محمد بن زايد لـ «علماء المسلـمـــين»: أمامكم تحديـات استثنائية لمواجهة دعـاة الفتن

أخبار

أكد الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن أمام علماء المسلمين الكبار تحديات كبيرة واستثنائية في مواجهة دعاة الفتن والفوضى، فيما أوصى «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، بتأسيس مجلس حكماء المسلمين يعقد سنوياً في أبوظبي، ويضم ثلة من ذوي الحكمة من علماء المسلمين وخبرائهم ووجهائهم.

وتفصيلاً، قال الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال استقباله أمس بمجلس سموه بقصر البحر العلماء المشاركين في المنتدى: «المسؤولية كبيرة وعظيمة نتشارك فيها جميعاً من أجل سيادة روح الإخاء والمحبة في كثير من بؤر التوتر قبل أن تنتشر وتستفحل لغة الكراهية والعنف والتحريض».

وأضاف سموه: «كان الإسلام ومازال وسيظل الى يوم الدين مثالاً للخير والتسامح والمحبة والتضامن الإنساني، ترسخ في وجدان الشعوب والأمم عبر قرون طويلة في مختلف بقاع الأرض، إلى أن ظهرت في عصرنا الحالي فئات قليلة تنشر الكراهية والحقد بين الشعوب من خلال أفكارها الضيقة والمنحرفة، ومن رؤيتها الصغيرة والقصيرة لمقاصد الشريعة، أحياناً بقصد وأحياناً كثيرة بجهل، تنشر ما يسيء إلى الإسلام وأهله، وتخلق النزاعات وتستبيح الحرمات وتروع الآمنين».

وأكد سموه أن «علينا جميعاً أن ندرك حجم خطورة تلك الأصوات النشاز التي لا تهدف إلى شيء بقدر تشويهها لصورة الإسلام الحقيقية، وجوهره الأصيل في نشر التآلف والإخاء والسلام والتعاون، لتحقيق السعادة والسكينة والطمأنينة للبشر، والتصدي لها ومجابهتها بالحجة والبرهان والإقناع، وبالحوار البناء البعيد عن التشنج والتعصب».

وتابع سموه أن «الصور التي تظهر في أماكن مختلفة من عالمنا الإسلامي هي صور لا تليق بدين الإسلام السمح ولا بمبادئه السامية في العدل والرحمة والإحسان والعيش المشترك، ومراعاة الحقوق الإنسانية في الحياة والكرامة والمساواة والاحترام، بغض النظر عن العرق أو اللون أو الجنس أو الدين».

وطالب سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، العلماء ببذل مزيد من الجهود لتصحيح المفاهيم المغلوطة وتبصير الناس بمسؤولياتهم الدينية والاجتماعية، وتفنيد الفتاوى ووضعها في إطارها الصحيح والسليم، والحرص على نقل صورة الإسلام الحقيقية وإسهاماته عبر العصور في تحقيق السلام ونشر الخير.

وقال سموه: «نظرة متأنية إلى تاريخ الإسلام والمسلمين وكيف تعايشوا في ما بينهم، وكيف كان يعيش من يختلف معهم في أمان واطمئنان على أنفسهم وأهليهم ومالهم، يتمتعون بحقوقهم المعنوية قبل المادية، وكيف أسسوا حضارات إسلامية مشرقة كانت مناراً للعلوم والثقافة والفكر والأدب، تلك النظرة كانت كفيلة بإزالة غشاوة الجهل والتعصب والتشدد الذي نشاهده اليوم».

وتبادل سموه وعلماء المسلمين الأحاديث الودية حول فعاليات وأنشطة المنتدى ودوره في مواجهة الأفكار المتطرفة التي تخالف مبادئ الإسلام السمحة، وأهمية تعزيز الصورة الحقيقية لقيم الإسلام التي تدعو إلى التسامح والوسطية والعدل والسلام وحب الخير والتعايش المشترك.

من جانبهم، أشاد العلماء بالنهج السليم الذي تنتهجه دولة الإمارات في تحقيق رؤية الإسلام في البناء والعمران والتنمية الحضارية، وفق مبادئ الدين الإسلامي السمحة ورعايتها للعديد من المشروعات الإنسانية والخيرية حول العالم، متمنين أن يكون هذا المنتدى الخطوة الحقيقية في تصحيح المسارات المغلوطة عن الإسلام.

