«الإخوان» تدير إمبراطورية مالية خفية رأسمالها 100 مليون إسترليني ببريطانيا وسويسرا

أخبار

تحقيق: عبدالرحمن شلبي ومحمد علي زيدان،

لم يكن تتبع ثروات «الإخوان المسلمين» خارج مصر- دولة المقر وموطن التنظيم- بالأمر اليسير. فالتنظيم يتبع خطوات بالغة التعقيد والتشابك لإخفاء علاقته بأي من مصادر تمويله المجهولة محلياً ودولياً. ولأنها جماعة وُلدت «سرية» واستمرت «محظورة»، فقد احترفت العمل تحت وطأة المطاردة، فابتكر قادتها أساليب خاصة لإخفاء الأموال وتدويرها عبر واجهات براقة لا غبار عليها وأشخاص ربما لا يعرفهم أحد، لتبقى الجماعة في مأمن من السلطات المصرية التي ظلت تطاردهم وتصادر أموالهم المشكوك فيها طيلة ثمانين عاماً. وقد كان تنظيم الإخوان أكثر خبرة من رجال نظام مبارك، فيما يتعلق بالتعامل مع الجمعيات والشركات التي تدير من خلالها أموالها حول العالم، فيما يعرف باسم «جزر النعيم الضريبي»، وشركات الـ«أوف شور».

واليوم مع تصاعد عنف الإخوان في مصر ومحاولاتهم المستمرة لإجهاض خارطة الطريق، تحاول «الاتحاد» تسليط الضوء مجدداً على المصادر التي تستمد منها الجماعة قدرتها على الحياة والبقاء، بعرض بيانات ومعلومات تفصيلية، سبق نشر بعضها ، بخصوص شبكة الجماعة المالية في أوروبا، عبر تحقيق استقصائي استغرق إعداده 3 أشهر.

كان من البديهي أن تكون أولى محطات تتبع تمويل تنظيم الإخوان المسلمين في الخارج؛ لأن التمويل الداخلي القائم على جمع التبرعات والاشتراكات من الأعضاء البالغ عددهم 500 ألف عضو، وفق ثروت الخرباوي القيادي السابق بالتنظيم، لا يكفي طبعاً لتمويل مشروعاتهم السياسية والإنفاق على انتخابات الرئاسة ومختلف أوجه الدعاية؛ لذا كان لزاماً التوصل إلى المنبع الرئيسي.
بداية الخيط

كان سعيد رمضان، زوج ابنة حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، بداية الخيط، حيث خرج من مصر عام 1958 متجهاً إلى جنيف، واستقر هناك وأنجب عدداً من الأولاد، منهم طارق وهاني مؤسسا المركز الإسلامي في المدينة السويسرية الشهيرة، لتتشعّب دوائر «الإخوان» في أوروبا مع إنشاء جمعيات خيرية وشركات غطاء لجمع الأموال من الخارج وإدخالها إلى مصر عن طريق عدد من الوسائل يكشف عنها التحقيق لاحقاً. 23 جمعية خيرية وشركات أسسها أعضاء تنظيم الإخوان في بريطانيا وسويسرا برئاسة قيادات إخوانية، تدير أصولا تتجاوز قيمتها 100 مليون جنيه استرليني، وفقا للمستندات.

وفي العاصمة البريطانية وحدها أسس “الإخوان” 13 جمعية، استطاع فريق التحقيق التوصل إليها.

ويتحكم في هذه الجمعيات، 3 من قيادات الجماعة، على رأسهم عصام الحداد المساعد السابق للرئيس المعزول محمد مرسي، وإبراهيم الزيات وإبراهيم منير. وتشير الوثائق إلى أن يوسف ندا، رجل الأعمال المصري الحاصل على الجنسية الإيطالية الذي كان يشغل منصب المفوض لجماعة الإخوان في الخارج، قد أسس «بنك التقوى» في جزر «البهاما»، إضافة إلى شركتي «ندا إنترناشيونال للخرسانة» و«التقوى للإدارة»، وتمت تصفيتهما في فبراير 2004. بدأت السلطات الأميركية في وضع اسم مؤسسات «يوسف ندا» و«علي غالب همت»، أحد أهم شركائه، تحت الحراسة عام 2000، مما دفع بالشريكين (ندا وهمت) إلى تغيير اسم الشركة من «التقوى للإدارة» إلى «ندا للإدارة» «NADA MANAGEMENT ORGANIZATION SA in liquidazione». وعملت الشركة في مجال الاستشارات والخدمات الائتمانية وتنفيذ المشروعات وإدارة الممتلكات والوساطة العقارية.

تشير الدراسة، التي أعدها المركز الاستراتيجي والتقييم الدولي في الولايات المتحدة إلى أن يوسف ندا قام بخرق حظر السفر المفروض عليه من قبَل الأمم المتحدة عام 2002 وسافر من محل إقامته في إيطاليا إلى سويسرا، وقام بتغيير أسماء العديد من شركاته وتقدم بطلبات لتصفية شركاته الجديدة، وعيّن نفسه مسؤولاً عن التصفية، وهو ما تؤكده مستندات سويسرية حصل عليها فريق التحقيق بالنسبة لعدد من الشركات التي تحمل اسم «التقوى».

لم تحمل الأوراق جديداً في هذا الشأن، حيث صودرت أموال ندا «الشركة والبنك» بعد اتهامه بالتورط في أحداث 11 سبتمبر، إلا أن الأوراق راحت تكشف عن بعد أكثر أهمية، وهو خريطة تشابك العلاقات بين المؤسسين والخيوط الأولى وراء تمويل التنظيم، وحملت أوراق تأسيس شركات يوسف ندا أسماء عدة لأشخاص ينتمي بعضهم لتنظيم الإخوان في دول مختلفة، كما أن بعضهم أسس جمعيات عديدة تقوم على جمع التبرعات والاشتراكات من الأعضاء للإنفاق تحت بنود ظاهرية تتمثل في «تعميق الوعي الإسلامي والرغبة في مساعدة الآخرين، وتعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية للأعضاء، وتمكين الأعضاء من الوفاء بواجباتهم تجاه أسرهم وأنفسهم».

