مصور بريطاني يروي قصة عشقه للسعودية

منوعات
الارتحال في الصحراء اجتذب سبستيان
إحدى صور سبستيان التي التقطها في المملكة

لم يخطر ببال المصور البريطاني سبستيان فارمبوروج أن رحلته للمملكة ستتحول إلى قصة مثيرة يروي فصولها لكل أبناء جلدته، أملا في أن يقوّم الصورة غير الصحيحة التي تبنت رسمها وسائل الإعلام الغربية من خلال طريقة نقلها لأحداث البلدان الإسلامية وخاصة السعودية. كان واثقا من مواجهته صدمة حضارية خلال سفره من مدينة برشلونة الإسبانية المشهورة بأسلوب حياتها الغربي المنفتح إلى السعودية الملتزمة بالقواعد الإسلامية. اعترف بخوفه من التفكير فيما سيواجهه خلال رحلة تطلبت منه كثيرا من الشجاعة للإقدام عليها، بناء على الصورة الذهنية التي رسخها الإعلام الغربي عنده، لكن تجربته كانت أمتع مما تخيل، بل جعلته مغرما بتقاليد المملكة وكرم شعبها المضياف، حتى إنه شكا حزنه لعجز أبناء جلدته من امتلاك ما يقارب تلك الخصال والعادات الاجتماعية المدهشة.

ويذكر سبستيان في مقالته التي نشرتها صحيفة “إكسبريس تريبيون” أن التجارب التي خلص إليها من زيارته للمملكة كانت أكثر من مثيرة، ويقول: السعوديون شعب ودود ومضياف وكريم، عندما تطأ أرضهم يقابلونك بعبارات الشكر والترحيب لزيارتك بلدهم وديارهم. ويضيف: أتذكر أن أحدهم خاطبني قائلا “أريد أن أشكرك نيابة عن شعب بلادي على زيارتك بلادنا”، ويشير سبستيان إلى أنه عاش في بلدان كثيرة وزار آخرى، ولكن أحدهم لم يقل له عبارة طيبة كتلك. وخلال سرده لتعامل الناس معه، قال: كان السعوديون يستوقفونني عندما أكون سائرا على الطريق ليدعوني إلى وليمة غداء. ويضيف: بادىء الأمر كانت دعواتهم تلك تشعرني بالقلق، لأنني لا أعرفهم، ولكنني أدركت بعدها أنهم شعب مضياف يرحبون بضيوفهم، وجل ما يفرحهم تبادل أطراف الحديث مع الأغراب ليكتشفوا المزيد عن بلادهم.

وكانت أواصر القربى من أكثر الأشياء التي أثارت إعجاب سبستيان، إذ يقول: “أعجبت حقا بأواصر القربى لدى السعوديين، فهم عائلة واحدة مهما كبر عدد أفرادها، وغالبا ما يختارون أصدقاءهم من الأقارب، كما أن صداقاتهم قوية جدا”. ويذكر أنه اندهش من عادات السعوديين الجميلة، كمساعدة المعسرين في تحمل جزء كبير من مصاريف زواجهم، عبر الأصدقاء الذين يعينون بعضهم بعضا. ويقول: أنا بريطاني ولم أسمع أبدا بمثيل لهذا في بلدي. ويضيف المصور البريطاني: “استمتعت بحسهم الفكاهي وبظرافة أحاديثهم، وضحكت بقوة على الرغم من أنني لم أتوقع ذلك أبداً. تعليقاتهم مليئة بالأسلوب الساخر على كل من لا يتقن مجاراتهم في معاني الكلام والمواراة”. ويستطرد قائلا: شهر رمضان كان مثيرا جدا، وحقا يمكنك رؤية السعودية في أبهى حللها خلال هذا الشهر، فأخلاق المصلين طيبة إلى حد لا يوصف، ومن المحال أن تمر بشارع قبل المغرب دون أن يدعوك سكانه إلى وجبة الإفطار. ويلفت إلى أنه كان يعلم الناس بأنه ليس مسلما، ولم يكن ذلك ليغير من حرارة الدعوة شيئا.

ويذكر سبستيان أنه في الغرب تكون أعياد الميلاد أياما كئيبة وموحشة لكل من يعيش دون عائلة، “ولكن لا يمكننا قول ذلك عن شهر رمضان وخاصة في المملكة”. ويضيف: من المؤسف أن القصص الإيجابية نادرا ما تذكر في الغرب، فكلما عدت إلى بريطانيا، وجدت بعض الناس يكرهون السعوديين والمسلمين، بل وأكثر من ذلك، ويرفضون الاقتناع بأن الواقع مختلف عما تصوره بعض وسائل الإعلام لهم، وهذا ليس بخطئهم، إذ إن المشكلة تكمن في نقل الأحداث عبر وسائل إعلام تشوه الحقيقة وتنقلها مجتزأة.

وفي إشارة إلى قيادة المرأة للسيارة، يقول: إن الناس يطلقون عادة أحكامهم تبعا لأسلوب حياتهم، وهذا أسلوب خاطئ، فعلى سبيل المثال كثير من النساء الأوروبيات اللواتي قابلتهن يتحدثن عن عدم السماح للمرأة بقيادة السيارة في السعودية، على الرغم من أن واحدة منهن لا تدرك لم منعت النساء من القيادة. ويضيف مستطردا: السعوديون يعلمون أن النساء قادرات على قيادة السيارات، لكن بكل بساطة إنه أمر غير آمن، فالمجتمع السعودي يحتاج إلى وقت لكي يتماشى مع الأمر، وسيكون من عدم المسؤولية هذه الأيام السماح بقيادة المرأة بمفردها لأسباب تتعلق بالعادات والتقاليد. ويختتم سبستيان قائلا: “عندما أصبح مسؤولا عن عائلة، أتمنى أن تكون علاقتي وثيقة بهذا البلد، وسأعلم أبنائي أن يكونوا مضيافين وكرماء كالسعوديين، ولكنني سأواجه مشكلة في إقناع زوجتي بإنجاب عدد كبير من الأطفال مثلهم”.

المصدر: الوطن أون لاين