دبي ترسخ موقعها كعاصمة مستقبلية للاقتصاد الإسلامي عبر 3 أسس رئيسة

أخبار

ترسخ دبي موقعها كعاصمة مستقبلية للاقتصاد الإسلامي عبر 3 أسس رئيسية وهي التركيز على النشاط الإنتاجي وتلبية متطلبات المجتمع والإدارة المثلى للموارد. وينفرد النظام الاقتصادي الإسلامي بمجموعة متنوعة من المعالم التي تميزه عن منظومة الاقتصاد التقليدي، ويأتي في مقدمتها قضية استغلال الموارد التي تشكل لب الهيكل الاقتصادي لأي دولة لأنها المكون الرئيس للناتج المحلي الإجمالي.

استغلال الموارد

يتم استغلال الموارد في الاقتصاديات المعاصرة عن طريق مزاولة الأنشطة الاقتصادية المختلفة التي تشمل أنشطة مالية لا علاقة لها بالإنتاج، إضافة إلى الأنشطة الإنتاجية، ويقصد بالأنشطة المالية مجموعة المعاملات التي يترتب عليها تحقق زيادة في الدخل القومي دون أن يقابلها زيادة في الناتج القومي الحقيقي ، وهى تشمل الفوائد والضرائب وربح المضاربات، فيما يقصد بالأنشطة الإنتاجية مجموعة المعاملات التي يترتب عليها تحقق زيادة في الدخل القومي يقابلها زيادة في الناتج القومي الحقيقي، وهى تشمل الأنشطة المتعلقة باستخراج مواد أو إضافة قيمة لها بتطويرها لتصبح منتجات أو تقديم خدمات لعرض المواد والمنتجات في مكان أو في زمان مختلف. وتشمل المنتجات جميع السلع والخدمات والأصول الثابتة والمنقولة، فالمَنجم يستخرج المواد الخام والمصنع ينتج سلعاً وأصولاً والتاجر يسوق المنتجات والطبيب يقدم خدمة والمقاول يبني أصولاً ثابتة. وقد ينتفع بالمنتجات فوراً باستهلاكها كالغذاء والكساء، أو تعتبر منتجات تنموية (رأسمالية) تعد لاستعمالها لاحقاً كوسيلة إنتاج مثل الآليات أو للاستهلاك على مدى طويل كالمباني والطرق.

نفع المجتمع

وينما يحرم الإسلام استغلال الموارد في الأنشطة المالية باستثناء الإقراض غير الربوي ، فإنه يشرع النشاط الإنتاجي ويضع ضوابطه وفقاً لماهر الكببجي مؤلف كتاب “النظام الاقتصادي بين الفكر البشري وشريعة الخالق”، الذي يشير إلى أن البيع هو المرحلة الأخيرة من النشاط الإنتاجي، وبنتيجة البيع يتحقق الربح، والتخلص من الأنشطة غير الإنتاجية له ما يبرره عملياً فالنقد النقد المستعمل لمزاولة أنشطة غير إنتاجية لا يضيف للناتج القومي شيئاً، فلا يعود بالنفع على المجتمع . فلا ارتفاع أسعار الأسهم أو انخفاضها بسبب المضاربات يعبر عن ارتفاع أو انخفاض قيمة الموجودات الحقيقية التي تمثلها الأسهم ، ولا ارتفاع أسعار البضائع أو انخفاضها بسبب المضاربات يعبر عن ارتفاع أو انخفاض قيمتها الحقيقية، كما أن معظم النقد المستعمل لمزاولة أو تمويل أنشطة غير إنتاجية يتمثل في أموال عامة الناس في البنوك أو شركات التأمين أو المؤسسات المالية أو مؤسسات الضمان والتقاعد مما يعرض أموال الأبرياء لمخاطر انهيار الأسواق المالية، كما أن استعمال النقود في أنشطة غير إنتاجية يزيد كمية النقود المتداولة على كمية النقود اللازمة لتبادل المنتجات فينشأ التضخم بما له من آثار مدمرة على المجتمعات. ويعد استعمال النقود في أنشطة غير إنتاجية السبب الرئيس للأزمات المالية التي يشهدها العالم وما يترتب عليها من عدم استقرار اقتصادي وفقاً للكتاب المنشور في موقع موسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي، والذي يؤكد أن الإسلام أجاز الاقتراض غير الربوي، حيث قد تستعمل القروض غير الربوية في نشاط إنتاجي يستفيد منه المقترض وحده. خلافاً للإقراض الربوي، ليس للإقراض غير الربوي آثار سلبية على المجتمع ، وإنما يترجم نوعاً من التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، كما لا يعد نشاطاً اقتصاديا فهو مجرد تحويل مؤقت للنقود من طرفٍ إلى آخر ولا يترتب عليه تحقق ربح.