في تصريحات صحفية لجريدة «الوفد» المصرية في أكتوبر 2011، كان محمد مهدي عاكف، المرشد السابق للجماعة، يتباهى بأن تنظيم الإخوان المسلمين منتشر في 72 دولة حول العالم، وأن لديهم العديد من التنظيمات في كل هذه الدول حتى الولايات المتحدة نفسها، حيث توجد الجمعية الإسلامية الأميركية «Mas». تصريحات المرشد السابق تؤكد أن الإخوان في الدول الأجنبية اعتمدوا في تنظيمهم على جمعيات إسلامية، أو دعوية ذات نشاط خيرى.

جمعيات خيرية أغلبها في سويسرا تمكّن فريق التحقيق من كشف سيطرة «الإخوان» على مجالس إداراتها، وهي تقوم بجمع الاشتراكات والتبرعات من الأعضاء بهدف تمويل أنشطة التنظيم. لم تحصر الأوراق الخاصة بهذه الجمعيات عدد الأعضاء، لكنها ترصد بعض المبالغ التي كانت موجودة فيها وقت حصول الجريدة على المستندات، بخلاف معلومات إضافية عن نشاطها ومديرها، وجاءت كالتالي

الجمعية الأولى:

المركز الإسلامي في جنيف، وهو جمعية مؤسسة في 1995 ومقرها الرئيسي في البناية رقم 104 بشارع «أوكس فيفس» وتم تأسيسها على يد أحفاد حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان، ومن بينهم طارق رمضان، وهو مصري الأصل يحمل الجنسية السويسرية، ويعمل محاضراً في علوم الإسلام بجامعة أوكسفورد البريطانية وجامعة فرايبوغ السويسرية.

ووفقاً للمستندات السويسرية، فإن الجمعية تقوم علي جمع الاشتراكات من الأعضاء ورسوم العضوية والتبرعات والهبات من أي نوع بخلاف الدخل المقبل من الأصول وبيع المطبوعات، بما في ذلك رسوم المشاركة في المؤتمرات والمعارض، وكان من بين أهدافها المعلنة عام 1996 إنشاء وصيانة مسجد ومكتبة إسلامية وقاعة للمؤتمرات لصالح الجالية الإسلامية في جنيف.

ويتكون مجلس الإدارة من 7 أعضاء، جميعهم من أحفاد البنا وأبناء سكرتيره الشخصي وزوج ابنته سعيد رمضان. وتشير المستندات إلى أن أيمن رمضان يشغل منصب رئيس المركز، فيما يشغل شقيقه هاني منصب المدير، أما بقية الأشقاء وهم: أروى ووفاء وبلال وطارق وياسر، فيشكلون مجلس إدارة المركز، وجميعهم لهم حق التوقيع.

الجمعية الثانية:

«الجماعة الإسلامية في «كانتون» بسويسرا «Comunità Islamica Nel Canton;Ticino» تم تأسيسها عام 1992، ويشغل منصب الرئيس التنفيذي لها رجل الأعمال الإيطالي من أصل سوري «علي غالب همت» الذي يُعد أحد قيادات «الإخوان»، بينما يشغل محمد محمود عبدالمعطي (مصري الجنسية) منصب النائب، وتضم قائمة عضوية مجلس الإدارة كلاً من «محمد كرموص»، تونسي يحمل الجنسية الفرنسية، و«سليمان سليمان» و«فهيم المحب»، ليبيان، وكان من ضمن المؤسسين «سعد أبوزيد إبراهيم»، مصري يحمل الجنسية الإيطالية، خرج من مجلس الإدارة في 16 أبريل 2002، أعقبه خروج «أحمد نصر الدين إدريس» في نوفمبر 2003.

الأسماء التي تظهر في مجلس الإدارة غير معروفة لدينا، فكانت المهمة الأولى معرفة مَن هؤلاء وتوجهاتهم السياسية لتتكشف المفاجآت تباعاً.. الدكتور «محمد كرموص»، وفقاً لموقع مركز «سواسية» لحقوق الإنسان الذي أسسته جماعة الإخوان المسلمين في 2004، أحد قيادات «الإخوان»، كان يشغل منصب عضو المجلس الاستشاري لمركز «سواسية» لحقوق الإنسان، وبالبحث عن بقية الأسماء نكتشف أن «سليمان سليمان»، ليبي الجنسية، هو نفسه «سليمان عبدالقادر» المراقب العام للإخوان المسلمين في ليبيا، و«إدريس نصر الدين»، رجل الأعمال الكويتي ذو الجنسية الإيطالية، قد عمل قنصلاً فخرياً للكويت في «ميلانو»، وأحد الموظفين السابقين في مؤسسة «بن لادن»، وكان أحد المتهمين في أحداث 11 سبتمبر وثبت عدم صحة تلك الاتهامات ضده خلال 2006، ويمتلك إدريس عدداً كبيراً من الشركات الاستثمارية في بنما من بينها ،«Cosmo Building Materials Inc»،وهي شركة مواد بناء مؤسسة في 1995، وشركة قابضة تحت اسم Nigeria Shares Managementholding Inc»، بخلاف 4 شركات أخرى، كلها مؤسسة في بنما في تواريخ ما بين 1992 وحتى 1995.

