لماذا لم يأخذوني معهم لحفل الأوبرا؟

آراء

ضاعت سدى جهود سنوات طوال حاولت فيها التقرب إلى النخبة المثقفة في الإمارات، جربت معهم كل وسائل التزلف وعبارات التملق التي حكاها كتاب «كيف تكسب الأصدقاء»، لم تخطب ودهم المقالات التي كتبتها، ولا الروايات التي نشرتها، حرموني شرف صحبتهم في فعاليات عام القراءة، وغاب اسمي عن ملتقياتهم وندواتهم.

بالأمس القريب، دُشن في دبي أهم حدث ثقافي تشهده المنطقة، وكالمعتاد؛ لم أكن بمعية النخبة المثقفة، بحسرة تابعت حضورهم حفل الأوبرا عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حينها تأكدت بأن تجاهلهم متعمد، لم يخفف عني مرارة هذا الجفاء إلا عبارة أبي الشهيرة «خلك أنت الكبير»، لذا سامحتهم وأخذت أختلق لهم الأعذار.

قد تكون النخبة المثقفة على اطلاع على آرائي السابقة – قبل ثلاثة عقود – حول الموسيقى، حينما كنت أتلف أشرطة الأغاني باعتبارها مزامير الشيطان، مَن سرّب تلك القصص لم يخبرهم بأنني الآن أرى الموسيقى لغة الكون.

لا أنكر أن «جوي الطربي» أو ذائقتي الموسيقية – كما يسميها المثقفون – تجنح للفن الشعبي، ولعلهم اعتقدوا أن تعصبي للقصائد المحلية المغناة بمعانيها العميقة وتعابيرها القوية سيحول بيني وبين تقبلي للموسيقى العالمية.

للأسف لم يصحبوني معهم، علهم خمّنوا عجزي عن شراء تذكرة الدخول التي تصل إلى الـ1000 درهم، بسبب ضغط مصروفات المدارس الخاصة، والعجز المالي الذي خلّفته رحلة السفر الصيفية، أو لعل المثقفين رأوا أن مظهري لا يلبي الحدود الدنيا من الأناقة التي تشترطها دار الأوبرا الأفخم في العالم، فتوهموا دخولي القاعة «بكندورة وكاب»، أو أن أفسد الحفلة بالثرثرة عبر الهاتف، أو ألهيهم بحوارات جانبية، لذا؛ ونزولاً عند قول الشاعر: «إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا، فدعه ولا تكثر عليه التأسفا»، قررت الذهاب وحيداً لعرض «مسرحية البؤساء»، عساها تسليني عن بؤس خلّفته النخبة المثقفة في نفسي.

«أوبرا دبي» ليست حدثاً عارضاً، ومع الأيام ستصنع نقلة كبيرة في الأفكار، وستحدث فارقاً في المجتمع الإماراتي، وستعلي ذائقته الفنية، وستفتح نافذة على ثقافات العالم.. ما يميز دبي أنها تجيد صناعة الثقافة والاستثمار فيها.

المصدر: الإمارات اليوم