عوامل الإنتاج

تمثل الموارد الطبيعية والبشرية العوامل الأولية للإنتاج، وهى هبة من الله بدون مقابل، ولكنه لا يمكن أن تستغل جميعها مباشرة في الإنتاج، ويمكن الاستفادة من الموارد الطبيعية من المواد التي تستخرج وتعد للإنتاج.

جهود

كما يشكل العمل أحد عوامل الإنتاج، يعبر العمل عن جميع الجهود العضلية التي يتم توجيهها للمشاركة في العملية الإنتاجية، كما ويشمل العمل أيضاً الجهود الذهنية والعقلية التي توجه للإنتاج، وباعتبار العمل بيع منفعة تتمثل في الجهد المبذول، فإنه يترتب على المستثمر تأدية الأجور بوصفها عائداً مقابل العمل نقداً أو عيناً بحسب الكتاب. كما تعتبر المخاطرة من ضمن عوامل الإنتاج، حيث تمثل مخاطر الاستثمار أصلاً حسياً يتسبب في الشعور بالقلق ويترتب عليه معاناة المستثمر، فالمستثمر يخاطر بشيء يحبه وفى مقابل تحمله مخاطر الاستثمار، يستحق المستثمر الربح . فالربح جزاء المشاركة في العملية الإنتاجية وحافز للاستثمار، ولو لم يكن هناك حافز للمستثمر فإنه لن يقدم أحد على الاستثمار. والربح نماء رأس المال أي زيادته. فحيث تنطوي التجارة، عادة، على ربح أو خسارة . فإنه يترتب عليها زيادة ثروة فريق على حساب نقصان ثروة الفريق الآخر.

الضوابط

وتوضح الشريعة الإسلامية الضوابط التي تحكم موضوع التعاقد وشروطه والعلاقة بين أطراف العملية الإنتاجية، حيث تحكم بمبدأ التراضي بين البائع والمشتري ومبدأ العدالة في تقييم حقوق الغير مثل الأجور وحقوق الشركاء وفي تقييم موجودات الغير مثل أثمان الأشياء وإيجارات المنافع، بالإضافة إلى مبدأ اجتناب المحرمات مثل الربا والخمر وبعض اللحوم وتلويث البيئة وإفساد الأنظمة الطبيعية.

الناتج القومي

يمثل نمو الناتج القومي هدف النظام الاقتصادي على المستوى القومي خصوصاً في الدول النامية أو المتخلفة، ويتوقف مستوى النمو الممكن على الإمكانات الاقتصادية في المجتمع التي تشمل الموارد المتاحة من عمالة وأدوات إنتاج رأسمالية ومواد خام وموارد طبيعية ومعرفة ومهارات وخبرات. ويحسب ضمن الموارد المتاحة ما يمكن للدولة استيراده من الدول الأخرى لتعويض النقص في المواد الخام والتقنيات والمنتجات والعمالة. ولتغطية النقص في الموارد على المستوى الإقليمي، فقد شرع الله تبادل الموارد من خلال تعاون الشعوب ويتعين على المجتمع أن يكون قادراً على استغلال الموارد المتوافرة لإنتاج، على الأقل، الحد الأدنى من السلع اللازمة لتحقيق على الأقل، الحد الأدنى من الرخاء بحسب الكببجي، وقد يحقق المجتمع مستوى عال من النمو يفوق ما هو مطلوب لتحقيق الرخاء، ولكن مع اختلاف تشكيلة المنتجات عن تلك المطلوبة لتحقيق الرخاء لأفراد المجتمع، وما لم يتمكن المجتمع من استعادة التوازن بين التشكيلتين عن طريق التجارة الدولية، فإنه يمكن تفسير الاختلاف بين التشكيلتين بأنه نتيجة لتوجيه الخطط الإنتاجية نحو إعطاء الأولوية لمنتجات التنمية على حساب المنتجات الاستهلاكية، أو لإنتاج منتجات ضرورية للحرب في زمن الحرب أو منتجات لازمة لمواجهة كوارث طبيعية حاصلة، أو لإنتاج الكماليات على حساب الضروريات، أو لإنتاج منتجات حربية في زمن السلم وبدون توقع اعتداء من دول أخرى . ومن ناحية أخرى ، قد يكون النمو في اتجاه خاطئ ، فقد يتحقق على حساب تلوث البيئة أو إهدار مخزون الموارد الطبيعية، ويقع على الدولة مسؤولية التخطيط لاستغلال الموارد المتاحة بما يحقق التوظيف الكامل للموارد البشرية والتشكيلة المتوازنة من المنتجات وبمراعاة تجنب تلوث البيئة وإهدار الموارد فالنمو الأمثل يتطلب أفضل استغلال للموارد المتاحة.