وفقاً للسجلات السويسرية، فإن «الجمعية الإسلامية» في «كانتون» هي منظمة دينية غير هادفة للربح، تهدف في الأساس إلى تعزيز الممارسات الدينية ونشر الوعي الإسلامي، وتوفير المساعدات للأعضاء والمسلمين للوفاء بواجباتهم تجاه أنفسهم وأسرهم والتعاون مع الجمعيات الإسلامية والهيئات الأخرى، وتعتمد في تمويلها على الاشتراكات الشهرية الإلزامية التي تحددها اللجنة للأعضاء الفعالين وغيرهم، والتبرعات والهبات، وتتشكل الجمعية إدارياً من أعضاء مؤسسين ومساهمين ولجنة تتكون من 5 إلى 7 أعضاء بخلاف الأقسام الإدارية الأخرى.

وتوضح المستندات، التي تمكن فريق التحقيق من الحصول عليها، أن الجمعية الإسلامية، وفقاً لميزانية 2006، كانت بها سيولة مالية قدرها 414٫5 ألف دولار خلاف 531٫2 ألف فرنك سويسري، لتصل القيمة الإجمالية لهذه السيولة قرابة «1٫1 مليون دولار».

الجمعية الثالثة:

«مركز الثقافة الاجتماعية للمسلمين في لوزان بسويسرا» Centre Socio Culturel Des;Musulmans De Lausanne تم تأسيسها في 2002، وتعتمد في تمويلها علي اشتراكات الأعضاء وأموال الهبات والمنح والاستثمارات الأخرى، وذلك وفقاً لمستندات تأسيس الجمعية في سويسرا.

الهدف من إنشاء الجمعية هو الترويج الثقافي والديني والاجتماعي والتعاون مع المنظمات الأخرى، وبها سيولة مالية قدرها 6٫6 مليون جنيه إسترليني، ويشغل منصب الرئيس التنفيذي لها «محمد كرموص»، إلى جانب أمين الصندوق «أحمد بن رحومة»، التونسي الأصل، الذي يحمل الجنسية السويسرية.

الجمعية الرابعة:

«المؤسسة الثقافية الاجتماعية في سويسرا» «Fondation Euro-Suisse Mithak» أنشئت في أبريل 2010 بهدف تحسين صورة المسلمين في سويسرا ومساعدتهم على الاندماج في العمل الاجتماعي وإنشاء جسور تواصل بين الشباب المسلم في الغرب والدول المسلمة. لم تذكر السجلات السويسرية أي معلومات عن طرق تمويل الجمعية، إلا أن ميزانية عام 2009 ذكرت أن السيولة المتاحة لديها بعد الصرف علي أهدافها بلغت 192 ألف دولار بخلاف 213 ألف فرنك سويسري.

ووفقاً للسجلات، فإن تشكيل مجلس إدارة المؤسسة يتكون من 5 أعضاء على الأقل، بخلاف مراقبي الحسابات، إلى جانب مجلس أمناء، وتكشف المستندات أيضاً أن محمد كرموص يشغل منصب رئيس مجلس الأمناء إلي جانب آخرين.

الجمعية الخامسة:

«مؤسسة التأثير الاجتماعي والثقافي» Fondation D,Oeuvres A Rayonnement Socioculturelles Fors أنشئت في أوائل 2010 بغرض المساهمة في الحياة الثقافية وإلغاء الحواجز، والتبادل الثقافي، وتهدف أيضاً المنظمة إلي تقديم الإعانات للأشخاص الذين يحتاجون إلى إعانات اجتماعية، وهي منظمة غير هادفة للربح وفقاً للسجلات السويسرية.

الأوراق التي حصل عليها فريق التحقيق بشأن المنظمة تكشف وجود سيولة مالية لديها قيمتها 400 ألف جنيه إسترليني، وتدار المنظمة من خلال مجلس أمناء ومجلس تنفيذي، ويشغل الدكتور «محمد كرموص» فيه عضواً بمجلس الأمناء، بينما ذكرت الأوراق أن «نادية كرموص» تشغل منصب الرئيس التنفيذي.

الجمعية السادسة:

«اتحاد مسلمي سويسرا» Ligue Des Musulmans De Suisse تم تأسيسها في يناير 2006، على يد الدكتور محمد كرموص الذي تخارج منها عام 1997 ليترك الإدارة لاثنين آخرين من تونس هما «عادل مجرى» و«طاهر جويلي».

وتكشف مستندات تأسيس الجمعية أن الهدف منها الحوار بين مختلف الثقافات والأديان، وتعتمد في التمويل على اشتراكات الأعضاء والبالغ عددهم بحسب أوراق سرية حصل عليها فريق التحقيق، 10 أعضاء متطوعين و120 عضواً ناشطاً، بخلاف 500 عضو آخرين، وذكرت الأوراق أن اشتراكات الأعضاء ورسوم العضوية هي المورد الرئيسي للتمويل، فيما لم تحدد الأوراق أي موارد أخرى، بينما تكشف ميزانية العام الأول لبدء عمل المنظمة في سويسرا عن أن بها سيولة مالية تصل إلى مليون جنيه إسترليني موزعة ما بين دولار وفرنك سويسري.

وتذكر الأوراق أنه تم نقل مقرها من مدينة «نيوشاتل»، في عام 2008 مما دفع الإدارة في السجل التجاري إلى حذف اسمها من السجلات لديهم، وتم إدراجها في مقر آخر.

الجمعية السابعة:

«الاتحاد الإسلامي للمعلمين» «Union Islamique Des Enseignants» تأسست في يناير 2010 على يد «محمد كرموص» وشغل منصب الأمين العام للجمعية و«عبدلله الكندري» كويتي الجنسية، بهدف الدفاع عن الحقوق النقابية والمهنية ودعم التعاون السياسي بين جميع الدول الأعضاء، وتعتمد في التمويل على إيرادات سنوية ناتجة عن المطبوعات التي تقدمها والمنح والهبات.

مستندٌ سويسريٌ آخر يكشف عن أن ميزانية الجمعية بنهاية عام 2009 كانت تمتلك سيولة قيمتها 479 ألف دولار بخلاف 531 ألف فرنك سويسري.

