تقرير عن الدول العشر الأكثر نفوذا في منظمة اليونسكو

أخبار

تدخل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونيسكو» هذا العام في السنة الحرجة، التي تجعلها عرضة لاهتمام الرأي العام العالمي، بحيث تسلط وسائل الإعلام في العالم أجمع الأضواء على عمل هذه المنظمة المتخصصة في منظومة الأمم المتحدة وأهميتها وعملها في تحقيق الأهداف المرجوة منها. وذلك أن المديرة العامة لليونيسكو إيرينا بوكوفا تشرف على نهاية ولايتها الأولى هذا العام. وستشهد المنظمة في أواخر العام الحالي معركة انتخابية، من المتوقع أن يعاد فيها انتخاب البلغارية بوكوفا لولاية ثانية، على الرغم من صعوبة ذلك.

وكما يقول ديبلوماسي عارف بشؤون المنظمة، فإن «إيرينا بوكوفا هي المرشح الأقوى، فقد اعتادت الدول الأعضاء على أن تعطي فرصة ثانية للمدير العام أياً يكن بانتخابه لولاية ثانية». ويتابع الديبلوماسي شارحاً رأيه بأن الصعوبات المالية التي تواجه اليونيسكو اليوم والناجمة عن تجميد الولايات المتحدة مشاركتها المالية بعد قبول فلسطين كدولة عضو، لا تُحَلّ بتغيير المدير العام أو عدم تغييره، لأن ذلك يتجاوز الشخص ليصل إلى هيكلية العمل نفسه داخل المنظمة.

على هذا الصعيد، لا بد من الانتباه إلى دور الدول الأعضاء، لا سيما الدول المؤثرة أو الدول الأكثر تأثيراً، «والتي لا يتجاوز عددها عشر دول»، كما يلفت الديبلوماسي العريق. وفي طليعة هذه الدول تأتي، وعلى الرغم من كل شيء، الولايات المتحدة الأميركية، فإن واشنطن وإن جمدت مساهمتها المالية تبقى «دولة قائدة» ليس فقط بالنسبة إلى «المجموعة الأولى» (الدول الغربية) فحسب، بل أيضاً بالنسبة إلى الأسرة الدولية بالكامل، بفضل تأثيرها في مختلف القضايا. ثم يأتي دور فرنسا باعتبارها دولة المقر، وهذا ما يعطيها دوراً تاريخياً شرعياً. وجاء اختيار السفير دانيال روندو (الأديب والكاتب) مؤخراً مندوباً دائماً لفرنسا لدى اليونيسكو، ليعزز من دينامية الدور الفرنسي.

وبين دول أميركا اللاتينية، ظهر دور البرازيل كأحد عمالقة العالم الثالث، منذ انتخاب لولا داسيلفا على رأس البرازيل، إذ بدأت تعمل على تأكيد هذا الحضور وعنايته وبلورته. وهذا ما تستمر في العمل عليه الرئيسة الحالية دلما روسيف، ويظهر تأثيره المتصاعد في اليونيسكو.

من ناحية مجموعة الدول العربية، يلاحظ الديبلوماسي المراقب الدورَ الذي اضطلعت به مؤخراً المملكة العربية السعودية كدولة مؤثرة داخل المنظمة، وفي مختلف دوائرها، لا سيما في المجلس التنفيذي والمؤتمر العام، فقد كان للمملكة تأثيرها الكبير في الكثير من القرارات وتعبئة الجهود لصيانة وحدة المنظمة وعملها في مجالات اختصاصها، أي التربية والثقافة والعلم والاتصال. وعلى الرغم من أن السعودية دولة مؤسسة للمنظمة منذ العام 1946، فإنها دخلت نادي «الدول العشر» في السنوات الخمس الماضية، حيث دخلت المجلس التنفيذي، وساهمت في صناعة أكبر القرارات، وفي طليعتها قرار انتخاب فلسطين عضواً كامل العضوية في اليونيسكو. وجاءت هذه الدينامية الجديدة للمملكة في اليونيسكو بفضل جهاز جديد للوفد الدائم يرأسه زياد الدريس، الكاتب والباحث، الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس المجلس التنفيذي لليونيسكو. ويلاحظ أن الدور السعودي تبلور ليس بشكل وطني خاص بالسعودية، بل إنه جاء جامعاً وموحداً للموقف العربي العامي ومدافعاً عنه.

الدول العربية الأخرى كان لها نفوذها بصعود وهبوط، وفق ظروف كل منها، إذ استطاعت سلطنة عمان أن تلعب هذا الدور في فترة ما، وكذلك المغرب والجزائر واليمن ولبنان والأردن وغيرها، علماً أن مصر كانت دائماً صاحبة دور مؤثر. لكن هذا الدور أخذ بالتراجع والترهل في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق حسني مبارك… ولكن يبقى لمصر حجم تفرضه الجغرافيا السياسية على الرغم من الظروف.

وللدول العربية اليوم فرصة ترؤس المجلس التنفيذي للمنظمة، لأن الدور بات عند المجموعة العربية، وهناك اتفاق بالرأي بين الدول ومختلف المجموعات على هذا الأمر. ويرى الديبلوماسي العارف أن دولتين اثنتين ينظر إليهما في اليونيسكو لترؤّس إحداهما المجلس التنفيذي: السعودية أو مصر، فإذا ترأست السعودية المجلس التنفيذي في الولاية المقبلة فهذا أمر يعزز دورها كدولة رائدة بين الدول العشر في اليونيسكو. أما إذا نجحت مصر، فإن هذا الأمر من شأنه أن يساعدها على استعادة «دور ضائع» ويعيد إدخالها إلى «نادي العشر»…

نادي الدول العشر هذا، من شأنه أن يلعب الدور الأكبر في مستقبل المنظمة، بحيث تعود لتؤدي مهمتها الأساسية في منظومة الأمم المتحدة «كطفل مدلل» في قضايا العلم والفكر والثقافة، لا «كالرجل المريض» في قضايا السياسة.

 المصدر: صحيفة الحياة