كفاءة

وقد يفشل المجتمع في تحقيق هدف النمو إما بسبب عدم استغلال كامل للموارد المتاحة أو عدم الكفاءة في استغلالها. وينتج عدم استغلال الموارد عن عدم معرفة التقنيات اللازمة لاكتشافها أو استخراجها أو نقص في الأموال اللازمة لذلك. وينتج عدم استغلال الموارد التي يمكن استغلالها عن عدم اتخاذ القرار السياسي باستغلالها أو لزيادة الاحتياطيات على حساب الاستهلاك المعقول. أما عدم الكفاءة في استغلال الموارد فينتج عن انخفاض الإنتاجية أو نقص الكفاءات أو عدم توافر التقنيات اللازمة للإنتاج ويضيف الكببجي:”خلاصة القول، أن الله عز وجل خلق الإنسان وسخر له الموارد الطبيعية ليستغلها وفق ضوابط استخلاف، لذلك فإنه يقع على الدولة والبشر واجب التقيد بأحكام الاقتصاد الكلي التي وضعها الخالق والتي تفرض استغلال الموارد في أنشطة إنتاجية فقط وضمن الضوابط المحددة لذلك، كما يقع عليهم مسؤولية الاجتهاد في الاقتصاد الجزئي لاستغلال الموارد المتاحة ضمن إطار الاقتصاد الكلي من خلال الرقابة والتخطيط السليم لتحقيق النمو الإنتاجي الأمثل”.

وفيما يتعلق بتبادل الموارد في السوق، يوضح الكببجي أولاً أن السوق هو مجموعة العناصر التي تتشكل لإتمام التعاقدات الخاصة بتبادل المنتجات وتحديد الأسعار. يختلف تأثير عناصر السوق على تحديد سعر المنتج باختلاف الزمان والمكان وطبيعة المنتج المعروض وحجم الطلب والعرض الآني والمتوقع.

عرض الأسعار

وفي الاقتصاديات الطبيعية الخالية من التدخلات تعرض أسعار المنتجات من قبل البائعين بما يعادل المجموع الكلي للتكلفة الحقيقية لمكونات السلعة من مواد وعمل بالإضافة إلى ربح للبائع مقابل تحمل مخاطر الاستثمار، ويتميز نظام السوق الطبيعي بمقدرته على التصويب التلقائي لتحقيق عدالة الأسعار المعروضة، إذ يوفر الظروف الملائمة لتحديد الأسعار بالشروط التي تعكس تراضي أطراف التبادل من خلال حرية التفاعل بين عاملي الطلب والعرض في ضوء الأسعار المعروضة، فيتقلب كلاهما إلى أن يتحقق التوازن بينهما عند السعر العادل المناسب. وبالمثل تعبر الأجور في سوق العمل عن العائد الذي تحدده المنافسة مقابل الجهد المبذول.