الجمعية الثامنة:

«رابطة المنظمات الإسلامية في زيوريخ» تم تأسيسها عام 1996 «Vereinigung Der Islamischen; Organisationen In Zürich» وتعتمد على الرسوم السنوية والاشتراكات، والهدف منها بناء مركز إسلامي ومقبرة إسلامية، وذلك وقت التأسيس، كما تكشف الأوراق عن تغيير الهدف الرئيسي للمنظمة إلى التنسيق بين المنظمات الإسلامية المحلية في زيوريخ والمنظمات الأخرى في سويسرا، وتقوم في حدود قدراتها على ممارسة الشعائر الدينية، والمصالح الاجتماعية والثقافية وتجهيز المسلمين بالمعرفة اللازمة والأدوات لمواجهة المشاكل اليومية.

الجمعية تم تأسيسها على يد «إسماعيل أمين» من أصل مصري يحمل الجنسية السويسرية، و«محمود الجندي» يحمل الجنسية السويسرية وآخرين.

الجمعية التاسعة:

«مؤسسة الجماعة الإسلامية في زيوريخ» Stiftung Islamische Gemeinschaft Zürich تم تأسيسها عام 1994، على يد إسماعيل أمين، و23 شخصية أخرى، من بينهم «محمد منصور» و«حسن أبويوسف» يحمل الجنسية السويسرية، و«محمد إبراهيم»، وهو أحد شركاء «يوسف ندا» في شركة التقوي للإدارة التي تم إغلاقها عام 2004، بخلاف آخرين من ليبيا وشخصيات عربية يحملون الجنسية السويسرية.

وتهدف الجمعية إلى مساعدة مسلمي زيوريخ، وتعتمد في التمويل على رسوم الاشتراك السنوية بخلاف دعم الجمهور والتبرعات وإيرادات الأنشطة المختلفة التي تقوم بها الجمعية من إدارة مساجد ومبانٍ عقارية.

وترصد ميزانية الجمعية، التي حصل عليها فريق التحقيق، أنه بنهاية عام 2006 كانت لديها سيولة مالية قيمتها 166 ألف دولار بخلاف 213 ألف فرنك سويسري.

الجمعية العاشرة:

«الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية في جنيف» International Islamic Charitable Organization٫ Sharq Koweït٫ Succursale De Meyrin ولها فروع في عدد من الدول العربية، من بينها الكويت، وتم تسجيلها في عام 2001 في جنيف كفرع للمركز الرئيسي الموجود بالكويت، بهدف مساعدة المحتاجين من المرضي والأيتام وضحايا الكوارث والمجاعات.

وتم إدخال تعديلات عدة على الجمعية من بينها إلغاء الترخيص للفرع في جنيف في مارس 2010، وتضم الجمعية 31 عضو مجلس إدارة، تتصدرهم أسماء معروفة بانتمائها لجماعة الإخوان: الشيخ «يوسف القرضاوي» – قطري الجنسية ومصري الأصل – إلى جانب الدكتور «زغلول النجار» و«علي غالب همت» القيادي الإخواني، بجانب آخرين من الكويت وليبيا وسويسرا.

الوضع في بريطانيا مختلف

هذه الجمعيات كلها في سويسرا، بينما في بريطانيا الأمر مختلف، فقد كان من المستحيل الوصول إلى أي معلومات عن شركات وجمعيات الإخوان المسلمين فيها إلا بعد توليهم للحكم في مصر وهي الفترة التي توسعت فيها قيادات الإخوان، وبدأت تظهر أسماؤهم في الجمعيات والشركات دون خوف.

تكشف الوثائق عن 13 مؤسسة خيرية ومالية كبرى يتحكم فيها 3 أشخاص من قيادات التنظيم الدولي للإخوان يوجهون الأموال منها وإليها ويستثمرون أيضاً الأموال في قطاعات مختلفة منها التجزئة والقطاع المالي والملابس والتجارة.

تتشابك العلاقات بين المؤسسات الـ13 لتكشف عن وجوه مصرية جديدة كان لها دور بارز في إدارة وهيكلة وتمويل تنظيم الإخوان على مدار السنوات الماضية لبناء قواعد له في الخارج تمتد إلى مجموعة من الدول عبر أشخاص من مختلف الجنسيات.

كان الدكتور عصام الحداد الذي كان يشغل منصب مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية في عهد المعزول «مرسى» واحداً من أهم الشخصيات في تمويل الإخوان في لندن، هذا المنصب الذي كان سيسهم في تربعه على قواعد التنظيم الدولي للإخوان الذي يدير عناصر الجماعة حول العالم على الجانب السياسي والمالي.

تكشف الوثائق، التي تم الحصول عليها عبر جهات رسمية في المملكة المتحدة «إنجلترا»، عن أن «الحداد» تولي إدارة المنظمة الإسلامية للإغاثة Islamic Relief Worldwide ابتداءً من أول يناير عام 1992 وصولاً إلى 12 يوليو 2013، عقب الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي بـ9 أيام فقط. يقول الدكتور سمير غطاس رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن استقالة عصام الحداد من منصبه كمدير لمنظمة الإغاثة الإسلامية، عقب الإطاحة بـ«المعزول»، جاءت خوفاً من تتبع أموال الجماعة أو مصادرتها أو مخاطبة الجهات الخارجية لتجميد هذه الأموال. ويضيف الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية أن «الحداد» كان مسؤولاً عن التنسيق بين 64 جمعية في الخارج، وهذا المنصب كان يتطلب عدم الظهور على السطح.

