صحة الأطفال فاتورة مدفوعة لدخان المقاهي

أخبار

التدخين خيار شخصي إذا اقتصر على صاحبه ولكنه يصبح شأنا مجتمعيا إذا طال دخانه أطفالا في أحضان أمهاتهم لم تتجاوز أعمارهم شهورا أو مراهقين أو حتى أمهات حوامل.. فهم مدخّنون بلا خيار وهنا سيصبح الضرر عاما وبالتالي نحن أمام كارثة صحية وبيئية حذرت منها القوانين والتشريعات في الدولة ولكن تجاوزها من قبل رواد مقاهي الشيشة يحتاج وقفة.

وفي الإطار كشف الدكتور عبد الرحمن محمد الشايب النقبي مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية في رأس الخيمة، عن توجيهات جديدة تحظر دخول الأطفال من بينهم الرضع مع أسرهم الى المقاهي والمطاعم التي تقدم خدمة الشيشة وكذلك الأماكن المضرة للصحة العامة، سيتم تعميمها اليوم.

ولفت إلى أن الدائرة ممثلة بإدارة الرقابة التجارية عملت على توعيـة مرتادي المقاهي أثناء جولاتها التفتيشية الدورية والمفاجئة، بضرورة وضع ملصقات وتعليمات خاصة تحذر من تواجد الفئات السنية دون 18 سنة والنساء الحوامل في المقاهي التي تقدم خدمة الشيشة لخطورة الأعراض والتأثيرات المصاحبة للتدخين السلبي ونبه النقبي إلى أن الدائرة ستتخذ الإجراءات اللازمة في حال وجود أي تجاوزات من قبل أصحاب المقاهي، ومقدمي خدمة الشيشة في المطاعم، إذ تبدأ بالغرامة ثم الإنذار ثم المخالفة التي تصل إلى الإغلاق المؤقت.

يأتي ذلك في الوقت الذي طالب به عدد من المواطنين والمقيمين برأس الخيمة، ومختصون صحيون واجتماعيون بسن قوانين جديدة تحظر دخول المرأة الحامل والأطفال إلى «الكافيهات» والمقاهي التي تقدم «الشيشة» حتى لو مع ذويهم، مع ضرورة تشديد الرقابة والحملات والندوات التوعوية بهدف تقليل مخالفات وجود أطفال وحوامل في هذه المقاهي، وتقليل تعرضهم لدخان الشيشة وتمثلت صور المفارقات من السلوكيات السلبية لذوي الأطفال ذاتهم، عندما يعطي الأب أو الأم الطفل ليجرب الشيشة مرة واحدة سواء من أجل التهريج أو إسكاته، أو إلهائه أو حتى مكافأته على حسن تصرفه أثناء تدخين والديه، حيث هناك الكثير من الآباء كانوا حاضرين بمعية أبنائهم «للتشييش» والاسترخاء.

عادة يومية

وتفصيلا، قالت المواطنة خديجة الطنيجي: إن تدخين «الأرجيلة» أو ما يعرف بـ«الشيشة» بات عادة وممارسة يومية لجنسيات مختلفة بإمارة رأس الخيمة، وأصبح هناك وجود صور غريبة أثناء تدخين الشيشة منها منظر الأم التي تدخن الشيشة في وجود أطفالها، ما شأنه أن يعرضهم لخطر التدخين السلبي وتتحول الأم إلى قدوة ضارة يؤدي بالنتيجة الى جيل من الاطفال المدخنين داعية إلى ضرورة سن قوانين أو إجراءات جديدة وصارمة لمكافحة التدخين خاصة بعد ملاحظة ازدياد وجود أطفال في المقاهي، وهو أمر مخالف للشروط التي وضعتها دائرة التنمية الاقتصادية لترخيص المقاهي المصرح لها تقديم الشيشة، وذلك حفاظا على الأرواح والصحة العامة.