وضم وفد العلماء فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ورئيس «منتدى السلم في المجتمعات المسلمة» الشيخ عبدالله بن بيه، ومفتي سلطنة عمان الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، ووزير الشؤون الإسلامية والتعلم الأصيل في موريتانيا أحمد النيني، ومفتي الديار العراقية الشيخ رافع طه الرفاعي، ومستشار شيخ الأزهر الدكتور محمد عبدالسلام، والمفتي المصري السابق الدكتور نصر واصل، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الدكتور محمد القوصي، وأمين عام الرابطة المحمدية للعلماء الدكتور أحمد عبادي، والدكتور السيد عبدالله فدعق من المملكة العربية السعودية، ورئيس رابطة علماء ليبيا عمر مولود، وعضو رابطة علماء ليبيا محمد العجيلي، ومحفوظ بن بيه، من موريتانيا، يرافقهم رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف الدكتور حمدان المزروعي.

في سياق متصل، شهد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، مساء أمس، ختام أعمال المنتدى.

وأوصى المشاركون بتأسيس مجلس إسلامي لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة يضم ثلة من ذوي الحكمة من علماء المسلمين وخبرائهم ووجهائهم، ليسهموا في إطفاء حرائق الأمة قولاً وفعلاً، واقترحوا أن يسمى مجلس حكماء المسلمين، وأن تعد لوائحه التنظيمية خلال شهر رمضان المقبل.

كما أوصوا بعقد المنتدى سنوياً وأن تحتضنه أبوظبي.

ودعوا الى نشر أعمال المنتدى لتكون إسهاما في ترسيخ ثقافة السلم في المجتمعات المسلمة، وعقد لقاءات وندوات في البيئات الإسلامية الأحوج إلى استيعاب نتائج هذا المنتدى حتى تكون مقدمة لتحويل ما جلاه من مقاصد وقيم وقواعد إلى ثقافة يعيش في ظلها المسلمون، ويلتمس فيها غيرهم حلولا لنيران انقسام المجتمع وصدامه واقتتاله التي لا تكاد تخبو في منطقة من العالم حتى تشتعل في أخرى.

9 توصيات للمنتدى

• تأسيس مجلس حكماء المسلمين يضم ثلة من ذوي الحكمة من علماء المسلمين.

• عقد منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة سنوياً وتحتضنه أبوظبي.

• نشر أعمال المنتدى لترسيخ ثقافة السلم في المجتمعات المسلمة.

• عقد لقاءات وندوات في البيئات الإسلامية الأحوج إلى استيعاب نتائج المنتدى.

• تخصيص جائزة سنوية لأفضل الدراسات العلمية في موضوع السلم.

• تخصيص جائزة سنوية لأفضل مبادرة وإنجاز في مجال تحقيق السلم.

• إصدار مجلة أكاديمية منتظمة تعنى ببحوث السلم في المجتمعات المسلمة.

• تأسيس جهاز إعلامي مسموع ومرئي ومكتوب، يؤصل لمفاهيم السلم.

• تأسيس فرق من الشباب المسلم المتشبع بدينه لمخاطبة الشباب برسالة السلم والتعايش.

وقال البيان الختامي، إنه «بناء على حالة الاضطراب والاحتراب التي تسود مجتمعات كثيرة من الأمة الإسلامية، واعتباراً لنذر بدأت تلوح في الأفق باحتمال تفتيت جسم الأمة وإعادة تقسيمها من جديد على أساس تجزيء المجزأ وتقسيم المقسم، والعهد بذلك قريب في أطراف منها مع كثرة الطامعين والمتربصين وقابلية الأطراف المتصارعة إلى الاستقواء بمن يعينها ولو على حساب مصلحة الأمة، وتقديراً لكون خفض حرارة جسم الأمة تفادياً لانفجارها أضحى واجبا شرعيا لا يحتمل التأجيل أن يقوم فيها إطفائيون لا يسألون عمن أوقد الحرائق بل همهم الوحيد كيف يكون إطفاؤها، حتى يتعافى جسد الأمة مما يهيضه ويرهقه وإلا فإن تنازع البقاء يؤدي إلى الفناء».

المصدر: وام