عبد الله الشمري
عبد الله الشمري
عبد الله الشمري كاتب و باحث سعودي متخصص في الشؤون التركية

تقسيم بين طهران وواشنطن

آراء

حتى اللحظة لا يوجد ما يؤكد أو ينفي وجود دور خارجي مباشر في حدوث أكبر موجة من المظاهرات الشعبية السلمية التى تشهدها معظم المدن التركية على مدار العشرين يوما الماضية ( والتى لازالت قائمة حتى ساعة ارسال هذا المقال ),والسؤال من المسئول الاجنبي عن أحداث تركيا ؟ واشنطن أم طهران أم اسرائيل ؟ وما هى المصلحة المشتركة بينهم للتسبب في الاضطرابات ؟ وهل تحميل المسئولية على الاجنبي المجهول حقيقة واقعة أم هروب للأمام ؟

اليف دوغان الطالبة التركية بجامعة (بهجه شهير) تؤكد ان هناك جهات اجنبية هى التى اشعلت احداث تقسيم .. قد تكون امريكا او ايران او النظام السوري او حتى هولندا فأعداء تركيا كثيرون ؟ فيما يؤكد البروفسور (ب.ك اوغلوا ) ان امريكا واسرائيل هما من اشعلا الاحداث ويذهب الى وجود تأكيدات رسمية على ان قناة ال (سي ان ان) الامريكية جهزت سيارات بث ميداني قبل بدء الاحداث .

دوغان جينتش والذي يعمل في احد محلات ملاتيا الشهيره يذهب ابعد من ذلك قائلا : ما يحدث هو مؤامره كونية ضد تركيا تقودها روسيا والمانيا والانجليز والفرنسيون ! فروسيا ترفض فتح قناة بديلة عن البوسفور حتى لا تدفع رسوم عبور والمانيا لا ترغب ببناء مطار دولي يكون قريبا منها والانجليز الخبثاء لا يفضلون رؤية تركيا قوية وفرنسا لا تريد ان تتمتع تركيا بجسر ثالث يربطها مع اوروبا المسيحية !

نعمان كورتولموش نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي وفي حديثه لبرنامج «بلا حدود» اتهم جهات خارجية – دون تحديدها – بالوقوف وراء الاحتجاجات التي فجرها مشروع «تطوير» ميدان تقسيم قبل أيام، وقال إن ثمة من يسعى لاستغلال الاحتجاجات لزعزعة استقرار البلاد. مؤكدا أن المظاهرات جاءت منظمة منذ اللحظة الأولى وهذا دليل على أن ثمة أيادي خارجية تقف وراءها، لافتا النظر الى ان واشنطن تحدثت عن أحداث تركيا ثلاث مرات في يوم واحد ،كما اتهم قنوات غربية بتصوير المظاهرات على أنها تستهدف شخص رئيس الوزراء التركي اردوغان.

رغم محاولات اطراف رسمية وإعلامية تحميل مسئولية مايجرى على العامل الخارجي في الاحتجاجات التى تحدث الا ان الكثير مقتنع أن المتظاهرين الذين تدفقوا إلى ميدان تقسيم يتبنون أيدلوجيات متباينة، بل ومتناقضة وبعضها معادية للغرب وحتى النموذج الثوري والقمعي لايران المحكومة من الملالي المعادين للعلمانية ؟

هناك من يذهب الى ان الأحداث الحالية لا تعد مؤشراً على ضعف الديمقراطية في تركيا, وإنما هي دليل على نضوج السياسة التركية واكتسابها قدراً كافياً من المرونة يجعلها تواجه فترات من الاستياء الشعبي تؤدي إلى تعزيز الديمقراطية التشاركية وخاصة بعد عرض الاستفتاء الذي من حكومة رئيس الوزراء والذي جاء في أعقاب لقائه في أنقرة مع مجموعة من النشطاء

أحد الاتراك يلخص مشكله تركيا الحالية ( نعم هناك من يتعامل مع ارث اتاتورك وكأنه قرآن منزل وكذلك هناك من يتعامل مع اردوغان بنفس الدرجة ، يجب ان يتوقف الطرفان عن عناديهما الذي يكلف تركيا كثيرا … ويجب ان تعلم الحكومة أن عدم قدرتها على إنهاء الاحتجاجات بصورة سلمية سوف يكون لها آثار سلبية على الاقتصاد التركي. ولو استمرت الاحتجاجات ، فسيكون لذلك تأثير على مواقف المستثمرين الأجانب ونظرتهم لتركيا وسيضعف الثقة في استقرارها والذي كان واحداً من المميزات التي جذبت المستثمرين إليها ..

ما نتمناه جميعا أن تتجاوز تركيا هذه الأزمة وتخرج منها أقوى من ذي قبل.

المصدر: اليوم السعودية