هادي إلى «مكان آمن» بعد قصف مقره في عدن

أخبار

اتخذ الصراع بين صنعاء وعدن منحى خطيراً أمس في وقت قصفت مقاتلات تابعة للمتمردين الحوثيين، القصر الرئاسي في مدينة عدن مما اضطر السلطات الى نقل الرئيس عبد ربه نصور هادي الى منطقة آمنة وذلك بعد ساعات على اشتباكات عنيفة دارت بين قوات عسكرية وميليشيا قبلية مؤيدة للرئيس الشرعي للبلاد، وقوات أمنية متمردة موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح وهو حليف للجماعة الحوثية التي تسيطر على مناطق واسعة في الشمال . وذكر مسؤول رئاسي وسكان في عدن لـ(الاتحاد) ان مقاتلة حربية حلقت على علو منخفض فوق منطقة المعاشيق، شرق عدن، حيث يوجد القصر الرئاسي الذي يقيم فيه هادي منذ إفلاته من الحصار والإقامة الجبرية في صنعاء في 21 فبراير الماضي.

وقال أحد السكان: «سمع دوي انفجارات في محيط القصر الرئاسي وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من هناك قبل أن تفتح مضادات الطيران النار على مقاتلة حربية كانت تحلق على مسافة قريبة وتجبرها على الابتعاد». وذكر أحد أفراد الطاقم الرئاسي أن غارتين استهدفتا أحد مباني المجمع الرئاسي الثمانية، مشيرا إلى نقل الرئيس ر هادي وطاقمه إلى «مكان آمن». وقال محافظ عدن، عبدالعزيز بن حبتور، في تصريح صحفي، إنه «لم يصب بأي أذى وأنه يقيم في مكان آمن»، مؤكدا أن «هناك استعدادات عسكرية وأمنية ولوجيستية (…) لتأمين عدن كبرى مدن الجنوب المضطرب منذ 2007 على وقع احتجاجات انفصالية.

ولم يستبعد المحافظ أن يكون الرئيس السابق صاحب القرار بشن غارات جوية على المجمع الرئاسي في عدن، معتبرا قصف مقر إقامة هادي من قبل الطيران الموالي للانقلابيين في صنعاء «مغامرة لمجموعة متطرفة». وقال إن «الحوثيين الانقلابيين يحاولون نقل الصراع السياسي الذي تشهده اليمن الآن الى صراع عسكري ولكن الرئيس هادي يحاول تجنب ذلك واحتواء الأحداث حتى لا تتفجر الأوضاع». وحلقت مرارا مساء الخميس حلقت طائرات حربية، أقلعت من قاعدة الديلمي الجوية في العاصمة صنعاء، على اجواء منخفضة فوق المجمع الرئاسي وتجمعات عسكرية أخرى في عدن. وأكد شهود أن مقاتلة شنت غارة جوية على معسكر قوات الأمن الخاصة في منطقة «الصولبان» بمديرية «خور مكسر» (شرق) بعد ساعات على اقتحامه من قبل قوات عسكرية وميليشيا اللجان الشعبية إثر اشتباكات عنيفة استمرت ساعات وخلفت عشرات القتلى والجرحى.

وأعلن محافظ عدن إنهاء التمرد الذي قاده قائد قوات الأمن الخاصة، العميد عبدالحافظ السقاف، بعد أن رفض مطلع الشهر الجاري قرارا رئاسيا بتسليم قواته التي يتراوح عدد أفرادها بين 1500 و2000 جندي. وقال إن معظم الجنود سلموا أنفسهم، مشيرا إلى أن قائدهم العميد السقاف تمكن من الفرار إلى خارج عدن، لكنه سيخضع لمحاكمة عسكرية نزيهة بتهمة التمرد على رئيس الجمهورية.

ونفى الأنباء التي تحدثت عن نقل السقاف إلى خارج عدن بعد استسلامه لوزير الدفاع، اللواء محمود الصبيحي، الذي قاد شخصيا العملية العسكرية ضد قوات الأمن الخاصة بعد ان استولت في وقت مبكر الخميس على مطار عدن ومعسكر بدر ومبانٍ حكومية ردا على قيام مسلحين من اللجان الشعبية، ليل الأربعاء الخميس، بالسيطرة على مبنى البنك المركزي في المدينة واحتجاز 15 جنديا مكلفين حماية المبنى. وشن مقاتلو اللجان الشعبية مدعومين بكتيبة دبابات من اللواء 19 مدرع المرابط في محافظة أبين المجاورة ويقوده العميد فصيل رجب، هجوما مضادا لاستعادة السيطرة على مطار عدن ما ادى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة تسببت بتوقف حركة الملاحة في المطار لساعات.