ضرر اجتماعي

وأوضحت فاطمة حسن – باحثة في المجال الاجتماعي أن الضرر الاجتماعي الذي سيؤثر على الطفل هو تقبلّه للتدخين الذي تحاول الدول القضاء عليه، لمضاره الشديدة على الجسم البشري نفسه وعلى صحة الآخرين، وكذلك لا يستغرب هؤلاء الآباء أن ينشأ الطفل على التدخين، وقد يذهب في بعض الأحيان إلى أبعاد أخرى في وجود «رفقاء سوء» يدلونه على تعاطي ما هو أكثر خطورة على الصحة والعقل مثل الحشيش والمخدرات، وهو في عنفوان سن المراهقة.

هذا إلى جانب الضرر الصحي من خلال استنشاق تلك الرائحة المنبثقة من الشيشة أو السيجارة، التي تؤثر على الرئة وعلى القلب وعلى حدوث بعض الأمراض السرطانية، أما الناحية الاقتصادية فإننا نجد الكثير من العوائل ذات الدخل المحدود تذهب إلى أماكن الشيشة، وتصرف ما يقارب 100 درهم كل أسبوع، في حين تستطيع أن تدخرها لشراء لوازم للبيت، أو أخذ الأطفال لأماكن أنظف صحيا لهم.

تذرع وعذر

وفي السياق ذاته، أكد محمد المحمود أن تذرع أولياء الأمور باصطحاب أطفالهم وخاصة الرضع إلى المقاهي والسهر ليلاً لقضاء الوقت والتسلية بالعذر الأقبح من الذنب، مشيراً إلى أن هذا السلوك منتشر بالأكثر بين الجاليات المقيمة، التي تناقض نفسها في أسلوب تربية أطفالهم، والسماح لهم باللهو بين الطاولات التي يجلس عليها رواد المقهى لتدخين الشيشة والسجائر، لافتاً أن المثل يقول «التعليم في الصغر كالنقش على الحجر» فما بالنا بوقوف الأطفال أمام الشباب لتعلم طرق تنفيس الدخان، لافتا إلى أن أغلب العائلات التي تصطحب أطفالها للمقاهي يتركونهم يلعبون ولا يهتمون بمكان تواجدهم إلا وقت المغادرة فنشاهد أطفالاً يلعبون الورق وآخرين يلتقطون أعقاب السجائر تقليدا للكبار.

علامات استفهام

أوضح المواطن إبراهيم الشحي أن تواجد الأطفال بالمقاهي ظاهرة تطرح العديد من علامات الاستفهام وتدعو إلى وقفة حقيقية من الآباء والأمهات لمراجعة الأمر، نظراً لما تمثله من خطورة حقيقية على أجيال المستقبل، لافتاً الى أن ما يدعو للقلق هو تعليل الآباء لاصطحاب أبنائهم لمشاهدة مباريات كرة القدم وأنه لا خوف عليهم طالما أن الأب بجانبه، وأن الحضور يقتصر على مشاهدة المباراة ثم مغادرة المقهى.

وتابع أن أكثر المناظر التي تصيب بالحيرة والقلق هو اصطحاب الأطفال الرضع للمقاهي والذي يعد كارثة أكبر لهذه الفئة العمرية التي تستنشق دخان الشيشة بكثافة من أفراد الأسرة المحيطة بالرضيع، بالإضافة لمحاولة إلهائه بالأغراض المتوفرة على الطاولات والتي تكون ملوثة بالمؤثرات المحيطة عند بكائه أو تقديم وجبة الرضاعة الصناعية.

تطبيق القانون

ومن جانب آخر، أشار صاحب أحد المقاهي أنه لا يستطيع منع العائلات من اصطحاب أطفالهم إلى المقهى بناءً على رغبتهم، مؤكداً انه لو رفض استقبال الأطفال وعائلاتهم بالمقهى فإنهم سيذهبون إلى مقهى آخر يسمح بذلك، وبالتالي لن يكون هناك زبائن وسيقوم بإغلاق المقهى لعدم وجود العائد المادي، لافتاً أن العاملين لديه حريصون على عدم تقديم الشيشة للشباب أقل من 18 عاماً، والتأكد من أعمارهم الحقيقية بالاطلاع على بطاقات الهوية الخاصة بهم، تجنباً للوقوع في المخالفة من قبل الجهات المختصة.

