بدرية الشمري
كاتبة سعودية
كاتبة سعودية
القهوة تلك المجنونة التي تصيبنا بالعقل تنوعت ولكنها تبقى متوجه على عرش الأُنس كل حين.لن اكتب عن تاريخها وكيف اكتشفت لأن الله سخرها لعلمه أنها ستكون أكثر الأشياء سعادة لنا.في بداية علاقتي بها لم تكن صديقتي كما يجب بل كانت عبارة عن تحدي لمراهقة عربية تشرب القهوة السوداء بمرارتها دون أن تنتشي لرائحة الهيل وتأكل الدونات بدل التمر..!كبرت وكبرت قهوتي معي ولكنها هذة المرة غلبتني شوقاً وحباً فهي عندما تغيب عن فكري يرتعد كلي خوفاً من فقدانها وخسارتها. لم أتخيل يوماً أن نتحول إلى عشاق يفتقد كل منا الأخر ويحكي بلا خجل عن كل مايدور في نفسه .قد يتهمني البعض بالجنون وهو -اتهام لذيذ- أن كان يخص حبي للقهوة ولكنها الحقيقة فهي تتحدث إليك عندما تشعر أنك ترشفها حباً وإيماناً بها وبقدرتها على نقلك إلى عالمها الأبيض رغم كل سوادها. هي القادرة على الوشوشة لك بكل ماهو مباح ومالا يجرؤ البشر على قوله خجلاً وخوفاً لذلك كانت جدتي رحمها الله تسميها ( الونيسة) لأنها على ثقة أن وجودها يعني أنك تفضفض بكل صمت وهي تسمعك ولكنها كانت تقصد قهوتها ( الشقراء ) في جوف تلك الدله العربية التي تمتاز بلونها الذهبي العتيق، ولو تذوقت جدتي قهوتي يوماً لأقسمت أن خسفاً من السماء سيحل علينا ..!الشراكة الروحية التي يتفق عليها كل محبي القهوة لإدراكهم كم تعني لهم وكم يعنون لهم هي حلقة الوصل بين وجودها وحبهم، ولمن لا يعتقد صحة كلامي أقول له : جرب أن تختار قلم يشاركك توقيعاتك المهمة او أن تخصص كوب تشرب به الشاي والقهوة او حتى الماء وستعرف حينها ماهو سر العلاقة التي تجمع القهوة بمحبيها لأن الارتباط يعني المشاركة والمشاركة تعني أن تكون معي في كل شيء.العلاقة مع القهوة هو ميثاق او يمكن تسميته بعهد لا يمكن لمكان او زمان أن يخلفه لذلك عندما تلامس عقارب الساعة السابعة صباحاً ولم تنعش روحك برشفة حب منها سوف يرتبك كلك ولن تعرف أين تمضي، وعندما تشارف على الانتهاء تدخر لك نفسها حتى تسعفك وأنت تبدلها بأخرى. القهوة لا تغار فحبات البن اتفقت على أن تتشارك الحب وترضى بعواطف متشابهة لأنها على ثقة أنها خلقت بتكوين واحد لا يفرق بين واحدة وآخرى إلا جشع بشر فرقوها و وضعوا لها علامات وأسماء مختلفة وزرعوا الوهم في قلوب من يحبها أنها ربما تلامس الشغف بك وقد تخذلك ونسوا أنهم من شوهوا صورتها ومذاقها بلمسات لا تمس للحب بصلة.من يحب القهوة يعرف كيف يتعامل معها يناغيها ويدللها بعشق، يغني وهو ينتظرها ويحمل الكوب الذي يحتويها بحنان. من يحبها بصدق لا يتركها تبرد او يشربها ساخنة لأنه يعرف متى تقول له تعال ومتى تتوقف عن نداءها له.القهوة بجمالها امرأة تحتاج فقط ليد حانيه لتنسكب بقلب كوب يعرف كيف يستقبلها بحب.
المصدر: خاص “الهتلان بوست”