ولا تترك الزيادة الطبيعية في سعر منتج أو بعض منتجات تأثيراً يذكر على المستوى العام للأسعار لعدة أسباب، من أبرزها أن زيادة سعر منتج ما يشجع المنتجين على زيادة العرض فينخفض السعر، كما يشجع انخفاض السعر المستهلكين على زيادة الطلب فيرتفع السعر، ويترتب على التفاعل بين الطلب والعرض في السوق الطبيعي الحر أن يعود السعر إلى نقطة التوازن حيث يتلاقى الطلب والعرض، كما يترتب على تعدد المنتجات وتنوعها تعويض ارتفاع أسعار بعض المنتجات بانخفاض أسعار منتجات أخرى. ويقول الكببجي إن الاكتشافات المستمرة والتطور التقني المتلاحق يقدم للسوق منتجات جديدة وأخرى بديلة وطرق إنتاج مستحدثة تدعم خفض الأسعار، كما تفرض المنافسة الحرة النظيفة أن يكون هامش الربح ضمن حدود معقولة .

وحول أحكام تبادل الموارد في الإسلام يقول الكببجي إن تبادل الموارد يتم من خلال إجراء معاملات بيع في السوق، ويشير إلى ان أحكام البيــع تقضي بأن البيع هو المرحلة الأخيرة لأي نشاط إنتاجي، ويقصد بالبيع تنازل البائع عن حقه في ملكية المبيع بالبيع النقدي أو الآجل، أو عن حقه في الانتفاع بالمبيع بتأجيره ، أو السماح للغير باستعماله مقابل رسم معين أو بأية طريقة قانونية للتنازل. ويعتبر العمل من بيع المنافع فهو بيع جهد عضلي أو ذهني مقابل أجر.

ويستمد البيع مشروعيته من مشروعية النشاط الإنتاجي فالنشاط الإنتاجي ينطوي على بيع إذ يمثل البيع المرحلة الأخيرة من العملية الإنتاجية. وينشأ الالتباس في البيع بالآجل عند النظر إلى التماثل بين ربح الأجل وربا الأجل فكليهما عائد، وقد أحل الله ربح الأجل في البيع بينما حرم ربح الأجل في الاقتراض.

أحكام السوق

يقصد بالسوق المكان والزمان الذي يتم فيه البيع. ويمثل السوق الطبيعي أحد الأنظمة التي خلقها الله سبحانه وتعالى هداية للبشر، فهو يمثل إطاراً مفروضاً لإتمام المبادلات وتسعير المنتجات، فلا يجوز للمخلوق أن يفسد نظاماً خلقه الله سبحانه وتعالى. يتميز نظام السوق الطبيعي بالمرونة والمقدرة التلقائية للتكيف مع تغير المعطيات والظروف فيستمر تغير الطلب والعرض معبراً عن تقلب السعر للوصول في نهاية المطاف إلى سعر معين عادلاً بحكم المنافسة في السوق.

ويحرم الإسلام جميع أشكال التدخل المباشر وغير المباشر للتحكم في الأسعار، سواء كان ذلك عن طريق تسعير المنتجات أو إفساد السوق أو عن طريق رفع الأسعار بتكاليف التضخم (الضرائب ، الربا، عائد المضاربات، الكسب غير المشروع، الزيادة في أرباح المستثمرين بسبب الاحتكار والتضخم) .

البيوع وتوزيع الموارد عبر أسس التراضي والعدل

وتفعيلاً لمبادئ التراضي والعدل واجتناب المحرمات، فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن بعض أنواع البيوع مثل بيع الغرر وهو كل بيع كان المقصود منه مجهولا غير معلوم أو معجوز عنه غير مقدور عليه، مثل بيع اللبن في الضرع، وبيع النجش ويقصد بالنجش الخديعة مثل زيادة سعر السلعة من قبل شخص لا حاجة له في شرائها ولكن بقصد إغراء غيره لشرائها بسعر مرتفع، وبيع وهو أن يبيع سلعة بثمن مؤجل ثم يشتريها البائع نقداً بثمن أقل لأن ذلك ينطوي على حاجة للاقتراض وفرق السعر هو ربا، وبيع المضطر حيث يضطر شخص إلى البيع بالوكس ، أي بسعر متدن، للضرورة ، فسبيله أن يُقرض إلى ميسرة بحسب الكببجي.

