علي سعد الموسى
علي سعد الموسى
كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية

من ماجد إلى عثمان: عودة الابن الضال

آراء

وأتمنى ألا يستفز مقالي اليوم، مارادونا، الكتابة الساخرة الصديق اللدود محمد السحيمي، الذي أسماني ذات زمن لقب “حانوتي رؤساء التحرير” لكثرة ما كتبت في وداع رؤساء تحرير صحيفة لا تشبه سوى ظهر الثور الإسباني. هكذا هي “الوطن”. لكن وداع الزميل الغالي جدا، ماجد البسام، هذا الصباح لا علاقة له بالتابوت ولا بالمقبرة. سيبقى معنا نائبا لرئيس التحرير، وفي المقابل، فإن عودة الصديق الأثير، الدكتور عثمان الصيني، لا تشبه شيئا إلا بعض فصول الرواية الشهيرة “عودة الابن الضال”، لأن “أبا حازم” كان عمودا مركزيا وجوهريا واستثنائيا ليلة صدور العدد الأول من هذه الصحيفة.

سأكتب لكم عن الاثنين لأنهما يمثلان قصة نجاح صحيفة.

أولا: كان ماجد البسام اسما مغمورا، بل شابا عشرينيا اشترى العدد الأول من هذه الصحيفة من رف البقالة، لكنه انتظم في مدرسة “الوطن” فلم يشبه في سيرته معها سوى إقلاع طائرة “الكونكورد” التي تسبح فوق السحاب بعد دقيقتين من المدرج. استلم ماجد البسام “كلفة” التحرير في ظروف بالغة التغيير، وكلنا يعرف ما مر به المشهد الوطني من متغيرات جوهرية في الأشهر الستة الأخيرة. وبكل فخر لا يسعني إلا أن أرفع له “العقال”، لأنه وبكل صراحة “انتشل” هذه الصحيفة من مثلث “برمودا” في ظرف استثنائي. أخي ماجد: لا زال أمامك آلاف الأيام التي أراهن فيها عليك لأن تكون بلا جدال… “كونكورد” الصحافة السعودية.

وثانيا، سأكتب عن “عودة الابن الضال”. كان عثمان الصيني أول عقل في تاريخ الصحافة السعودية يجعل من كتابة أعمدة “الرأي” فكرة ثقافية، وأنا هنا أبدا لن أبالغ إن قلت بصوت مرتفع إن عثمان الصيني كان “الحانوتي” الذي قبر عظام وجمجمة “مومياء” كتابة الرأي قبل العدد الأول من هذه “الوطن”. هو أول من رفض أن تكون كتابة الرأي نسخة من برامج “ما يطلبه المشاهدون”، وكان أول من غير قواعد الأولوية في ترتيب قيادة الرأي العام ما بين الجمهور و”الإنتلجنسيا”، ولكم أن تعودوا إلى الأعداد الأولى من هذه الصحيفة كي تدركوا قدراته الهائلة على الاستقطاب. مع عثمان الصيني، كتب هنا عمالقة قادة الرأي في عالمنا العربي، ومعه أيضا كان النقيض تماما لعشرات الأسماء الجديدة التي أصبحت اليوم قادة كتابة “الرأي” في المشهد الثقافي السعودي. قدرة الاستقطاب الهائلة لديه لم تلغ مهارة الاكتشاف. لكنني اليوم لن أخدعه ولن أجامله فأمامه عمل طويل وشاق ومتعب، وقد قلت له كل هذا في المكالمة التي لا زال يتذكرها قبل شهرين عندما كان ترشيحه رواج إشاعة.

المصدر: الوطن أون لاين