السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
على أرض الإمارات عاش أجدادنا، ومضوا تاركين آثاراً زاخرة تعبر عن إصرارهم على بناء حضارة إنسانية شاهدة على ما واجهوه من تحديات معيشية وبيئة قاسية تغلبوا عليها بعزيمتهم وإرادتهم التي قهرت المستحيل.
لقد كانت مصادر الماء والغذاء في زمنهم محدودة وشحيحة، وسبل مكافحة الأوبئة كانت شبه معدومة، وأدوات التعليم كانت غير متاحة على نطاق واسع، إلا أنهم أيقنوا بخبرتهم وفطرتهم السوية أن الماء أساس الحياة، والغذاء أساس الصحة، والعلم أساس التقدم والازدهار… ارتحلوا يجوبون الصحارى بحثاً عن الرزق… خاضوا غمار البحار ليؤمنوا حياة أفضل لأبنائهم ومجتمعهم… تغلبوا على التحديات ونجحوا بجعل هذه المنطقة موطناً قابلاً للعيش لهم وللأجيال من بعدهم.
وعلى خطاهم نمضي اليوم، بقيادة أخي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، إلى مرحلة متقدمة من التنمية والازدهار والتطور العلمي والتقني والاقتصادي والاجتماعي، مسترشدين بنهج الوالد المؤسس الشيخ زايد، رحمه الله، وإخوانه الآباء المؤسسين.
منذ قيام اتحاد دولتنا، شكلت المواجهة الاستباقية لهذه التحديات وتمكين الإنسان والنهوض بواقعه، أولويات لآبائنا المؤسسين، الذين آمنوا بطاقات وإمكانات الإنسان الإماراتي ووظفوها في إعداد جيل من العلماء المتسلحين بالمعرفة، ليساهموا في دفع عجلة التنمية ودعم قطاعاتها الحيوية.
لقد طورت دولة الإمارات على مدى العقود القليلة الماضية مجموعة من التجارب والخبرات المتميزة والمبتكرة، أوصلتها إلى ما نشهده حالياً من ازدهار وتقدم، واليوم وضعنا إطاراً لتوظيف هذه الخبرات وتحقيق أفضل استثمار في الطاقات والكفاءات الوطنية لضمان استدامة الإنجاز والارتقاء بالتجربة، حيث أطلقنا مئوية الإمارات 2071، المستلهمة من رؤية أخي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، التي تهدف إلى جعل دولة الإمارات أفضل دولة في العالم بحلول الذكرى المئوية لتأسيس الاتحاد.
لقد حددنا في مئوية الإمارات 2071 أولويات وطنية تغطي القطاعات الحيوية كافة، وركزنا على الدور المحوري للعلوم المتقدمة في دعم تحقيق هذه الأولويات، وفي كتابة قصة نجاح الإمارات في المرحلة المقبلة، فالعلوم والإنتاج المعرفي إحدى أهم ركائز نهضة الأمم واستئناف الحضارة في منطقتنا وفي العالم أجمع.
علماء الوطن وعقوله النيّرة؛
الأخوات والإخوة؛
انطلاقاً من هذه الرؤى والتوجهات.. ننتظر من المجتمع العلمي في دولة الإمارات أن يقوم بدور أساسي في دعم الجهود التنموية للدولة على كافة الصعد، ونؤمن بأن ضمان التنمية المستدامة وسعادة شعبنا ومستقبل أبنائنا يحتم علينا ربط اقتصادنا بالتقدم العلمي والتقني وتوطينه، وتوظيف آخر ما توصل إليه العقل البشري في مختلف مجالات العلوم والتكنولوجيا، وذلك من خلال دعم قطاعاتنا الجوهرية الواعدة كقطاع الطيران والشحن والدعم اللوجستي، وعلى المجتمع العلمي في الدولة إيجاد حلول ومبادرات علمية تسهم في تأسيس شركات أو صناعات إماراتية، وتسهم بطريقة مباشرة في جعل دولة الإمارات الأولى عالمياً في هذه القطاعات.
كما أن على المجتمع العلمي المشاركة في تحقيق المزيد من الأمن والاستدامة في الدولة، وذلك من خلال إيجاد حلول لبدء مبادرات بحثية وتطويرية علمية في مجال الأمن الغذائي والمائي، وأمن المعلومات، إضافة إلى الطاقة البديلة، التي ستسهم على المدى البعيد في تطوير مبادرات واستراتيجيات وتكنولوجيا إماراتية في هذه المجالات.
ننتظر منكم دعم جهود دولتكم في الارتقاء بجودة الحياة والإنتاجية، وجعل دولة الإمارات واحدة من أفضل دول العالم في مؤشرات الصحة العامة، من خلال سياسات الرعاية الصحية المبنية على مبادرات ودراسات علمية وطنية تراعي ظروفنا وتبني على تجاربنا وتكون موجهة لشعب دولة الإمارات.
إخوتي وأخواتي علماء الوطن؛
ندرك حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقكم، لكن ثقتنا بكم أكبر… نثق بكم وبجهودكم وحبكم لوطنكم، وإيماننا بقدراتكم لا يساوره أي شك… ننتظر منكم إضافة نوعية إلى دوركم العلمي والعمل على تفعيل دبلوماسية العلوم، وتعزيز التعاون الدولي ودعم التقارب والتسامح بين الشعوب.
نتطلع لدوركم في تعزيز موقع ومكانة الإمارات في المجتمع العلمي العالمي، ما يحتم التواصل والتشاور والعمل مع جميع الجهات المعنية بالدولة لتقديم أجندة واضحة تدعم تحقيق مئوية الإمارات 2071، وتسهم في تطوير إنتاج معرفي إماراتي يسعد شعبنا ويخدم الإنسانية، ويدعم التقدم في دولتنا والعالم.
وفقكم الله لما فيه خير دولة الإمارات وشعبها وشعوب المنطقة والإنسانية جمعاء.
أخوكم محمد بن راشد آل مكتوم
المصدر: الإمارات اليوم