وأدار «الحداد» تلك الجمعيات لما له من خبرة في التنسيق بين أفرع الجمعيات والجماعة بالخارج بخلاف علاقاته الممتدة في عدد من الدول، وإجادة اللغة الإنجليزية بحسب غطاس، مستدلاً علي حديثه قائلاً «الحداد التقى مستشار الأمن القومي الأميركي في الولايات المتحدة الأميركية في 8 ديسمبر 2012، وهي الواقعة الشهيرة التي التقى أيضاً فيها الرئيس الأميركي باراك أوباما». وتابع «غطاس» أن عصام الحداد لم يظهر تحت الأضواء في السابق في عهد مبارك، لأسباب عدة أولها أن ظهوره كان سيؤدي إلى تتبع الجهات الحكومية لأموال تنظيم الإخوان لكن أول ظهور له كان مع تولي الإخوان الحكم، ومن ثم تم تصعيده ليكون مساعد الرئيس للشؤون الخارجية، ليتمكن من التنسيق بين الدول والجمعيات والمنظمات التي تدعم التنظيم في الخارج.

وأضاف أن عائلة الحداد تمتلك العديد من الاستثمارات في لندن بشراكة مع بعض المواطنين ورجال الأعمال الباكستانيين من المسلمين المقيمين في لندن.

يؤكد هذا الكلام أيضاً إخطار أرسلته المنظمة في سويسرا إلى فرع المنظمة بالقاهرة والتي طلبت فيه ضرورة إقالة الدكتور عصام الحداد أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين من مجلس إدارة الفرع في مصر، وفقاً لتأكيدات أحد المستشارين القانونيين للمنظمة الذي أطلعنا على خطاب المنظمة الأم إلى الفرع في مصر.

وأضاف المستشار القانوني في تصريحات مسجلة أن الهدف من الإقالة هو إبعاد الشبهات وحتى لا يتردد أن هناك علاقة صلة بين المنظمة والجماعة، أو أن المنظمة تقدم أي دعم لجماعة الإخوان في مصر.

وأوضح أن كل الأوراق الرسمية للمنظمة تخلو من أي تبرعات لحساب تنظيمات أو جماعات أخرى، مشيراً إلى أن جميع التحويلات التي تتم من المركز الرئيسي في لندن للفرع في القاهرة يتم توجيهها إلى أعمال خيرية وإعانات للفقراء في المحافظات والمناطق العشوائية، وهو الأمر الذي تتبعه جماعة الإخوان في الترويج لنفسها سياسياً. ووفقاً للسجلات البريطانية، فإن مؤسسة الإغاثة الإسلامية أُنشئت عام 89 في 28 دولة، يترأس إدارتها، بجانب الحداد، مجموعة من قيادات «الإخوان» المسلمين، على رأسهم العراقي أحمد كاظم الراوي، وهو شقيق الدكتور عصام الراوي أحد أقطاب تنظيم الإخوان المسلمين في العراق، إضافة إلى آخرين، من بينهم الدكتور هاني عبدالجواد البنا المنصوري، الذي ينفي دائماً خلال حواراته في صحف أجنبية وعربية وجود أي صلة له بعائلة حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، لكن المفاجأة كانت في نهاية مايو 2013 عند ظهوره الأول في مصر كمتحدث رسمي باسم مؤتمر «تكامل»، وهو المؤتمر الذي دعا له الرئيس المعزول لجمعيات المجتمع المدني في مصر، بحضور 250 جمعية، منها جمعيات تابعة لتنظيم الإخوان المسلمين، قامت الحكومة المصرية بتجميد أموالهما في الفترة الماضية في إطار حصر أموال الجماعة، طبقاً لقرار اللجنة المشكلة من وزارة العدل.

وتضم المنظمة أيضاً، وفقاً للمستندات الدكتور محمد الألفي الذي تكشف المستندات، وفقاً لتصريحاته أثناء زيارته مصر في أوائل العام الحالي، عن أنه كان هناك تعنت من جهات سيادية داخل مصر تجاه فتح فرع لمنظمة الإغاثة الإسلامية التي تتخذ من لندن مركزاً رئيساً لها في مصر، لكن تمكنت هذه المنظمة من فتح مقر لها فعلياً في مصر في عهد المعزول «محمد مرسي».

علاقة منظمة الإغاثة الإسلامية بتنظيم الإخوان واضحة من خلال تشابك القائمين على إدارة أموال المنظمة الذين ينتمون إلى التنظيم الدولي للإخوان، وهو ما يؤكده أيضاً بحث قام به الصحفي الأميركي المتخصص في شؤون مكافحة الإرهاب ستيفن إميرسون في إحدى دراساته عن الإخوان المسلمين التي تؤكد أن المنظمة وجميع المنظمات التابعة لها الموزعة على شكل جمعيات ومنظمات وهيئات مستقلة هدفها الجوانب الثقافية والعلمية والاجتماعية والدينية، ليست أكثر من واجهات «إخوانية» في تيار عالمي له أبعاد سياسية مدروسة.

كيف بدأت» الإمبراطورية الإخوانية»

الإمبراطورية المالية لتنظيم الإخوان واعتمادهم في التمويل على جمعيات خيرية ليس أمراً جديداً، وإنما بدأ في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، عندما قام بإصدار قرار بحل الجماعة في 1954، وملاحقتهم أمنياً، فهرب الرعيل الأول لهم إلى الخارج، هكذا يتحدث الدكتور سمير غطاس رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات، مؤكداً أن هروبهم الأول كان إلى السعودية التي تكون أساليب التمويل فيها في الغالب عن طريق تبرعات إلى مؤسسات خيرية، انتقلت بعد ذلك القيادات إلى 3 وجهات رئيسية ألمانيا وبريطانيا وسويسرا، حيث يسهل إنشاء الجمعيات الخيرية، وكذلك الشركات عبر أنظمة الـ«أوف شور».