تتكون ثروة الفرد بنتيجة تراكم دخوله المتلاحقة بعد تخفيضها بما تم إنفاقه منها، ومشكلة تباين الثروات موجودة في الكثير من المجتمعات وعبر العصور، وهي مشكلة تثير الكثير من المجادلات، على سبيل المثال، يؤكد الماركسيون على أهمية المساواة لتحقيق الحرية السياسية، فيرون أن يقوم توزيع الثروات على أساس الاحتياجات الفردية، أما الليبراليون فيرون أنه من الطبيعي أن تتفاوت دخول الأفراد حيث أنهم يولدون غير متساوين، وبينما يتجه أصحاب نظرة القدرات إلى أن الفقر والتباين في الدخول هو نتيجة قصور في القدرات، فحيث تنخفض القدرات يقل الدخل والعكس صحيح، فإن الاستحقاقيين ينظرون إلى أن تباين الدخول على أنه أمر مفيد طالما يعكس المهارة والجهد الفردي، ولكنه أمر مدمر حين يعكس عوامل موروثة أو فرص غير متاحة أو ظلم في توزيع الثروة .

أحكام التوزيع

وخلافاً للأنظمة الاقتصادية الوضعية، فإن الإسلام يحدد أحكام توزيع الثروة من خلال بيان حقوق وواجبات الأفراد في ما يتعلق بالدخل والإنفاق، وثم بيان ضوابط تحقيق التوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع بحسب الكببجي. فلما كان الاقتصاد الإسلامي اقتصاد إنتاجي، فإن الدخل القومي يمثل مجموع عوائد عوامل الإنتاج الحقيقية. أما دخل الفرد فيتكون أساساً من ما يحصل عليه الفرد من نصيب في عوائد عوامل الإنتاج الحقيقية مقابل مشاركته في العملية الإنتاجية إضافة إلى ما قد يحصل عليه من نصيب في ميراث.

ويقر الإسلام بتفاوت الدخول بين الناس كنتيجة لاختلاف القدرات والمؤهلات الخاصة بكل فرد واختلاف نصيب كل منهم في الميراث. تتكون ثروة الفرد وتنمو بنتيجة تراكم الدخول بعد استنزال ما ينفق منها. ويؤكد القرآن الكريم على وجوب احترام الثروة الخاصة أو ما يعرف بالملكية الخاصة. وحددت الشريعة أوجه التصرف في الدخل لتغطية تكاليف المعيشة، وثم تبين أوجه التصرف في الفائض من الدخل بعد الإنفاق على المعيشة.

وتحدد وجوب الاعتدال في الإنفاق على المعيشة فضلاً عن تحريم البخل والإسراف والالتزام بالإنفاق بحدود الإمكانات المادية، وتقضي ضوابط التصرف في المال الفائض أن الإنفاق في سبيل الله لما فيه خير المجتمع يكون بكل ما فضَل عن قدر الحاجة المعيشية والإنفاق بما يتناسب مع السعة المالية.

وتؤكد أحكام القرآن الكريم المتعلقة بإعادة توزيع الدخول على حق كل فرد في الحصول على سبل العيش بشرط سعيه للحصول عليها. وبمراعاة اختلاف متطلبات وتكاليف الحياة المعاصرة عما كانت عليه قديماً، يصيغ الكببجي مبادئ إعادة توزيع الدخول بما يتوافق مع أحكام الإسلام لتتمثل في التزام كل فرد من القوة العاملة أن يعمل ضمن حدود مقدرته للحصول على دخل، والتزام كل رب أسرة بأن يدفع ثمن متطلبات معيشته وزوجته والمعالين من قبله (لا شيء من دون مقابل) .

وفي المقابل الإقرار بحق الفقراء ومحدودي الدخل في الحصول على تعويض عن الاختلاف الطبيعي في قدراتهم وعن الاستيلاء على ممتلكاتهم عن طريق التضخم، واعتماد سياسة إعادة توزيع للدخول عادلة تعطى كل فرد ، كبيراً أو صغيراً، معاقاً أو معافىً ، ذكر أو أنثى، الحق في العيش في مستوى معيشي معياري مقبول عن طريق التزام أصحاب الفائض في الدخل، بوصفهم المنتفعون من تباين الدخول، بتغطية العجز في دخول الآخرين. والتزام أصحاب الفائض في الدخل تجاه المجتمع قد تصل إلى كامل قيمة الفائض.

المصدر: البيان