منيرة أحمد الغامدي
منيرة أحمد الغامدي
كاتبة سعودية مهتمة بقضايا العمل والبطالة والتوظيف

هل كثير أن أكون مواطنة

آراء

لم أكن يوما من المطالبين بحريات المرأة، لأني مؤمنة أن الله خلقنا جميعا أحرارا بكل الأديان والألوان والأجناس. 

وأزعم أنني متحدثة ومحاضرة جيدة، ولكن -ومن واقع خبرتي العملية- فإنني لا أستطيع أبدا أن أتحدث عن شيء -وأمام أي جمهور- ما لم أكن مقتنعة تماما بما أتحدث عنه، قبل أن أكون ملمة بمعلوماته.

لذا، وحين يأتي الحديث عن المرأة السعودية والحريات التي تتمتع بها، فإنني أتلعثم، ولا أستطيع النقاش ولا الرد، لا محليا ولا دوليا. 

ذلك لأني أرى تلك الحقوق التي كفلها لها الدين، لن أقول لا وجود لها، لكنها ناقصة ومبتورة ومشوهة، وأنا لا أستطيع أن أكذب أو أتجمل. نطالب بمناصب قيادية للمواطنات، وهذا أبسط حقوقنا كما يقال، فما تعبنا وتعلمنا واكتسبنا سنوات الخبرة، إلا لنرد الجميل للوطن، من خلال دور قيادي يسهم في التنمية، ونأخذ بالوطن يدا بيد مع أشقائنا الرجال إلى مصاف الدول المتقدمة والمتحضرة.

لكن، قبل المطالبة بتلك المناصب والأدوار، فإننا نطالب بحقوق أقل من ذلك، ولا ترقى عن كونها مماثلة لحقوق الأكل والشرب، وهي أسفل هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية، لمن يعرفه من متخصصي الإدارة.

تلك الحقوق البسيطة لا تتجاوز “استطاعتي” كمواطنة سعودية استصدار جواز سفر أو تجديده دون “ولي أمر”، قد يكون ابني الذي لم تمض أشهر منذ حصوله على بطاقة أحواله الشخصية، ولا يقل الشعور بالظلم عن الشعور بالإهانة وعدم الثقة، في سيدة عمرها أكثر من أضعاف عمر ذلك الابن. سيدة ترغب في السفر لزيارة ترفيهية أو طبية أو عائلية، لكنها حين تقرر ذلك تتفاجأ بأن جوازها انتهت صلاحيته للحصول على تأشيرة سفر إلى بلد ما. وحين تتقدم بطلب التغيير خلال أبشر كما هو “ميسر” للرجل، تتفاجأ مرة أخرى بأنه لا يمكنها ذلك وتأتيها رسالة “لا يمكن إلا من خلال صفحة ولي الأمر”، وهي في الحقيقة أولى بهذه الخدمة “أونلاين”، كونها تحتاج إلى مواصلات وسائق لتصل إلى وجهتها.

نفرح بعضوية الشورى ومشاركة السيدات فيها، ومناصب الوكيلات، ولكن هل يمكن لتلك السيدة، حتى لو كانت وزيرة، السفر دون تصريح سفر؟ هل يمكن أن تُمنع من حضور برنامج أو مؤتمر دولي كون “ولي أمرها” منشغلا بأمر شخصي يراه أهم؟ 

أنا شخصيا، أحصل على تصريح إلكتروني بمدة الجواز، ولكنها مسألة مبدأ فليس للكثيرات هذه التسهيلات التي ترتبط بتفهم “ولي الأمر”! 

كيف يُمنح المواطن حقوقا وتُحرم منها المرأة، والدين لا يحرمها ولا يمنعها؟ هذه الأنظمة المجحفة شيء، والشيء المساوي لها في الظلم، تلك التصريحات “الفتاوية”، كالتي تفضل بها “أحد المشايخ”، وتصب في حرمان المرأة حتى من الدفاع عن نفسها لو تعرضت للضرب من زوجها، وهو إيذاء نفسي قبل أن يكون جسديا، فارحمونا وكفى. هو نداء بتطبيق الشرع كما أراده المولى سبحانه الذي يخاطب المرأة والرجل على حد سواء في كتابه العزيز، هو “العادل” الذي لا يرضى بالظلم، وهي ليست مطالبات بحريات، بل هي مساواة في المواطنة والحقوق والواجبات. 

هو رقيّ في التعامل الإنساني! فإذا كان مطلوبا مني أن أقدم للوطن ما يقدمه الرجل، فعلى الوطن أن يمنحني الحقوق نفسها! وهذه المطالبة هي “أبسط حقوقي”.

المصدر: الوطن