علي سعد الموسى
علي سعد الموسى
كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية

لوزارة الصحة وهيئة الدواء.. قصة جهاز

آراء

تدور هذه الأيام رحى مساجلات طاحنة ما بين مجموعة من الأطباء الاستشاريين السعوديين في صف واحد، وما بين زميل مهنة ذائع الصيت والانتشار في التخصص ذاته. ودون أن أنحاز لأي صف أو طرف، سأكتب “القصة” اليوم، لا لذاتها فقط، بل لأنني أعدها وأنظر لها كمفصل جوهري حاسم في العلاقة ما بين المريض والطبيب خصوصا أن المعلومة الطبية تقول بالحرف: إن المريض السعودي يبلع في العام الواحد 20 صنفا من الدواء ولا علاقة لها بمرضه، وإنما تدخل جسده من باب جشع التسويق وضغط شركات الأدوية. نعود إلى سجالات القصة المذهلة: مجموعة الأطباء، في التخصص ذاته، يقولون إن زميلهم يبيع إلى آلاف مرضاه جهازا بالغ الثمن يضعه المريض على “نقطة” من جسده ليقوم الجهاز بامتصاص وتخفيف أعراض المرض الذي ذهبوا إلى عيادة هذا الطبيب الشهير جدا من أجله. مجموعة هؤلاء الأطباء يقولون إن الجهاز وكل العملية برمتها ليست سوى مجرد خداع وتدليس واستغلال لعواطف آلاف المرضى مستندين إلى البراهين الدامغة بأن هذا الجهاز لم يحصل أبدا على موافقة “هيئة الغذاء والدواء” السعودية، التي تعتمد في الأساس على قرار ورؤية “FDA” الأميركية. مجموعة الأطباء تنشر بالبراهين أن “الأخيرة” هيئة الغذاء والدواء الأميركية قد سجلت هذا الجهاز، كجهاز آمن لا يضر المريض، ولكنها رفضته كجهاز “فعال” في مكافحة المرض. بالتقريب والتشبيه: هو مثل أن يذهب آلاف مرضى “الرعاش” إلى طبيب متخصص ثم يبيعهم هذا الطبيب “سوارا” إلكترونيا يضعه المرضى على “الساعد” ولكنه من باب، ما لا ينفع ولا يضر، وكل المسألة هي الحصول على المال ولو ببيع الوهم. الطبيب الاستشاري الشهير انتقل مباشرة إلى مواقع الهجوم تاركا وسط الميدان ومربع الدفاع الأهم في الإجابة عن الأسئلة الجوهرية: لماذا وكيف باع حتى اللحظة آلاف الأجهزة بملايين الريالات إلى آلاف المرضى دون أن يحصل هذا الجهاز على “فسح” هيئة الغذاء والدواء السعودية؟ كيف باعه إلى آلاف مرضاه بينما المرجعين “الأميركي والأوروبي” يقولان إن هذا “الجهاز” آمن في تأثيره على المريض ولكنه غير فعال أبداً ولا علاقة له بالمهنية الإكلينيكية في تشخيص هذا المرض وعلاجه. هذا الجهاز، وبالتقريب الأخير، مثل أن تذهب إلى طبيب لتشكو من الغثيان والصداع ثم يبيعك هذا الطبيب “حبة” علاج من الطحين الأسمر الخالص ثم يقنعك بالوهم أنها الحل. وبالطبع لدى هذا الطبيب تبريراته الطويلة ولكنها جميعها لم تستطع أن تلامس نقطة واحدة من الأسئلة الجوهرية التي تتعلق بالفسح والقبول والاعتماد من الهيئات الدوائية المختصة. والكرة اليوم في ميادين الأوقات الضائعة من قصة بالغة الخطورة وعلى الثلاثي: هيئة الغذاء والدواء ووزارة الصحة والطبيب نفسه أن يحسموا الإجابة عن هذه الأسئلة. القصة برمتها ليست قصة “جهاز” بل هي قصة كل ما نبلعه أو نشربه أو نحقنه. المطلوب.. إجابة مقنعة من الوزارة والهيئة.

المصدر: الوطن أون لاين