علي سعد الموسى
علي سعد الموسى
كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية

هواجسهم وهواجسنا: مخاوف امرأة أميركية

آراء

ريبتي من الدرجة الأولى، المبتعثة مع زوجها إلى الولايات المتحدة تسأل زميلتها في الجامعة وهما تحملان “ابنتيهما” الصغيرتين: ما هي بواعث القلق لديك في المستقبل القادم إلى حياة طفلتك؟ هنا يبدأ جواب الدهشة: الأميركية قلقة من عوامل التغير المناخي والانبعاث الحراري واتساع ثقب الأوزون، وعلى حسب رأي هذه الأم، فقد لا تجد الطفلة بيئة صحية مناسبة أو هواء نقيا… إلى آخر التبرير.

بالصراحة، بل بالبلدي المكشوف: هم فين وحنا فين. هم يشكون المناخ والأوزون وأنا أكتب من فوق هذه الطاولة، وبالصدفة يقع وجهي باتجاه الشمال. أمامي داعش وخلفي ميليشيا الحوثي وإلى يميني إيران التي تتفاوض هذه الساعة بإصرار على قنابل نووية لا نعرف لمن وأين تريدها، وعلى يساري بوكو حرام وبيت المقدس وأيضاً جماعة الإخوان. الأميركية تخاف على طفلتها من زيادة نسبة الماء في بحيرة متشغان العذب الزلال، وأنا هنا خائف على صغيري “خلدون” وإلى أي بحيرة دم سيذهب مستقبله في خريطة تحولت أسماؤها إلى “تنظيم، ميليشيا، جماعة، جبهة، بيت، حزب”. إن أنقذت خلدون من التنظيم ذهب للجبهة، وإن نهرته من الميليشيا استقطبه الحزب، إن طردته من “البيت” استقبلته الجماعة، إن حجزته في المنزل تلقفته هذه التنظيمات التي يقال إن نصف جنودها يأتون عبر الشبكة، وإن تركته لنادي المدرسة المسائي انطبق عليه مثل السارق الذي قال حين قطعت يده “زانت لـ إمد حيس”. تخيلوا أننا نعيش في هذا العالم المخيف من خريطتنا التي قرأت في تقرير مضحك عنها هذه الجملة: الحياة في “سفاري” أفريقيا بين الوحوش المفترسة أكثر أمنا من الحياة اليوم في المنطقة الواقعة ما بين النهرين. الأميركية تخاف على ابنتها تلوث الأكسجين وأنا خائف على أطفالي من لوثة الأفكار التي زرعت في كل شارع من شوارعنا قنبلة بشرية. الأميركية تخاف من طبقة الأوزون وأنا خائف من “طبقة” ما على ولدي في مدرسته وناديه. هي خائفة على طفلتها من زيادة درجة في المناخ العالمي وأنا أبدا لست خائفا على ولدي لو فقد كل درجاته المدرسية. خائف عليه فقط من الغد وإلى ومع من سيذهب كيف يقتل أو “يُقتل”.

المصدر: الوطن أون لاين