يتحدث هنا الخبير الاقتصادي الدكتور طلال توفيق عن شركات «الأوف شور» قائلاً: هي شركات تنشأ في دول النعيم الضريبي بعيداً عن أعين الرقابة المتشددة، وكانت هذه الدول التي تفتح أبوابها للشركات تسمح بإخفاء أسماء الملاك الحقيقيين، وتكتفي باسم مدير الشركة الذي غالباً ما يكون محامياً وكيلاً عن المؤسسين، لكن مع تعدد قضايا غسل الأموال بدأت مؤخراً وقبل أشهر قليلة من الآن في إلزام المحامين بوضع اسم من أسماء الملاك الرئيسيين على مستندات الشركة.

ومن أشهر هذه الدول التي تفتح أبوابها لشركات الـ«أوف شور» بنما وجزر العذارى البريطانية، ولا تلتزم تلك الشركات بتقديم ملفات إفصاح كامل، وإنما تلتزم فقط بتسليم بيان ختامي عن الميزانيات، وبعض أسماء المديرين، كما لا تقدم إقرارات ضريبية، حيث إن جميعها معفاة من الضرائب، وهو الأمر الذي يسمح بقيام هذه الشركات بعمليات تحويل للأموال عبر العديد من الدول بعيداً عن أعين الرقابة، حسبما يقول الدكتور طلال توفيق الخبير الاقتصادي.

وتكشف الأوراق والمستندات عن أن إبراهيم الزيات عضو في منظمة الإغاثة الإسلامية منذ عام 1998 ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس أمناء، وهو من مواليد 1968 مصري، ويحمل الجنسية الألمانية، وهو أحد أهم أعضاء التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، حيث تولى رئاسة الجمعية الإسلامية في ألمانيا خلفاً لـ«علي غالب همت» سوري الأصل وشريك يوسف ندا القطب الإخواني.

ويطلق على الجمعية الإسلامية في ألمانيا «فرع من الإخوان المسلمين»، بجانب عبدالوهاب عبدالرحمن نور والي سعودي الجنسية بخلاف عبدالشهيد عبدالرافع الشال، أحد مؤسسي لجنة الإغاثة الإسلامية في لندن الذي سيكشف التحقيق لاحقاً عن المزيد من التفاصيل عنه.

الطريق إلى الزيات

كان الاسم الثاني الذي بدأ الطريق الصحفي التقصي عنه في بريطانيا هو إبراهيم الزيات.. تكشف الوثائق عن أن إبراهيم الزيات مقيد لدى السلطات البريطانية بثلاثة أكواد يمتلك من خلالها 3 مؤسسات بخلاف «الإغاثة الإسلامية»، الاسم الأول كان بكود رقم 906277353، شغل من خلاله منصبه في منظمة الإغاثة الإسلامية في لندن والمسجلة برقم 02365572، ومنظمة الإغاثة الإسلامية سجلت في 28 مارس 1989 من مكتبها في برمنجهام تعمل تحت بند أنشطة العمل الاجتماعي، ومسجل لديها 250 ألف موظف.

وفقاً لأوراق وميزانيات المنظمة، فإن حصة المساهمين الرئيسيين تبلغ 39,2 مليون جنيه إسترليني، بينما تبلغ حجم أصول المؤسسة 42,2 مليون جنيه إسترليني، ويصل حجم السيولة المالية لديها «الكاش» إلى 21,4 مليون جنيه إسترليني.

ويكشف الموقع الرسمي للمنظمة على شبكة الإنترنت عن أنها تتلقى دعماً من مؤسسات خيرية عديدة وبنوك، على رأسها مؤسسة قطر الخيرية، وهي تعمل في 25 بلداً في آسيا وأفريقيا وأوروبا، منها: قطر، فلسطين، السودان، باكستان، بنجلاديش، مصر، تشاد، العراق، الأردن، اليمن، لبنان، وسوريا، كما تتلقى دعماً من البنك الإسلامي للتنمية واتحاد الأطباء العرب ومنظمة الأمم المتحدة.

الوثائق المالية لمنظمة الإغاثة الإسلامية أوضحت أن المنظمة لها عدد من الفروع حول العالم، بخلاف استثمارات في شركات، على رأسها شركة «Tic International Limited»، وهي شركة تعمل في مجال تجارة الجملة من الملابس والأحذية، تم تأسيسها في مارس 1993 بلندن برقم 02796175، رئيس مجلس إدارتها وقت التأسيس الدكتور هاني عبدالجواد البنا المنصوري، الذي تم الكشف عن علاقته بالإخوان أعلاه، بجانب الدكتور محمد عمر الألفي.

وكشفت المستندات عن أن الشركة تمتلك أموالاً بقيمة 133 ألف جنيه إسترليني لدى البنوك، و258,23 ألف جنيه إسترليني سيولة نقدية لديها بالخزينة، بجانب قيمة صافية بلغت 300 ألف إسترليني بخلاف أصول قيمتها 1,2 مليون جنيه إسترليني.

وكان الكود الثاني لإبراهيم الزيات تحت اسم إبراهيم فاروق الزيات برقم 917984668. يمتلك «الزيات» من خلال هذا الكود حديث الإنشاء مؤسسة واحدة تحت اسم «Islamic Relief Waqf»، تم إنشاؤها في 16 يوليو 2013 في أعقاب عزل «مرسي». وهي مؤسسة محدودة ولم تبين أوراق التسجيل أنشطة المؤسسة، لكن الأوراق كشفت عن أن الشركة الوليدة أُسست على يد إبراهيم الزيات وعمر الألفي، وهو رجل أعمال مصري معروف أنه ينتمي للإخوان، وفقاً لما تم الكشف عنه في السابق، بجانب شخص سعودي يدعى عبدالوهاب عبدالرحمن نور والي، وهو كان عضواً في منظمة الإغاثة الإسلامية التي تم ذكرها في السابق.

وكان الكود الثالث لإبراهيم الزيات، البالغ من العمر 45 عاماً، 910270869، يمتلك من خلاله شركة «Europe Trust»، أسست في أكتوبر 2003، وهي شركة محدودة تعمل في مجال الائتمان، تقوم في استثماراتها علي جمع تبرعات أو أموال من رجال الأعمال واستثمارها في مجالات مختلفة، على رأسها العقارات.

