عقل العقل
عقل العقل
كاتب وإعلامي سعودي

عطني جوالك يا …

آراء

ما الجديد في قضية اعتداء بعض رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على مواطن في أحد المراكز التجارية بالرياض؟ للأسف دائماً ما نسمع ونقرأ أن بعضنا يستهدفون «الهيئة» في كتاباتهم عن نقد بعض تصرفات أعضائها، ولكن الحقائق تتحدث على أرض الواقع، فكلنا شاهدنا صورة المواطن الذي تعرض للاعتداءات، وقد هُشم أنفه وكُسر فكه وثيابه ملطخة بالدماء، مثل هذه الصورة -للأسف- تناقلتها وسائل الإعلام المحلية والدولية، وتعكس صورة سلبية عن المملكة في الخارج على رغم المحاولات والجهود التي تقوم بها الجهات الرسمية؛ لتعزيز صورة نمطية إيجابية عنها.

نعود إلى ملابسات القضية، والتي تسربت بعض تفاصليها من أقارب المعتدى عليه، بأن المشكلة بدأت عندما تم الطلب منه بتسليم جهاز التلفوني إلى رجل «الهيئة»، وإصراره على عدم تسليمه.

والحقيقة، توقعت أن قضية تفتيش جوالات الأفراد قد عالجها مسؤولو «الهيئة»؛ لأننا كنا نسمع عنها في الماضي، واعتقدت بأنها اختفت، ولكن مثل هذه الحوادث تثير التساؤلات، فليس من حق «الهيئة» ورجالها سحب الهواتف من العامة، وهذا يدخل في باب الخصوصية، ورجال «الهيئة» ليسوا أصحاب الصلاحية القانونية في مثل هذا الإجراء، إضافة إلى تحسس بعض المواطنين والمقيمين من تسليم هواتفهم الشخصية إلى رجال «الهيئة»؛ لأن أجهزتهم قد تحوي صوراً وملفات خاصة بأقاربهم، فلا يحق لأي كائن من كان الاطلاع عليها، إلا بأمر من الجهات ذات العلاقة، كالمحاكم وهيئة التحقيق والادعاء العام.

ومن ملابسات هذه القضية التي تسربت إلى مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحافة المحلية، أن رجل «الهيئة» لاحظ أن هذا المواطن كان يقوم بالتحرش بالنساء في المركز التجاري، وطلب منه المغادرة ولم يمتثل، وحتى لو افترضنا ذلك فهل يحق لرجل الهيئة إشباعه ضرباً عنيفاً وسحب هاتفه الشخصي؟! والحقيقة التي نعرفها جميعاً أن رجال «الهيئة» في حال ضبطوا من يقومون بالتحرش؛ فهم لا يطلبون منهم المغادرة، بل إنهم يلقون القبض عليهم بواسطة رجال الأمن المصاحبين لهم في عملهم.

هناك تفاصيل لا تؤيد رواية رجل «الهيئة»، فأين النساء اللاتي تم التحرش بهن؟ وأين أقوال رجل الأمن المفترض أن يكون موجوداً مع رجال «الهيئة»؟ والنقطة التي -باعتقادي- قد تكون استفزت المواطن، وصعَّدت الموقف إلى حد الاعتداء الجسدي عليه؛ هو طريقة رجل «الهيئة» في الأسلوب والألفاظ، التي استخدمت في طلب المفتاح السري لذلك المواطن، فكيف تناديه بالكلب ولا تتوقع رد فعل عنيف منه؟

لا ينكر ما شهده جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من تطور إلا غير منصف، منذ تسلُّم الدكتور عبداللطيف آل الشيخ مسؤوليتها، فقد قلَّت التجاوزات التي بصدر من بعض أعضائها بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة؛ نتيجة الدورات التدريبية لهم في التعاطي مع الجمهور، ولكن يبدو أن بعض المحسوبين على جهاز «الهيئة» لم يعجبهم الأسلوب الذي يطبعها رئيسها آل الشيخ، وقد يكون ما قام به الرئيس من التخلص من المتعاونين؛ هو السبب وقوع مثل هذه الحوادث، التي أزعم أنها فردية، وكلنا يتذكر قضية المواطن البريطاني وزوجته السعودية وسرعة تشكيل لجنة بتت في تلك الحادثة، وقد يكون النقل التأديبي لمن قاموا بذلك التصرف لا يعجب بعض من يعملون في «الهيئة».

لا يوجد اختلاف بأن لرجال «الهيئة» دوراً مهماً في مجتمعنا، ولكن هذا لا يعني أنهم مطلقو الأيدي، يحق لهم الضرب واستخدام العنف ضد المخالفين، فهم جهة ضبطية وينتهي دورهم في هذا الجانب، وأتمنى أن يكون هناك بعض المراقبين السريين من «الهيئة» ذاتها؛ لمراقبة أداء أعضائها، ولاسيما من يعملون في الميدان، فهم بشر يخطئون ويصيبون، ومثل هذا الإجراء لا ينتقص من مكانتهم وما يقومون به.

المصدر: الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Akel-Il-Akel