عبدالعزيز السويد
عبدالعزيز السويد
كاتب بصحيفة الحياة

النزاهة تهمة غير معلنة

آراء

هناك موظفون كرام سواء في القطاع الحكومي أم القطاع الخاص قاوموا الفساد أو حاولوا مقاومته كل بحسب قدرته، لا شك في أن مثل هؤلاء قد دفعوا ثمناً كبيراً من صحتهم ومن فرصهم الوظيفية في الترقيات وغيرها وحتى من علاقاتهم الاجتماعية، وظيفياً التجميد كان أبسط الأساليب لإبعاد من لا ينضم إلى دائرة الفساد، أو بالتلذذ في الاستهداف الوظيفي، في مثل هذه البؤر ينظر إلى النزاهة كمرض يُتخوف من عدواه، وليس هناك أصعب على الموظف النزيه من العمل وسط بؤرة فساد، خصوصاً حينما يكون رئيس الدائرة أو الجهاز الحكومي جزءاً من هذا الفساد بالخفاء طبعاً، لا شك في أن مثله يختنق كل يوم.

لكن الإجراءات العملية والكبيرة التي اتخذتها اللجنة العليا لمكافحة الفساد قلبت الصورة، وأعادت للنزاهة الوظيفية صورتها الناصعة، التي هي في المفترض السلوك الطبيعي للموظف رجلاً كان أو امرأة يعمل في القطاع العام أو الخاص، لكنه سلوك لا يحفظه سوى القوانين، فلا توعية ولا وعظ سيحقق نتيجة تذكر.

في زمن مضى، كان النزيه يتحدث – إذا تحدث – بصوت هامس عما يجري في عمله من خروقات للأنظمة، وتلاعب فيها، وبحث عن ثغرات للنفاذ منها إلى الثراء غير المشروع، كان الهمس أو الصمت هو السبيل لاتِّقاء الضرر المحتمل، الآن تغيَّرت الصورة، وإن احتاجت إلى وقت وقدوات لتترسَّخ، مع ضرورة استمرار جهود فرض القانون ومعالجة ثغراته ليكتمل التغيير، وليصبح الفساد استثناء منزوياً غير قادر على تسيُّد المشهد.

المصدر: الحياة