وفقاً للمستندات تحمل الشركة رقم 04927787 في السجلات البريطانية، وتضم الشركة 13 عضو مجلس أمناء وإدارة، على رأسهم أحمد كاظم الراوي وإبراهيم الزيات.

ويقول الدكتور سمير غطاس، إن إبراهيم الزيات وإبراهيم منير، ويوسف ندا كانوا من الأسماء المعروفة لقيادتها للتنظيم الدولي، واستغلوا إقامتهم خارج مصر في إنشاء كيانات اقتصادية وجمعيات في الخارج لتمويل التنظيم مالياً عبر جمع تبرعات مالية وأنشطة تجارية.

ووفقاً لميزانيات الشركة، فإن لديها سيولة تبلغ قيمتها 267 ألف جنيه إسترليني، بينما تبلغ قيمة استثماراتها الصافية نحو 5,3 مليون إسترليني، وتبلغ قيمة أصولها 429,6 ألف جنيه إسترليني.

قادنا إبراهيم الزيات إلى اسم جديد في منظومة تمويل الإخوان، حيث ضم مجلس إدارة شركة «Europe Trust» شخصاً يدعي عبدالشهيد عبدالرافع الشال، مصري الجنسية، الذي تم المرور على اسمه في بداية هذا التحقيق في لجنة الإغاثة الإسلامية. هو أحد أفراد الرعيل الأول للإخوان في المحلة الكبرى «مدينة مصرية»، التحق بجماعة الإخوان منذ نعومة أظفاره حتى أبريل 2011 عندما توفي، وتقدم المرشد العام للجماعة بعزاء رسمي على الموقع الرئيسي لجماعة الإخوان.

تخرج عبدالشهيد في كلية الدراسات الإسلامية بالقاهرة، سافر بعدها إلى اليمن عام 1981، ومنها إلى برمنجهام بإنجلترا، وهناك عمل مدرساً للجالية اليمنية، وحصل على ماجستير في الاقتصاد الإسلامي من جامعة جلاسكو البريطانية.

كان لـ«عبدالشهيد» دور كبير في التمويل، حيث امتلك شركات مؤسسة خارج مصر، وتحديداً في بريطانيا، تتجاوز قيمتها الصافية 20 مليون جنيه إسترليني، بينما تبلغ السيولة النقدية فيها 12 مليون جنيه إسترليني، بخلاف شركة «Europe Trust» التي ذكرت في السابق.

امتلك عبدالشهيد 5 مؤسسات كانت تعمل في بريطانيا، لكنها أغلقت في 2005 و2010، منها Takaful Trust، The Renaissance Foundation، إلى جانب شركة «Hassan El Banna Foundation» وشركتين أخريين، بينما ظلت 5 شركات أخريات تعمل في السوق، كانت أولاها شركة «Fed 2000» أسست في 13 أغسطس 1996، تعمل في مجال دعم المشاريع التعليمية، وهي مؤسسة خيرية مسجلة في بريطانيا، تمتلك سيولة نقدية لدى البنوك بقيمة 120 ألف إسترليني، القيمة الصافية للشركة تبلغ 111 ألف إسترليني، وفقاً لميزانيات 2012.

ثانية الشركات التي كشفت عنها الوثائق كانت «World Media Services Ltd»، وهي شركة تعمل في مجال خدمات وسائل الإعلام، أسست عام 1993، وتمتلك سيولة نقدية بسيطة للغاية لا تتجاوز 1900 جنيه إسترليني. وامتلك أيضاً عبدالشهيد شركة «Tiseer Welfare Trust»، وهي شركة أسست في 2007 لتعزيز التعليم والتدريب ورعاية المرضي والأغراض الخيرية الأخرى، لديها سيولة، وفقاً للمستندات5700 جنيه إسترليني، وقيمتها الصافية تقترب من حجم السيولة نفسه. كانت الشركة الثالثة، التي لا تزال تعمل حتى الآن، هي شركة Jordan Company Secretaries Limited، وهي شركة أسست في 2007، وتعمل في مجال توفير الخدمات للشركات البريطانية وخدمات المعلومات التجارية. وفقاً للأوراق لديها سيولة 346 ألف جنيه إسترليني، بينما تبلغ قيمتها الصافية 630 ألف إسترليني، وهي مملوكة لشركة تحمل اسم West Of England Trust Limited The، وهي شركة أسست في 1994. ويبلغ حجم السيولة المالية فيها 11٫03 مليون جنيه إسترليني، بينما تبلغ قيمتها الصافية نحو 17,7 مليون جنيه إسترليني، في حين تمتلك الشركة نفسها 8 شركات تابعة، وفقاً للمستندات، لكن جميعها لا توجد بها أي سيولة مالية في نهاية 2012.

كانت الشركة الخامسة التي تمكن فريق البحث من الوصول إليها مؤسسة تدير مسجداً يحمل اسم «Finsbury Park Mosque»، وهي أسست في أبريل 2010، لديها سيولة مالية قيمتها 180,8 ألف جنيه إسترليني، بينما تبلغ قيمتها الصافية 1,5 مليون جنيه إسترليني.

كان آخر الأسماء الذي كشفت عنه تفاصيل الشركات والجمعيات التي يديرها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين هو إبراهيم منير، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين والأمين العام للتنظيم الدولي للجماعة، كان يمتلك شركة لتجارة وتصدير اللحوم تم تصفيتها 2008، في لندن.

