عبدالله فدعق
عبدالله فدعق
داعية إسلامي من السعودية

خلط المفاهيم .. المعبد أنموذجاً

آراء

أصارحكم القول إني فكرت أن أتناول في مقالي هذا قضية المعبد الهندوسي المزمع إنشاؤه في أبوظبي، بالدخول في العموميات، من دون تطرق لصلب الموضوع، ووجدت نفسي في تناقض معها، وقررت تناول الأمر من قريب. كوضوح الشمس في رابعة النهار؛ يشكل الأصدقاء من بلاد الهند الجزء الأكبر من المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة، وحسب الإحصائية الرسمية في موقع السفارة الهندية في الدولة ذُكر أن عدد الرعايا الهنديين أكثر من 2.600.000 نسمة؛ 65 في المئة منهم من العمالة، 20 في المئة منهم يعملون في الأعمال الإدارية، 15 في المئة رجال أعمال وخبراء وعوائلهم، وهذا كله يمثل ما نسبته 30 في المئة من عموم السكان، كما أن الصلات الهندية الإماراتية لا تخفى على أي صاحب دراية بهذا النوع من العلاقات.

هذا العدد الكبير له ـ بلا شك ـ ما له من حقوق، وعليه ما عليه من واجبات، وله مطالبه الخاصة والعامة، وولي الأمر الذي أذن لهم بالاستقرار عنده، للاستفادة منهم، عليه أن يؤمّن لهم رغباتهم؛ في حدود الاحتياج الذي يقدره هو بما لديه من رؤى وخبرات، لا يمكن للإنسان العادي أن يراها بسهولة، ثم إن فقه «السياسة الشرعية»، والذي يسمى «السياسة العادلة» يخول ولي الأمر رعاية مصالح الناس، ومقاصد الشرع، وتقديم المصالح، والموازنة بينها وبين المفاسد.

مسألة المعبد يحتاج من يريد الخوض فيها إلى أن يتحلى بحكمة، قد غابت كثيراً عن أكثرنا هذه الأيام، ويلزمه كذلك أن يكون مستوعباً إلى أن إذن بناء المعبد لا يتعلق كما ذكرت بحكم الشرع، بل هو ـ في نظري ـ قرار وإجراء سياسي، جاء لتحقيق غايات نبيلة، يدركها من وفقه الله تعالى لإدراكها، إضافة إلى أن غير المُسلم لن يقتنع إذا قمنا بقمعه، أو منعناه من حقه الذي يراه، وستكون حجته أقوى في النيل من دينٍ هو في حقيقته دين السماحة والتعايش.

أختم لأقول إن جملة من المتخصصين في أنواع معينة من المعارف، فضلاً عن غيرهم من العوام، يختلط عليهم التفريق بين الفتوى الدينية، والقرارات والإجراءات السياسية، التي ينبني على إهمالها بروز مجموعة من المخاطر المهددة للسلم الاجتماعي العام؛ كفانا الله الشر والأشرار.

المصدر: الرؤية