وأضاف يجب على الجهات المختصة مواجهة ظاهرة اصطحاب الأطفال للمقاهي من خلال تطبيق القانون بجدية وتوقيع الغرامات على العائلات أنفسهم وليس على المقهى، لافتاً أنه يمنع العائلات التي تصطحب أطفالهم الصغار والرضع، بالإضافة للنساء الحوامل من دخول المقهى لخطورة التدخين السلبي على صحتهم.

ندم

وأشار ثامر أحمد «مقيم» أنه يشعر بالندم بعد الحاح طفله الذي لم يبلغ من العمر 6 سنوات بطلب تدخين الشيشة معه خلال جلوسه على المقهى أو داخل المنزل، لافتاً أن الأمر لم يتعد التهريج والضحك في المرات الأولى لمشاهدة كيفية امساكه طفله بـ«اللي» الخاص بالشيشة إلا انه فوجئ بإصراره على التدخين وبشدة في المرات التالية، ما أدى لإصابته بأمراض صدرية عديدة نتج عنها مراجعة المستشفى بصورة دورية لإخضاعه لجلسات علاج على أجهزة التنفس، بالإضافة لشراء جهاز آخر وتركيبه داخل المنزل لعلاجه وقت حدوث أزمات عدم القدرة على التنفس.

وحذر ثامر أولياء الأمور من التدخين أمام أطفالهم داخل المنزل وخارجه، لان الأب هو القدوة التي يكتسب منها الأبناء صفاتهم المستقبلية، لافتاً أنه امتنع عن التدخين بصورة نهائية حفاظاً على سلامة أفراد أسرته.

إجراءات صارمة

وكانت دائرة التنمية الاقتصادية قد أكدت أن عدد المقاهي المرخصة لتقديم «الشيشة» لزبائنها في الإمارة بلغت 74 رخصة، فيما تبلغ الرخص سارية المفعول 57 رخصة. حيث تم في الربع الأول من العام الحالي تجديد 9 رخص، و17 رخصة منتهية.

مشيرة إلى أن جميع هذه الرخص تخضع لإجراءات واشتراطات صارمة قبل ترخيصها، تهدف إلى منع ظهور الجوانب السلبية الى أقصى درجة، ولعل أبرز تلك الاشتراطات أن يكون المقهى على أحد الشوارع الرئيسية المحددة لهذا الغرض وهي شارع كورنيش القواسم أو الكورنيش القديم إلى جانب منع عرض وتقديم الشيشة خارج المقهى بعد الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل وسواها، ومن الشروط كذلك: الاهتمام بالنظافة، وتقديم الشيشة من دون تصريح، وتقديم الشيشة في الأماكن غير المصرحة، وحظر استقبال دون سن 18 عاماً.

اشتراطات محددة

والجدير ذكره أن دائرة بلدية رأس الخيمة وضعت اشتراطات محددة تتعلق في النظافة العامة للمحل التجاري المرخص (مقاهي الشيشة)، وطالبت الالتزام بها. وأكدت أن عدم الالتزام يعرض المقهى لغرامات مالية تراوح قيمتها بين 20 ألفاً و60 ألف درهم، وسحب التصريح، وقد يصل الأمر إلى إغلاق المنشأة، بالتعاون مع دائرة التنمية الاقتصادية.

ملصقات

أكد صاحب مقهى في رأس الخيمة التزامه بالاشتراطات الصحية والبيئية المحددة من الجهات المختصة، بوضع ملصقات تحذيرية على أبواب مدخل المقهى تمنع دخول الأشخاص أقل من 18 عاماً لمناطق التدخين، بالإضافة لمنع تقديم الشيشة في الكبائن المغلقة أو خارج المناطق المحددة للترخيص، لافتاً إلى أن المقهى يخضع لقانون الدائرة الاقتصادية في الإمارة، وفي حال السماح بدخول هذه الفئة العمرية سيتعرض للغرامة. وأضاف أن البعض يعتبر المنع إهانة له وأسرته على الرغم من محاولات شرح تبعات القرار.

المصدر: البيان