وتضرر برج المراقبة في المطار والطائرة الرئاسية المرابطة هناك جراء الاشتباكات التي اسفرت عن مقتل ستة مسلحين بينهم ثلاثة جنود، بحسب مصادر أمنية وأخرى في اللجان الشعبية.

وأدت حدة المواجهات في منطقة المطار الى إلغاء الرحلات وكانت الملاحة الجوية لا تزال معلقة عند الظهر، حيث أكد مصدر ملاحي لوكالة فرانس برس «تعليق» حركة الملاحة في المطار وإلغاء جميع الرحلات، فيما اضطر مسافرون قدموا في الصباح الى المطار للعودة ادراجهم بسبب القتال. ونجحت القوات العسكرية الموالية للرئيس هادي في استعادة السيطرة على مطار عدن قبل أن تكثف هجومها بالدبابات والرشاشات الثقيلة على معسكر قوات الأمن الخاصة القريب جدا من المطار. واقتحم مسلحو اللجان الشعبية المعسكر بعد ساعات من القصف المتبادل برشاشات ثقيلة ومتوسطة وقذائف صاروخية، فيما تناقلت وسائل إعلام صورا أظهرت جنودا قتلى مضرجين بالدماء ومرميين على الأرض. وأكدت مصادر اللجان الشعبية اعتقال العشرات من الجنود خلال اقتحام المعسكر الذي تعرض لاحقا لعملية نهب واسعة من قبل المسلحين ومواطنين، حسب شهود عيان، كما سيطرت اللجان الشعبية بالتزامن على مواقع أخرى يتمركز فيها عناصر قوات الأمن الخاصة واعتقلت بعضهم وأخلت سبيل آخرين.

وأعلنت السلطات المحلية في عدن مقتل 13 شخصا وإصابة 21 آخرين في المواجهات المسلحة التي شهدتها المدينة الخميس والتي تعد الأعنف منذ حرب صيف عام 1994 عندما اجتاح الرئيس السابق علي عبدالله صالح الجنوب لإفشال محاولة انفصالية قادها آنذاك نائبه الجنوبي علي سالم البيض، كما قتل خمسة جنود وأصيب آخرون بينهم مدنيون عندما اعترض مسلحون مجهولون قافلة عسكرية في محافظة لحج المجاورة يعتقد أنها كانت في طريقها إلى عدن لمساندة قوات الأمن الخاصة المتمردة. وقال شهود لـ(الاتحاد) إن مسلحين يعتقد أنهم عناصر في تنظيم القاعدة هاجموا بقذائف صاروخية قافلة من الجيش والأمن أثناء مرورها في منطقة «بيت عياض» بمديرية «تبن» في لحج، مشيرين إلى اندلاع اشتباكات بين الطرفين أسفرت عن مقتل خمسة جنود وإصابة آخرين حالة بعضهم حرجة، كما نجا محافظ محافظة لحج، أحمد المجيدي، من محاولة اغتيال نفذها مسلحون استهدفوا موكبه وسط مدينة الحوطة، عاصمة المحافظة. وذكرت مصادر لـ(الاتحاد) ان مسلحين أطلقوا النار على موكب المحافظ المجيدي ما أدى إلى مقتل أحد أفراد حراسته التي ردت على مصدر النيران وأجبرت المهاجمين على الفرار.
في غضون ذلك، دعت اللجنة الأمنية العليا في صنعاء، التي يديرها الحوثيون منذ سيطرتهم على السلطة في العاصمة مطلع فبراير، «جميع الأطراف في محافظة عدن إلى الالتزام بالهدوء والعودة إلى طاولة الحوار والبحث عن مخارج وحلول للأزمة الراهنة».

وقالت اللجنة الأمنية عقب اجتماع استثنائي في صنعاء انها «تواصلت مع وزير الدفاع، رئيس اللجنة الأمنية العليا، لبحث السبل الكفيلة بإنهاء حالة التوتر وإعادة الأوضاع الى ما كانت عليه والحفاظ على الأمن والاستقرار والهدوء في محافظة عدن”، كما تواصلت اللجنة الأمنية مع محافظ لحج من أجل احتواء الموقف وإعلان وقف إطلاق النار كخطوة أولى للتهدئة، بحسب البيان الذي نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية في صنعاء.

وأشار البيان إلى أن اللجنة دعت إلى عودة أفراد قوات الأمن الخاصة إلى معسكرهم كخطوة ثانية يليها رفع الحصار عن المعسكر وتطبيع الأوضاع الأمنية في عدن، ومن ثم « البحث عن مخارج وحلول للازمة» الحالية التي باتت تفكك البلاد.

المصدر: عقيل الحلالي (صنعاء) – الاتحاد