ستار للمخابرات

وتكشف أوراق جميع المؤسسات، التي تم الكشف عنها في السابق، عن أن نظامها الأساسي يسمح لها بالتعامل مع الجمعيات والمؤسسات الشبيهة حول العالم، الأمر الذي يؤكد سهولة تحريك الأموال من جمعية لأخرى، وفقاً لتحليل رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الدكتور سمير غطاس. يحلل «غطاس» هذه الأوراق والترابط بين تلك الجمعيات قائلاً: إن الجمعيات تنشأ في بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية، وكذلك بنما كستار لأعمال أخرى تستخدمها في الغالب مخابرات دول وتظهر أنها جمعيات خيرية تهدف لتمويل أعمال اجتماعية عبر جمع تبرعات، لكن في الحقيقة أنها تستخدم في عمليات غسل أموال والتجارة غير المشروعة في بعض الأحيان.

وقال «غطاس»، إن الإخوان يستغلون الجمعيات التي تجمع تبرعات في تمويل أهدافها السياسية منذ فترة بعيدة، على سبيل المثال صندوق خاص تم إنشاؤه من قبل «حماس» الفرع الإخواني في غزة، وكان يديره ومسؤولاً عنه الشيخ يوسف القرضاوي المعروف بانتمائه للإخوان المسلمين، وكان يجمع التمويل من الدول الخليجية عبر تبرعات وتمويل أهداف فرع الإخوان في غزة.

وتابع أن «الإخوان في بريطانيا استخدموا الجمعيات لتملك عقارات وشركات استهلاكية بهدف التمويل»، موضحاً أن أغلب الجمعيات تتم برعاية دولية.

ويخلص التحقيق إلى أن الجمعيات العشر في سويسرا التي تم رصدها، وتتبع ميزانياتها وسجلاتها، تظهر أن الفائض لديها مجتمعة، بعد استنفاد بنود المصروفات عن عام مالي واحد، تجاوز 5 ملايين جنيه إسترليني، علماً بأن بعضها تم تأسيسه منذ 1996، أي ما يقارب 17 عاماً، بينما في بريطانيا كانت الجمعيات الـ13 والشركات يسيطر عليها 3 قيادات من الإخوان، بخلاف شخصيات أخرى تتركز لديهم الملاءة المالية، وينتمون للتنظيم، لكن ليسوا معروفين للعامة، مثل عبدالشهيد عبدالرافع الشال.

ومن بين الجمعيات الأخرى الشهيرة بانتمائها لجماعة الإخوان الجمعية الإسلامية الأميركية «Mas»، التي يرأسها الدكتور «عصام عميش»، وتم تأسيسها عام 1993 وتعمل في مجال الدعوة والتعليم والشباب، وتضم نحو 1000 عضو عامل، وأكثر من 100 ألف من المشاركين، وتنتشر من خلال 60 فرعاً في 35 ولاية. وتنشط الجمعية من خلال هيكل إداري يشمل عدداً من المؤسسات والأقسام، من بينها مؤسسة «الحرية للعمل السياسي والحقوقي» ومؤسسة «الدعوة والتعريف بالإسلام» و«مؤسسة الخدمات الاجتماعية» و«الجامعة الإسلامية الأميركية» و«مجلس المدارس الإسلامية» و«مؤسسة الكشافة الإسلامية» و«مركز التكوين والتنمية» و«مجلة المسلم الأميركي».

ثروت الخرباوي، القيادي الإخواني السابق، الذي ظل داخل التنظيم لأكثر من 20 عاماً، أكد في تصريحات خاصة أن الجماعة تعتمد على الجمعيات الخيرية في الخارج كأنبوبة جمع الاشتراكات الرئيسية، واصفاً إياها بأنها «المنبع الرئيسي للأموال والاشتراكات والتبرعات»، غير أنه شدد على أن أموال تلك الجمعيات في الغالب لا تأتي إلى مصر وإنما يتم تحويلها لبعض الدول الأخرى، التي تحتاج قيادات الإخوان فيها إلى دعم مالي بأمر من المرشد العام في مصر.

وقدر «الخرباوي» دخل الجماعة الشهري من تبرعات الأعضاء بنحو 100 مليون جنيه مصري، قياساً على عدد الأعضاء في مصر والبالغ نحو 500 ألف عضو، بخلاف استثمارات تصل إلى 180 مليار جنيه مصري سنوياً «تعادل ميزانيات بعض الدول العربية». على حد قوله.

ويقول النائب السابق للمرشد العام محمد حبيب: «إن الجماعة لا ترفض أي تبرع من الأشخاص المنتمين للجماعة، وإن هذه التبرعات من الممكن أن تزيد خلال الأزمات أو فترات الانتخابات البرلمانية وغيرها». وعن المصريين في الخارج، أكد أنه يتم الحصول منهم على اشتراكات شهرية كأعضاء بالجماعة مثلهم مثل الموجودين بالداخل.

ويكشف الدكتور محمد حبيب عن أن عمليات تحويل الأموال من الدول لبعضها بعضا واشتراكات الأعضاء كانت تتم عن طريق أشخاص عائدين إلى مصر يقومون بتسليم الأموال يداً بيد في حدود المبلغ المسموح لهم الدخول به.

وكانت السلطات المصرية تسمح للمواطنين العائدين من الخارج أو المسافرين بحمل أموال نقدية قيمتها 10 آلاف دولار كحد أقصى. ويكشف التحقيق الاستقصائي عن أن هناك شركات عديدة تخص أفراداً من رجال الأعمال المنتمين لجماعة الإخوان وهم يسددون الاشتراكات السنوية، إلى جانب تبرعات لصالح التنظيم. ووفقاً لما تم كشفه في التحقيق وأكده محمد حبيب، فإن الجماعة تقوم في الأساس على اشتراكات أعضائها المصريين في الداخل والخارج، ويتم تجميع الأموال في الخارج عن طريق جمعيات خيرية. وتقوم 23 جمعية خيرية في سويسرا وبريطانيا، بدعم النشاط في دولها، وتتوجه الفائض، بحسب أوامر المرشد، إلى دول أخرى. وكانت عمليات التحويل تتم نقدياً عبر أشخاص وليس عبر بنوك أو شركات.

المصدر: الاتحاد