كاتبة إماراتية
تدعم دولة الإمارات العربية المتحدة أرض الكنانة فى جميع المحافل، وتسعى لدعم الاقتصادى الداخلى لها، وتحسين ظروف المعيشة للمواطن, وتؤيد بقوة عودتها للمشهد السياسي، إقليميا ودوليا، وهذا ما أكده تصريح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبوظبي، عندما قال: نحن ماضون فى دعم الأشقاء فى مصر على كل المستويات، والوقوف بجانبهم فى كل الظروف.
الواقع أن العلاقة لا تتوقف عند دعم مصر اقتصاديا والوقوف على قدميها مرة أخرى وتحقيق طفرة تنموية ملحوظة، وإنما تمتد المسألة إلى ترسيخ موقف الإمارات كدولة داعمة للإرادة المصرية الشعبية.
الواضح أن القاهرة تعود بقوة لمكانتها وريادتها فى المنطقة والعالم أجمع، والمهم أن هذه العودة تتم برئاسة قيادة سياسية واعية للبلاد، تدرك حجم المسئوليات الملقاة عليها، وتسعى بكل جد وجهد إلى استعادة مكانة وتأثير مصر على جميع المستويات.
استعادة مصر لعافيتها، وعودة للمسرح السياسي، يسهم فى احتواء الكثير من أزمات العالم العربي، إذ إن مواجهة مخاطر الإرهاب والحد من انتشاره، لا يقتصر على الشق الأمنى فقط، بل هناك جوانب اقتصادية مهمة تلعب دورا مساعدا، فتوفير فرص العمل للشباب، ودعم جهود مكافحة الفقر والجهل، والارتقاء بجودة التعليم، والانفتاح على الثقافات الأخرى، كلها عوامل ضرورية لاقتلاع الإرهاب من جذوره، وتنقى البيئة المضطربة التى يتغذى عليها الفكر المتشدد، وتعزز قيم التسامح والتعايش مع الآخر.
وكشفت بعض الإحصائيات أن حوالى ثلاثة أرباع المصريين تحت سن 25، وبذلك تعد مصر من أكثر بلدان العالم شبابا وحيوية، كما يضيف التضخم الديموجرافى حوالى 4 بالمائة لقوة العمل سنويا، أى بمعدل بطالة يقدر رسميا بنحو 14 بالمائة.. وقد ساهمت المشروعات الإماراتية فى توفير نحو900 ألف فرصة عمل دائمة ومؤقتة. وعلى الجميع أن يتكاتف لدعم القوة المصرية القادمة، والعمل على توفير الأجواء اللازمة لتستعيد مصر مكانتها اللائقة.
لعل تزايد الاستثمارات الأجنبية علامة مضيئة على تأكيد أهمية السوق المصرية، كأحد أهم الأسواق الواعدة، ورسالة للعالم تفيد بأن مصر لا تزال قبلة رئيسية للاستثمارات العالمية، وهو ما يساعد على نجاح خطة الإصلاح الاقتصادى التى تتبناها الحكومة لتحسين مناخ الأعمال، واستعادة ثقة المستثمرين. كما أن إيجاد حلول سياسية مناسبة، وإحلال السلام والاستقرار فى المنطقة، وتلبية طموحات وتطلعات شعوب الدول العربية كافة، من المهام الرئيسية التى تسعى الحكومات العربية لتحقيقها.
الحقيقة أن الدعم العربى والدولى الذى تلقاه مصر تستحقه بامتياز، فهى أمة عظيمة، وشعبها يملك حضارة عريقة ومجيدة، فقد كانت دوما ملتقى للحضارات الإفريقية والشرق أوسطية والمتوسطية، وصاحبة ريادة على مدار التاريخ، وقدمت للإنسانية خدمات جليلة، وتملك علما وتراثا ثقافيا عريقين.
وبالفعل أثبت مصر أنها دولة عظيمة وكبيرة فى مواجهة التحديات, وتصر على تغليب المصلحة القومية فى علاقتها الدولية، وتحرص على تنويع مصادر الدخل، ومنفتحة على جميع دول العالم فى إطار المصالح المتبادلة، ولا تتوقف عن مد جسور التواصل مع القوى الكبرى.
إن التحولات الإيجابية الجارية فى سياسة مصر الخارجية تساعد على دعم العلاقات السياسية، وتعدد الخيارات الإستراتيجية، خاصة أن لديها رغبة قوية لاستقطاب الشركات الكبرى فى العالم للمشاركة فى مشروعاتها التنموية القومية العملاقة. فهنيئا لمصر وشعبها اللحظات التاريخية العظيمة.. وهنيئاً لكل الشعوب العربية والإسلامية التى ترى بنفسها هذه اللحظات التى تنهض فيها مصر.
عودة مصر للعالم العربى حققت التوازن المطلوب، ما يمكنه من مواجهة التحديات والمؤامرات والوقوف ضد الأعمال الإرهابية التى عصفت بدول كثيرة، أراد لها البعض، من أعداء السلام عدم الأمن ونشر الفوضى وعدم الاستقرار. وها هى مصر تستعيد دورها العربى القيادي، وتعيد صياغة معادلات القوة فى الشرق الأوسط برمته، وتضبط التوازن الإقليمى فى المنطقة. حين تكون مصر قوية يكون العرب أقوياء، وحين تهون مصر يذل العرب، وحين تفقد مصر دورها وقيادتها، نضيع نحن العرب. نريد مصر القوية القادرة على تحقيق توازن قوى فى منطقة الخليج العربي، حتى لا يبقى ميزان القوى مائلا لصالح إيران.
كل ما مضى من جهود عظيمة يدل على أن أرض الكنانة تسير فى الطريق الصحيح بقوة وثبات وخطوات واسعة وواثقة، وهو ما يدعونا للتفاؤل بمستقبل مشرق فى كل أنحاء الوطن العربى.
المصدر: الإهرام