ميساء راشد غدير
ميساء راشد غدير
عضوة سابقة في المجلس الوطني الاتحادي، كاتبة عامود يومي في صحيفة البيان

تشخيص الخلل أولا

آراء

يوم انعقدت القمة الحكومية، كانت أهدافها تتلخص في عرض تجارب الجهات الحكومية المتميزة في خدمة المتعاملين من جانب، وتحقيق الريادة في الخدمات الحكومية من جانب آخر، وهو هدف لا يمكن أن يتحقق دون مكاشفة ومصارحة بين أعضاء الحكومة والجمهور، حول الخدمات التي تقدم لتقييمها وكيفية تطويرها.

استمع وشارك وتابع كثيرون الجلسات، لا سيما المتصلة بأهم الوزارات الخدمية، وهي التربية والتعليم، والصحة، ووزارة الشؤون الاجتماعية.

كان بعض الوزراء موفقين في إجاباتهم، لكن ما أن انتهت وقائع القمة إلا وشواهد أخرى تكشف خلاف ما أعلن وما أكد عليه الوزراء في حديثهم للجمهور، وهذا لا يعني تشكيكنا في قدراتهم، لكننا واثقون بأن خللا إداريا لا بد من الالتفات إليه والاعتناء به حتى لا يتسع الخرق على الراقع.

عندما سئل عبد الرحمن العويس وزير الصحة بالإنابة عن أهم الصعوبات التي تعطل إتمام دوره في المجتمع المحلي في وزارة الصحة، توقعنا أن تكون الأسباب ضعف الميزانية، أو عدم توفر الكفاءات والمعدات الطبية اللازمة، أو تفشي الأمراض والأوبئة – لا سمح الله – وصعوبة السيطرة عليها، أو غياب القوانين واللوائح وغيرها من المعضلات، لكن الوزير حصر أهم الصعوبات في ضعف الثقافة والوعي العام لدى الجمهور بالثقافة الصحية الأساسية، التي تقلل فرص إصابته بالمرض ودخوله إلى المستشفيات.

خيّل لنا ونحن نتابع إجابته أنه يتحدث عن مجتمع لا نعرفه، مجتمع غارق في غياهب الجهل والتخلف، بل ولا يكترث لصحته، في حين أن واقع الحال يقول إن كثيرا من المستفيدين من خدمات الصحة الاتحادية يشكون الفارق بين ما تقدمه الوزارة وما تقدمه الجهات المحلية أو القطاع الخاص، وهو القطاع الذي ما زال العاملون فيه من أطباء وفنيين وإداريين، يطالبون بتعديل أوضاعهم الوظيفية واستقطاب المزيد منهم، لوقف نزيف الاستقالات الذي كان وما زال سببا في تراجع مستوى هذا القطاع الاتحادي، رغم الميزانيات الضخمة التي ترصد له.

برنامج الأطباء الزائرين إلى الإمارات الذي بدأ في العام 1995، لاختصار التكاليف والاستفادة من خبراتهم وتدريب الكوادر الطبية المواطنة، لم يتمكن من تقليص أعداد المسافرين للخارج طلبا للعلاج، والتواصل في المعلومات بين جميع المستشفيات والمراكز ما زال في بداية الطريق ولم يحقق الهدف، بدليل أن مريض خورفكان لا يمكنه العلاج في مستشفى تابع للوزارة في منطقة الوليّة مباشرة دون أن يكون لديه تحويل!

مشكلات الصحة تتجاوز وعي الأفراد الصحي الذي نثق بنسبته العالية في الإمارات، لتكون في مسائل أكبر وأكثر أهمية تحتاج إلى أن يوليها الوزير اهتماما أكبر، لتكون الإمارات بين الدول الرائدة في تقديم أفضل الخدمات الصحية لمواطنيها والمقيمين فيها، فذلك غاية ما يطلبه الجميع، فالإمكانات المالية والبشرية موجودة، ولا ينقصنا شيء سوى تشخيص مواطن الخلل!

المصدر: صحيفة البيان