأضاف «لن نقحم نفسنا في استراتيجية مدينة تلو المدينة.

.الأولوية بالنسبة للجنرالات الأميركيين هي دحر التنظيم أولا في العراق حيث من الممكن القيام بمزيد من العمل مع القوات المحلية القادرة على القتال».

إلى ذلك، دعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا أمس السلطات التركية إلى السماح لحشود اللاجئين الأكراد بالعبور مجددا إلى كوباني للمشاركة في الدفاع عنها.

محذرا من انه يخشى وقوع مجزرة، وقال «أتذكرون سربرنيتشا؟ (في إشارة إلى بلدة سربرنيتشا في يوغوسلافيا السابقة التي قتل فيها 8000 مسلم بأيدي الصرب عام 1995 في أسوأ فظائع تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية عندما تقاعست قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة عن حمايتهم).

وأضاف دي ميستورا مستعينا بصور التقطت بالأقمار الاصطناعية «أن بين عشرة آلاف و13 ألفا من السكان موجودون في موقع في منطقة الحدود بين تركيا وسوريا وكثيرون ما زالوا داخل المدينة»، وأضاف «إذا سقطت المدينة سيتعرض آلاف المدنيين للذبح على الأرجح»، وتابع قائلا «نعم نتذكر سربرنيتشا؟.

لم ننس مطلقا وربما لن نغفر لأنفسنا أبدا»، وأضاف «عندما يكون هناك خطر وشيك لا ينبغي أن نلزم الصمت».

وتابع متحدثا من جنيف «نود مناشدة السلطات التركية كي تسمح بتدفق المتطوعين على الأقل ومعداتهم حتى يتمكنوا من دخول المدينة والمشاركة في عملية دفاع عن النفس».

وأكد دي ميستورا الذي خلف كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي في منصب مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا أنه لا يوجد حل عسكري للحرب السورية، لكنه أشار إلى أن الحقائق تغيرت على الأرض منذ الاتفاق على خطوط عريضة لإنهاء الصراع في مؤتمر دولي في جنيف عام 2012.

وقال إنه ما من أحد سيفوز بالحرب وإن ظهور «داعش» كعدو مشترك أتاح الفرصة لوقف اطلاق النار في مناطق داخل سوريا وإنهاء عمليات حصار طويلة هناك.

وأوضح ردا على سؤال حول ما إذا كان سيجري مفاوضات مع تنظيم «داعش» إن لديه التفويض للحديث مع أي طرف ويتوقع منه ذلك إذا ما ساهم هذا في التوصل الى حل سياسي أو تحسين الوضع الإنساني، لكنني لا أعرض ولا أعتزم وهم لم يطلبوا لقاء أحد منا».

(عواصم – وكالات)